انتخابات ام استفتاء مزيف على الاحتلال. بقلم ابو سلطان

[سيف العدل]

مسلسل التضليل

انتخابات ام استفتاء مزيف على الاحتلال

شبكة الجنوب العربي الاخبارية : خاص .

الاحتجاجات التى قامت فى الجمهورية العربية اليمنية لها هدف رئيسى وجوهرى اول هو تكريس احتلال الجنوب العربى من خلال اسقاط على عبدالله صالح ، وهدف ثان هو تصفية حساب داخلى مع على عبدالله صالح بعد محاولته الخروج على العرف المتبع وهو احترام الدور الرئيسى للقبيلة فى السلطة الرسمية وذلك بمحاولته الاستفراد بالحكم وتوريثه خصوصا بعد وفاة عبدالله بن حسين الاحمر .
الجميع يتفق على الهدف الاول من يريدون دولة مدنية والقبيلة وحتى المجانين منهم . اما اصحاب الهدف الثانى هم القوة الفعلية المؤثرة والتى تتطلع للاستيلاء على السلطة ، وهى القبيلة ، عبر واجهاتها السياسية من الاحزاب ، واعادة دورها فى السلطة الرسمية . ويمثل على عبدالله صالح القاسم المشترك بينهم فالمطالبون بدولة مدنية ، وهم ليسوا قوة مؤثرة ، يأملون فى ان تكون هذه خطوة للامام باسقاطه ، والقبيلة تريد تصفية حساباتها معه . وفى نفس الوقت يكون على عبدالله صالح كبش الفداء الذى يحمل اوزار الماضى كله ويتخلصون به من اثامهم جميعا فى حق الجنوب والالتفاف على ارادت الشعب الجنوبى وتكريس احتلاله .
السلطة فى اليمن ، كأحد مكونات النظام السياسى ، ليست مثل اى سلطة فى الدولة الحديثة . السلطة فى اليمن تتكون من شقين رئيسيين وهى السلطة الرسمية وسلطة القبيلة ، والقبيلة فى ارضها هى الحاكم الفعلى وتتمتع بالقوة العسكرية واعرافها وعاداتها وتقاليدها هى القانون الاعلى ، ولها قضاها القبلى الخاص ، وسلطتها الزامية على افرادها ، ولا تتدخل السلطة الرسمية فى شؤونها ، وشيخها مثل شيخ الجن الذى يتحدث فيُسمع ويأمر فيُطاع ويستنفر اتباعه فينفرون ولاكرامة لشخص عادى ولا رأى امام شيخ القبيلة ( هذا غير موجود اطلاقا فى الجنوب ) . الى جانب ذلك فالقبيلة جزء من صناعة القرار الرسمى . وتختلف قبائل اليمن من حيث سطوتها وكل له حصة فى السلطة الرسمية ومنافعها بحسب قوته فهناك قبائل قائدة وهناك قبائل تابعة او ليس لها تاثير كبير فى السلطة الرسيمة او تاثيرها هامشى . والسلطة الرسمية تختلف كذلك عن اى سلطة رسمية فى دولة حديثة ، فهى راعية لمصالح القبائل ، وملقتى صراعاتهم ، الى جانب انها فى جانب منها قبيلة خاصة تتنازع مع القبائل كقبيلة مثل القبائل الاخرى وتدخل شريعة القبيلة لتحل هذه النزاعات . ومن هذا نرى ان الدولة برمتها دولة قبيلة فى روحها ومنبناها تمثل اعراف القبائل وعاداتها الدستور الاعلى والقانون المطبق .
السلطة فى اليمن بهذا المعنى هى التى شنت الحرب على الجنوب ، ولا يستطيع على عبدالله صالح وحده شن هذه الحرب بدون موافقة القبائل ، لقد اتفقوا جميعا على هذه الحرب وبيتوا لها من زمن مبكر . ان السلطة الرسمية قادت الحرب واعلنتها رسميا لكنها لم تتحذ قرار الحرب وحدها ولم تشنها بقوتها الخاصة وحدها . وسلطة الحرب سلطة القبيلة والسلطة الرسمية هى التى خاضت الحرب واجتاحت الجنوب واقتسمته بينها ، وقبل ذلك هى التى افشلت كل الاتفاقيات وتهربت منها لتكريس وجودها فتمسكت بالريال على حساب الدينار ، والريال والدينار يخترص الحكاية برمتها ، ورفضت دمج المؤسسات والمرافق ، ناهيك عن دمج القوات المسلحة التى تعد بواسطتها لحربها القادمة . وبعد هذا فليس من الغريب فى ان يكون لعلى محسن ، وال الاحمر ، والذى يمثل واجهة القبيلة العسكرية كل هذا النفوذ فى حضرموت خاصة . ولا نستغرب من استيلاء صادق الاحمر شيخ حاشد اليوم فى 1994م على مطار سيئون وادعائه ملكيته كاول غنائم الحرب . ولا نستغرب اطلاق يد على عبدالله صالح