رسالــتي الثانــية .. الى بن فـــريــد.. / من الشيخ المندعي العفيفي!!!؟؟؟

[احمد عمر بن فريد]

الأخ العزيز السلطان والاستاذ / المندعي العفيفي المحترم

كنت البارحة قد وعدت بالرد على رسالتك ( المفتوحة ) التي وددت ان تكون على المنتديات ليطلع عليها الجميع والتي ناقشت فيها عدة قضايا تتعلق بلقاء بروكسل وبالمناطقية والقبلية ورؤيتك الشخصية للموضوع , عطفا على حديث هاتفي كنت قد اشرت فيه الى ملاحظة وددت طرحها عليك كصديق .

نعم نحن نعلم تماما ان هناك اعداد غفيرة من ابناء حضرموت وشبوة مغتربين وكان يفترض حضورهم الى بروكسل , ولكن المشكلة التي اعاقت ذلك تتعلق بوجود الأغلبية الساحقة منهم في دول الخليج العربية , وبالتالي تعذر عليهم الحصول على فيز سفر الى دول اوروبا وكان ذلك هو السبب الوحيد الذي اعاق حضورهم , في حين ان بقية الأخوة الذين حضروا من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لم يواجهوا نفس المشكلة وكانوا من مناطق يافع والضالع بحجم الكثافة لأبناء هذه المناطق في هاتين الدولتين .. وهذا كل ما في الأمر .

وشخصيا لا اريد ان ننظر للقاء التشاوري من زاية من منطقة ينتمي هؤلاء حضروا ؟ ومن اي محافظة .. فهذا منطق يمكن ان يكون معيارا هاما في " المؤتمر الوطني " وليس بالضرورة في لقاء تشاوري يعتبر خطوة اولى في طريق ما هو اهم واكبر ... وفي ظل وهذا هو الأمر المهم وجود مصاعب موضوعية أعاقت حضور بعض الأخوة من بقية المناطق للسبب الذي تحدثت به في اعلى هذه السطور .

الاسماء التي ذكرتها .. البعض منهم في الداخل وهؤلاء سيكون لمسألة مشاركتهم في المؤتمر الوطني الجنوبي وسيلة وآلية أخرى يمكن الاتفاق حولها معهم او عن طريقهم وحدهم وهذا شأن يخص الداخل ولا نود ان نقحم انفسنا في طرح تصوراتنا للكيفية التي يجب ان يتوافقوا او يتفقوا بها في هذا الشأن ... وبالنسبة لبعض الشخصيات الجنوبية المذكورة تواصلنا معهم وسوف نتواصل ايضا في المرحلة القادمة وسيكونون من اركان المؤتمر الجنوبي اذا ما اتفقنا معهم حول ما اتفق الجميع حوله في بروكسل وهو خيار شعبنا في الاستقلال وفك الارتباط .

وبالعودة الى مفهوم المناطقية .. انا شخصيا لا اعتقد ان اليافعي او الضالعي او حتى انا شخصيا بصفتي من محافظة شبوة او كرامة بصفته من حضرموت .. لا اعتقد ان حضورنا هذا اللقاء كان على اساس اننا " نمثل " مناطقنا او محافظاتنا , وانما جاء بصفتنا مواطنين " جنوبيين " نحمل هم مشترك يخص وطننا الجنوب جئنا لنتباحث ونتحاور حوله , وللخروج بمقترحات وتصورات لما يمكن عمله من " واجب وطني " تجاه وطننا الجنوبي المحتل .. هذه هي قناعتي الشخصية وهي قناعة من حضر ايضا .

