![]() |
![]() |
|
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 | |
قلـــــم فعـــّـال
تاريخ التسجيل: 2007-10-06
المشاركات: 885
|
![]() اقتباس:
كلام مهم جدا وجميل ما الفرق بينهم؟؟ الاصول واحدة ولهذا نحن بكل بساطه حينما نوافق اخوتنا على مرادهم من ان الجنوب شوافع ونقول لهم --شوافع--علشان مايزعلوش لانه براسهم شوافع فنقول لهم شوافع لاننا نعلم ان اصولهم واحدة والخلاف فقط في الفروع التي هي بمحل الاجتهاد وقال شيخ الإسلام ـ رَحِمهُ الله: فَصْـل في تَوَحُّد الملة وتعدد الشرائع وتنوعها، وتوحد الدين المِلِّي دون الشرعي، وما في ذلك من إقرار ونسخ، وجريان ذلك في أهل الشريعة الواحدة بنوع من الاعتبار، قال الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124]، فهذا نص في أنه إمام الناس كلهم، وقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120]، وهو القدوة الذي يؤتم به، وهو معلم الخير، وقال: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 130 ـ 134]. فقد بين أنه لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا مَنْ هو سفيه، وأنه أُمِرَ بالإسلام فقال: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، وأن هذه وصية إلى بنيه، ووصية إسرائيل إلى بنيه، وقد اصطفي آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين.ثم قال: {وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 135]، فأمر باتباع ملة إبراهيم ونهى عن التهود والتنصر، وأمر بالإيمان الجامع كما أنزل على النبيين وما أوتوه والإسلام له، وأن نصبغ بصبغة الله، وأن نكون له عابدين، ورد على من زعم أن إبراهيم وبنيه وإسرائيل وبنيه كانوا هودًا أو نصاري، وقد قال قبل هذا: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم} الآية [البقرة: 120]، والمعنى: ولن ترضى عنك اليهود حتى تتبع ملتهم، ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. وقد يستدل بهذا على أن لكل طائفة ملة؛ لقوله تعالى:/ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقـرة: 113]، وقال تعالى في آخر السورة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ} إلى آخر السورة [البقرة: 285، 286]، كما قال في أولها: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4]، ففتحها بالإيمان الجامع، وختمها بالإيمان الجامع، ووسَّطَها بالإيمان الجامع. ونبينا صلى الله عليه وسلم أعطي فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه. وقال ـ تعالى ـ في آل عمران ـ بعد أن قص أمر المسيح ويحيي ـ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]، وهي التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى هِرَقْل عظيم الروم لما دعاهم إلى الإسلام، وقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}، إلى قـوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ}، إلى قـولـه: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران:56 ـ 83] ، فأنكر على من يبغي غير دين الله. كما قال في أول السورة: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 18، 19]، فـأخبر أن الدين عنـد الله الإسـلام، وأن الذين اختلفـوا من أهل الكتاب، وصاروا على ملل شَتَّي مـا اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم، وفيه بيان أن الدين واحد لا اختلاف فيه. وقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 161، 162]، هذا بعد أن ذكر الأنبياء فقال: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]. وذكر في النحل دعوة المرسلين جميعهم، واتفاقهم على عبادة الله وحده لا شريك له، فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} الآية [النحل:36]، وقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120 ـ 123]، وقال: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} إلى قوله: {مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [مريم: 34 ـ 37]. وقال في سورة الأنبياء: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقـال بعد أن قص قصصهم: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 29]، وقال في آخرها: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [الأنبياء: 108]، وقال في سورة المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 51 ـ 53]. وقال في آخر سورة الحج ـ التي ذكر فيها الملل الست، وذكر ما جعل لهم من المناسك والمعابد، وذكر ملة إبراهيم خصوصًا ـ: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ} [الحج: 78]، وقال {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} الآية [الشورى: 13]، وقال: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} إلى قوله:{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: 1 ـ 5]. / وهذا في القرآن مذكور في مواضع كثيرة. وكذلك في الأحاديث الصحيحة، مثل ما ترجم عليه البخاري فقال: [باب ما جاء في أن دين الأنبياء واحد] وذكر الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا معاشر الأنبياء إخوة لِعَلاَّت) ، ومثل صفته في التوراة: (لن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء، فأفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا)؛ ولهذا وَحَّد الصراط والسبيل في مثل قوله تعالى: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}[الفاتحة: 6، 7]، ومثل قوله تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، ومثل قوله: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} [البقرة: 257]، وقوله: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} [البقرة: 261]، {وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} [البقرة: 218]، وقوله: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه} [الأنفال: 39]. والإسلام دين جميع المرسلين، قال نوح ـ عليه السلام ـ: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 72]، وقال الله عن إبراهيم وبنيه ما تقدم، وقال الله عن السحرة: {رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: 126]،/ وعن فرعون: {قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]، وقال الحواريون: {آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 25]، وفي السورة الأخري: {وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111]، وقال يوسف الصديق: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]، وقال موسي: {إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس: 84]، وقالت بلقيس: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44]، وقال في التوراة: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} [المائدة: 44]. قال شيخ الإسلام: وقد قررت في غير هذا الموضع الإسلام العام والخاص، والإيمان العام والخاص، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]. وأما تنوع الشرائع وتعددها فقال ـ تعالى ـ لما ذكر القِبلة بعد الملة بقوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} إلى قوله: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 144 ـ 148]، فأخبر أن لكل أمة وِجْهَة، ولم يقل: جعلنا لكل أمة وجهة، بل قد يكون هم ابتدعوها كما ابتدعت النصارى وجهة المشرق، بخلاف ما ذكره في الشرع والمناهج؛ فإنه قال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: /{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 41 ـ 50]، وهذه الآيات نزلت بسبب الحكم في الحـدود والقصاص والديات، أخبر أن التورة {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [المائدة: 44]، وهذا عام في النبيين جميعهم والربانيين والأحبار. ثم لما ذكر الإنجيل قال: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ} [المائدة: 47]، فأمر هؤلاء بالحكم؛ لأن الإنجيل بعض ما في التوراة وأقر الأكثر، والحكم بما أنزل الله فيه حكم بما في التوراة ـ أيضا ـ ثم قال: {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، فأمره أن يحكم بما أنزل الله على مَنْ قبله، لكلٍّ جعلنا من الرسولين والكتابين شِرْعَة ومنهاجًا، أي: سنة وسبيلاً، فالشِّرْعة الشريعة وهي السنة، والمنهاج الطريق والسبيل. وكان هذا بيان وجه تركه لما جعل لغيره من السنة والمنهاج إلى ما جعل له، ثم أمره أن يحكم بينهم بما أنزل الله إليه، فالأول نهى له أن يأخذ بمنهاج غيره وشرعته، والثاني ـ وإن كان حكمًا غير الحكم الذي أنزل ـ نهي له أن يترك شيئًا مما أنزل فيها اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، فمن لم يتبعه لم يحكم بما أنزل الله، وإن لم يكن من أهل الكتاب، الذين أمروا أن يحكموا بما فيها مما يخالف حكمه. /وقال تعالى في الحج: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34]، {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} [الحج: 67]، وذكر في أثناء السورة: {بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40]، فبين أنه هو جعل المناسك، وذكر مواضع العبادات، كما ذكر في البقرة الوجهة التي يتوجهون إليها، وقال في سورة الجاثية ـ بعد أن ذكر بني إسرائيل ـ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} الآية [الجاثية: 18]، وقال في النسخ ووجوب اتباعهم للرسول: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} إلى قوله: {وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81]، وقال: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ} الآية والتي بعدها [الأعراف: 156، 157]، وقد تقدم ما في البقرة وآل عمران من أمرهم بالإيمان بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك في سورة النساء، وهو كثير في القرآن. |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#12 | |
قلـــــم فعـــّـال
تاريخ التسجيل: 2007-10-06
المشاركات: 885
|
![]() اقتباس:
اشكرك عزيزي ولهذا نحن بين مفسدتين هم يقولون انتم اهل الجنوب--حسدة قتلة--وهو صحيح الى حد ما ونحن نقول لهم انتم اهل الشمال--لصوص فسدة--وهو صحيح الى حد ما فليوافق منا على كلام الاخر للعدل من يجب ان يمسك الامور هذا الذي فهمه اعقلهم واحكمهم فيما اراه انا وهو الشيخ حميد الاحمر حينما قال يجب ان يمسك الامور الجنوبيين لمدة عشرين سنه وهذا الرأي كان قد طرحه الغرب قديما ولكن الحسد الذي يبطنه لنا اخوة الشمال والظن انهم الاصل ونحن الفرع لم يهديهم سوى الى السفه الذي اوصلوا الامور الى ماهوعليه الحال اليوم الله تعالى مكن اخوة يوسف وقوم يوسف بجلبهم الى مصر مع ما فيهم من الحسد والتبييت للضرر بالاخرين لان المرحلة تحتاج الى امناء يستعظمون السرقه والفساد حتى وان كانوا حسدة وقتلة الا ترى الناس اليوم يقولوا --خلوا الحزب الاشتراكي يرجع بحسدهم وقتالهم كل خمس سنوات ولا هؤلاء اللصوص ا لفاسدين -- الاترى العراقيون يقولون ذلك ايضا الاترى ان الازمة الماليه العالمية تحتاج الى يد من حديد ضد المفسدين واللصوص من اجل انقاذ الملايين من البشر من الجوع والفقر والمرض ولذلك كنت قد المحت في مبحث لي بعنوان --الاشتراكيه الانبعاث التجديدي للارادة -لم انشره بعد-الى ان الحاجة لسياسة اقتصادية تدبيريه حديدية كالتي برز فيها النظام الاشتراكي لمواجهة الازمة العالمية لانها من السنن الحتمية لمواجهة الازمات والكوارث كما في قصة يوسف اكثر من الحاجة للنظام الراسمالي الذي بدأ يتضعضع عدا دولة ربطت اقتصادها بالنص 0قال الله تعتالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي السعوديه 00فنفعها ذلك في مواجهة الازمة العالمية وكانت اقل الدول تضررا بالازمة لاننا نعتقد باثر العمل بالمراد الشرعي -الامر والنهي --في الصلاح والبقاء والفساد والزوال ولكن اصحابنا السفهاء لايزالون يريدون ان ينقلوا لنا ما اختلف وما تعارض مع عقيدتنا الاسلاميه-عقيدة اهل السنه والجماعة-- فلم يتركوا لنا المجال لاختيار الصالح من الفاسد بسبب الحسد ان تتفوق عليهم وتلتف عليك الجماهير ولم يحسنوا اخذ ماهو نافع وضروري .للامة ...والا ما الحكمة ان يصرح سفيه مثل حسين زيد بتصريحات مثل -سادة الجنوب اثني عشريه وتربة سجودهم من كربلاء--وباستطاعته مثلا ان ينقل الشيء الحسن في تجربة ايران ولهذا تكمن معارضتنا لاننا نعلم انهم يريدون ان يكرروا نفس قصة نقلهم ثقافة التناقض من روسيا وليس النظام الاقتصادي والعلمي والاداري وهو الذي يريدون ان يفعلوه مع ايران والا فاننا نعلم ان ايران احثت نهضة علمية وصناعيه واداريه وسياسية من حيث الديمقراطيه يجب ان نحترمها ...ولكن كونهم يريدون تعليق هذا النجاح بدينهم الرفضي نميل الى معارضتهم لان معنا قوم لن يتورعوا في ضرب انفسهم في يوم بالسلاسل ظنا منهم ان هذا الذي طور الايرانيين في الصناعه مثلما فعلوا معنا سابقا --فمن الاحسن غلق الباب من بدايته عليهم-- الموضوع ببساطه انهم عاينوا جزء من حقيقة الكشف الكوني كالسامري الذي قبض قبضة من اثر الرسول ليدعوا الناس الى عبادة العجل وهو ما يفعله الصفويون في اليمن عامة والجنوب خاصة وهذا من دفائق الاستنباط لسنن الله تعالى التي لاتتبدل ولاتتحول |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#13 | |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]() اقتباس:
الصراع بين السنة والوهابية وكما حصل الاختلاف بين ابن تيمية وجماعة من فقهاء السنة كذلك حصل اختلاف أشد منه بين محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي وبين فقهاء السنة ، حتى أنّ جماعة من أتباع مدرسة ابن تيمية أنكروا عليه أشد الإنكار ، يقول القنوجي البخاري في كتابه أبجد العلوم في ترجمة الفقيه المعروف بالأمير الصنعاني (1) : وخرج في زمانه الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية ، فنظم قصيدة في ذلك وأرسلها إليه وأثنى على طريقته ، ثم لما سمع أنه يكفـر أهـل الأرض ويسفك الدماء رجع عما كان قاله في قصيدته . وقد صنف عدة من علماء السنة كتباً كثيرة بعنوان الرد على الوهابية ، منهم جماعة من علماء الحنابلة التابعين لمنهج ابن تيمية ، منهم الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي ، ومن كتبه التي صنفها كتاب الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ، وقد طبع هذا الكتاب مرات كثيرة (2) ، (1) أبجد العلوم ج3 ص 157 ط . دار الكتب العلمية / بيروت سنة1420هـ . (2) إيضاح المكنون لإسماعيل باشا ج2 ص 72 ، معجم المؤلفين لعمر كحالة ج4 ص 269 ، معجم المطبوعات العربية ج1 ص 168 ، ومن أحدث طبعاته طبعة مكتبة حراء بدمشق سنة 1418هـ . الإنصاف في مسائل الخلاف ج1 .................................................. ........................ 