هل إنضمام الشيخ الفضلي للنضال الجنوبي يلصق عليه تهمة الإرهاب ؟

[أبو غريب الصبيحي]

هل إنضمام الشيخ الفضلي للنضال الجنوبي يلصق عليه تهمة الإرهاب ؟

بقلم / أبو غريب الصبيحي
كثير من أخواننا لا يخفون تخوفاتهم من تحول حراك الشعب الجنوبي السلمي إلى إرهاباً مما يعني فقدانه الدعم أو المشروعية أمام الأسرة الدولية التي أصبحت تنظر إلى العنف و الارهاب آفة يجب مكافحتها و التحالف مع الجميع لمكافحتها ، فكان إنضمام الشيخ طارق الفضلي و بيانه الأخير بهذا الصدد دافعاً قوياً عند البعض لرفض إنضمام الفضلي أو غيره للحراك و التشكيك بمقصده من أن هذا الإنضمام لمحاولة لصق تهمة الإرهاب على الحراك و تدميره لخدمة نظام الإحتلال اليمني .
لا نحكم على النوايا بل نرى التعامل يجب أن يكون مع ظاهر الأمور و ليس باطنها ، و الشيخ الفضلي بعد ترتيب أوراقه و أفكاره ننتظر منه مقابلة صحفية جريئة و شفافة يدين من خلالها نظام صنعاء في مجالات التعاون مع الارهاب و القرصنة و تهريب الاسلحة و غيرها مما تمارسه ما فيا نظام ج.ع.ي. الإرهابية .
أما إنضمام الشيخ الفضلي و حكماً بما ورد في البيان الصادر عنه ، فقد حمل في طياته للحراك الجنوبي ضمانات و كان مطمناً للجميع و سأحول في هذا الموضوع أن أضع قراءة خاطفة لما وراء السطور في البيان ، على أن يكون هناك موضوع آخر لاحقاً سيكون المكمل لهذا الموضوع :
من خلال مطالعتنا لحوارات و مقالات العميد علي محمد السعدي في مختلف الصحف و المواقع و تعقيباته في المنتديات ، لاحضنا رفض العميد علي محمد السعدي لفكرة ما تسمى بالجماعات الإسلامية لتحرير الجنوب ، حيث رأى العميد السعدي أن هذه الجماعات دخيلة على الحراك و الثورة الجنوبية لخدمة أهداف نظام الإحتلال في إلصاق تهمة الإرهاب على حراك و نضال أبناء شعبنا الجنوبي المشروع و المرتبط بحق الأرض و دحر الإحتلال منها .
إذاً فالعميد السعدي هو من ضمن من تحاور مع الفضلي ، بل و كان من أصحاب القسط الأكبر في إقناع الشيخ طارق الفضلي لإتخاذ قراره بالانضمام للحراك السلمي الجنوبي ، بعد توضيحه للضمانات التي يحملها حراكنا السلمي و إزالة المخاوف منه ، لهذا فمن الطبيعي أن نبدي إرتياحنا لنتائج الحوار و الذي كان العمبد السعدي طرفاً فيه .
مصادر : http://smcentrer.com/vb/showthread.php?t=9142
http://www.alshomoa.net/todaynews/in...owNews&id=5919