قرأت رسالتك عدة مرات .. ووجدت بعض النقاط التي اتفق معك حولها , وبعضها لا اتفق معك فيها .. ونظرتي للقبيلة هي نفس النظرة التي صاغها صاحب " المقدمة " .. المفكر العربي الكبير / ابن خلدون , وهي نفس الفكرة التي اقتنع بها , واعتنقها من بعده عباقرة الفكر العربي الكبار , والذي لا أظن كاتب هذه السطور الا تلميذ صغير في مدارسهم الفكرية الكبيرة , وهي مدارس لا يجب في جميع الأحوال ان نقول اننا افهم منهم بشان ما يمكن للقبيلة ان تحدثه من عقبات وصعوبات جمة في خلق المجتمع المدني الذي هو اساس الدولة المدنية الحديثة . ورغم كل ذلك فلك ان تعلم ان موقفي من القبيلة لا يعني " نفيها " اوالقفز عليها كواقع , اواجتثاثها من جذورها لا سمح الله , لأنها اعصى على ذلك بكثير , ولكنني افضل ان نأخذ من القبلية ما يتفق مع روح العصر وما تجود به هذه المؤسسة الاجتماعية من قيم اصيله هي مصدر فخر للعربي الأصيل كالكرم والنخوة والوفاء والشجاعة والنجدة والايثار والتسامح وغيرها من الصفات الانسانية الحميدة . ويجب ان نتمسك بالقبيلة كرابطة اجتماعية تاريخية تمنح الدفء الاجتماعي لصاحبها وتضفي الشعور بالاخاء والروابط الوشائجية الانسانية ,,, ولكن لا يجب ان يكون كل ذلك على حساب الدولة كمنظومة حديثه تقوم على اساس النظام والقانون . لأن الصورة النمطية للدولة هي ( فرد – مجتمع – دولة ) .. ولا وجود للقبيلة هنا في هذه التركيبة .

ان من اهم شروط المجتمع المدني ما يطلق عليه اصطلاحا ب " تذرر الفرد " وهو ان يتمكن الفرد " القبيلي " من خلق رابطة – تعاقدية مع الدولة له شخصيا كفرد له حقوق يكتسبها من خلال القانون وعليه واجبات تقع عليه ايضا من خلال القانون وهو " المسئول الأول " عنها وليس " شيخ القلبية " الذي ينوب عن عشرات الآف من ابناء قبيلته امام الدولة في الشكل الخاطئ , وهو الذي يتخاطب مع الدولة باسمهم ويختصرهم في اسمه وهنا يأتي مصطلح " تذرر الفرد " كقيمة عالمية نبحث عنها اليوم ... وارجو ان تكون قد فهمت ما اقصده يا سيدي الكريم .

بخصوص المقترح الذي طرحت بشأن اولاد اسر المشائخ والسلاطين الذي حكموا بطريقة او بأخرى الجنوب في مراحل ما قبل الاستقلال وكذلك قيادات ورموز فترة الحكم الشمولي من حيث تنازلهم عن اي مناصب رسمية في المستقبل لدولة الجنوب , انا اعتقد وحتى يكون هذا الأمر عادلا ان يسري على الذين حكموا من الطرفين او الذين تقلدوا مناصب رسمية في الفترتين ما قبل ومابعد الاستقلال .. وقد يقول قائل ان هذا يستعبد لنفسه ذات الشرط من اجل مستقبله ! .. وهذا غير صحيح , لأنني وليس نوعا من التصوف الوطني – السياسي ان جاز التعبير من قبلي ولكنه كقناعة شخصية وزهد من جانب ولما ارى فيه كنوع لابد منه لاتقاء بعض السلبيات التي ظهرت , فانني اقبل ان يسري هذا الشرط علي شخصيا , بل انني كنت قد اتخذت قرار بهذا الشأن بأنني اعلن وبشكل رسمي وسيظهر هذا من خلال تصريح , انني لن اقبل اي منصب رسمي من اليوم وحتى يوم وفاتي , وانني لن اكون الا خادما مخلصا لقضية الجنوب دون منة او جريا وراء مصالح خاصة من اي نوع كان .. وعلى هذا الاساس , فانني اعلن وبشكل قاطع انني لن اكون في المؤتمر الوطني الجنوبي القادم الا مراقبا وعنصرا فاعلا في سبيل نجاحه وليس " مندوبا " رسميا له ولا متقلدا لأي منصب قد يتمخض عنه هذا المؤتمر . وقمة الوفاء من قبلنا لدماء وارواح الجرحى والشهداء ان يأتي اليوم الذي نكنس فيه شوارع عدن في لحظة " فخرية " رمزية منا لطرح اسس الدولة المدنية الحديثة ... عهدا منا لشهداء الجنوب اننا لن نكون الا اوفياء لاحلامهم الكبيرة في بناء هذا الوطن ولن نكون في يوم من الأيام فوق اي كرسي رسمي , وسوف نكون في المقابل عونا وسندا ودعما لكل ما من شأن تحقيق توافق جنوبي بيين مختلف القوى السياسية الجنوبية .. وهل هناك شرف اكبر من هذا ؟