245 وصنف كتاباً بعنوان فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب (1) ، ومن الكتب التي صنفها علماء السنة في الرد على الوهابية : 1- الرد على الوهابية لعبد المحسن بن علي الأشقري الحنبلي . (2) 2- المشكـاة المضيئـة في الـرد على الوهابيـة لعلي بن عبد الله السويـدي البغدادي المتوفى سنة (1170هـ) الموافق لـ (1756م) . (3) 3- المنحة الوهبية في الرد على الوهابية لداود بن سليمان البغدادي النقشبندي الحنفي المتوفى سنة (1299هـ) . (4) 4- الأقوال المرضية في رد الوهابية للشيخ محمد عطا إبراهيم . (5) 5- الدرر السنية في الرد على الوهابية لأحمد زيني دحلان المكي الشافعي ، مفتي الشافعية بمكة ، المتوفى سنة (1232هـ - 1886م) . (6) 6- فصل الخطاب في رد ضلالات ابن عبد الوهاب لأحمد بن محمد البصري الشهير بالقباني . (7) 7- سعادة الدارين في الرد على الفرقتين الوهابية ومقلدة الظاهرية ، لإبراهيم بن عثمان بن داود االسمنودي المنصوري المصري ، وقد طبع بمصر سنة 1320هـ . (8) 8- الرد على محمد بن عبد الوهاب ، لإسماعيل بن محمد باشة التميمي ، المالكي المتوفى سنة ( 1248هـ - 1832م) . (9) 9- الحق المبين في الرد على الوهابيين للشيخ أحمد سعيد السرهندي النقشبندي المتوفى سنة ( 1277هـ) . (10) 10- التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيين لأبي حامد بن مرزوق ، وقد طبع في استانبول في تركيا سنة (1396هـ - 1976م) . (1) إيضاح المكنون ج2 ص 190 . (2) معجم المؤلفين ج6 ص 172 . (3) معجم المؤلفين ج7 ص 132 . (4) إيضاح المكنون ج1 ص 263 ، معجم المطبوعات العربية ج1 ص 815 ، معجم المؤلفين ج4 ص 136 . (5) معجم المؤلفين ج10 ص 293 . (6) معجم المطبوعات العربية ج1 ص 991 ، الأعلام للزركلي ج1 ص 130 ، معجم المؤلفين ج1 ص 230 وج9 ص 103 ، هدية العارفين لإسماعيل باشا ج1 ص 191 . (7) إيضاح المكنون لإسماعيل باشا ج2 ص 190 . (8) إيضاح المكنون ج2 ص 15 ، معجم المطبوعات العربية ج1 ص 1051 ، معجم المؤلفين ج1 ص 57 . (9) الأعلام للزركلي ج1 ص 326 . (10) هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي ج1 ص 190 |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#14 |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]()
أقوال أحمد بن حنبل في كلام الله عزوجل
لعل من أشد موارد الشطح الذي تورط فيه كثير من المحققين لا سيما من علماء الأشاعرة هي كلمات الإمام أحمد بن حنبل في خلق القرآن الكريم وحكمه بتكفير من قال غير قوله، بل بتكفير من المتوقف والمتردد، ولنذكر بعض عباراته بهذا الشأنْ : أ- يقول الإمام أحمد بن حنبل : والقرآن كلام الله تكلم به، ليس بمخلوق ومن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول، ومن زعم أنّ ألفاظنا به، وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله فهو جهمي، ومن لم يكفر هؤلاء القوم فهو مثلهم. (1) ب- يقول أيضاً : وما في اللوح المحفوظ وما في المصحف وتلاوة الناس وكيفما وُصف، فهو كلام الله غير مخلوق، فمن قال مخلوق، فهو كافر بالله العظيم، ومن لم يكفره فهو كافر. .. الخ. (2) إلى أنْ قال : وأما الجهمية، فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم قالوا : إنّ الجهمية افترقت ثلاث فرق، فقالت طائفة منهم القرآن كلام الله وهو مخلوق، وقالت طائفة : القرآن كلام الله وسكتت، وهي الواقفة الملعونة، وقالت طائفة منهم : ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، فهؤلاء كلهم جهمية كفار يُستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا. (3) وكلمات أحمد بن حنبل وغيره بهذا الشأنْ كثيرة يمكن تتبعها في كتب الحنابلة التي صنفت في العقائد مثل كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل وأصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي الطبري وغيرهما. وهذا الكلام مضافاً إلى كونه يرفض كون حتى الألفاظ التي تصدر منا عند قراءة القرآن الكريم مخلوقة لله عز وجل وهو خلاف الوجدان، فإنه ما هو المقتضي للحكم على المتردد بالكفر، والحكم على من لا يكفر من يقول بقدم القرآن بالكفر. وبعبارة أخرى، فإنّ الإمام أحمد بن حنبل كفر عامة المسلمين الذين لا يقولون بمعتقده، مع أنّ المسألة من المسائل الخلافية بين الفرق الإسلامية، وقد ذهب الأشاعرة من بعده إلى أنّ الكلام اللفظي ليس بكلام الله عز وجل وأنه مخلوق، وأنّ الكلام الذي يوصف بالقدم إنما هو الكلام النفسي وقال المعتزلة في أيامه وبعد أيامه، والكثير من المسلمين لو سئل عن خلق القرآن قد تراه على أقل تقدير يتردد، وعلى وفق مقتضى كلام أحمد بن حنبل فلا بد من الحكم غالبية المسلمين أو عدد ضخم معتد به منهم بالكفر، ولا أظن أحداً من الناس خصوصاً من لا يعرف قول أحمد بن حنبل لوسئل هل ألفاظنا التي نقرأ بها القرآن وهل تلاوتنا بالقرآن التي تكون بأصواتنا مخلوقة لله عز وجل أم لا ؟ سيجيب بأنها غير مخلوقة، بل سيقول أنها مخلوقة لله عز وجل، وحينئذ فعليه أنْ ينتظر القرار بالحكم عليه بالكفر من قبل الإمام أحمد بن حنبل، وسيحكم عليه تبعاً لذلك أتباع مدرسته من الحنابلة، فلم تُسجل حسب الإطلاع على مصادرهم الكثيرة ولا عبارة واحدة تنكر عليه هذا القول وتدعوا إلى حقن الدماء وعدم التسرع بتكفير المسلمين بمجرد الإختلاف الاجتهادي، ثم ما هو المقتضي للحكم بالتكفير عند الخلاف في صفة الكلام الإلهي، ولا يحكم بالتكفير عند الخلاف في باقي الصفات التي وقعت محل البحث والنقاش عند المسلمين أزمنة متمادية عبر التاريخ، فمنهم من اثبت التجسيم ومنهم من نفاه، وحتى الحنابلة أنفسهم لم يتفقوا على قول واحد في جميع مسائل الصفات الإلهية، فهذا هو ابن الجوزي في رده على المجسمة لم يقبل منه ابن تيمية وغيره كثير من الردود مع أنه مثلهم شديد النكير على الأشاعرة وعلماء الكلام. 2- فتوى عبد العزيز بن باز باشتمال القرآن الكريم على آيات وقعت بإلقاء الشيطان على الرسول الأعظم B ومتن أغرب الشحطات ما صدر من شيخ الوهابية الشيخ عبد العزيز بن باز، حيث أصر على كون فكرة الغرانيق فكرة قطعية وتردد فقط في الكلمات التي ألقاها الشيطان على لسان النبي B بزعمه، فقـد ورد السـؤال التالي : ورد في تفسـير الجلالين في سبب نـزول الآيـة ( 52 ) من سورة الحج : أن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ : )أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (أن الشيطان ألقى على لسانه : < تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى >. فهل هناك ما يدل على صحة هذه القصة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم هي من الإسرائليات ؟ أفيدونا أفادكم الله. فأجاب : ليس في إلقاء هذه الألفاظ في قراءته صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يعتمد عليـه فيما أعلـم، ولكنها رويت عـن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في أحاديث مرسلة كما نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسير آية الحج، ولكن إلقاء الشيطان في قراءته صلى الله عليه وسلم في آيات النجم وهي قوله : ) أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى ( الآيات، شيء ثابت بنص الآية في سورة الحج، وهي قوله سبحانه : ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( فقوله سبحانه : إِلا إِذَا تَمَنَّى أي : تلا، وقوله سبحانه : ) أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ( أي : في تلاوته، ثم إن الله سبحانه ينسخ ذلك الذي ألقاه الشيطان ويوضح بطلانه في آيات أخرى، ويحكم آياته ؛ ابتلاءاً وامتحانا، كما قال سبحانه بعد هذا : )لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ (الآيات. وهذا هو شيخ الوهابية كما ترى يزعم أنّ بعض الآيات الموجودة في كتاب الله عز وجل إنما كانت بإلقاء من الشيطان، غاية الآمر أنها نُسخت وأوضح بطلانها بآيات أخرى، وهو ما يقتضي كون آيات القرآن الكريم إختلطت فيه آيات الله عز وجل بإلقاءات الشيطان على نبيه، ومع ذلك على حسب دعواه لم تحذف تلك الآيات من القرآن الكريم وإنما دونت وأعطيت حكم الآيات القرآنية. 