صور من تاريخ الدولة الواحدية

[الفجر الباسم]

صورة من تجمع شعبي في منطقة ميفعة القديمة عندما كانت عاصمة الدولة الواحدية ومكان التجمع ملعب ميفعة








المربي الفاضل جميع الخضر باهميل
تحلى بالمثالية والانظباط وحبه للعمل ، فكان يهتم بطلابه اشد اهتمام وكانهم اولاده
تعرض للتوقيف والابعاد عن العمل وايقاف راتبه ، وذلك لاسباب ليست لها علاقة بالجانب المهني والوظيفي ، بل لاسباب سياسية

اعداد وعرض / جمال شنيتر
بعد نهاية الحرب العالمية الاولى ولد جميع الخضر احمد باهميل في شهر ديسمبر من العام 1919م في منطقة لماطر البلاد بسلطنة الواحدي المحمية البريطانية الشرقية في عهد السلطان محسن بن صالح الواحدي .
بدا حياته العملية مبكرا فالتحق بالخدمة بالقوات المسلحة قبل الاستقلال في تاريخ 2/ 9 / 1930م برقم عسكري 3 614 ثم تحول للعمل في الشرطة في 31 / 8 / 1931م واكمل خدماته فيها بتاريخ 14/ 9 / 1940م ليعود مجددا الى الجيش في تاريخ 3/1/ 1942م واستمر في الجيش يعمل بكل نشاط وهمة واحترام للعمل العسكري وقوانينه ، وفي 24/ 4 / 1957م انتقل للعمل في بوليس عدن حتى 29/2/ 1964م حين انهى خدماته في السلك العسكري والامني بعد ان قضى فيهما 33 عام وثلاثة اشهر .
التربية والتعليم
التحق الفقيد المرحوم بسلك التربية والتعليم ( وزارة المعارف ) في تاريخ 1/5 / 1965م بوظيفة مراقب داخلية في مدرسة ميفعة المتوسطة ، وكان من مؤسس القسم الداخلي لاول مدرسة متوسطة في سلطنة الواحدي والتي انشئيت في ميفعة عاصمة السلطنة الواحدية آنذاك .
مدراء عمل معهم
منذ العام 1965م والى العام 1988م ظل فقيدنا جميع الخضر باهميل مراقب للقسم الداخلي (مدرسة ميفعة المتوسطة – اعدادية عزان – ثانوية عزان ) وعمل مع مدراء المدرسة الذين تعاقبوا عليها طوال 23 سنة فترة خدمته وهم بالترتيب :صلاح السوداني ( سوداني ) ، التوم فضل المولى ( سوداني ) ،احمد طالب حسين الواحدي ، حسن علي عليوه ، عبدالله علي بلقاسم ، جودة حسن الديب ابوعون ( فلسطيني ) ،احمد سعيد باحنجة ، حسن بركات ، علي محمد رشيد الملح ، عوض صالح شنيتر القميشي ، سالم محمد باحاج ، عوض سعيد عراد ، سالم محمد الشبير ، ناصر صالح حبتور ، عبدالله حسن فهيد .

المثالية والانظباط

كل من عاصر ورافق هذا المربي الفاضل سواء كان مديرا اومعلما او طالبا يتحدث باعجاب وانبهار عنه ، فقد كان موظفا يتحلى بالمثالية والانظباط وحبه للعمل ، فكان يهتم بطلابه اشد اهتمام وكانهم اولاده ، فتجده يتابعهم في كل صغيرة وكبيرة ويوجههم ، ويتعامل معهم ابا لكل واحدا منهم ، تجده شديدا معهم في مواقف
ورحيما ودودا في مواقف اخرى .
كانت الاقسام الداخلية وخاصة في عهد السلطنة الواحدية وبداية الاستقلال مدرسة بحد ذاتها حيث تجد الاهتمام من قبل الادارة المدرسية ومشرف القسم الداخلي بالطلاب من خلال اعداد جداول يومية للانشطة الطلابية المختلفة سواء كانت تعليمية او في المجالات الرياضية والادبية والعملية والعلمية ، وكان يحث طلابه على احترام الوقت والانظباط في المواعيد ويغرس فيهم حب العمل والعلم معا .
كما كانت تقدم للطلاب الوجبات الغذائية المفيدة والمميزة والمبالغ التشجيعية وخدمات اخرى تهدف الى تشجيع الطالب على الاهتمام بالعلم .

