نداء إلى أمين الأمة ( بقلم: ابو الطيب اليافعي)

[فرسان الجنوب]

[center]

نداء إلى أمين الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
و صدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل : (يا أيها الذين امنوا إن جآءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) صدق الله العظيم
و أول من ينطبق عليه معنى هذه الآية الكريمة كاتب هذه السطور إذا جانب الصواب فيما يلي :
1- إن الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن اليوم لا يحتاج إلى مزيد من البيان والتبيين فهو لا يسر عدو قولا و فعلا فما بالكم بالأخ و الجار ذي القربى .وضع بإعتراف النظام دولة و حكومة و باعتراف المعارضة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين و من الشمال إلى الجنوب وضع اقتصادي و أمني سياسي و ديموقرافي هوية و انتماء .
2- كان من المفترض أن يكون الداعي لحل مشاكل اليمن داعي الجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي أولا : أما يشاهدون بأم أعينهم كل يوم ما آلت إليه أوضاع فلسطين و العراق و الصومال و السودان و أفغانستان ؟ و إذا كان اليمن كما يدعي اليمنيون و كثير من سكان الوطن العربي مهد العروبة فمن دواعي العروبة و الدم بعد الدين أن يكون العرب و المسلمون سباقون لنزع فتيل برميل البارود المجاور لخزانات النفط هذا البرميل المعضلة الذي كما نسمع و نرى من جميع المتحدثين عن أوضاع اليمن قادة و رجال فكر و صحافة و إعلام و علماء أجلاء من جهة و كذلك قادة العالم و أصحاب المصالح التي هي في عرفهم خطوط حمراء و وصفهم لذلك البرميل المجاور بالخطر الداهم إذا استمرت أوضاع اليمن كما هي عليه اليوم .
3- و اليوم لا يزال هناك متسع كبير من الوقت للمبادرة و الإقدام لتدارك ما نسمع اليوم عن اليمننه باليمن على وزن الصومله و الأفغنة . سائلين الله أن يجنبنا جميعا ويلات الحروب و مزالق الفتن الجاهلية العمياء .
4- أننا نوجه ندائنا هذا مناشدة بالله إلى : أ- أمين الأمتين العربية و الإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله و إلى حكومة و شعب المملكة العربية السعودية و التي لها أيادي بيضاء في التاريخ العربي و الإسلامي اليوم . يا خادم الحرمين الشريفين إن موحد الجزيرة العربية المغفور له بإذن الله أودعكم سيف الحق أنه سيف طريقكم على الصراط المستقيم الذين تأمون به الأمتين العربية و الإسلامية ذلك نهجكم الذي تسيرون عليه كتاب الله و سنة نبيه معززا ً و مؤازرا ً حلمكم المظفر الذي هو أياديكم البيضاء على الأمتين العربية و الإسلامية :فأنتم اليوم القاسم المشترك الأعلى لحل مشاكل الأمتين العربية والإسلامية
أما أنتم من تدارك مآسي لبنان الفسيفسائية المعقدة و انتشلتموه من تلك الفتن المذهبية و الطائفية. . ألم يحط الفلسطينيون أوزارهم أمس في مكة المكرمة تحت رعايتكم و حلمكم أما يضع الأفغان اليوم مشاكلهم بين أيديكم. و عليه :
أن لنا في اليمن من شماله إلى جنوبه حق الجوار و أنتم الجار الأمين الكريم الفاضل فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديثه المشهور : ( ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) . رواه بخاري و مسلم . و الله لو أستفتئ اليمنيون عنكم اليوم لورثتم الأرض وما عليها بالحق و العدل جزاكم الله ألف خير .
ب- نوجه ندائنا هذا إلى الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمنية كأمين و راعي للدولة و الشعب نناشده أن يستمع لصوت الحق و ما يدور على أرض الواقع حتى يحفظ بحلمه الذي عهد ناه دماء اليمنيين اليوم و مصالحهم المشتركة غداً بأن يأخذ كل ذي حق أبلج حقه و عليه أن يجلس مع أبناء الجنوب تحت شعار الأيمان يمان والحكمة يمانية لا تحت شعار الوحدة او الموت لأن شعار الوحدة أو الموت هو دعوة للفتنة و أن يكفينا بعد الله شر الفتن و مآسي الحروب التي لم تجف دمائها في صعدة إلى اليوم وفي ثارات القبيلة الشمالية كل يوم. أما قداسة الوحدة فأقرب مثال تاريخي واقعي نقول للرئيس القائد هو مثال الرئيس جمال عبد الناصر و موقفه المعروف عند ما أنفرط عقد الوحدة بين مصر و سوريا .
ج- ثم نوجه هذا النداء إلى جميع قادة مجلس التعاون الخليجي و إلى جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي . ثم إلى علمائنا الأجلاء و إلى رجال الفكر و الإعلام و الصحافة . و عليه كما يقال عن علم اليقين وعين اليقين و حق اليقين هي مراتب إرتقاء المسلم في مسيرته إلى الله سبحانه وتعالى .وإذا جاز لنا استعارة هذا المنهج لمعرفة حقيقة ما يدور على ارض الواقع في اليمن اليوم نجد ان علم اليقين تشوهه السياسة و كثير من الأقلام الصحفية التي تكتب و تحلل عن بعد و إذا كان عين اليقين تحجبه كثير من القنوات الفضائية بالمنع أو الانتماء فإنه من السهل الارتقاء بحق اليقين و ذلك بتلمس أوضاع اليمن عن قرب و ذلك بالنزول إلى أرض الواقع لاستجلاء صورة واضحة من الذين يعيشون جمر الواقع المر الأليم ..أليس بمقدوركم أن تبعثوا لجنة تقصي حقائق تضم نخبة من السياسيين و علماء الدين ورجال الفكر والإعلام . أليس من حق الجسد الواحد إذا أصيب جزء منه بالمرض أن تتداعى له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى . ثم إذا كان هناك مرض خبيث أليس من شريعة العلم بعد الله أن يبتر الطرف الخبيث حفاظا على الجسد الباقي و الروح المقدسة عند الله ألم تشرع استئصال وزرع الكلى وحتى القلب في الجسد الواحد. وعليه للأمانة والمسؤولية نناشدكم بالله بتدارك أوضاع اليمن و تقصي الحقائق في شماله وجنوبه فإذا كان من يقوم اليوم بالحراك الجنوبي و ما نشاهده من مظاهرات وإعتصامات و مطالب سلمية لحق واضح و جلي ومعروف فإذا كان أولئك ثلة كما يدعي كل مسئول يمني أنهم قلة لا يمثلون إلا من فقدوا مصالحهم فكان بها . و إذا تجلا لكم على أرض الواقع حقائق تنقض دعاوي النظام فهي ذمة في أعناقكم .