3- شطحات الحنابلة في الإعتقاد بنزول الرب يصر علماء الوهابية وغالبية علماء الحنابلة على أنّ الله عز وجل ينزل نزولاً حقيقياً من السماء السابعة إلى سماء الدنيا، فلا يكون موجوداً حين نزوله إلى سماء الدنيا في السماء السابعة، وإنما يبقى علمه فقط، وكان ذلك أحد أهم الأسباب لوقوف عدد كبير من علماء السنة الكبار ضد ابن تيمية وأمروا بسجنه حتى مات بالسجن، وهذه العقيدة سيأتي عرضها والحديث عنها إنشاء الله تعالى عند التعرض للبحث في مسائل الخلاف، والعجب أنهم لما رأوا أنّ الليل يختلف من بلد إلى آخر، أجابوا بأنه عز وجل يبقى متنقلاً من مكان إلى آخر حسب تبدل حصول ثلث الليل مما قد ينتهي إلى القول بأنه عند التزامه بالنزول ثلث الليل لا يبقى لديه وقت أنْ يصعد ثانياً للسماء السابعة، فقد سئل شيخ الوهابية محمد صالح العثيمين السؤال التالي : كيف نجمع بين حديث أبي هريرة في النزول، وبين الواقع إذ الليل عندنا مثلاً نهار في أمريكا ؟ فأجاب : سؤالكم عن الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر. .. إلى أنْ قال : وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الأمة جميعاً بهذا الحديث الذي خصص فيه نزول الله تبارك وتعالى، بثلث الليل الآخر فإنه يكون عاماً لجميع الأمة، فمن كانوا في الثلث الآخر من الليل تحقق عندهم النزول الإلهي، وقلنا لهم : هذا وقت نزول الله تعالى بالنسبة إليكم ومن لم يكونوا في هذا الوقت فليس ثم نزول الله تعالى بالنسبة إليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا بوقت خاص، فمتى كان ذلك الوقت كان النزول، ومتى انتهى انتهى النزول، وليس في ذلك أي إشكال. إلى أنْ قال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول : فالنزول الإلهي لكل قوم مقدار ثلث ليلهم، فيختلف مقداره بمقادير الليل في الشمال والجنوب، كما اختلف في المشرق والمغرب، وأيضاً فإنه إذا كان ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد، فيحصل النزول الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدوق أيضاً عند أولئك، إذا بقي ثلث ليلهم وهكذا إلى آخر العمارة. (4) 4- فتوى ابن باز في تكفير من قال باستقرار الشمس ومن أغرب شطحات هذا العصر ما قام به شيخ الوهابية عبد العزيز بن باز من الحكم بما يقتضي كفر الكثير من المسلمين، فقد حكم بكفر من يقول باستقرار الشمس وأنّ الليل والنهار متسبب من حركة الأرض بعد أنّ أصر بالحكم على أنّ الأرض لا تدور أصلاً بالرغم من الدلائل الحديثة القطعية، حيث يقول : فأقول قد دل القرآن الكريم، والأحاديث النبوية وإجماع علماء الإسلام، والواقع المشاهد على أنّ الشمس جارية في فلكها كما سخـرها الله سبحانـه وتعـالى، وأنّ الأرض ثابتـة قارة قد بسطها الله لعباده (5) إلى أنْ قال : وقد نص علماء التفسير رحمة الله عليهم كابن جرير والبغوي وابن كثير والقرطبي وغيرهم على ما دلت عليه الآيات المحكمات التي سبق ذكرها من جري الشمس، وسيرها في فلكها طالعة وغاربة، وسكون الأرض واستقرارها، وهكذا علماء الإسلام المعروفون المعتمد عليهم في هذا الباب وغيره قد صرحوا بما دل عليه القرآن الكريم من كون الشمس والقمر جاريين سائرين في فلكهما على التنظيم الذي نظمه الله لهما، وأنّ الأرض قارة ساكنة قد أرساها الله بالجبال وجعلها أوتاداً، فمن زعم خلاف ذلك وقال إنّ الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله، وكذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل مـن بين يديـه، ولا من خلفه، تنزيـل من حكيم حميد. (6) إلى أنْ قال : وكل من قال هذا القول فقد كفر كفراً وضلالة، لأنه تكذيب الله وتكذيب للقرآن، وتكذيب للرسول B، لأنه عليه الصلاة والسلام قد صرح في الأحاديث الصحيحة أنّ الشمس جارية، , أنه إذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربها تحت العرش كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وكل من كذّب الله سبحانه أو كذّب كتابه الكريم أو كذّب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال يُستتاب، فإنْ تاب وإلا قتل كافراً مرتداً، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين. .. (7) إلى أنْ قال : وكما أنّ هذا القول الباطل مخالف للنصوص، فهو مخالف للمشاهد المحسوس، ومكابرة للمعقول والواقع، فلم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية، طالعة وغاربة، ويشاهدون أنّ الأرض قارة ثابتة، ويشاهدون كل بلد في جهته لم يتغير من ذلك شيء، ولو كانت الأرض تدور كما يزعمون، لكانت البلدان والجبال والأشجار والأنهار والبحار لا قرار لها، ولشاهد الناس البلاد المغربية في المشرق، والمشرقية في المغرب، ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقر لها قرار. إلى أنْ قال : فأما من قال إنّ الأرض تدور والشمس جارية فقوله أسهل من قول من قال بثبوت الشمس، ولكنه في نفس الأمر خطأ ظاهر مخالف للآيات المتقدمات، وللمحسوس والواقع. (8) وخلاصة كلام ابن باز أنه وإنْ لم يكفر من قال بدوران الأرض، ولكنه كفر من يقول بأنّ الليل والنهار ليس ناشئاً من حركة الشمس وانتقالها وأنه نشأ من القول بدوران الأرض، والقول بخلاف ذلك لم يوافقه عليه أحد من عقلاء الناس، وإنما جماعة ممن وافقوا رأيه، والعجيب أنّ حكم بكون القائل بخلاف قوله يقتل ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين مع أنه لو قدرنا بالقول بصحة فكرته الباطلة بالضرورة، فيمكن الحكم بكون القائل اشتبه في فهم الكتاب والسنة، وليس بالضرورة كل مخالفة ما هو ثابت في القرآن الكريم يقتضي الكفر إذا كان ناشئاً من الاشتباه، وإلا لزم الحكم بكفر كثير من الفقهاء في الجملة لحصول شبهات حصلت لديهم قد تؤدي إلى حكمهم بخلاف ما في كتاب الله عز وجل. (1) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل برواية عبدوس العطار، المطبوع مع العقيدة برواية أبي بكر الخلاّل ص 79 ط. دار قتيبة / دمشق سنة 14 8هـ - 1988م. (2) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل برواية مسدد بن مسرهد المطبوع برواية الخلال ص 6 . (3) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل ص 61. (4) مجموع فتاوى ورسائل بن عثيمين ج1 سؤال رقم 1 1 ط. مؤسسة بن عثيمين الخيرية.، وراجع أيضاً : مجموع فتاوى ابن تيمية ج5 ص 475. (5) لأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 21 ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ط2 سنة 1395هـ. (6) لأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 22، 23. (7)الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 23. (8) الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 23. 2010-04-06 11:27:35 تصنيفات السؤال: [أعلام و كتب و فرق »أعلام و كتب و فرق السنة] [أعلام و كتب و فرق »السلفيةوالوهابية |
![]() |
![]() |
![]() |