توقيف عن العمل

في العام 1973م تعرض الفقيد جميع الخضر الى التوقيف والابعاد عن العمل وايقاف راتبه ، وذلك لاسباب ليست لها علاقة بالجانب المهني والوظيفي ، بل لاسباب سياسية على ما يبدو ، فقد كان عمله التربوي يتمثل في تربية الجيل الجديد على حب العلم والدين والاخلاق الفاضلة ، وكان يحث طلابه على التمسك باداء الشعائر الدينية وهوالامر الذي اثار حساسية البعض على ما يبدو ، وهنا بين ايدينا مذكرة رفعها الفقيد الى الاخ رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم بتاريخ 28 مارس 1974م أي بعد مرور ستة اشهر على توقيفه جاء فيها نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةأفيدك بأنني متوقف عن العمل منذ أوائل شهر اكتوبر 1973م بعد ان طلب مني مشرف التعليم تقبيض العمل والتوقف عنه ، علما ان الوزارة لم يكن لديها اشعار بذلك ، وعرضت الموضوع على الاخ مدير عام التربية والتعليم م / الرابعة وطالبته ان يقنعني بمسالة التوقيف ورد علي بمذكرة في تاريخ 28/ 2/ 1974م يشعرني فيها بانه قد اتخذ قرار بانهاء خدماتي من الجهات المختصة ،حيث ان هذا الفصل يتنافى مع انظمة الدولة ولوائح الوزارة والجهاز المركزي للخدمة المدنية مع العلم ان الوزارة ليس لها علم بذلك ، وكل ما ارجوه منكم لفت نظركم في هذه القضية ، واطالب باعادتي الى عملي وفك سراح راتبي . جميع الخضر احمد مراقب القسم الداخلي مدرسة عزان الاعدادية )

ونظرا لهذا القرار المجحف تم اتخاذ قرارا بالغاء قرار توقيفه واعادته الى العمل كمراقب لداخلية اعدادية عزان واطلاق راتبه ليواصل المسيرة في تربية الاجيال .
ويقول الاستاذ صالح مهدي الواحدي المدير الحالي لثانوية عزان ان الفقيد بعد اعادته للعمل تعرض للمضايقة وسلب الكثير من صلاحياته بقرار سياسي ولكنه رغم ذلك ظل محبا لعمله وابناءه الطلاب يخدمهم فيما يستطيع .

رسالة التقاعد

من سوء حظي انا كاتب هذه السطور ان العام الذي التحقت فيه بثانوية عزان 1988/ 1989م طالبا هو العام الذي انهى فقيدنا خدماته التربوية في سلك التربية والتعليم ، فقد
وجه مدير ادارة الخدمة المدنية م / شبوة مذكرة الى الاخ مدير عام التربية والتعليم م/ شبوة بتاريخ 19/ 7 /1988بشان احالة جميع الخضر احمد الى التقاعد جاء فيها : (يحال الاخ جميع الخضر احمد الى التقاعد بموجب قانون الضمان الاجتماعي للعاملين رقم (1) لعام 1980م نظرا لاكماله خمسة وثلاثون عاما خدمة فعلية ويحتسب معاشه التقاعدي حسب مدة خدمته الفعلية ، على ان تضم خدمات المذكور اعلاه السابقة لدى القوات المسلحة والشرطة الشعبية وذلك بعد ان خصم مساهمة الظمان الاجتماعي للفترة ما قبل الاستقلال بواقع 10% من راتب اول تعيين . )

وماذا بعد

كل هذا المشوار الطويل من الخدمة الوطنية في الجيش والشرطة والاهم من ذلك التربية والتعليم لم تشفع لفقيدنا التربوي والمربي الفاضل في الحصول على التكريم اللائق من قبل الدولة لاقبل الوحدة ولابعدها ، فرحل في العام 1998م بعد مرضه بالبروستاتا وهو مرتاح الضمير تاركا وراءه الكلمة الطيبة والعمل الصالح ، وثلاثة اولاد هم محمد ، الحمزة واحمد وثلاث بنات .
نعم رحل الوالد الفاضل ( العم جميع ) لكن ذكراه الطيبة لم ترحل بعد فمازال طلابه بذكرونه بكل بخير ويدعون له بالجنة ويترحمون عليه ، كيف لا وهو المعلم والمربي الفاضل رحمة الله عليه ..