الشيخ عائض القرني مفتي السلاطين وأتهامات للجنوبيين أحفاد لينين وستالين

[نايف الكلدي]

الشيخ عايض القرنى والحملة الدعائية للاحتلال – حوار العوطف العمياء

بقلم / ابو سلطان النهدي


خليج عدن - خاص -

قبل عدة سنوات فى خضم الحملة على الارهاب داخل السعودية وخارجها ظهر الشيخ عايض القرنى فى حلقات من برنامج مخصص كحملة اعلامية ضد الارهاب والارهابيين يجرى فيه لقاءات مع التائبين ، اللافت للنظر ان الشيخ عايض القرنى لا يبدو فى البرنامج كما هو، فهوانسان غير الانسان فى هذا البرنامج عنه فى جميع دروسه ومحاضراته وخطبه ، وكانه مكره على البرنامج فى غمرة من الشعور بانه مجرد جزء من الدعاية التى يشنها النظام على الارهاب ، يشعر المشاهد (ربما انا لوحدى من شعر بهذا) ان معنويات القرنى فى الحضيض وقد يعود السبب انه يشارك فى برنامج ليس من صنعه برنامج مفبرك موغل فى النفاق الاسود ولذلك طفحت هذه الحقيقة على محيا الشيخ عايض القرنى فهو يعلم انه جزء ،رغما عنه ، من صناعة النفاق والكذب والتزييف وانه مجبر على السير فى هذا الطريق . ولا يعنى ذلك اننا نتهم الشيخ عائض القرنى بذلك الاتهام ولكننا نعرف انه مكره على امور كثيره .

ما علاقة هذا بموضوعنا ؟ سياتى لاحقا .
من دروس ومحاضرات وخطب وكتابات الشيخ القرنى ، ومن رسالته الى مانديلا الحر ومن مقالة له مجد فيها الحضارم ورفعهم مكانا عليا ، من كل هذا يتبين ان الشيخ عائض القرنى عاطفي زيادة عن اللزوم . وهذا ليس عيبا على الاطلاق ، وقد يكون هذا السر الذى جعله محبوبا عند الكثير ، ويعنى هذا ان له قلبا كبيرا ، وانه بوجه واحد صادق لا بوجهين ، وانا اعنى هنا ما اقول ، ولذلك لن تراه وهو مكره على امر لا يؤمن به الا مهتما مغتما ، كما فى البرنامج الذى سبق ذكره .\
هذه العاطفه جعلت لدروس الشيخ خاصة فى السيرة نكهة خاصة وروحا متميزة ، وهنا اروع فائدة للعاطفة عندما تستخدم فى محلها الذى ينبغى لها ، ولذلك فالدكتورعائض القرنى متميز هنا كداعية وملك مايفتقده الكثير من الدعاة ، وتغذى هذه العاطفة سعة اطلاع تجعلها تستقى من نبع غزير فياض .

لكن هذه العاطفة لا تسعف الدكتور عايض القرنى عندما يناقش مواضيع ابعد ماتكون عن العاطفة وتحتاج الى نظر واقعى الى اقصى دود الواقعية الممكنة ، ومنها قضية الجنوب والوحدة ، ان مناقشة هذه الامور بالعاطفة مضره كثيرا ونتائجها وبيله .

على عكس الدكتور عائض القرنى نجد الشيخ سلمان العودة الذى يتمتع بموهبة التفكير العقلانى المنطقى والتاصيل المنهجى ، وهذا لا يعنى ان القرنى لا يملك شيئا من العقلانية والمنطقية والدليل ولكن نقول انه ليس ميدانه المناطق الجافة ولا يجيد التحرك فيها ، كما اننا لا نقول ان العودة لا يملك شيئا من العاطفة والشعور ولكن ليست حلبته الاثيره وربما لا يستطيع السباق فيها. وبهذا يتم التكامل فى الحياة والمجتمع والفكر والدعوة .

