مات رئيس الشيخ .. عاش شيخ الرئيس (للكاتب ابو عامر اليافعي )

[بيان بن صادر]

مات رئيس الشيخ .. عاش شيخ الرئيس!




درج الاوربييون في العصور الوسطى انه عندما يموت احد الملوك وعند تنصيب الملك الجديد يهتف الحاضرون في محفل التنصيب بشعار " مات الملك .. عاش الملك " وهو بذلك إعلانا رسميا بان الملك الراحل انتهى عهده وان العهد الجديد بدأ مع الملك الجديد بعد هذا الهتاف.



ذلك كان في العصور الوسطى عصور الظلام والتخلف في أوروبا واعتبر في نظر المؤرخين من أسوأ عهود أوروبا ولهذا يعزى إلى أن الأوربيين لم يستعطوا أن ينهضوا ويتقدموا إلا بعد محاربة هذه الفترة من خلال العودة إلى ماضي أوربا الإغريقي والروماني والأخذ بالتطور الإسلامي آنذاك ولكن كيف يمكن في القرن الواحد والعشرين أن يرفع ذلك الشعار ويرتفع ذلك الهتاف بصورة أبشع وافزع في إحدى دول هذا الزمان عصر ربيع العرب وفي ظل ثورة أصلا لم تقم - كما قيل لنا - إلا لأجل التغيير .



طوال أربعة اشهر ونحن نترقب ماهية التغيير وكل منا أرسى في خياله تغييرا أسطوريا لم يعهده اليمن طوال تاريخه وبما أن مفهوم التغيير مفهوما مطاطا ومرنا وفضفاضا كان التوقع هو سيد الموقف ومن جمعة إلى أخرى نرى تغييرا في التسميات وظل شعار " ارحل " يستحوذ على القلوب ولكن السؤال ظل فارضا نفسه "قائما وقاعدا ومنسدحا" ما المقصود بالتغيير ؟ وتغيير ماذا بماذا ؟ وما سيكون بعد التغيير ؟



هل هو تغيير الرئيس وعائلته برئيس وعائلة أخرى ؟ أم تغيير النظام بنظام آخر ؟



هل هو تغيير عهد 33 سنة من حكم صالح أم تغيير تراكمات ألف سنة وأزيد ؟
قالوا لنا لا تستعجلوا فالتغيير باهرا مبهرا لم يسمع به أحدا ولم يراه أحدا ولم يسبقه عنا أحدا ولن يفعله بعدنا أحدا ولم يخطر على قلب بشر.
قالوا عنه انه تغيير سيكتب برؤوس الإبر وعلى آماق البصر وسيكون عبرة لمن اعتبر .


قالوا لنا إلا ترون كيف أعلنا السلام وودعنا السلاح ؟


إلا ترون كيف تم ترويض القبيلة من قبل الثوار ؟


إلا ترون كيف استبدلنا القذيفة بغصن البن والقنبلة بورد الفل وبدل الطلقة عصفورة تحلق فوق نافورة؟
قلنا - إلى الآن - نعم نرى فيكم عهدا عجيب وسلوك عنكم غريب وسبحان مغير الأحوال انه السميع المجيب .


وبعد اشهر ...


إذا بالرحيل هراء وإذا القصف جرى وإذا الموت انبرى


قلنا كيف هذا ؟ ولماذا ؟ وأين الكلام عن السلام ؟
قالوا حوصرنا وقدر علينا وعلى القتل اجبرنا وبالنار اكتوينا .
قلنا لهم لقد قتل منكم الكثير بجمعة الكرامة .. وجمعة يا الله السلامة .. ولم تحركوا ساكنا .
ما الجديد في الأمر وانتم تعرفون الرئيس انه بارع في القتل والرقص على رؤوس الثعابين ؟
قالوا كل شيء مقبول .. كل شيء معقول .. إلا الأحمر لأنه خطا احمرا والاعتداء عليه فوق فوق الاحتمال.
واجتمعت المشائخ واتوا من كل حدب وصوب وكلهم فداء للشيخ الأحمر وقلنا الأمر طبيعي فالمشائخ تتآزر وتتعاضد في اليوم الأبيض عندما يحل العيب الأسود وخاصة على الشيخ الأحمر .



وكل هذا أمر مقبول ويهتضم لكن مارايناه في شارع التغيير من هزيمة لروح الثورة كان صدمة لكل مأمول ولكل من كان يظن أن اليمن ولج تاريخ غير ماعهده


رأينا وضعا بائسا لشباب التغيير وهم يهتفون لصنم جديد قادم من كهوف التخلف والهمجية.
صنم لايقل بشاعة عن الآيل للسقوط .. ومات الصنم .. عاش الصنم .
مات رئيس الشيخ .. عاش شيخ الرئيس ..
أهلا بشيخ الخرفان .. ووداعا للضابط التيس .