![]() |
![]() |
![]() |
#18 |
مشرف
تاريخ التسجيل: 2009-05-23
المشاركات: 1,745
|
![]()
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم التوفيق بين بر الوالدين وتجنب الحرام السؤال : كيف أوفق بين خدمة وطاعة والدي وتجنب الحرام ؟ الجــواب : هـــــذا السؤال يقتضي أن نذكر لك جوابا مفصلا بشـأن معاملة الولد مع والديه ، وذلك فــي الأمور الآتية : أولا : قاعدة الشرع المطهر هــي : أنــــه فرض عين على الولد البر بالوالدين ، وطاعتهما في المعروف ، والإحسان إليهــمـــا ، وذلك بلين القـول ، والرفق ، والمحبة ، والعطف عليهما ،وإيصال النفع إليهما في أمــور الــديــن والدنيا ، وخدمتهما ، وصلة رحمهما وأهل ودهما ، وهو من تمام الإحسان إليهما ، وهذا يشمل كل والد مهما علا ، ومن الأجداد والجدات من كل ولد مهما نزل من الأبناء والبنات ، وهــذا أمــــر معلوم من الدين بالضرورة ،والأدلة عليه كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع ، قال الله تعالى ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) وقال سبحانه (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) وهو وصية الله إلى عباده ؛ كمــا قال عز مــــن قائل ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّـــــهُ وَهْناً عَــلَى وَهْنٍ ) إلى أن قال سبحـانه ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) وفــي الحــديــث المتفق عـلى صحته عن أبي هريرة رضـي الله عنه « أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قـال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثــم مــن ؟ قال : أبوك » زاد مسلم : « ثم أدناك أدناك » ولهــذا جــاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريم عقوقهما أو إيصال أي أذى إليهما ، وهـذا مما أجمع المسلمون على تحريمه وأنه مـن أكبر الكبائر وأشد المآثم ، ومــن العقوق : تـــــرك البر بهما ، والملل والضجر ، والغضب والاستطالة عليهما ،وبخاصة في حال كبرهما . نسأل الله السلامة والعافية . ولهـذا أيضا فإنه على تقدير الإساءة من الوالد لولده فــإنـه لا يجـــوز للولد المقابلة بالسيئة ، بل يقابلها بالحسنة ؛ عملا بقول الله تـعــالى ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) والوالدان أولى بالإحسان من غيرهما ولقول الله تعالى ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ثــانــيــا : طاعة الوالدين في المعروف واجبة عــلى ولديهما ما لم يأمرا بمعصية ، فـــإذا أمـــرا بمعصية « فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » لقول الله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) وقــوله سبحانه(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) وثبت عن النبي صلى الله عليــه وسلــم أنــه قــال : «لا طــاعــة لمخلوق فـي معصية الخالق » رواه الإمام أحمد . ولهــذا فــإذا أمر الوالدان ولدهما بفعل معصية مـــن شرك بالله عز وجل ، أو شرب خمر ، أو سفور ، أو تشبه بالكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ونحــو ذلك مـــن المعاصي ، أو أمــر الوالدان ولدهما بترك فرض مــن الصلوات الخمس المفروضة ، أو عـــدم أدائها من البنين في المساجد ،ونحو ذلك مما أوجبه الله على عباده - فإنه لا يجوز للولد طاعتهما فـــــي شــيء مــن ذلك ، ويبقى للوالدين عــــلى الولد حق الصحبة بالمعروف والبر ، مـــن غيـــر طاعة فـــي معصية أو في ترك واجبا ، أمـا ما يتعلق بطاعتهما فــي الأمور المباحة والعادية ، وفــي أمــر التزويج والطلاق ، فهـذا يعود إلى تقدير المصالح والمضار والمقابلة بينها ، فإذا أمر الوالدان ولدهما بشـــيء من ذلك منعا أو إيجابا ، والمصلحة فـي مخالفتهما فلا حرج على الولد في ذلك ،بلطف وحسن معاملة؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم« أنتم أعلم بأمور دنياكم » ولا يكــون الولد عاقا بذلك ، وإذا كـــانت المصلحة راجحة في طاعتهما في شيء مـــن ذلك ففـــي طــــاعة الولد لهــما الخيـــر والبركة والبر والإحسان ، والوالدان هما أولى الناس بنصح ولدهما والحرص على نفعه . ثـالثـــا : على الولد إذا رأى من والديه انحرافا فـــي دينهما ؛ كالتهاون في الصلوات وارتكاب المحرمات وكسب المال الحرام ،أن يبذل النصح لهما بأداء حق الله عليهما ، والتزام شرعه المطهر ، ويكـــون ذلك بالرفق واللين ، مع الدعاء لهما بالهداية ، ويحسن التعاون مع من يساعده مــــن قريب أو صديق فيما يصلح الحال ، فـــإن حصلت الاستجابة فالحمد لله ، وإلا فـيستـعــيـــن الــولــــد بالله ويجـتنـب كسبهما ومساكنتهما ، ويبقى على مصاحبتهما فــي الدنيا معروفا متبعا سبيل مــن أناب إلــى الله تعــالــــى ، ولا يعتبر ذلك عقوقا ، لكن لا يجوز أن يحمله ذلك على عقوقهما والقطيعة لهما . وبالله التــوفيــــق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللـجــنـــة الـدائمــة للبحــوث العــلـمــيــة والإفــتـــــاء كتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجموعة : 1 ، الجزء : 25 ، الصفحة : 132 الفتوى : 19680 |
![]() |
![]() |
|
|
|