و أخيرا أحب أن نجلي ونستجلي أمرين 1- الوحدة اليمنية تم شراكها بين دولتين و شعبين و آلة لما هي عليه اليوم و لكن في الحقيقة أن الوحدة تمت بين نظامين مختلفين كليا و متناقضين و بعد الوحدة لم يتفرق قادة اليمن لبناء اليمن الجديد عادوا بشعبيهم وبعقولهم إلى مضارب عبس و ذبيان لتصفية ضغائن الماضي بالتآمر و الاغتيالات وتم تصفية أكثر من ثلاثمائة كادر جنوبي بعد الوحدة حيث كان بوادر الخلافات ظاهرة بين الشمال والجنوب عند دخول قوات صدام حسين للكويت فالمعروف أن علاقة الجنوب كانت مقطوعة مع النظام العراقي منذ اغتيال الدكتور المعارض العراقي توفيق رشدي في منتصف السبعينات في عدن إلى عام1990م. ثم استمرت الخلافات بين الشمال والجنوب حتى كان أول تدويل للأزمة بتوقيع اتفاقية العهد و الاتفاق في الأردن عام 1993م و التي كانت رؤية للواقع اليمني في حينها والتي لم تنفذ و هروبا من تنفيذها شن الشمال حربه عام 1994 م على الجنوب وكانت مواقف دول الخليج و الجامعة العربية تؤكد أنه لا يمكن فرض الوحدة بالقوة وإن فرض الوحدة بالقوة سوف يؤدي الى كارثة ثم تم تدويل القضية بقراري مجلس الأمن في رقم 924 و 931 و دخلت القوات الشمالية الجنوب و احتلته بالقوة .والحقيقة المرة التي تجر عناها نحن الجنوبيون و الذين كنا أكثر حرص على الوحدة أن المطبلين و الأفاقين استدروا عواطف القيادة المنتصرة بتصوير النصر و كأن دخول عدن هو دخول العرب للقدس بعد وصفهم لمعسكر العند بخط بارليف و استمر الاحتفالات بالنصر المؤزر عام بعد عام و كان ذلك بإقصاء الجنوبيين من وظائفهم و نهب أرضهم و استمر سيف النصر على رقاب الجنوبيين و بدأ بعض الجنوبيين بطرح قضاياهم العادلة الجلية و تعامى النظام و سبق سيف النصر العذل فذبح الوحدة اليمنية في مقتل وانتفض الجنوب الحر. فلو أن الرئيس علي عبد الله صالح بعد أن نفذ بحلمه العفو العام لكل المحاربين بالجبهة و هذا يسجل له للأمانة و التاريخ لكن لو كان دعاء كل الجنوبيين أولا ثم الشماليين و قال اليمن للجميع و أعاد الجيش الجنوبي بكل قوامة و حافظ على كل خيرات الجنوب الاقتصادية و الاجتماعية التي هي ثمرة دولة كانت أكثر تمدن و احترام للنظام والقانون حيث كانت القبيلة في الجنوب في حكم الماضي وكانت خطوة نحو تطويع القبيلة و مشايخها و ثاراتها في الشمال فلو أن الرئيس علي عبد الله صالح نظر إلى صفحات الغد المشرق و خلود التاريخ و احتضن الجنوبيين ثم التفت إلى خيرات الجنوبيين في الخليج و القرن الأفريقي وشرق آسيا و هيأ لهم سبل الاستثمار بدلا من إطلاق أيادي عصابات الفيد و النهب و السلب التي لا زالت تمارس سلوكها ألا وحدوي و ألا أنساني و ألا ديني إلى اليوم لو كان الرئيس فعلها لقضي الأمر الذي فيه تستفتيان.
2- يستنكف أخواننا أبناء المحافظات الشمالية عندما يسمعون أبناء المحافظات الجنوبية اليوم ينادون ويتنادون موحدين لاستعادة دولتهم المستقلة وتثور ثائرتهم عند سماعهم اسم الجنوب العربي وكأن اتحاد الجنوب العربي هو مسمى من اختراع الحراك الجنوبي اليوم ولم يكن حقيقة تاريخية تأسس عام 1958م اتحد تحت لوائه أبناء الجنوب ممثلين برموزهم التاريخية سلاطين ومشايخ ونخبة أبناء الجنوب السياسية والاجتماعية أسسوا دولتهم الإتحاديةوكان رؤية حضارية سباقة عندما كانت عــــــــدن لؤلؤة الجزيرة العربية وكان اليمن يقبع في ظلمات الحكم الكهنوتي المتخلف . وما أجمل هذا الشاهد التاريخي الذي أثلج صدورنا والذي أورده الأستاذ : حسين أحمد معلاوي في السياسي برس وهو لجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله : ثم قيل لجلا لته: إن اليمن ادعت ببعض المناطق الواقعة تحت الإدارة البريطانية، فهل هذه المطالبة تسبب بعض المتاعب؟
فرد جلا لته: إن رأينا دائماً أن كل شعب له الحق في تقرير مصيره، وإذا تحرر شعب الجنوب العربي من النفوذ الأجنبي، وباشر سلطاته بكل حرية، وبدون تدخل أجنبي فهذا عائد له، وهو الذي يقرر شكل الحياة الذي يراه لنفسه.
ثم سئل جلا لته: إن الرئيس جمال عبد الناصر وعد بسحب قواته من اليمن، ولكنه لم يفعل ذلك فهل تعتقدون جلالتكم أن وجود هذه القوات تشكل تهديداً على الجنوب العربي؟
فقال جلالته: إلى الآن لا أعتقد أن الرئيس جمال عبدالناصر يحاول دخول قواته إلى الجنوب العربي؛ لأن هذا ليس في مصلحته، ولا في مصلحة الجنوب العربي نفسه.
________________________________________
1. أم القرى العدد 2127 في 12 ربيع الأول 1386 الموافق 1 يوليه 1966.

