حملة شارك معنا بالتعريف لهوية الجنوب العربي ارض وشعب وثقافة

[لشري]

لماذا الاتحاد .... الآن !!



السيد الرفاعي ( سوريا )

أود أن اعرف الفروق الإدارية بين الولايات الخاضعة لاتفاقيات الاستشارة وتلك التي تخضع لاتفاقيات الحماية . هل هناك فروق إدارية في المنطقة أم أن المسألة مسألة تفاوت في التسمية ؟


السيد الحبشي :

قبل عام 1936 لم تبرم أي معاهدة استشارة مع أي من تلك المقاطعات ولم يكن هنالك سوى معاهدات حماية كانت تحرم على كل مقاطعة مرتبطة بها إقامة علاقات مع أي جهة . ولم يكن الضباط السياسيون البريطانيون يفرضون أي سلطة أو رأي على السلاطين ، ربما تهربا من القيام بمسئولياتهم وواجباتهم وكانوا يكتفون بترك المناطق وسكانها لسلطان الطبيعة ، للهلاك الذي كانت تسببه المجاعات والأوبئة والجهل والبغضاء والإقطاعية وغير ذلك .
بعد عام 1936 بدأ البريطانيون يفرضون معاهدات الاستشارة ويحملون السلاطين بمقتضاها على طاعة ما يشير به الضباط السياسيون المعينون لهم . وكل الزعماء سواء كانوا سلاطينا أو شيوخا أو أمراء كانوا يكرهون على قبول معاهدات الاستشارة وحتى اتحادهم الفدرالي قد أجبر على قبول هذه المعاهدات وهكذا أصبحت كل حكومة من تلك الحكومات مضطرة الى تنفيذ ومراعاة ثلاث معاهدات :
معاهدة الحماية ، ومعاهدة الاستشارة الخاصة بها ، ومعاهدة الاستشارة الخاصة بالاتحاد الفدرالي . ويجب علي أن أكشف حقيقة أخرى مفزعة ، وهي أن كل هذه المعاهدات ليست محددة الأمد . انها معاهدات أبدية أزلية من يوم ابرامها الى يوم القيامة .

السيد الرفاعي ( سوريا ) أقدم عظيم امتناني للملتمس الذي تنبأ بسؤالي الاخير الذي كنت سأوجهه وأجاب عليه وهو خاص بمدى سريان هذه الاتفاقيات وليس لدي أية أسئلة أخرى أوجهها اليه ، وله مني جزيل الشكر على إجاباته الشافية . على انني احتفظ بحق الوفد السوري في الاستفسار عن الوضع في ذلك الجزء من العالم إذا بدت لنا ضرورة الى ذلك .


لماذا الاتحاد .... الآن !!


السيد برايكن ( الاتحاد السوفييتي )

أود أن أسال الملتمس توضيحا حول نقطة ما . لقد كشف بإقناع ووضوح بأن السياسة الاستعمارية البريطانية في الجنوب العربي لم تتغير ولا يحمل مشروع اتحاد إمارات الجنوب العربي جديدا بالنسبة لشعب تلك المنطقة . وعلى كل ، أود أن أستوضح رأيه الشخصي إزاء التغيير الذي طرأ أخيرا على السياسة البريطانية كفرد له دراية حسنة ، بوضع المنطقة وعاش فيها ويعي الأحوال القائمة هناك .
فحتى وقت قريب كانت المملكة المتحدة تفضل حكم تلك المناطق على أساس أنها كيانات مستقلة عن بعضها البعض ، ثم بدأت – كما يتضح لنا – تبحث عن تكوين اتحاد فدرالي فيها .
فما سبب ذلك ؟ هذا أول سؤال أوجهه الى الملتمس .


