سيموت الرئيس! قراءة في حلم لم يتحقق

[ابو الشباب]

سيموت الرئيس! قراءة في حلم لم يتحقق


سيبكيه القليلون، وسيفرح لرحيله الكثيرون.
أما أنا فلن أستطيع حبسَ دموع دافئة ستنزلق رغماً عني فوق وجهي،
لكنني سأبكي لأن أمنيتي لم تتحقق في أنْ أتابع وقائع محاكمة الطاغية وهو يطرق خجلا، ويتجنب عيون الحاضرين في قاعة المحكمة، ثم يجيب على أسئلة القاضي التي ربما تستغرق عدة شهور فجرائم الرئيس منذ تولّيه السلطة تعجز عنها شياطين كل طغاة منطقتنا العربية.
تمنيت أن أسمعه يجيب على أسئلة عدالة المحكمة، والقاضي يسأله بصوت جهوري غاضب وحزين وغير مُصَدّق لِما يسمع:
كنت تعلم أن ابنك البكر يحصل على نسبة مئوية تصل أحيانا إلى خمسين بالمئة من مشروعات تبدو ناجحة قبل أن تتم الموافقة عليها، وإلا فلن يحصل أصحابها على موافقة الدولة. فكيف قمت باسكات ضميرك كل تلك السنوات على أم الجرائم؟، كنت تتسلم من أمريكا متهمين في قضايا تتعلق بالارهاب لانتزاع الاعترافات منهم، فرجالك أصبحوا أكثر شهرة من كل زبانية التعذيب في العالم. ألم تخجل مرة واحدة وأنت تقف أمام الله؟
قمت بتزييف كل الانتخابات والاستفتاءات، وكانت الصناديق الجديدة مُعَدّة سلفا بمعرفتك، ألم تخجل من مرآتك وأنت تنظر إلى وجهك كمزيف ومخادع وكاذب، حتى عندما وعدت شعبك بأن لا تجدد لولاية أخرى، ففرضت عليهم الولايه؟
كنت تكره الجنوبيين كراهية شديدة، وتزدريهم، وتحتقرهم، وتتلذذ بسماع أخبار انتصاراتك الظالمة، . فمن أين أتيت بكل تلك القسوة والمرارة والحقد على شعب منحك رقابه، وأطاعك طاعة عمياء، وتمنى عليك أن تنصفه، فزادت كراهيتك له. ألم تكن لك روح من نفخة الله، ونفس قد تمر عليها أوقات تصبح سوية ووديعة، أم أن كل حياتك كانت طاعة للشياطين ، بل تحديا لابليس لعلك تكون أكثر منه عصيانا لله عز وجل؟
قمت بطمس تاريخ الجنوب سياسيا واجتماعيا ورياضيا واقتصاديا ، وقزّمت دورها، وعبثت في نفوس الجنوبيين الطيبين فقفزتْ في عهدك على السطح سلوكيات مُشينة وفهلوة وبلطجة واستغلال، ولم تكن أنت بحجم أقل الجنوبيين شأنا، فقمت بالانتقام منهم من خلال تجاهلهم في أنظمة التعليم والثقافة والسياسة والاقتصاد .


هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، ونقطة ماء من بحر واسع لو كان مدادا لنفد قبل أن يكتب القاضي جرائم الطاغيةواتباعة المنتفذين.
عندما يموت الرئيس، وكل زعيم ذائق الموت، فستكون دموعي غزيرة على محكمة لم تُعقد ليشهد كل الذين صمتوا، أو برروا جرائمه، أو امتدحوا في ظلمه كأنه عدل، أن اليمن العظيمة كانت كلها في قبضة حكم شيطاني لا يعرف الرحمة...


تلك هي خلجاتي، وأنا لا أعرف إن كان عزرائيل قد قام فعلا بزيارة الرئيس، أم ينتظر قريبا من فراشه، أم أن صعود روح الرئيس مؤجلة إلى أجل قريب أو بعيد!
سأكون أول من يبعث تهنئة إلى البطل المنتظر .. قائد الانقلاب العسكري فقد أنتظرته طويلا .. طويلا .


ولكم مني انا ابو الشباب اطيب المنى