الفدرالية طوق النجاة لمن؟

[الصهاريج]

إذا كانت الفدرالية طوق النجاة للجنوبين فلماذا؟
وإذا كانت طوق النجاة للشمالين فلماذا؟

في ما إذا كانت للجنوبيين ، فهي رمي طوق النجاة لمن لا يحتاجة لأننا كجنوبيون في الوضع الحالي قد تعلمنا السباحة عندما رمينا في البحر في المرة الأولى (حرب 94).
نحن من نعيش منذ 94 (التشرد، الإضطهاد ، السلب ، الإبعاد ، التهميش، وحتى الإبادة). وما حدث منذ أربعة أشهر في الشمال ماهو إلا نموذج من نمط العيش الذي فرض علينا في الجنوب منذ 94. فنحن لا نحتاج طوق نجاة لتخطي أمور جرت وتجري بإستمرار في ارض الجنوب منذ الإحتلال.

وإما إذا كان طوق نجاة للشماليين، فهناك من الأسباب الكثيرة التي تجعلهم في أمس الحاجة له:
• الحياة المدنية، والتي أثبتوا إفتقادهم لها في ما يحدث الأن ، وما الإعتصامات في ساحة التغيير إلا نتاج طبيعي لما رأوه في الجنوب من مظاهرات سلمية.
• عدم قدرتهم على إتخاذ موقف، بدليل وجود فراغ سياسي منذ أسبوعيين.
• عدم وضوح الرؤيا في الشمال فيما إذا كان هناك ثلاث قوى في الشارع ( أبناء الرئيس وبيت الأحمر والشارع الشمالي) وهم اللذين يدعم بعضهم بعضا، ووهم الأن من لايتفق على شيء، وهم على إختلاف مناطقهم تكتلوا في ثلاث جهات، مفتقدين للرؤيا المستقبلية للحل .
فهم يروا في الفدرالية مع الجنوب وبقاء الوحدة الإبقاء على العدو المشترك والذي سيعمل على توحيدهم في الشمال، وإذا خرج الجنوب من هذه الوحدة فهم في مواجهة بعضهم البعض.

ومن خلال المقارنة بين الحاجات بين الطرفين وإذا ماتطرقنا الى مايقوله دعاة الفدرالية من الجنوبيين، في أننا سوف ننجر الى حفرة مظلمة سحيقة، فيجب علينا ان نوضح ونكرر و نشير بأن الجنوبيون منذ 94 يعيشون في هذه الحفرة وحتى اللحظة بل وصاروا أخبر من غيرهم في مسالكها وممراتها وصارو أخبر عن غيرهم في سبل الخروج منها وما تتطلبه هذه السبل، فما حدث منذ أن قامت جماهير الحراك في زعزعة الرؤى الواحدة لقوى الشمال من خلال المظاهرات السلمية والإعتصامات وتقديم الشهداء ماهو إلا جلب هذه القوى الى نفس الحفرة لخلق فرصة متساوية للخروج منها أخذة بعين الإعتبار أيهما أخبر في التعامل مع الحفرة.

الدعوة الى الإستقلال وإن كانت لا تتطلب التبرير، فإنها الحل المتاح لإستعادة الكرامة الخاصة للشخص الجنوبي، وهي دعوة تستحق الرهان عليها.
ونحن كجنوبيون إذ نراهن على الإستقلال، فإننا كمن دعي للرهان بما لايملك، فإذا خسر خرج كما دخل ( حافي) وإذا كسب (حقق بعض من أهدافه الوطنية) وجميعها في خدمة تحرير الشخص المواطن الجنوبي.
فنحن في 94 أستبحنا دون رحمة وتجاهل العالم معاناتنا ووجودنا سواء كان هذا من دول الجوار أو من المجتمع الدولي ، فما الذي يدفعنا كجنوبيين الى إنقاذ عدونا من ورطته، وضياع فرصة النصر وإستعادة دولتنا.

أما الرهان على الفدرالية، فهي كمن يلدغ من جحر مرتين بل واكثر، فعندما كنا دولتين وجيشين غدر بنا، فما بال الأن ونحن نقع تحت الإحتلال، ولمن نسى ، نقول بأن كل مقدرات الجنوب من أراضي وثروات في أيدي المحتلين من أبناء الشمال ومالتوقيع على الفدرالية إلا تصديق على موافقتنا على بقاءها معهم ومشاركتنا -هذا إذا تمت مشاركتنا- بالفتات بقايا موائدهم ( حاسب ريح) مثل ما حدث طوال العشرين سنة الماضية.
فالفدرالية في هذه الحالة هي رمي كافة منجزات الحراك في البحر، وتوفير طوق النجاة لمن رمى الجنوبيون عنوة في ظلمة الجب ومازال يعمل دؤبا على شطب هويتنا من خارطة العالم.
فلنجعل الفدرالية ( نسأل الله أن لا يكتبها على الجنوب) كنتيجة خاسرة للحرب التي نخوضها الان في سبيل الإستقلال وإستعادة الدولة، وليست هدف.
فنحن إذا سعينا للفدرالية سنكون كمن سعى لمكسب او لمنصب او لعمل، وإنما لو فرضت علينا من قبل المجتمع الدولي فسيعمل المجتمع الدولي على إنجاحها. ولن يكون نجاحها وتنفيذها إلا بتلبية كافة متطلبات الشعب الجنوبي . طالما وهي ليست خيارنا. متبعين بذلك الحكمة القائلة "إذا سعيت لمنصب اوعمل كلفت به، وإذا إنيط بك منصب أو عمل أعنت عليه"
فالداعين للفدرالية من الجنوبيين، هم إما في سبيل مكتسبات شخصية حصلوا عليها ، أو أطماع ساذجة مستقبلية، وهذا مالم يدور في ذهن وضاح حين أستشهد أو الحدي حين غدر به وأستشهد أو الدرويش حين عذب وأستشهد ولا في ذهن من هو مفقود الأن ولا يناقش معنا فيما إذا كرامتنا تستلزم الإستقلال أم الفدرالية.

وأما في ما يخص المجتمع الدولي وتوجهاته، فالمجتمع الدولي وراء الإقتصاد وليس الحرب ، خلق الإستقرار في الجنوب والحياة المدنية والخروج عن المجتمع القبلي نتائجه الحتمية هي النهوض الإقتصادي والأمان التجاري في الممرات المائية الدولية.
فنحن لانطلب من المجتمع الدولي تصديق مانقوله ، ولكن علينا إتباع قانون الأمر الواقع، وهو ما حدث في 94 من إجتياح للخطوط الحمر المعلنة من قبل الامم المتحدة، وإحتلال عاصمة لدولة عضوة في الأمم المتحدة والجامعة العربية، وخرق لقرارات الأمم المتحدة، في الأخير نحن من يقرر مانكون عليه.

لن نقبل بما قبل به الفلسطينيون وأثبت فشله، الأرض مقابل السلام.. فإما الأرض والسلام وأما لا امان ولا سلام . ولن نضحي بفرصة الخروج من ظلمة الجب لصالح غيرنا ولو طال الصراع حتى يرى الله أمرا كان مفعولا.

فنرجو ممن وهن عزمه، وينشد الراحة في أخر عمره ، أن لاتكون راحته على حساب حياتنا ومستقبل أطفالنا فهم في هذه الحالة لايختلفون عن القتلة مصاصين الدماء في شيء بل هم أشرس أنهم يسعون لإبادة شعب عزيز، مكافح صابر على ما بلوه به من سياسات طوال مدة حكمهم، فليتنحوا جانبا وليدعونا وشأننا وكفى.