الثورة الجنوبية وعمرو بن سعيد الأشدق

[@نسل الهلالي@]

الثورة الجنوبية وعمرو بن سعيد الأشدق

بقلم الاكاديمي الجنوبي / ابوعامر اليافعي

في الجابية بالأردن عقد بنو أمية مؤتمرا تاريخيا سنة 65هـ لتحديد مصير الدولة الأموية وفيه اتفق بنو أمية على اختيار مروان بن الحكم خليفة للدولة الأموية بعد أن كادت الأحداث أن تطيح بالدولة الأموية عقب تنازل الخليفة معاوية الثاني عن الخلافة وترك أمرها شورى بين المسلمين .. وعقب انتشار الثورات العربية والفارسية ضد الدولة .. لهذا اجتمع بنو أمية واتفقوا على تعيين مروان خليفة للدولة وان يكون خالد بن يزيد بن معاوية " الطفل الصغير " وليا للعهد يليه جبار بنو أمية عمرو بن سعيد الأشدق وليا ثانيا للعهد .
واخذ عمرو يعد نفس للخلافة وهو على يقين أن ذلك بات أمره قريبا جدا خاصة وان مروان بن الحكم الذي تعدى عمره الثمانين يعاني من عدة أمراض ولم يشك أحدا بذلك لمعرفتهم إن عمرو بن الأشدق هو أقوى الشخصيات الأموي وعرف عنه بأنه جبار بني أمية وأقواها شكيمة .
بعد اقل من ستة شهور نكث مروان بما اتفق عليه في مؤتمر الجابية وأعلن تعيين ابنه عبدالملك بن مروان وليا للعهد ثم ابنه عبدالعزيز وليا ثانيا للعهد وهنا رأى عمرو بان بني مروان يسلبونه حقه في الخلافة فاضمر في نفسه حتى حين .
بعد وفاة مروان بن الحكم والذي تسيد الخلافة لأقل من عام وجد عمرو انه لابد من انتزاع حقه ولكنه كان يتحين الفرصة المناسبة وأثناء ما كان عبدالملك يحارب مصعب بن الزبير في العراق أعلن عمرو الأشدق ثورته في عاصمة الدولة الأموية " مدينة دمشق" وسيطر عليها وسيطر على عدد من المدن الشامية وهو الأمر الذي جعل عبدالملك يعود أدراجه من العراق وهنالك استدرج عمرو إلى لقاء لحل الخلافات بالود خاصة إن الدولة تتعرض لمخاطر جمة وقبل عمرو باللقاء واتى ومعه حراس أشداء أقوياء ليحموه وكان عبدالملك بن مروان قد اعد كمين في خيمة اللقاء المتفق عليها وفي الجابية نفسها وقبل أن يتصافح الخصمان كانت سيوف حراسة عبدالملك تصافح جسد عمرو بن الأشدق وتم فصل رأسه عن جسده ثم وضع في كيس .. وفي كيسٍ آخر كبير وضعت دنانير ذهبية .. كل ذلك حدث وحراسة عمرو ينتظرونه خارج الخيمة وبينما هم ينتظرون سقط أمامهم كيسين احدهما فيه راس عمرو بن الأشدق والآخر فيه الدنانير الذهبية فقال لهم عبدالملك إن شئتم اخذ الكيس الذي فيه صاحبكم فهو لكم وان أردتم أن تأخذوا الكيس الآخر فهو أيضا لكم وان شئتم اخذ الاثنين فهما لكم فتقدم قائد جيش عمرو إلى الكيسين وركل الكيس الذي فيه راس عمرو واخذ كيس الذهب وولوا مختفيين .

هذه كانت نتيجة ماعرف في التاريخ باسم ثورة عمرو بن سعيد الأشدق وانتهت بكل بساطة بانتهاء الرجل فلم يعد للثورة أهمية طالما وصاحبها في عداد الموتى وما كان من تصرف حراسته فهو تصرف طبيعي جدا فماذا سيفعلون برأس صاحبهم وأي معنى للثورة وهي في الأساس ثورة لأجل شخص وكان لابد أن تنتهي بانتهائه .

