حاجة السياسي الى الثقافه مثل حاجة الجميع اليها والمؤهلات ليست مقياس لها

[احمد العدني]

إن الثقافة في أي مجتمع من المجتمعات هي نتاج الفعل الفكري الواعي للفرد بشكل متكامل مع بقية أفراد المجتمع ،كما إن الثقافة هي نتاج المجهود الفكري للطبقات المختلفة ،وهو فعل تراكمي لحضارة المجتمع المعين ،بارتباطه ببقية حضارات وثقافات المجتمعات الأخرى أي إن الثقافة لم تكون في يوم من الأيام هي صناعة خاصة بشعب من الشعوب أو امة من الأمم بقدر ما هي مزيج متداخل من الحضارات والثقافات التي ترتبط فيما بينهما من خلال التبادل المعرفي والاقتصادي والتكامل العلمي والفني والأدبي ،وبالتالي فالثقافة العربية هي نتاج لكل الحضارات والثقافات التي سبقتها من الإغريقية والرومانية والهندية والفارسية والصينية وغيرها ،ولم تكون مبتور عن ما سبقتها من حضارات أو ثقافات ،وهكذا فان اندثار الحضارة العربية واضمحلالها ،نابع عن تقوقع الحضارة والثقافة العربية على نفسها ،ورفضها للثقافة الأخرى تحت حجة المحافظة على الخصوصية الحضارية ،ولهذا فان تخلف ثقافتنا العربية هي نابع من انغلاقنا على ثقافة الآخرين ،واجترار الثقافة الماضوية ،والدوران في التقليد لثقافة القرون الماضية للسلف ،ووضع جدران عازلة للمجتمعات العربية ،ولذا فما نحن فيه ليس غزو حضاري للغرب كما تقول بقدر ما هو انغلاق ثقافي ،وندر أبداع ثقافي عربي محلي ،وتكفير المبدعين،ومحاربتهم في حياتهم ،بحيث أصبح المجتمع العربي مجتمع منفر للإبداع والمبدعين ،وممجد لثقافة الانغلاق والتقليد ،للثقافة البائدة التي لا تتواكب مع العصر وحضارة العصر،والتمسك بالخصوصية العربية للمجتمعات الجاهلية والقبلية ،وبالتالي فنحن متخلفين عن ركب الحضارات والثقافات الحديثة ،وما نحن فيه هو مجتمع عربي مستهلك لبضاعة الغرب من الإبرة إلى الطائرة ،ومن جهاز التلفاز إلى برامج التلفاز،ومن البدلة التي نلبسها إلى القمح الذي نأكله ،باختصار نحن عالة على الحضارة الحديثة والمجتمعات الحديثة .