لحهم ، فهو فى الحقيقة لم يطلق ايديهم ، فمن يطلق يد من يد ، انهم رؤساء مثله وجميعهم امراء حرب ، فلم يطلق احد يد احد ، بل السلطة فى اليمن بشقيها المتداخلين اطلقت يدها فى الجنوب واعلنت الحرب عليه وقامت بشنها . ان على عبدالله صالح يمثل رمز ، ايقونه ، تختزل كل هذا المشهد بوصفه ممثل السلطة الرسمية التى تقود . وبذلك يمكن القول انهم كلهم على عبدالله صالح . ويريدون من اسقاط الايقونة اسقاط الجريمة وحق الشعب الجنوبى فى الحرية والاستقلال والتفاف على ارادته . اليس هذا تضليل ؟ اليس هذا الاختزال والتستطيح الى حد تضليلا ؟
كل ما نشاهده اليوم من حرب على الجنوب العربى ومحاولات تكريس وتثبت الاحتلال يقوم اساسا على التضليل . الجانب الاول منه هو تضليل حول حقيقة الوضع فى اليمن وحقيقة وماهية السلطة والنظام السياسى وحرب 1994م . ان تغيير النظام بمعنى هرم السلطة الرسمية ، لايعنى تغيير النظام السياسى بمعناه الواسع والذى تعتبر القبيلة فيه ركن ركين . وان الحديث عن دولة مدنية بهذه البساطة هو استغفال ، وان الاحتجاج ان القبائل المسلحة لم تحمل اسلحتها لايعنى تغير المفاهيم والقيم بين ليلة وضحاها ، بل لان شيوخ الجن لم تأمر بذلك ولم يحن اوانه ، وهى فضلت اللعبة السياسية على اللعبة العسكرية ، وان كانت فى نفس الوقت تخوض معارك خلف المشهد السلمى ، فالسلمية ليست سلمية بحته بل سلمية تحميها القوة قوة القبيلة الخاصة وقوة القبيلة الرسمية وهى الفرقة الاولى مدرع . وبهذه الحماية اختطفت الاوراق من بين " الثوار " الذين ينشدون دولة مدنية ، والزمتهم بدين طأطأت رقابهم له ، وخوفتهم بروقة الحرب الاهلية مثلما كان يفعل على صالح بورقة القاعدة والصوملة . اذا كانت هناك " ثورة سلمية " مائة فى المائة فلماذا الخوف من حرب اهلية ؟ عسكروا الاحتجاجات ابتداء باسم حمياتها وخطفوها باسم منع الحرب الاهلية . هذا جانب والجانب الاخر من المشهد ان القبيلة دفعت بابنائها الذين ليسوا ثوارا حقيقيين الى الساحات مما اعطى الساحة زخما وخصوصا فى صنعاء ويستطيعون سحبهم ايضا فى الوقت المناسب ، وهنا خطفت الثورة مرتيتن ان لم يكن ثلاث مرات ، والمرة الثالثة هى تحكّم بعض الاحزاب بلجان " الثورة " وحتى فى شعاراتها ، متحالفين مع القبيلة وواجهتها العسكرية على محسن الاحمر .
والجانب الثانى من التضليل هو تضليل حول حقيقة الوضع فى الجنوب ، ان من حيث كونه احتلال ، وان من حيث ارادة الشعب الجنوبى ورغبته . واول مسلسل التضليل يتمثل فى مسلسل التعتيم الاعلامى ومؤامرة الصمت - تعبير مقتبس من لينين - التى تمارس على الجنوب . وثانيها فى محاولة تزييف ارادة الشعب الجنوبى وخطف الحديث باسمه . واخطر مسلسلات التضليل هو الانتخابات الرئاسية المزمع اجرائها . وكلمة " انتخاب " فى ذاتها تضليل . فهى تضليل فى كون الهدف الرئيسى منها هو تزييف ارادة الشعب الجنوبى واسقاطها ، جريا وراء اهداف الاحتجاجات نفسها ، وعندما تنتهتى ، وبعد ملئ الصناديق بالاوراق المزيفة ، لن يقولوا انتخابات ، بل سيقولون : ان العملية كانت استفتاء ، وهى ليست استفتاء على الرئيس بل هى اهم من ذلك انها كانت استفتاء على الوحدة وان " الثورة " حققت اهدافها فى ترسيخ الوحدة . هذا ما سيقولونه . لماذا يتم تسمية استفتاء على شخص انتخابات ؟ ! لقد بدأ مسلسل التضليل منذ اعلان الوحدة ، وكانت الوحدة نفسها تضليلا ، ولم ينته بحصر المشكلة في القيادات الملحدة التى تريد الانفصال للعودة اوضعها السابق . لقد بدأت الحرب بالتضليل في القول انه ضد قوى الردة والانفصال ، ولان التضليل لا يستمر يحاولون اليوم انتهاج مختلف اساليب التضليل ، لانهم لايملكون من الحق والحقيقة غيره .
احمد سالم ابوسلطان
28\1\2012