اخي العزيز / السلطان العفيفي
لم اجد في تاريخ العرب الحديث , نخب وقيادات ووجاهات وكفاءات وطنية (( تخلت )) عن وطنها , كما تخلت هذه المجموعة الكبيرة الجنوبية عن الجنوب _ بعلمها او بدون علمها – حتى ان وطننا الجنوب بات بفعل تفريطنا في " حقنا " محط عرض وطلب من قبل هذه المجموعة او تلك .. تماما كالعروض التي تقوم بها المحلات التجارية في مواسم البيع والشراء .. كل مجموعة تطرح تخفيض بهذه النسبة او تلك على بضاعة ليست بضاعتها ولكنها بضاعة الجميع , والكارثة ان مبرر العارضين يستند على اسس تقول / هذا هو المتاح امامنا !!! ان هذه العبارة تحديدا هي من صيغ " البيع والشراء " .. وهي لا تخص ولا يجب ان تكون ضمن معايير القيم الوطنية .
اخي العزيز ... ليت الذين اليوم " يتهافتون " هنا وهناك وراء " بيع وشراء " الوطن المحتل لديهم " روح وفهم " (( نور بنت العفيف )) ... تلك السيدة التي عرفت مامعنى ان يدنس غريب تراب وطنها العزيز .. لأن ذلك الدنس الوطني يجر خلفه سلسلة لا تنقطع من " الدنس " .. فكان ان انتصرت تلك المرأة النموذج لمعنى الوطن ولم تطرح قضية ترابها الوطني لمعايير " التخفيضات " .. والواقع الدولي وخلاف ذلك ... وانت يا سيدي العزيز من احفاد تلك المرأة العظيمة فلا اقولك الا ان وطنك الجنوب يناديك فكن كما يريدك ابناء الجنوب فقط .. وتذكر عباراتك التي لا زالت ترن في اذني حتى الآن في مهرجان رصد حينما قلتها بصريح العبارة للجماهير : ان انتم مع الوحدة فانأ معكم .. وان انتم مع فك الارتباط فانا في " مقدمتكم " ... لقد كان لك يا اخي العزيز شرف ان تكون اول شخصية – اجتماعية جنوبية ذات ثقل كبير تنزل جنبا الى جنب مع قيادات الحراك الجنوبي وتشاركهم أحلامهم وفعالياتهم على ارض الواقع .. هذا تاريخ لن ينكره احد ... ولكننا نريدك ان " تستمر " ... فنحن اليوم بحاجة اليك كما كنا في الماضي ... عد الينا كما تريد ان تكون بمنطقك القبلي او المدني فهذه امور لا يمكن ان تجعل ما بيننا مسافة فاصلة تمنع التعاون ...

ملاحظة .. ما ان ختمت هذه الرسالة حتى وصلني " خبر " قائمة اسماء توكل بنت كرمان ! وهي تكشف " آخر عرض " جادت به قريحة اصحاب التخفيضات على ترابنا الوطني .. الم اقل لك ان لدينا من النخب والقيادات من ينفرد بحالة استثنائية غير مسبوقة في مهام " التنازل " عن الوطن ! .. وهل هناك ماهو اكبر واجل من مثل هذه الفضائح والمهازل ! ..