ولنا كلمه

[ابوالعرب]

الحكمة القطرية في معالجة الأزمة اليمنية2010-09-01


من جديد تنجح المساعي الإصلاحية الخيرة لسمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه في تحقيق المصالحات البينية، وهذه المرة في وأد الفتنة بين الاشقاء في اليمن الشقيق.
تكللت هذه الجهود بالنجاح بفضل من الله ثم بالإخلاص وحرص سمو الأمير المفدى على وحدة اليمن الشقيق ليكون سعيدا بالفعل، مطمئنا ومستقرا، منصرفا الى التنمية وبناء الانسان اليمني ومستقبله، بعيدا عن النزاعات الداخلية، وما قد يترتب عليها من انشقاق وتشتت وتمزق للوطن الواحد.
الدبلوماسية القطرية الرصينة والفاعلة التي يقودها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية توجت جهود السنوات الماضية التي قضتها في التوسط بين الأشقاء باليمن العزيز بتوقيع البرنامج التنفيذي بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وهو نجاح جديد يضاف للنجاحات السابقة التي رعاها وأشرف عليها شخصيا سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه، سواء كان ذلك في لبنان أو السودان أو جيبوتي أو تشاد أو اريتريا أو فلسطين...، وقد استطاعت هذه الجهود المخلصة ان تنزع فتيل الأزمات في هذه الدول، وأن تفكك "الغاما" كادت أن تنفجر لتلحق أضرارا لا يعلم مداها إلا الله، فقد عالجت حكمة القيادة القطرية هذه الملفات، ونزعت فتيل الأزمات، وفككت الالغام، وأعادت الامور الى نصابها في الوطن الواحد أو بين الأشقاء والجيران والأصدقاء.
حكمة قطرية حققت ما عجزت عنه دول ومنظمات وهيئات عالمية، لترافق اليوم الحكمة اليمانية المعروفة عبر التاريخ، التي رجحت العقل ولغة الحوار على أي منطق آخر، بعد صراعات مريرة، ومواجهات دموية، لم تسفر إلا عن تدمير لليمن الوطن والشعب، وإهلاك لكل مقدرات هذا البلد العزيز، وإغراقه في مستنقع الحروب،الذي ما دخله بلد إلا وخرج منه وهو ضائع.. ممزق.. مدمر..، بل وربما مفروض عليه وصاية دولية.
وقوف قطر مع اليمن الشقيق هو واجب تمليه الاخوة، والتي من منطلقها تحركت القيادة القطرية، وانطلقت في مساعيها الخيرة من أجل هذا البلد العزيز، وهذا الشعب الشقيق، الذي من المؤكد ان ألمه يؤلمنا جميعا، وفرحه يفرحنا جميعا.
قطر وقيادتها تتطلع الى ان ترى هذا البلد وكل الوطن العربي والاسلامي بعيدا عن شبح الحروب والنزاعات والاقتتال الداخلي والخلافات الحدودية...، وتعمل جاهدة على تقريب وجهات النظر في حال وجود الخلافات، واستخدام لغة الحوار في حلها بعيدا عن لغة السلاح او العنف المدمر للاوطان، والسعي الدؤوب من اجل توحيد الصف، والتركيز على التنمية حتى نتفرغ للمستقبل، وتخرج دولنا العربية من نفق التخلف المظلم، والتبعية المقيتة.
اليمن بتاريخه العريق، وحضارته الضاربة في عمق التاريخ، ذات الشعاع الذي انار الطريق للكثير من حضارات العالم، واسهم ابناؤه في بناء مجتمعات عديدة،...، آن الأوان ان يخرج هذا البلد العريق من دوامة العنف والنزاعات والاقتتال... والانصراف لبناء الانسان اليمني الذي يستحق ان تتوافر له كل الامكانات، وتسخر له كل الخيرات، التي يمتلكها اليمن الشقيق.
استمرار العنف والاقتتال الداخلي سيقود الى ما هو اسوأ مما هو حاصل اليوم في اليمن، ولا نستبعد ان يقود ذلك الى تدويل القضية، ووضعها بين اياد واطراف اممية، تستغلها لمصالح واهداف ليست في صالح اليمن وليست في صالح الامة العربية، وامتنا لا تنقصها مشاكل وأزمات...، فالمحافل الدولية تعج بقضايانا، التي باتت "تركل" من زاوية الى اخرى، تماما كما هو حال الكرة في الملعب.
يجب على الاخوة في اليمن الشقيق بجميع اطرافه ان يضعوا مصلحة الوطن والشعب فوق اية اعتبارات، وان يستمعوا الى صوت العقل والمصلحة الوطنية، وان ينبذوا الخلافات ويلتقوا على قاعدة مصلحة الوطن، رافضين أي تدخلات خارجية تستهدف النيل من وحدة واستقرار وامن اليمن.
اليوم السودان الشقيق معرض للتمزيق والتقسيم، وتعمل اطراف دولية جاهدة لتحقيق هذا الغرض عبر إقامة دولة مستقلة في الجنوب، فهل يريد الاخوة في اليمن الشقيق نقل ما يحدث في السودان الى اليمن؟.
لا نريد ذلك، وبالتأكيد لا يريد ابناء اليمن المخلصون ذلك، فاليمن وطن لكل اليمنيين الشرفاء والمخلصين، الذين كانوا عبر التاريخ نموذجا يحتذى، وقدموا للامة الكثير، وكان لأبنائه مساهمات مشرفة في مسيرة امتنا،...، ولا نريد اليوم لأبناء اليمن الانشغال بصراعات ونزاعات داخلية تصرفهم عن دورهم التاريخي ليس فقط في بناء وطنهم، بل وفي مسيرة امتهم ايضا.
القيادة القطرية لم تكل ولم تمل، واستمرت مبادرتها للتوفيق بين الاشقاء في اليمن رغم كل العقبات التي وضعت، وواصلت عملها بإخلاص طوال العامين الماضيين وقبلهما، ووضعت يدها في يد الاخوة باليمن، وسعت معهم من اجل التوصل الى حل تتوافق عليه جميع الاطراف المعنية، ايمانا منها بان ما يحدث في اليمن حاليا يجب ألا يحدث، ولا يستحق هذا البلد ما يحدث به حاليا من تناحر وتنازع بين الاشقاء في الوطن الواحد.
نأمل ان يستثمر الاخوة في اليمن الشقيق جهود قطر وتوصلها الى هذا البرنامج التنفيذي لوقف اطلاق النار، لترسيخ الاستقرار والامن، والبناء عليه عبر الحوار لما فيه خير ووحدة ومصلحة اليمن وشعبه الشقيق.

جابر الحرمي
[email protected]