من حكايات أسير سابق ( سلسلة اجزاء )

[أحمد الربيزي]

بسم الله الرحمن الرحيم

7ـ أخبار من وحي زنزانة (5)

متهمين بالنيات : لهذا أبقونا في السجون!!

كان جيراني الجدد ممن تم أنزالهم الى هذا القسم ( الطارود ) كما يسميه الجميع كعقاب لهم على اعتدائهم على أبناء الحوثي هم من الشباب والذين تتهمهم السلطات بالانتماء الى القاعدة وهنا لا استطيع الجزم هل فعلا هم من أتباع القاعدة ؟ أم أن هذه التهمه وجدوا فيها أرضى لغرورهم كشباب يتفاخروا بهذا الانتماء العالمي أو ذو الشهرة العالمية ليصبح حالهم كحال (العاشق الكذاب ) أو على أقل تقدير حال بعضهم وهم شباب عاديين لا تلحظ فيهم ما يميزهم لا في معرفه أو في تدين يؤدون صلاتهم كأي مسلم سني بل تلاقي الكثير منهم لا يملكون قصد كبير من ألمعارف الإسلامية التي يمتلكها مثلا في واقعنا الكثير من الشباب السلفيين أتباع الشيخ مقبل الوادعي أو كما يسميهم الحوثيين ( وهابيي دماج ) وهي المنطقة التي يوجد بها مخيم السلفيين في صعده شمال اليمن الذي يتم فيه تدريسهم في الكثير من المعارف الدينية ومنها علم الحديث

تقرب مني بعضهم ليطرح الأسئلة المعتادة , من أكون ؟ ومن أي منطقة ؟ وما هي تهمتي ؟ الحراك الجنوبي لا ينفر أحد منه كتنافر الحوثيين وأصحاب القاعدة هذه الحقيقة , فتجدهم يسألون عن الحراك وما هي أهدافه وهل هناك جدوى من النضال السلمي أو كما يحبوا أن يلفظوه الجهاد السلمي ؟ وقد يوافقك الرأي بعضهم أن هذه السلطة ظالمة وأن الجنوبيين طيبين وأن الجنوبيين صادقين ولكن عندما تطرح عليهم تفاصيل القضية وأننا تعرضنا لحرب ظالمة في 94م ويعد ذلك أسوء من أي احتلال أو أن تخالفهم في الرأي سرعان ما تجدهم يكيلوا عليك كجنوبي الاتهامات القديمة المتجددة أنتم اشتراكيين شيوعيين في الوقت الذي تحاول أن تقنعهم بأننا لم نكن في أي يوم من الأيام شيوعيين وحتى لو افترضنا وجودها ذات يوم في أقلة قليلة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة فلا يعني ذلك أنه ينطبق على كل أبناء الجنوب وهم من حمل راية الإسلام ونشروه من خلال معاملاتهم وأخلاقهم في شرق آسيا دون ما يزهقوا قطرة دم واحدة وفي رأيي كل ذلك الشرح حتى وان كان مقنع جدا فأن الجنوبي موضع شك في عقيدته تحت مبرر إن الجنوبيين اشتراكيين .

في حقيقة الأمر لم تكن علاقتنا بالكثير ممن هم متهمون بالانتماء إلى القاعدة على ما يرام بأ استثناء منهم المنتميين إلى القاعدة من الجنوبيين وهم مجموعه من أبناء حضرموت العايشين والمولودين في السعوديه بل كانت علاقاتنا بالحوثيين أفضل بكثير وهي في الأساس علاقة احترام متبادل ولا أبالغ أن حتى الجنوبيين القاعديين تختلف معاملاتهم مع الحوثيين بعلاقات أفضل بعكس القاعديين الشماليين.

لكن السؤال الذي لم أجد له أجابه شافية هل حقا هم من القاعدة ؟ كنت أستمع لرأي الحوثيين في هذا الموضوع الكثير منهم يقولوا هولا قد ربما عندهم النية الجهادية الصادقه ليذهبوا إلى التطوع المنظم للجهاد في العراق منظم من قبل رجالات مرتبطين أو لهم علاقات بالسلطة أو بجهود ذاتيه أو جماعية لرجالات دين أو أئمة مساجد متطوعين ويجندوا شباب متحمسين للجهاد في العراق ضد الغزو الأمريكي إلا أنهم أصبحوا في قبضة الأمن إما وهم في طريقهم إلى العراق أتمسكوا في مطار صنعاء أو تم ترحيلهم من سوريا وهم في طريقهم الحدودية من سوريا إلى العراق أو أنهم وقعوا في قبضة الأمن وهم في طريقهم لرمي قنبلة يدوية على منشأه في حضرموت أو ما شابه ذلك ولذلك تجد غالبيتهم متهمين ويتم محاكمتهم بالنية والملاحظ إن الكثير من هولا الشباب من سكان حي ( مسيك ) الحي الشعبي ومن الأحياء المجاورة له وفي هذا الحي جامع سني من جوامع صنعاء السنية المشهورة وقد ربما يكون له ارتباط بتجنيدهم حسب رأي الكثير من الحوثيين , ويضيفوا أنهم في السنين الماضية كان هناك برنامج تدعمه أمريكا لتأهيل الشباب المتطرف وهذا البرنامج يقدم مساعدات للمتطرفين من الشباب والمراهقين ويوجد لهم وظائف ورواتب مغرية ويقوم بمساعدتهم بتزويجهم عند التزامهم بترك الجهاد ومساعدتهم في البناء وجعلهم يستقروا وبذلك تضمن الدولة وأمريكا أتقى شرهم وقد استفاد الكثير من هولا الشباب في ضل البطالة والحالة المعيشية والتدهور الاقتصادي التي تمر بها البلد وهذا البرنامج الذي استفاد منه شباب كثير أصبح موضوع أغراء يتهافت إلى الاستفادة منه الكثير ولكن هذا البرنامج لم يستطيع أن يوافي زبائنه الجدد الذين تكاثروا ولذلك بقوا هنا في هذه السجون ليواجهوا مصيرهم وتتبد أحلامهم .