السيد الحبشي :

ان النقطة التي أثارها السائل تحتاج الى توضيح .... قبل قيام رابطة أبناء الجنوب العربي كان شعب هذه البلاد يعيش في ولايات كثيرة تحت حكم سلاطين وأمراء عديدين . وكان من بين أعمال الرابطة الأولى تنبيه هؤلاء الى حقيقة الوضع وحثهم على الوحدة والعيش متحدين . وقد فطنت السلطات البريطانية في عدن لفكرة الرابطة ولكي تحول دون تحقيق الوحدة على يد الشعب نفسه بدأت تعمل هي على تحقيقها فأقامت الاتحاد وهو ليس اتحادا فدراليا بل شبه فدرالي Confedral . ومن اجل من فعلت ذلك ؟ لقد فعلته من اجل السلاطين لا من اجل الشعب . ولهذا – في رأي – اخذ البريطانيون في العمل لمنع الشعب من تشكيل كيانه السياسي
بنفسه وتحقيق وحدته ، حتى يتمكنوا من تركيز القوى السياسية في أيدي السلاطين الذين يخضعون لهم . أخذ البريطانيون في تجديد اتفاقيات الحماية والاستشارة القديمة وإضافة اتفاقيات أخرى اليها ، للحيلولة دون اتحاد الجنوب العربي مع أقطار عربية أخرى .
من اجل كل هذه الأغراض والأسباب ، شرع الانجليز في إقامة اتحاد عمقوا به انفصالية كل ولاية من ولايات الجنوب العربي . فعدن ذاتها يمكن فصلها وسلخها من الاتحاد في أي وقت .
هذه على ما اعتقد الإجابة التي يجب أن أقدمها ردا على سؤال المندوب السوفيتي .


السيد برايكن ( الاتحاد السوفيتي )

أشكر الملتمس على إجابته التي ألقت بعض الضؤ على سياسة المملكة المتحدة في الجنوب العربي . لقد أوضح الملتمس بدقة وحماس بعض مرامي السياسة الاستعمارية البريطانية ( البعثة الحضارية ) كما يسميها الاستعماريون إذا تحدثوا عن الأوضاع في الجنوب العربي .
بيد أنني لازلت أود أن أعرف منه حقيقة المصالح الاقتصادية التي تدفع بالمملكة المتحدة الى تأييد وتثبيت سلطانها في تلك المناطق .


السيد الحبشي :

أعتقد أنها مصالح اقتصادية وحربية .
يحتمل احتمالا كبيرا – على ضؤ ما ذكرته عدة مؤسسات عالمية تشتغل بشئون البترول – أن المنطقة غنية بمصادر الثروة المعدنية – وقد اكتشفت هذه المصادر في المنطقة الشرقية – بحضرموت . وفي عدن أقامت إحدى مؤسسات الزيت البريطانية محطة تكرير ضخمة في عام 1950 كان رأسمالها آنذاك حوالي 50 مليون جنيه إسترليني زادت دون شك بمرور الأيام . ويتم في حضرموت ارسال شحنات من مواد وآلات التنقيب واستخدامها في استخراج النفط هناك .

أما من الناحية الحربية فلعدن – كما سيعترف المندوب البريطاني قطعا أهمية بالنسبة للدفاع البريطاني . إلا ان شعبي لا يكترث بهذه الأهمية ولا يهتم بمقدارها ، ان عدن ملك لنا ، اننا لا نكترث بوجود أو انعدام الأهمية الحربية لعدن رغم أنني اعتقد ان أهمية القواعد الحربية قد زالت بعد ان أنشئت القواعد البحرية المتحركة فهي تستطيع ان تصل الى أي شاطئ أينما كان
وعلى كل حال ، فلبريطانيا في الجنوب العربي مصالح اقتصادية وحربية ونحن لا نريد ان تكون عدن قاعدة حربية ومصدرا للعدوان على أي احد سيما إخواننا العرب وأصدقائنا في إفريقيا وآسيا والاتحاد السوفيتي .