#15 |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]() كتاب فتنة الوهابية - أحمد بن زين بن أحمد دحلان المكي الشافعي بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة المؤلف هو أحمد بن زين بن أحمد دحلان المكي ، الشافعي . فقيه ، مؤرخ ، شارك في أنواع من العلوم ، مفتي السادة الشافعية بمكة المعظمة ، وشيخ الإسلام . ولد بمكة سنة 1231 ه وتوفي بالمدينة في المحرم سنة 1304 ه . وله مؤلفات كثيرة مطبوعة متداولة منها : الأزهار الزينية في شرح متن الألفية ، وتاريخ الدول الإسلامية بالجداول المرضية ، وفتح الجواد المنان على العقيدة المسماة بفيض الرحمن ، والدرر السنية في الرد على الوهابية ، ونهل العطشان على فتح الرحمن ، في تجويد القرآن ، وخلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام ، والفتوحات الإسلامية ، إلى غير ذلك . ومنها هذا الكتيب الذي بين يدي القارئ ، آملين أن يستفيد القراء منه والله من وراء القصد . - ص 3 - فتنة الوهابية إعلم أن السلطان سليم الثالث ( 1204 - 1222 ه ) حدث في مدة سلطنته فتن كثيرة منها ما تقدم ذكره ، ومنها فتنة الوهابية التي كانت في الحجاز حتى استولوا على الحرمين ومنعوا وصول الحج الشامي والمصري ، ومنها فتنة الفرنسيين لما استولوا على مصر من سنة ثلاث عشرة ( 1213 ) إلى سنة ست عشرة ( 1216 ) ولنذكر ما يتعلق بهاتين الفتنتين على سبيل الاختصار لأن كلا منهما مذكور تفصيلا في التواريخ وأفرد كل منهما بتأليف رسائل مخصوصة ، أما فتنة الوهابية فكان ابتداء القتال فيما بينهم وبين أمير مكة مولانا الشريف غالب بن مساعد وهو نائب من جهة السلطنة العلية على الأقطار الحجازية وابتداء القتال بينهم وبينه من سنة خمس بعد المائتين والألف وكان ذلك في مدة سلطنة مولانا السلطان سليم الثالث ابن السلطان مصطفى الثالث بن أحمد ( وأما ابتداء أول ظهور الوهابية ) فكان قبل ذلك بسنين كثيرة وكانت قوتهم وشوكتهم في بلادهم أولا ، ثم كثر شرهم - ص 4 - وتزايد ضررهم واتسع ملكهم وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم وكان مؤسس مذهبهم الخبيث محمد بن عبد الوهاب وأصله من المشرق من بني تميم وكان من المعمرين فكاد يعد من المنظرين لأنه عاش قريب مائة سنة حتى انتشر عنه ضلالهم ، كانت ولادته سنة ألف ومائة وإحدى عشرة وهلك سنة ألف ومائتين ، وأرخه بعضهم بقوله : ( بدا هلاك الخبيث ) 1206 وكان في ابتداء أمره من طلبة العلم بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وكان أبوه رجلا صالحا من أهل العلم وكذا أخوه الشيخ سليمان وكان أبوه وأخوه ومشايخه يتفرسون فيه أنه سيكون منه زيغ وضلال لما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزعاته في كثير من المسائل ، وكانوا يوبخونه ويحذرون الناس منه فحقق الله فراستهم فيه لما ابتدع ما ابتدعه من الزيغ والضلال الذي أغوى به الجاهلين وخالف فيه أئمة الدين وتوصل بذلك إلى تكفير المؤمنين فزعم أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به وبالأنبياء والأولياء والصالحين وزيارة قبورهم شرك ، وأن نداء النبي صلى الله عليه وسلم عند التوسل به شرك ، وكذا نداء غيره من الأنبياء والأولياء والصالحين عند التوسل بهم شرك ، وأن من أسند شيئا لغير الله ولو على سبيل المجاز العقلي يكون مشركا نحو نفعني هذا الدواء ، وهذا الولي الفلاني عند - ص 5 - التوسل به في شئ ، وتمسك بأدلة لا تنتج له شيئا من مرامه ، وأتى بعبارات مزورة زخرفها ولبس بها على العوام حتى تبعوه ، وألف لهم في ذلك رسائل حتى اعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد ، واتصل بأمراء المشرق أهل الدرعية ومكث عندهم حتى نصروه وقاموا بدعوته وجعلوا ذلك وسيلة إلى تقوية ملكهم واتساعه ، وتسلطوا على الأعراب وأهل البوادي حتى تبعوهم وصاروا جندا لهم بلا عوض وصاروا يعتقدون أن من لم يعتقد ما قاله ابن عبد الوهاب فهو كافر مشرك مهدر الدم والمال ، وكان ابتداء ظهور أمره سنة ألف ومائة وثلاث وأربعين ، وابتداء انتشاره من بعد الخمسين ومائة وألف . وألف العلماء رسائل كثيرة للرد عليه حتى أخوه الشيخ سليمان وبقية مشايخه وكان ممن قام بنصرته وانتشار دعوته من أمراء المشرق محمد بن سعود أمير الدرعية وكان من بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب ، ولما مات محمد بن سعود قام بها ولده عبدالعزيز بن محمد بن سعود ، وكان كثير من مشايخ ابن عبد الوهاب بالمدينة يقولون سيضل هذا أو يضل الله به من أبعده وأشقاه فكان الأمر كذلك ، وزعم محمد بن عبد الوهاب أن مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه إخلاص التوحيد والتبري من الشرك وأن الناس كانوا على شرك منذ ستمائة سنة وأنه جدد للناس دينهم وحمل الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على أهل التوحيد كقوله تعالى ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) وكقوله تعالى ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ) - ص 6 - وكقوله تعالى ( والذين يدعون من لا يستجيب لهم إلى يوم القيامة ) وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة : فقال محمد بن عبدالوهاب من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين أو ناداه أو سأله الشفاعة فإنه مثل هؤلاء المشركين ويدخل في عموم هذه الآيات ، وجعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين مثل ذلك ، وقال في قوله تعالى حكاية عن المشركين في عبادة الأصنام ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) إن المتوسلين مثل هؤلاء المشركين الذين يقولون ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) قال : فإن المشركين ما اعتقدوا في الأصنام أنها تخلق شيئا بل يعتقدون أن الخالق هو الله تعالى بدليل قوله تعالى ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) و ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) فما حكم الله عليهم بالكفر والإشراك إلا لقولهم ليقربونا إلى الله زلفى فهؤلاء مثلهم ، ومما ردوا به عليه في الرسائل المؤلفة للرد عليه أن هذا استدلال باطل فإن المؤمنين ما اتخذوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا الأولياء آلهة وجعلوهم شركاء لله بل إنهم يعتقدون أنهم عبيد الله مخلوقون ولا يعتقدون أنهم مستحقون العبادة . وأما المشركون الذين نزلت فيهم هذه الآيات فكانوا يعتقدون استحقاق أصنامهم الألوهية ويعظمونها تعظيم الربوبية وإن كانوا يعتقدون أنها لا تخلق شيئا ، وأما المؤمنون فلا يعتقدون في الأنبياء والأولياء استحقاق العبادة والألوهية ولا يعظمونهم تعظيم الربوبية بل - ص 7 - يعتقدون أنهم عباد الله وأحباؤه الذين اصطفاهم واجتباهم وببركتهم يرحم عباده فيقصدون بالتبرك بهم رحمة الله تعالى ، ولذلك شواهد كثيرة من الكتاب والسنة . فاعتقاد المسلمين أن الخالق الضار والنافع المستحق العبادة هو الله وحده ولا يعتقدون التأثير لأحد سواه ، وأن الأنبياء والأولياء لا يخلقون شيئا ولا يملكون ضرا ولا نفعا وإنما يرحم الله العباد ببركتهم فاعتقاد المشركين استحقاق أصنامهم العبادة والألوهية هو الذي أوقعهم في الشرك لا مجرد قولهم ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله ) لأنهم لما أقيمت عليه الحجة بأنها لا تستحق العبادة وهم يعتقدون استحقاقها العبادة قالوا معتذرين ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) فكيف يجوز لابن عبد الوهاب ومن تبعه أن يجعلوا المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين الذين يعتقدون ألوهية الأصنام ؟ فجميع الآيات المتقدمة وما كان مثلها خاص بالكفار والمشركين ولا يدخل فيه أحد من المؤمنين . روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين ، وفي رواية عن ابن عمر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال " أخوف ما أخاف على أمتي رجل يتأول القرآن بصنعه في غير موضعه " فهو وما قبله صادق على هذه الطائفة ولو كان شئ مما صنعه المؤمنون من التوسل وغيره شركا ما كان يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلفها ففي الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله - ص 8 - عليه وسلم كان من دعائه " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك " وهذا توسل لا شك فيه وكان يعلم هذا الدعاء أصحابه ويأمرهم بالإتيان به وبسط ذلك طويل مذكور في الكتب وفي الرسائل التي في الرد على ابن عبد الوهاب ، وصح عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال " اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين " وصح أنه صلى الله عليه وسلم سأله أعمى أن يرد الله بصره بدعائه فأمره بالطهارة وصلاة ركعتين ثم يقول " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في " ففعل فرد الله عليه بصره ، وصح أن آدم عليه السلام توسل بنبينا صلى الله عليه وسلم حين أكل من الشجرة لأنه لما رأى اسمه صلى الله عليه وسلم مكتوبا على العرش وعلى غرف الجنة وعلى جباه الملائكة سأل عنه فقال الله له هذا ولد من أولادك لولاه ما خلقتك ، فقال اللهم بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السماء والأرض لشفعناك ، وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه . لما استسقى الناس ، وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة والسلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ يا محمد وذلك نداء عند التوسل ومن تتبع كلام الصحابة - ص 9 - والتابعين يجد شيئا كثيرا من ذلك كقول بلال بن الحارث الصحابي رضي الله عنه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم " يا رسول الله إستسق لأمتك " كالنداء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور . وممن ألف في الرد على ابن عبد الوهاب أكبر مشايخه وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردي مؤلف حواشي شرح ابن حجر على متن بأفضل فقال من جملة كلامه يا ابن عبد الوهاب إني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله فعرفه الصواب وأبن له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله فإن أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين ، وأنت شاذ عن السواد الأعظم فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ا ه . وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعلها الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من السلف والخلف وجاء في فضلها أحاديث أفردت بالتأليف ومما جاء في النداء لغير الله تعالى من غائب وميت وجماد قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا فإن لله عبادا يجيبونه " وفي حديث آخر " إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس فيها أنس فليقل يا - ص 10 - عباد الله أعينوني وفي رواية أغيثوني فإن لله عبادا لا ترونهم " وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال يا أرض ربي وربك الله وكان صلى الله عليه وسلم إذا زار قال السلام عليكم يا أهل القبور وفي التشهد الذي يأتي به كل مسلم في كل صلاة صورة النداء في قوله " السلام عليك أيها النبي " والحاصل أن النداء والتوسل ليس في شئ منهما ضرر إلا إذا اعتقد التأثير لمن ناداه أو توسل به ، ومتى كان معتقدا أن التأثير لله لا لغير الله فلا ضرر في ذلك ، وكذلك إسناد فعل من الأفعال لغير الله لا يضر إلا إذا اعتقد التأثير ومتى لم يعتقد التأثير فإنه يحمل على المجاز العقلي كقوله نفعني هذا الدواء أو فلان الولي فهو مثل قوله : أشبعني هذا الطعام ، وأرواني هذا الماء ، وشفاني هذا الدواء فمتى صدر ذلك من مسلم فإنه يحمل على الإسناد المجازي والإسلام قرينة كافية في ذلك فلا سبيل إلى تكفير أحد بشئ من ذلك ويكفي هذا الذي ذكرناه إجمالا في الرد على ابن عبد الوهاب ومن أراد بسط الكلام فليرجع إلى الرسائل المؤلفة في ذلك وقد لخصت ما فيها في رسالة مختصرة فينظرها من أرادها ، ولما قام ابن عبد الوهاب ومن أعانه بدعوتهم الخبيثة التي كفروا بسببها |
![]() |
![]() |
![]() |
#16 |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]()
المسلمين ملكوا قبائل الشرق قبيلة بعد قبيلة ، ثم اتسع ملكهم فملكوا اليمن والحرمين وقبائل الحجاز وبلغ ملكهم قريبا من الشام فإن ملكهم
وصل إلى المزيريب وكانوا في ابتداء أمرهم أرسلوا جماعة من علمائهم ظنا منهم أنهم يفسدون عقائد علماء الحرمين ويدخلون عليهم الشبهة بالكذب والمين ، فلما وصلوا إلى - ص 11 - الحرمين وذكروا لعلماء الحرمين عقائدهم وما تملكوا به رد عليهم علماء الحرمين وأقاموا عليهم الحجج والبراهين التي عجزوا عن دفعها ، وتحقق لعلماء الحرمين جهلهم وضلالهم ووجدوهم ضحكة ومسخرة ، كحمر مستنفرة ، فرت من قسورة ونظروا إلى عقائدهم فوجدوها مشتملة على كثير من المكفرات فبعد أن أقاموا البرهان عليهم كتبوا عليهم حجة عند قاضي الشرع بمكة تتضمن الحكم بكفرهم بتلك العقائد ليشتهر بين الناس أمرهم ، فيعلم بذلك الأول والآخر ، وكان ذلك في مدة إمارة الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد المتوفى سنة خمس وستين ومائة وألف ، وأمر بحبس أولئك الملحدة فحبسوا وفر بعضهم إلى الدرعية فأخبرهم بما شاهدوا فازدادوا عتوا واستكبارا وصار أمراء مكة بعد ذلك يمنعون وصولهم للحج فصاروا يغيرون على بعض القبائل الداخلين تحت طاعة أمير مكة ثم انتشب القتال بينهم وبين أمير مكة مولانا الشريف غالب بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد وكان ابتداء القتال بينهم وبينه من سنة خمس بعد المائتين والألف ووقع بينهم وبينه وقائع كثيرة قتل فيها خلائق كثيرون ولم يزل أمرهم يقوى وبدعتهم تنتشر إلى أن دخل تحت طاعتهم أكثر القبائل والعربان الذين كانوا تحت طاعة أمير مكة . وفي سنة سبع عشرة بعد المائتين والألف ساروا بجيوش كثيرة حتى نازلوا الطائف وحاصروا أهله في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة ، ثم تملكوه وقتلوا أهله رجالا ونساء وأطفالا ولا نجا منهم إلا القليل ونهبوا جميع أموالهم ثم أرادوا - ص 12 - المسير إلى مكة فعلموا أن مكة في ذلك الوقت فيها كثير من الحجاج ويقدم إليها الحاج الشامي والمصري فيخرج الجميع لقتالهم فمكثوا في الطائف إلى أن انقضى شهر الحج وتوجه الحجاج إلى بلادهم وساروا بجيوشهم يريدون مكة ولم يكن للشريف غالب قدرة على قتال جيوشهم فنزل إلى جدة فخاف أهل مكة أن يفعل الوهابية معهم مثل ما فعلوا مع أهل الطائف فأرسلوا إليهم وطلبوا منهم الأمان لأهل مكة فأعطوهم الأمان ودخلوا مكة ثامن محرم من السنة الثامنة عشرة بعد المائتين والألف ومكثوا أربعة عشر يوما يستتيبون الناس ويجددون لهم الإسلام على زعمهم ويمنعونهم من فعل ما يعتقدون أنه شرك كالتوسل وزيارة القبور ، ثم ساروا بجيوشهم إلى جدة لقتال الشريف غالب فلما أحاطوا بجدة رمى عليهم بالمدافع والقلل فقتل كثيرا منهم ولم يقدروا على تملك جدة فارتحلوا بعد ثمانية أيام ورجعوا إلى بلادهم وجعلوا لهم عسكرا بمكة وأقاموا لهم أميرا فيها وهو الشريف عبد المعين أخو الشريف غالب وإنما قبل أمرهم ليرفق بأهل مكة ويدفع ضرر أولئك الأشرار عنهم ، وفي شهر ربيع الأول من السنة المذكورة سار الشريف غالب من جدة ومعه والي جدة من طرف السلطنة العلية