استراتيجية الخطاب المتشدد مع اخوة الشمال.قد توحي بضعف القضية

[نبيل العوذلي]

يتخذ بعض الاخوة والاباء الجنوبيين من استراتيجية الخطاب المتشدد مع الاخوة في الشمال مثل

ليسوا منا ...نحن عرب وهم فرس واتراك
نحن الجنوب العربي وليس لنا صلة باليمن واليمنيين
هؤلاء مستعمرين ويجب قتالهم شر قتال

وغير ذلك من العبارات النابية التي يتخذها البعض كأستراتيجية تستوجب كما يظنون
اولا
ان تدفع اخوة الشمال الى طرفية عنصرية مع الجنوب تلقائيا وغصبا عنهم..يلحظها الموظف والعسكري والمسؤول الجنوبي بسبب - لكل فعل رد فعل -
ثانيا
ان تساعد هذه الاستراتيجية على استقطاب العديد من الجنوبيين الى مصاف القضية كرد تلقائي يضطرونه بسبب ما يلحظونه احساسا وشعورا في الشماليين معهم تلقاء ما ذكرناه سابقا


حقيقة مما يجب تأكيده ان قضيتنا عادلة ...ومطالباتنا حقوقية بدءا من الحق الفردي للفرد الجنوبي الى الحق العام بوجود كيان لنا مستقل بأذن الله في دولة الجنوب القادمة ..ولاحاجة لهذا التنطع الذي سيؤسس نزعة آرية تستوجب نصب مدافعنا من اول يوم تتأسس فيه دولتنا القادمة على مشارف حدود الشمال وكأن الشمال العدو الاول والاخير للجنوب...

يجب ان تكون لدينا الثقة بحججنا وقضيتنا وحقوقنا الخاصة والعامة ..والثقة بأراداتنا وعقلياتنا وانفسنا
واننا نستطيع بأذن الله نيل حقوقنا الفردية والجماعية دون الحاجة لهذا الغلو والتنطع والتشدق بالعداء على اخوة الشمالوكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بمعناه
أحبب حبيبك هوناً ما ، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما "
فقه الحديث :كما في موقع ملتقى اهل الحديث
يحث النبي أمته على الاعتدال في جانبي المحبة والبغض حتى لا يؤدي ذلك إلى الإسراف ومجاوزة الحد .

قال العلامة ابن الأثير ـ رحمه الله ـ في (( النهاية )) 5/284 : (( " أحبب حبيبك هونا ما " أي حباً مقتصداً لا إفراط فيه وإضافة (( ما )) إليه [ أي لهون ] تفيد التقليل : يعني لا تسرف في الحب والبغض ، فعسى أن يصير الحبيب بغيضاً ، والبغيض حبيباً ، فلا تكون قد أسرفت في الحب فتندم ، ولا في البغض فتستحي منه إذا أحببته )) .
قال العلامة ابن العربي المالكي ـ رحمه الله ـ : (( معناه أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضاً وعكسه فإذا أمكنته من نفسك حال الحب ثم عاد بغيضاً كان لمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار ، وقال عمر رضي الله عنه : (( لا يكن حبك كلفاً ولا يكن بغضك تلفاً )) ( 1 ) [ فقلت : كيف ذاك ؟ قال : (( إذا أحببت كَلِفْتَ كلـف الصبي( 2 )، وإذا أبَغضت أحببَتَ لصاحبك التِّلف )) . ] ( 3 ).
وعليه أنشد هدبة بن خشرم :
وأبْغِـضْ إذا أَبْغَضْتَ بغضــاً مقـارباً فإنك لا تدري متى أنت راجعُ
وكن معدناً للخير واصفح عن الأذى فإنك راءٍ ما عمــلت وسـامعُ
وأحــبب إذا أحبـــبت حبـاً مقــارباً فإنك لا تدري متى أنت نازعُ
ولهذا قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : (( أحبوا هوناً وأبغضوا هوناً فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا ، وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا )) .
وقال محمد بن الحنفية t : (( ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بداً ؛ حتى يجعل الله له فرجاً أو مخرجاً )) ( 4 ).