السيد برايكن ( الاتحاد السوفيتي )

اشكر الملتمس على إجابته سيما الجزء الثاني والذي – في رأي – يرسم صورة حقيقية لأهداف المملكة المتحدة في الجنوب العربي .
سؤالي الثالث هو : ما هي الدول الأخرى عدا المملكة المتحدة التي توصلت الى امتلاك مصالح اقتصادية في منطقة الجنوب العربي أو تعمل على ان تكون لها هناك مصالح اقتصادية وتستثمر الثروة الطبيعية في البلاد وهي بلا شك ملك أهلها ؟ .


السيد الحبشي :

إيضاحا للحقيقة شرعت لأول مرة وفي عام 1958 إحدى الشركات الأمريكية في مزاولة نشاط اقتصادي في المنطقة فقد اخذت شركة ( بان أمريكان للنفط ) في استثمار أموالها في التنقيب عن البترول في المناطق التي كانت تنقب فيها شركات نفط بريطانية . وعليه ففي المنطقة قوتان تستثمران أموالهما ، ولا اقصد ان اتهم أحدا ولكني أقول الحقيقة ففي حضرموت شركة أمريكية تنقب وفي عدن أنشئت محطة تكرير بريطانية كبيرة . وهذا قد يعني شيئا وقد لا يعني أي شئ سوى نشاط تجاري فقط .


السيد برايكن ( الاتحاد السوفيتي )

هل تقوم الشركات الأمريكية بأعمالها في الجنوب العربي وفقا لاتفاقيات عقدتها مع ما يسمى بالولايات او السلطنات او الإمارات الموجودة بالمنطقة ؟
لقد ذكر الملتمس أن السلاطين والشيوخ والأمراء لا يملكون حقا شرعيا للدخول في اتفاقيات دولية .
انني أريد إن اعرف كيف نفذت شركات النفط الأمريكية كل ما جرى بهذا الصدد ؟ .


السيد الحبشي :

اعتقد ان الجهات الإدارية هناك أرادت ان تظهر بمظهر الذكاء والحكمة . ولهذا أمسكت هذه الجهات عن القيام بأي خطوة في هذا الصدد تدل على سيطرتهم سيطرة تامة على الأمور بعكس السلاطين . لقد دفعوا بالسلاطين الى عمل كل شئ بأنفسهم حتى يبدو للشعب ان السلاطين هم الذين وقعوا الاتفاقية . لقد وقع السلاطين الاتفاقية ولكن يجب ألا ننسى أن كل هؤلاء السلاطين مكرهون على قبول جميع ما تشير به السلطات البريطانية في عدن بمقتضى اتفاقيات الاستشارة . وهذا يعني ان البريطانيين يسيطرون سيطرة تامة على كل التوقيعات رغم ان السلاطين هم الذين وقعوا .


السيد برايكن ( الاتحاد السوفيتي )

ليس لدي أسئلة أخرى ولكني أود ان اختم كلامي بشكر الملتمس على المعلومات التي أضافها والتي ألقت ضوءا على الأحوال الراهنة في منطقة الجنوب العربي ويجب أن انوه بأهمية ما ذكره الملتمس . حقا أن هذه اللجنة والأمم المتحدة لم يكونا على علم كاف بالوضع القائم في احد معاقل الاستعمار البريطاني المتبقية ولا شك أن الحقائق التي جاءت على لسان الملتمس ستساعد هذه اللجنة على إصدار القرارات الصائبة ، فهذه القرارات يجب ان تستمد من قرار منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة .
واو دان اشكر الملتمس وان اخبره بأنني أرى أن تعبيره الواضح المقنع عن أهداف ومصالح شعبه الشرعية ، يحملنا على الاقتناع بصفة اقوي بواجب هذه اللجنة بتقديم كل جهد لمساعدة الشعوب المستعمرة على التخلص من ربقة الاستعمار . وبقدر مسارعتنا الى العمل يكون النفع الذي نحققه للشعوب التي تعيش في المناطق المستعمرة ولقضية السلام . ولهذا فان كلمة الملتمس قد أسدت عونا كثيرا في هذا الصدد .