حاولت إن اعرف من بعض ممن أستطيع إن أتحدث إليهم من المتهمين بالانتماء إلى القاعدة حيثيات وجودهم هنا وأسباب بقائهم مع إن الكثير منهم قد أكمل مدة الحكم عليه ولماذا لم يتم إطلاق سراح من لم يتحاكم وله أكثر من خمس سنوات ولماذا ؟ وغيرها من الأسئلة واستخلصت من إجاباتهم والتي أكدوا أن بعضهم فعلا يتحاكم على نيه نواها ولم يقم بجرم والبعض أقضى محكومتيه فعلا وأجمعوا إلى إن السبب حسب زعمهم أن السلطة تتلقى مساعدة من أمريكا تحت بند محاربة الإرهاب وبحجة التحفظ على إرهابيين كي لا يقوموا بأي عمل إرهابي (مع العلم أنها لا تعمل برنامج تأهيل لهم ) وهي بذلك تتلقى أي السلطة وإدارة السجن بالذات من أمريكا ( 12 دولار ) يوميا عن كل معتقل منهم وهذه تجارة رابحة ولا يهم ما نعاني نحن هكذا قالوا والله أعلم .

وحتى لا نخوض في تفاصيل أكثر أقفل هذا الموضوع وقد تفاديت ذكر أسماء المتهمين بالقاعدة والذي صادفناهم ونحن معتقلين في الأمن السياسي

[أحمد الربيزي]

بسم الله الرحمن الرحيم

8- ( أخبار من القسم الغربي)

(( أحمد القنع بين الحياة والموت ))