البعض من الجنوبيين اليوم يظن أن الثورة هي ثورة البيض أو ثورة علي ناصر والعطاس أو ثورة باعوم والنوبة ونجدهم يكتبون المقالات ويترنمون بالأهازيج والزوامل والقصائد الدرية بان هؤلاء انصار البيض وهؤلاء أنصار علي ناصر والعطاس وآخرون يقولون لا ليس البيض ولا العطاس إنها ثورة باعوم والنوبة ولا يدرك هؤلاء وأولئك وهو وهي وهم أن ثورة الجنوب هي ثورة شعب ولدت فيه من الأعماق نتيجة للظلم والاستعمار نتيجة للقهر والاستعباد نتيجة للبطش والنهب والفيد .
ولايدرك البعض إنها ثورة أرادت العزة ورفعة الرأس .. أرادت الكرامة وحرية الناس .. إنها ثورة لم تأت حبا في احد أو كراهية لأحد بل جاءت كما أرادها الله وأرادتها الجماهير أنقى من السماء وأعذب من سلسبيل الماء وارق من نسيم الهواء واطهر من الشذى وارفع من السمو والعلى .
لايدرك البعض بأنها ثورة وضاح الجنوب والحدي ولؤي وثورة فارس والمارمي .. وثورة الحداد والجوبعي .. لايدرك البعض ممن لا يرون في الأوطان إلا الأسماء ولا في البلدان إلا الأهواء .
ثورة الجنوب ليست ثورة أبن الأشدق.. لا ، أبدا إنها ثورة من المهرة إلى المندب .. إنها ثورة النفوس الكريمة والحرة .. إنها ثورة القوى الحية التي تأبى أن تكون منقادة لأنها تعرف أين تكمن السعادة.

إلى الذين يفضلوا أن يكونوا بين خيار كيس راس أبن الأشدق وأكياس الدولارات.. إلى كل من لا يرى الجنوب إلا رزمة في الجيوب.. إلى الذين يقدسون الأفراد ويؤلهون الذات .
إليهم جميعا .. نقولها بالفم المليان بئسما تعتقدون وبئسما تظنون وبئسما تفكرون وبئسما تختلجه نفوسكم ..

الثورة الجنوبية أتت من أعماق الأرض وهي راسخة رسوخ الجبال بفضل رجالها ونسائها الأبطال في ميادين الشرف والبطولة وميادين العزة والكرامة .
وستنتصر ثورة الجنوب ومن علم العالم كيف تكون الثورات .. ستنتصر بإذن الله عبر هدفها السامي والعظيم .
إنها ثورة تقهر المستحيل ولا تعترف بفن الممكن ولا بالأمر الواقع ولا بالاستجداء والتوسل .
أي معنى للثورة أن لم تكن زلزال وبركان وأي معنى للثورة أن لم تكن العر و شمسان وأي معنى للثورة أن لم تكن فرتك وفحمان .. وأي معنى للثورة أن لم تكن ضبضب وردفان وأي معنى للثورة أن لم تكن جحاف وبيحان .

الحراك الجنوبي العظيم هو ثورة شعب وثورة وطن وثورة تاريخ وثورة وجدان .. لم يكن الجنوب يوما عمرو بن الأشدق ولن يكن يوما أبدا أسم من الأسماء التي طواها النسيان.

[الشحر قلعة الصمود]

نعم اخي ابو عامر مع كل حرف قلتة
تحياتي لنتقل الخبر وتحياتي لبو عامر

[@نسل الهلالي@]

ـــــــــــــــــ

[قلب]

بصراحة بدات موضوعات ابو عامر تنضج

واعتقد انة بهذا الموضوع يرتقي عتبة هامة في سلم الكتابة

احسنت يا ابو عامر اليافعي