الالتفات جنوباً .. نحو أزمة تتفاقم .. متابعات : افراح علي سعيد

[معلاوي]

المتحدث باسم الحكومة البريطانية: " نعتقد انه من الممكن حل المشاكل بين الجنوب والشمال عن طريق المفاوضات وندعو الجانبين إلى حوار جاد للتواصل إلى حلول مقبولة من الطرفين".

الالتفات جنوباً .. نحو أزمة تتفاقم

عبد الرحمن أحمد عبده

إلى حالة غير مسبوقة تصاعد الحراك الاحتجاجي في المحافظات الجنوبية ودخلت الحوطة مؤخراً في حالة انفلات أمني ملحوظ مرشح لأن يرسم تفاصيل المشهد القادم في المناطق المشتعلة في الجنوب فيما تترشح مناطق أخرى للدخول فيه.
نهاية الشهر المنصرم تحدثت وثيقة عن سيناريو تصعيد مرتقب لملف الانفصال في جنوب اليمن وتوقعت تطور الحراك في محورين سياسي جماهيري وعسكري ميلشاوي.
وكما يبدو فإن ما توقعته الوثيقة التي تحدثت عنها مجلة المشاهد السياسي البريطانية القريبة من الدوائر الرسمية، ترسم ملامحه الآن في التصعيد الاحتجاجي في جنوب البلاد الذي لا يبدو أنه سيتوقف خاصة وان السلطات الأمنية تتعامل مع مظاهره بالقمع، دون إتاحة الفرصة لأي تهدئة.
الوثيقة توقعت ان يصل التصعيد إلى قمته في شهر إبريل المقبل بالتزامن مع ذكرى اندلاع حرب صيف 1994م بعد عمليات عسكرية واحتجاجات سياسية حسب ما قالته مجلة المشاهد السياسي.
ملف الجنوب مرشح لأن يأخذ اهتماماً أكبر على المستويين الإقليمي والدولي، وحسب المشاهد السياسي فإن الجنوب سيكون" الملف المركزي خلال الفترة المقبلة خصوصاً إذا ظلت صنعاء ماضية في توجهاتها الحالية إزاء الجنوب اليمني".
حالة الانفلات غير المسبوق في الحوطة وقبلها في زنجبار والمصادمات المستمرة في ردفان والضالع تؤكد فرضية التصاعد المتواتر الذي يمكن ان يشمل مناطق أخرى في الجنوب.
ليس مبالغاً القول ان الأزمة في المحافظات الجنوبية بلغت حداً من الخطورة ما ينبغي على كل القوى السياسية وفي المقدمة السلطة الالتفات إليها بجدية قبل إن تتفاقم وتنفلت الأمور مع اتساع المواجهات بين قوى الأمن ومتظاهرين في عدة مناطق وفي وقت تنسحب فيها السلطات المحلية من تحمل مسؤولياتها، ما يفتح الباب لأن تحل قوى أخرى محلها في تلك المناطق.
ولا يبدو الخارج بعيداً عن الالتفات إلى الجنوب رغم عدم وجود إشارات قوية لذلك وخاصة بعد اجتماع لندن، لكن هذا لا يعني تفويتها في إطار المشهد اليمني العام، وللأسف مثل تلك الإشارات تأتي بصورة تسريبات، ما يعني أن هناك ما يجري خلف الستار، أو هكذا يمكن ان تفهم الأمور.
وبهذا الاتجاه يمكن فهم ما جاء على لسان المتحدث الإقليمي باسم الحكومة البريطانية في حوار مع صحيفة(الاتحاد) الإماراتية في 6 فبراير2010م الذي دعا فيه إلى حوار جاد لحل مشاكل اليمن..
حيث قال السيد مارتن دي " هناك مشاكل كثيرة على الحكومة اليمنية ان تواجهها، وهي بحاجة إلى دعم من الخارج، إذ لا يمكنها حلحلة هذه المشاكل دون هذا الدعم".
وحول ما يجري في المحافظات الجنوبية دعا الحكومة اليمنية إلى ان تتخذ زمام المبادرة لمعالجة المشاكل والمجتمع الدولي سوف يدعم هذه الجهود"ونحن نعتقد أنه من الممكن حل المشاكل بين الجنوب والشمال عن طريق المفاوضات وندعو الجانبين إلى إجراء حوار جاد للتوصل إلى حلول مقبولة من الطرفين".
أخطات السلطة مبكراً في تعاملها منذ البداية مع التحركات الاحتجاجية منذ بدايتها المطلبية عام 2007م وتخطئ الآن بعد أن وصل الحراك الجنوبي مرحلة أرقى في التعبير عن احتجاجه، رغم بعض الخروج عن جانبه السلمي والجنوح نحو العنف، وهو الأمر الذي تتنصل منه قيادات الحراك، لكن شيئاً من هذا الخروج ممكن ان يحصل في ظل القمع الأمني وليس بعيداًَ أن يكون هناك من يريد ان يوصمه بالعنف لتبرير قمعه.
دأب إعلام وصحافة السلطة والحزب الحاكم مؤخراً على وصف الاحتجاجات بالحراك القاعدي وبالمخربين والانفصاليين، اعتقاداً منه بإمكانية ترسيخ هذه الصورة السلبية بالحراك وهو يكرس بذلك حالة الانغلاق والانسداد تجاه حل للقضية الجنوبية التي باتت حقيقة واقعة، لم تلفت الداخل إليها بل الخارج الذي لم يفصح بعد عن مدى طرحه لها بالمقارنة مع تنظيم القاعدة والحرب في صعدة، التي تشهد بداية تهدئة وفق إرادة إقليمية ودولية كما هو واضح.
كان لافتاً ما جاء في وثيقة مجلة المشاهد السياسي التي لا يمكن إغفالها والتي طرحت تصوراً بحل الملف الجنوبي من خلال اتفاقية توازن بين الطرفين السلطة الرافعة لشعار الوحدة والحراك الجنوبي المتطلع للانفصال، وإن كان هناك من يرى رفع شعار الانفصال أو (فك الارتباط) ما هو إلا تصعيد تجاه السلطة التي تصم أذانها لما يجري في الجنوب، وهنا يمكن اقتباس ما جاء في تلك الوثيقة حول" اتفاق حكم ذاتي، ضمن سلطة سيادة الدولة اليمنية الواحدة".