أياما مضت لا ادري كم هي ؟ ولا أدري حقيقة الأمر ما هو اليوم الذي نعيشه بل ولا ابالغ أن قلت لا ندري كم هي الساعة التي نحن فيها؟ تمر الأيام متثاقلة والأحوال هي هي لا جديد غير أن التحقيقات انتهت لم نعد نصعد إلى أدارة التحقيقات المملة والمزعجة لم أعلم خلال أقامتي في زنزانة الطارود الجنوبي رقم (5) أن أخواني وزملائي وأصدقائي صلاح السقلدي وفؤاد راشد معي في هذا المبنى في أحد أقسامه بل كنت أعرف أن أخي فؤاد معتقل في المكلا ولم أعلم حتى ان أخي صلاح السقلدي قد تم القبض عليه برغم ورود أسمه في التحقيقات التي تمت معي سوى في عدن أو في سجن الأمن السياسي في صنعاء وكانت أسألتهم الملحة حوله والمتكررة عن معرفتي به وكنت أقول لهم وهي الحقيقة إنني لم التقي صلاح إلا في ما ندر ولكني اسمع عليه في شبكة ألنت كأعلامي جنوبي ورئيس تحرير شبكة خليج عدن الإخباري ولقاءاتي به معدودة هذه ألقاءات أحداها في الوهط منطقة من لحج قريبة من عدن ومرة كذلك صدفة في السوق , في زنزانتي كنت من بين المعتقلين الجنوبيين ككل في هذ القسم الجنوبي من سجن الأمن السياسي في البدروم لوحدي فيما زملائي فؤاد وصلاح كانوا كما قالوا لي فيما بعد ـ بجانب بعضهم البعض في القسم الشمالي بدروم والقنع وفادي باعوم وحسين زيد قبل إن يطلعوا الاثنين ويبعدوهم من جنب القنع كانوا جيران بعضهم البعض في القسم الغربي بدروم نعم وحيدا لا أعلم شي عنهم عدى صوت أخي وصديقي أحمد القنع الذي يرسله بين الحين والآخر إلي مناديا بصوت عميق من بعيد وكأنه من عمق بئر فأنني لا أدري عن بقية زملائي أي شي فيا ترى من أي اتجاه يأتيني هذا الندى العميق من صوت أحمد القنع في ساعات الفجر الأولى حين تهدئ قرأت القراءن وترتيله من زنازين مختلفة بجواري لعل ما يؤنس وحدتي هنا في هذه الزنزانة خاصة بعد مرور أكثر من نصف شهر هو تخفيف حدة الرقابة على نافذتي التي كان يمنع فتحها وكذلك وجود أربعة مجندين جدد من محافظة أبين سلموهم المناوبة في هذا القسم وكانوا يسمحوا لبعض المعتقلين من القاعدة بإعطائي أكل , في بعض الأوقات انتهزت فرصة وجودهم وسألتهم عن القنع وكان قد بداء يشتد عليه مرضه الذي يعاني منه من سابق وهو ترسبات في الكلية الباقية لديه ـ للعلم انه أزال بعملية جراحية أحدى كليته التي أصيبت بفشل وتليف , كانوا يحدثوني عن مرضه وكنت أدعي له بالشفاء وفي مرة سمعنا في ساعات الفجر الأولى ( وهذا يحصل دائما لما يتعب أحد المساجين ) نعم سمعت صياح ودقدقة شديدة على باب زنزانة من القسم القريب منا وصوت أشخاص وصراخ لشخص يتألم بشدة وحالة ما يشبه الطوارئ لدى السجانين ومن ثم صوت زمار سيارة إسعاف ولم أعلم ان هذه الجلبة كلها كانت بسبب انهيار مفاجئ لصحة زميلي أحمد القنع على أثرها تم نقلة و إسعافه إلى أحد المستشفيات القريبة من السجن وهو في حالة إغماء شديد وفي الصباح جاء إلي أحد المناوبين السجانين من أبناء م / أبين وكان يبدوا عليه التعب والإرهاق الشديد وقال لي من نافذتي الصغيرة اليوم الفجر صاحبك تعب كثيرا وكانت صحته قد انهارت ولولا لطف الله كان انتهى صحت مش مصدق قلت قتلوه وكان يسكتني وإنا مش مصدق وأمسك بكم قميصه محلفا إياه هل عادة حي يرزق وجلس يقسم لي بأغلظ الإيمان انه سليم وأنهم أعادوه إلى زنزانته ولاحظ إنني مش مصدق ولكنه وعدني أنه في أقرب فرصة تتاح لهم سوف يخلوني أشوفه دون ما حد يعلم وكنت متخوف عليه فعلا وفي فجر اليوم الثاني أخرجوني من زنزانتي وهو خارج زنزانته بحكم انه مريض يتم السماح له بالجلوس خارج زنزانته والتقيت صديقي أحمد القنع وكان لقاء حار تعانقنا ولا أخفيكم أن الدموع جرت بين مآقينا دون أن نستطيع إخفائها كان لقاء مؤثر جدا لاحظنا تأثر الجنود حقيقة لاحظنا ذلك بوضوح بل أن أحدهم شاهدناه وهو يمسح عيناه , وقلت لصديقي أنني لم أصدق نفسي أن عادني يمكن أن أشوفه في يوم من الأيام وشرح لي ما جرى له مؤكدا أنه كان لا يعلم ما جرى له الا في المستشفى بعد إن عملوا له الإسعافات والتنفس الاصطناعي , نعم كان بين الحياة والموت ولكن ربنا لطف به مسكين أحمد دائما توقع له مشاكل مرضية فقد حدث له في ما بعد كذلك مشكلة في أحدى ركبتيه التي كانت تؤلمه فتم نقله إلى مستوصف وأجراء عمليه شفط مياه من ركبته وتم مع شفط المياه شفط المادة اللزجة التي تساعد مفصل ركبته على الحركة بمرونه (( ولذلك كان يقول لي من خلال فتحة صغيرة يطل علينا منها أثناء وجودنا في الشماسي في ما بعد بصوته القوي يقول : "يا أخي شفطوا ماء من ركبتي وشفطوا معه السليط وألان ما عاد أقدر أن اعطف ركبتي " ))
شوقي لرؤياك أيها الصديق البطل أيها الأسير الذي يعاني ويلات السجون وظلماتها أنت والبطل الصنديد السفير قاسم عسكر والذي قابلته في ما بعد ولنا حكايات جميلة وحكايات محزنة ستقرؤونها في الحلقات القادمة فكم هي مشاعر عمي قاسم فياضة وكم بكينا فرحا في زنزانته وكم حزنا وكيف كنت أهرب من زنزانتي في الدور الاعلى الذي انتقلنا إليه قبل رمضان بيومين كنت أهرب الى زنزانة عمي قاسم المجاورة وكم هتفنا وكم كان هذا الإنسان بجنوبيته وحبه للجميع ومشاعره الوطنية الكبيرة ووو والشامخ أبن الشامخ فادي باعوم شوقي لمقابلتكم والالتقاء بكم وانتم بين أخوتكم كم يحزني بقاءكم في هذه السجون كم يحزني بقاءكم في سجون الأمن السياسي الكريهة وفادي الذي لم التقية في السجن الا مصادفات قليلة سيأتي ذكرها وحتى لا أفسد عليكم المفاجآت .... أستودعكم الله والى اللقاء