وهو شريف باشا ومعهما العساكر فوصلوا إلى مكة وأخرجوا من كان بها من عساكر الوهابية ورجعت إمارة مكة للشريف غالب ثم بعد ذلك تركوا مكة واشتغلوا بقتال كثير من القبائل وصار الطائف بأيديهم وجعلوا عليه أميرا ( عثمان المضايفي ) فصار هو وبعض جنودهم يقاتلون القبائل التي - ص 13 - في أطراف مكة والمدينة ويدخلونهم في طاعتهم حتى استولوا عليهم وعلى جميع الممالك التي كانت تحت طاعة أمير مكة فتوجه قصدهم بعد ذلك للاستيلاء على مكة فساروا بجيوشهم سنة عشرين وحاصروا مكة وأحاطوا بها من جميع الجهات وشددوا الحصار عليها وقطعوا الطرق ومنعوا الميرة عن مكة فاشتد الحصار على أهل مكة حتى أكلوا الكلاب لشدة الغلاء وعدم وجود القوت فاضطر الشريف غالب إلى الصلح معهم وتأمين أهل مكة فوسط أناسا بينه وبينهم فعقدوا الصلح على شروط فيها رفق بأهل مكة فمن تلك الشروط أن إمارة مكة تكون له فتم الصلح ودخلوا مكة في أواخر ذي القعدة سنة عشرين وتملكوا المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وانتهبوا الحجرة وأخذوا ما فيها من الأموال ، وفعلوا أفعالا شنيعة ، وجعلوا على المدينة أميرا منهم " مبارك بن مضيان " ، واستمر حكمهم في الحرمين سبع سنين ومنعوا دخول الحج الشامي والمصري مع المحامل مكة ، وصاروا يصنعون للكعبة المعظمة ثوبا من العباء القيلان الأسود ، وأكرهوا الناس على الدخول في دينهم ومنعوهم من شرب التنباك ومن فعل ذلك وأطلعوا عليه وعزروه بأقبح التعزير ، وهدموا القبب التي على قبور الأولياء . وكانت الدولة العثمانية في تلك السنين في ارتباك كثير وشدة قتال مع النصارى وفي اختلاف في خلع السلاطين وقتلهم كما سنقف عليه إن شاء الله تعالى ، ثم صدر الأمر السلطاني (1) لصاحب مصر محمد علي باشا * هامش * (1) من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلطان محمود خان ثاني بن عبد الحميد خان أول سلطان أحمد . ( * ) - ص 14 - بالتجهيز لقتال الوهابية وكان ذلك في سنة 1226 فجهز محمد علي باشا جيشا فيه عساكر كثيرة جعل عليهم بفرمان سلطان ولده طوسون باشا فخرجوا من مصر في رمضان من السنة المذكورة ولم يزالوا سائرين برا وبحرا حتى وصلوا إلى ينبع فملكوه من الوهابية ، ثم لما وصلت العساكر إلى الصفرا والحديدة وقع بينهم وبين العرب الذين في الحربية قتال شديد بين الصفرا والحديدة وكانت تلك القبائل كلها في طاعة الوهابي وانضم إليها قبائل كثيرة فهزموا ذلك الجيش وقتلوا كثيرا منهم وانتهبوا جميع ما كان معهم وكن ذلك في شهر ذي الحجة سنة 26 ولم يرجع من ذلك الجيش إلى مصر إلا القليل فجهز جيشا غيره سنة سبع وعشرين وعزم محمد علي باشا على التوجه إلى الحجاز بنفسه وتوجهت العساكر قبله في شعبان في غاية القوة والاستعداد وكان معهم من المدافع ثمانية عشر مدفعا وثلاثة قنابل فاستولت العساكر على ما كان بيد الوهابية وملكوا الصفراء والحديدة وغيرهما في رمضان بلا قتال بل بالمخادعة ومصانعة العرب بإعطاء الدراهم الكثيرة حتى أنهم أعطوا شيخ مشايخ حرب مائة ألف ريال وأعطوا شيخا من صغار مشايخ حرب أيضا ثمانية عشر ألف ريال ورتبوا لهم علائف تصرف لهم كل شهر ، وكان ذلك كله بتدبير شريف مكة الشريف غالب وهو في الظاهر تحت طاعة الوهابي ، وأما المرة الأولى التي هزموا فيها فلم يكونوا كاتبوا الشريف غالب في ذلك حتى يكون الأمر بتدبيره ودخلت العساكر المدينة المنورة في أواخر ذي القعدة ، ولما جاءت الأخبار إلى - ص
|
![]() |
![]() |
![]() |
#17 |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]() مصر صنعوا زينة ثلاثة أيام وأكثروا من الشنك وضرب المدافع وأرسلوا بشائر لجميع ملوك الروم واستولت العساكر السائرة من طريق البحر على جدة في أوائل المحرم سنة ثمان وعشرين ثم طلعوا إلى مكة واستولوا عليها أيضا ، وكل ذلك بلا قتال بتدبير الشريف سرا ، ولما وصلت العساكر إلى جدة فر من كان بمكة من عساكر الوهابية وأمرائهم ، وكان سعود أمير الوهابية حج في سنة سبع وعشرين ثم ارتحل إلى الطائف ، ثم إلى الدرعية ولم يعلم باستيلاء العساكر السلطانية على المدينة إلا بعد ذلك ثم لما وصل إلى الدرعية علم باستيلائهم على مكة ثم الطائف ولما وصلت العساكر إلى جدة ومكة فر من الطائف أميرها عثمان المضايفي وفر من كان بها من عساكر الوهابية وأمرائهم . وفي شهر ربيع الأول من سنة ثمان وعشرين أرسل محمد علي باشا مبشرين إلى دار السلطنة ومعهم المفاتيح وكتبوا إليهم أنها مفاتيح مكة والمدينة وجدة والطائف فدخلوا بها دار السلطنة بموكب حافل ووضعوا المفاتيح على صفائح الذهب والفضة وأمامهم البخورات في مجامر الذهب والفضة وخلفهم الطبول والزمور وعملوا لذلك زينة وشنكا ومدافع وخلعوا على من جاء بالمفاتيح وزادوا في رتبة محمد علي باشا وبعثوا له أطواخا وعدة أطواخ بولايات لمن يختار تقليده ، وفي شهر شوال سنة ثمان وعشرين توجه محمد علي باشا بنفسه إلى الحجاز وقبل توجهه من مصر قبض الشريف غالب على عثمان المضايفي الذي كان أميرا على الطائف للوهابية ، وكان من أهل أكبر أعوانهم وأمرائهم - ص 16 - فزنجره بالحديد وبعثه إلى مصر فوصل في ذي القعدة بعد توجه الباشا إلى الحجاز ثم أرسل إلى دار السلطنة فقتلوه ووصل محمد علي باشا في ذي القعدة إلى مكة وقبض على الشريف غالب ابن مساعد وبعثه إلى دار السلطنة وأقام لشرافة مكة ابن أخيه الشريف يحيى بن سرور بن مساعد ، وفي شهر محرم من سنة 29 بعثوا إلى السلطنة مبارك بن مضيان الذي كان أميرا على المدينة المنورة للوهابية فطافوا به في القسطنطينية في موكب ليراه الناس ثم قتلوه وعلقوا رأسه على باب السرايا وفعل مثل ذلك بعثمان المضايفي ، وأما الشريف غالب فأرسلوه إلى سلانيك ويقي بها مكرما إلى أن توفي سنة إحدى وثلاثين ودفن بها وبني عليه قبة تزار ، ومدة إمارته على مكة ست وعشرون سنة . ثم إن محمد علي باشا وجه كثيرا من العساكر إلى تربة وبيشة وبلاد غامد وزهران وبلاد عسير لقتال طوائف الوهابية وقطع دابرهم ثم سار بنفسه في أثرهم في شعبان سنة تسع وعشرين ووصل إلى تلك الديار وقتل كثيرا منهم وأسر كثيرا وخرب ديارهم ، وفي شهر جمادى الأولى سنة تسع وعشرين هلك سعود أمير الوهابية وقام بالملك بعده ولده عبد الله ورجع محمد علي باشا من تلك الديار التي وصلها من ديار الوهابية عند إقبال الحج وحج ومكث بمكة إلى رجب سنة ثلاثين ثم توجه إلى مصر وترك بمكة حسن باشا ووصل الباشا إلى مصر في منتصف رجب سنة ثلاثين ومائتين وألف فتكون إقامته بالحجاز سنة وسبعة أشهر ، وما رجع إلى مصر إلا بعد أن مهد أمور الحجاز ، وأباد - ص 17 - طوائف الوهابية التي كانت منتشرة في جميع قبائل الحجاز والشرق وبقي منهم بقية بالدرعية أميرهم عبد الله بن سعود فجهز محمد علي باشا لقتاله جيشا وأرسله تحت قيادة ابنه إبراهيم باشا ، وكان عبد الله بن سعود قبل ذلك يكاتب مع طوسون باشا بن محمد علي باشا حين كان بالمدينة وعقد معه صلحا على بقاء إمارته ودخوله تحت طاعة محمد علي باشا فلم يرض محمد علي باشا بهذا الصلح فجهز ولده إبراهيم باشا وجعل أمر العساكر إليه ، وكان ابتداء ذلك في أواخر سنة إحدى وثلاثين فوصل إلى الدرعية سنة اثنتين وثلاثين ونازل بجيوشه عبد الله بن سعود في ذي القعدة سنة 33 ، ولما جاءت الأخبار إلى مصر ضربوا لذلك ألف مدفع وفعلوا شنكا وزينوا مصر وقراها سبعة أيام ، وكان محمد علي باشا له اهتمام كبير في قتال الوهابية وأنفق في ذلك خزائن من الأموال حتى أخبر بعض من كان يباشر خدمته أنهم دفعوا في دفعة من الدفعات لأجرة تحميل بعض الذخائر خمسة وأربعين ألف ريال هذا في مرة من المرات كان ذلك الحمل من الينبع إلى المدينة عن أجرة كل بعير ست ريالات دفع نصفها أمير ينبع والنصف الآخر أمير المدينة وعند وصول الحمل من المدينة إلى الدرعية كان أجر تلك الحملة فقط مائة وأربعين ألف ريال وقبض إبراهيم باشا على عبد الله بن سعود وبعث به وكثير من أمرائهم إلى مصر فوصل في سابع عشر محرم سنة أربع وثلاثين وصنعوا له موكبا حافلا يراه الناس وأركبوه على هجين وازدحم الناس للتفرج عليه ، ولما دخل على محمد علي باشا قام - ص 18 - له وقابله بالبشاشة وأجلسه بجانبه وحادثه ، وقال له الباشا ما هذه المطاولة فقال الحرب سجال قال وكيف رأيت ابني إبراهيم باشا قال ما قصر وبذل همته ونحن كذلك حتى كان ما قدره الله تعالى فقال له الباشا أنا أترجى فيك عند مولانا السلطان فقال المقدر يكون ثم ألبسه خلعة وأنصرف إلى بيت إسماعيل باشا ببولاق ، وكان بصحبة عبد الله ابن سعود صندوق صغير مصفح فقال الباشا له . ما هذا ؟ فقال هذا ما أخذه أبي من الحجرة أصحبه معي إلى السلطان ، فأمر الباشا بفتحه فوجدوا فيه ثلاثة مصاحف من خزائن الملوك لم ير الراؤون أحسن منها ومعها ثلاثمائة حبة من اللؤلؤ الكبار وحبة زمرد كبيرة وشريط من الذهب ، فقال له الباشا الذي أخذتموه من الحجرة أشياء كثيرة غير هذا فقال هذا الذي وجدته عند أبي فإنه لم يستأصل كل ما كان في الحجرة لنفسه بل أخذه العرب وأهل المدينة وأغاوات الحرم وشريف مكة فقال الباشا صحيح وجدنا عند الشريف أشياء من ذلك ثم أرسلوا عبد الله بن سعود إلى دار السلطنة ورجع إبراهيم باشا من الحجاز إلى مصر في شهر المحرم من سنة 35 بعد أن أخرب الدرعية خرابا كليا حتى تركوا سكناها . ولما وصل عبد الله بن سعود إلى دار السلطنة في شهر ربيع الأول طافوا به البلد ليراه الناس ثم قتلوه عند باب همايون وقتلوا أتباعه أيضا في نواح متفرقة . هذا حاصل ما كان في قصة الوهابي بغاية الاختصار ولو بسط - ص 19 - الكلام في كل قضية لطال ، وكانت فتنتهم من المصائب التي أصيب بها أهل الإسلام فإنهم سفكوا كثيرا من الدماء ، وانتهبوا كثيرا من الأموال ، وعم ضررهم ، وتطاير شررهم فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها التصريح بهذه الفتنة كقوله صلى الله عليه وسلم " يخرج أناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق " وهذا الحديث جاء بروايات كثيرة بعضها في صحيح البخاري وبعضها في غيره لا حاجة لنا إلى الإطالة بنقل تلك الروايات ولا لذكر من خرجها لأنها صحيحة مشهورة ففي قوله سيماهم التحليق تصريح بهذه الطائفة لأنهم كانوا يأمرون كل من اتبعهم أن يحلق رأسه ولم يكن هذا الوصف لأحد من طوائف الخوارج والمبتدعة الذين كانوا قبل زمن هؤلاء ، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية بل يكفي في الرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم سيماهم التحليق فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم . واتفق مرة أن امرأة أقامت الحجة على ابن الوهاب لما أكرهوها على أتباعهم ففعلت ، أمرها ابن عبد الوهاب أن تحلق رأسها فقالت له حيث أنك تأمر المرأة بحلق رأسها ينبغي لك أن تأمر الرجل بحلق لحيته لأن شعر رأس المرأة زينتها وشعر لحية الرجل زينته فلم يجد لها جوابا . ومما كان منهم أنهم يمنعون الناس من طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم مع أن أحاديث - ص 20 - شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كثيرة متواترة وأكثر شفاعته لأهل الكبائر من أمته وكانوا يمنعون من قراءة دلائل الخيرات المشتملة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذكرها كثير من أوصافه الكاملة ويقولون إن ذلك شرك
ويمنعون من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على المنابر بعد الأذان حتى أن رجلا صالحا كان أعمى ، وكان مؤذنا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بعد أن كان المنع منهم ، فأتوا به إلى ابن عبد الوهاب فأمر به أن يقتل فقتل ولو تتبعت لك ما كانوا يفعلونه من أمثال ذلك لملأت الدفاتر والأوراق وفي هذا القدر كفاية والله سبحانه وتعالى أعلم . |
![]() |
![]() |
![]() |
#18 |
قلـــــم نشيـط
تاريخ التسجيل: 2009-05-23
المشاركات: 105
|
![]()
حري ان يطلق على معرفك "بندر عباس" وليس بندر عدن
فاذا كان امام اهل السنة الامام احمد بن حنبل عنك صاحب شطحات ويكفر الناس بجهل واذا شيخ الاسلام ابن تيمية كذلك والشيخ محمد بن عبدالوهاب والشيخ بن باز وجمعيهم مجددين فاعتقد ان اصحابك هم الخميني وشلته لعنهم الله. اذا صحيح فانت "بندر عباس" |
![]() |
![]() |
![]() |
#19 | |
قلـــــم ذهبـــــي
تاريخ التسجيل: 2008-04-20
المشاركات: 4,394
|
![]() اقتباس:
أخي الكريم أنا مش مثلك دخلت بمعرف جديد خايف بل دخلت بمعرفي المعروف لدى الجميع ونقلت لك تاريخ حقيقي مدون في مراجع السنة في السعودية وليس في أيران كما يحلوا لبعض المتطرفين المغالطة بهذه المسائل هذا هو تاريخ الحركة الوهابية وأنا نقلتة للقارئ الكرام يشوفون تاريخكم الأسود واذا عندك تاريخ عليك أحضارة الى هناء وللشوافع السنة الجنوبيين وعلينا أن نميز الصح من الخطأ ومن هو الذي يحرف الدين ويقوم بتأويلة للأغراض السياسية بهدف السيطرة علىالسلطة . الجدير بالذكر أنني ليس باحث في الحركات الأسلامية المتطرفة وأنما هذا أجتهاد شخصي نقلت ما كتبة علماء الشوافع وقد اكون مقتنع او مش مقتنع لكن هذا تاريخ علينا نقلة كما هو قد اكون مقتنع بالفكر الوهابي او ضدة هذا يعود لي ومن هو الذي يسير بالطريق الصحيح للاسلام الحقيقي من هذه الحركات والمذاهب وبدرجة اساسية الوهابية والصفويين ولي عودة في تعليقات أخرى أنشاللّه .
التعديل الأخير تم بواسطة بندر عدن ; 2010-10-13 الساعة 11:30 PM |
|
![]() |
![]() |
![]() |
#20 |
قلـــــم فضـــي
تاريخ التسجيل: 2010-02-11
المشاركات: 2,236
|
![]()
أرجو أن لا تدخلونا في غياهب الصراع الوهابي الصفوي نحن شوافع سنة وبس وليس حقل تجارب لهذه الأفكار الدخيلة على الشعب الجنوبي ولكم تحياتي الأستقلالية . منذ أعرف نفسي ونحن عاطفين الجنوبيين جدا جدا وسريعي التأثر وحقل تجارب للأخرين أولا للقوميين العرب وثانيا للأشتراكية الأممية وثالثا للأخوان المسلمين والأفغان العرب والأن تريدونا حقل تجارب للوهابية والصفوية اللّه وأكبر عليكم ياشعب الجنوب العاطفي عاش شي عقول الناس تنظر مصالحها وأنتم حولتونا الى حقول تجارب للأفكار الدخيلة على شعبنا الجنوبي العظيم العربي المسلم اليمنيين عرفوا طبيعتنا ويغزون عقولنا قبل أرضنا ثم يستولون على أرضنا مع الأسف الشديد تركوا كل المذاهب والأحزاب الأن على جنب ورصوا الصفوف حرروا أرضكم الواقعة تحت الأحتلال والنهب والطمس واللفى من التاريخ الأنساني معاكم زيود ما يرحمون أحدا منكم ..
التعديل الأخير تم بواسطة بطل ; 2010-10-14 الساعة 08:32 AM |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
( الشرعيه الدستوريه ) و ( الشرعيه الثوريه ) | العقيد احمد عمر محمد | المنتدى السياسي | 2 | 2011-06-17 04:25 AM |
القضية الجنوبية هي جوهر الصراع (وعلى الرئيس ان يكفر عن مااقترفه بحق الجنوبيون) | العرب العاربه | المنتدى السياسي | 3 | 2011-06-04 04:48 PM |
فسحو لبيان الهيئه..بيان صادر عن الهيئه الوطنيه في بريطانيا | شيخ الطيور | المنتدى السياسي | 47 | 2010-08-27 07:11 PM |
محاولات بائسة لالصاق القضية الجنوبية بالمشروع الصفوي الفارسي | @نسل الهلالي@ | المنتدى السياسي | 13 | 2009-10-13 10:30 PM |
|