يخطئ أحياناً من يقول أن الفضلي صنيعة خالصة من صنع الإحتلال في الجنوب ، فهو صنعية مشتركة من نظام صنعاء و التطرف اليساري الذي حكم الجنوب قبل الإحتلال ، و فرض على الشعب الجنوبي الأفكار المستوردة ، فالتطرف اليساري ساهم في إنتاج التطرف اليميني في الفكر الجهادي الجنوبي الذي رعاه , و تبناه نظام صنعاء .
إن إقتناع الشيخ طارق الفضلي بالإنضمام الطوعي إلى الحراك الجنوبي كانت نتيجة جهود تمكنت في الأخير من إزالة الرؤية الخاطئة الراسخة عنده ، حيث أستطاع المتحاورون معه أن يزيلوا فكرة أن النضال الجنوبي يهدف لإعادة الدولة الجنوبية السابقة بحزبها الواحد و بأفكاره الأيديولوجية المتطرفة يسارياً ، فكان ماضي التطرف السابق للحزب الإشتراكي اليمني ولد تطرفاً أشد منه لدى الكثيرين الذين عانوا سواء من أيديولوجيته المتطرفه أو من صراعاته السياسية في دولة الجنوب السابقة ج.ي.د.ش ، و كان هذا الماضي سبباً في عدم إنضمام البعض للحراك الجنوبي لعدم وجود الضمانات و الأهداف التي يرجوها الحراك الجنوبي مستقبلاً .
فمن الملاحظ في بيان الشيخ طارق الفضلي تغير خطاب الفكر اليميني المتطرف الذي أعتنقه مجاميع من الجهاديين المتطرفين ، و الذي كان يرمى توصيف هذا الفكر بـ " الفكر الإرهابي " من حيث التالي :
1_ مخاطبته أبناء الجنوب في بيانه بكياناتهم المتعددة دينياً و قبلياً و حزبياً ، بمفردات تعم و لا تخص و لا تستثني، مما يدل على إستيعابه لجميع مكونات الشعب الجنوبي من قبائل و أحزاب دون إستثناء فهذه تحسب كنوع من التغيير في الفكر المشار إليه سالفاً ، و الذي يرفض دوماً التعامل مع بعض الاحزاب الأيديولوجية المذهبية و القومية و الليبرالية ، و كذلك حديثه عن إمتزاج مصير الشخصيات القبلية و الدينية و السياسية و الإجتماعية و الرسمية الجنوبية مع نضال أهلهم و شعبهم في الجنوب يدل على التراجع عن الفكر التكفيري الذي يفرق بين الشخصيات السياسية و الليبرالية أو الحزبية عن الشخصيات الأخرى في المجتمع .
2_ إستنكاره للمذهب السياسي الذي يعتنقه نظام ج.ع.ي. القائم على السب و الإفتراء و إلصاق تهم الإنفصالية و الإرهاب على أبناء الشعب الجنوبي .
3_ الشيخ طارق الفضلي أشار بشكل غير مباشر إلى نقطة إن لم تخلق لأجلها الحوارات قد تحول بين بعض أبناء الجنوب و بين إنضمامهم للنضال مع أهلهم و شعبهم في الجنوب عندما قال : " أنا واحد من أبناء الجنوب الذين حرمت أن أعيش بينهم و لأسباب يعرفها الجميع " ، هنا لم يشأ الشيخ طارق الفضلي أن يخرق مفاهيم التسامح و التصالح الجنوبي السامية ، و اكتفى فقط بتحميل أفكار الحرب الباردة ( أقطاب الصراع الدولي ) أسباب الصراعات و الإنقسامات الجنوبية _ الجنوبية في الماضي و فرض الأفكار المستوردة على الإنسان الجنوبي ، دون أن يحمل حزباً أو تكويناً جنوبياً بعينه المسؤولية .
4_ في نصوص البيان غلب شعور الإنتماء الوطني للجنوب على أي إنتماء حزبي أو قبلي و أخص بالذكر منها عبارة : " الهدف هو الجنوب قبل كل شيء " .
5_ ذكر البيان أن طريق إنقاذ الجنوب هو النضال السلمي ، و هو يخالف الفكر القاعدي الإرهابي الذي يدعو للجهاد بمفهومه الخاص ، و إستخدام العنف ضد المدنيين و ضرب المصالح الأجنبية في البلاد لتحقيق الأهداف ، فإتخاذ النضال السلمي كخيار جنوبي توافقي في الوقت الراهن .
6- الشيخ طارق الفضلي دعا في ختام البيان المجتمع الدولي لتنفيذ قراراته ذات الصلة في الجنوب و هو يعد إعترافاً بالمجتمع الدولي و مؤسساته و مخالفة صريحة للفكر الجهادي القاعدي الذي يرفض بشكل مطلق التعامل مع المؤسسات الأممية و على رأسها مجلس الأمن الدولي ، و يرفض التعامل مع الدول العظمى في العالم .
ما أسفت عليه الرد السلبي من قبل بعض الأخوة حيال هذا الموضوع ، و نشدد على ضرورة ان نحكم على ظاهر الأمور و ليس باطنها ، و علينا أن ننتظر أن ينظم لنضال أبناء الجنوب أشد المعادين له ، و كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو أن يؤيد الله عز وجل الإسلام بأحد العمرين ( أبو جهل أو عمر بن الخطاب ) ، و كانت الناس تترقب تحقق هذه الدعوة النبوية في أحدهما ، فكان تاييد الإسلام بعمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان أحد اشد المعادين للدعوة المحمدية .
إن من بحث عن الماضي فليعلم أنه مخطئ ، و أن سبب إحتلال الجنوب كان الماضي ، و بقاءه لن يكون بالبحث عن الماضي ، و خروج الإحتلال لن يكون إلا بنسيان كل سيئات الماضي و أيضاً وحدة الجنوب لن تكون إلا بنسيان الماضي .