وأخيراً أختم بهذه الملاحظة وهي استخفاف كثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بعقول المشاهدين وبالذات اللذين يعيشون حقائق ومرارات الواقع عندما تأتينا تقاريرهم خبط عشواء عمداً أو جهلاً وذلك بالربط بين المتناقضات وتشويه الحقائق ربما لخدمة طرف أو اتجاه سياسي معين بينما ما تفرضه روح المهنة هي المحايدة بنقل الحقائق مجردة وهذا ما يتطلبه شرف المهنة فاليوم أصبح من يسير بما فتح الله به على الإنسانية من نعم الاتصال والتواصل سواء وسائل الاتصالات والمواصلات بنقل الحقيقة من أرض الواقع بدلاً من الاتصال بالمحلل السياسي ألمسيس فلان أو علان أو التنظير المسبق لكثير من المفكرين والكتاب المحترمين اللذين يستبقون ويضعون التصورات على مآ لات الغد التي هي في علم الغيب وإلا إذا كان مايكتب كثير من الكتاب من تنبؤات وتخرصات هي حتمية فأعتقد ما كانت أوضاع العرب اليوم يبادر إليها مشروع المصالح الغربية قبل أي مشروع عربي . أليس للعرب مصالح في أوطانهم قبل غيرهم أم كما هو حال الواقع العربي اليوم حيث يحضر العربي دائماً إلى بيته متأخراً بعد الضيوف وربما لا يحصل إلا على النزر القليل من المائدة .. أو بالشتيمة كما هو الحال بالعراق . والله من وراء القصد..

بقلم: أبو الطيب اليافعي

[/center]