لو تحدث الشيخ سلمان العودة عن الوحدة لاختلف حديثه ، ولو افترضنا انه مع الوحدة باعتبار الخلفية الاسلامية ، لابدى اسبابا منطقية تدعم موقفه من الوحدة ، هكذا اعتقد ، ولاستطاع الانسان ان يرد عليها . فيما نجد ان القرنى لم يتحدث الا بالعواطف الغائبة عن الحقيقة ، حقيقة الوحدة نفسها ، وحقيقة مايجرى فى الجنوب ، ولم يعلق فى مخيلته الا صور من ايام الشباب ولم يذكر من الجنوب الا الماركسية واللينينية ولذلك انطلقت عاطفته تعبر عن وهم ليس له وجود . ولذلك كان ورقة سهلة المنال للبروباجاندا الاحمرية ، وهذا لب البروباجاندا ، الاعتماد على العواطف - خصوصا عاطفة الخوف (من الخطر، خطر الماركسية وكفر الجنوبيين وخطر الصومله والخطر الايرانى.. الخ ) – واثارت هذه العواطف واخفاء الحقائق خلف ركام من الخرافات والاكاذيب التى لا وجود لها .

تعتمد البروباجاندا على اساليب التاثير النفسى منها الاستعانة بالشخصيات اللامعة ، والتاكيد بدلا من المناقشة والبرهنة ، واثارة الغرائز وادعاء الموضوعية واطلاق الشعارات .

فهل أُستخدم القرنى دون ان يشعر فى هذه الحملة سيما ان شخصية لامعة ولديه مقدرة على اثارة العطف ؟؟

يقول تشومسكى فى كتابه السيطرة على الاعلام عن لجنة كريل التى تشكلت ابان الحرب العالمية الاولى فى عهد الرئيس وودرو ولسون لتطويع الشعب الامريكى حين وجدت الادارة الامريكية صعوبة فى مساعدة الاوربيين بسبب معارضة الامريكان للحرب لانها حرب لاتخصهم يقول : ( نجحت لجنة كريل خلال سته شهور فى تحويل المواطنين المسالمين الى مواطنين تتملكهم الهستيريا والتعطش للحرب والرغبة فى تدمير كل ماهو المانى وخوض حرب وانقاذ العالم )...الى ان نقال (واعتمدت قدر كبير من الفبركة والتزييف ) يعنى هذه اللجنة وتلك الحملة . وهذا يشبه ماحدث فى فى حرب الانقلاب على الوحد عام 1994 .

ان الاخطر هنا يكمن فى ان القرنى خطب فى شعب تتلمكه من الاساس الهستيريا والتعطش للحرب لا لانقاذ المظلوم وانما للكسب والفيد والاحتفاظ بالغنيمة ، واعتمد على معلومات لا اساس لها من الذاكره ،عندما لمح بقوله ( ولا نتبع لينين ولا ستالين ولا غيرهم من المنافقين ) قد يكون هذا التلميح عفويا لكنه خطير ، ان المستع عندما يسمع هذه الكلمات لن يذهب عقله بعيدا وخصوصا فى هذه الاجواء ، لن يفهم منها الا ان الداعين (للانفصال بزعمهم) ما هم الا اتباع لينين وستالين ، ولن تكون هذه الكلمات الا تلميحا واتهاما غير مباشر لكنه واضح ، سواء اراد ذلك ام لم يرد ...لذلك لن تكون هناك فبركة مثلما فعلت لجنة كريل بل حجج دامغة خصوصا انها اتت من شيخ يحبه الكثير . انها مصيبه ان يتحول العلماء والدعاة ، ربما بدون شعور، الى احجار كريمة فى بروباجاندا الحروب والدماء .

عندما يتحدث انسان بالعاطفة ويرميك بترهات من ايام زمان كيف بالهع تستطيع ان ترد عليه ؟

لنتصور طفل – والاطفال دائما عاطفيين - من عدن اوحى له خياله الجامح انه يركب دراجة جميلة حمراء فاقع لونها تسر الناضرين على مقاسه ذلول لا كبيرة ولا صغيرة ذات مكابح قوية وهورن موسيقى كانه بلبل صداح ، فاندفع الى ابيه يحدوه الامل وتسوقه العاطفة البريئة ، يابويا يابويا !! ابغى (بسكليته) – على لهجة بعض السعوديين - بدون مقدمات ولا احم ولادستور ، والاب منغمس فى هموم الديون وقوت العيال . حاول الاب ان يرد على ابنه بجواب مقنع ، على الاقل ليؤجل رغبة ابنه .

الاب : يابنى ليس لدى مايكفى من (الزلط ) حتى اشترى لك دراجة وراح يقنعه بكل الوسائل والطرق وان الراتب لا يكفى والديون متراكمة عليه ، وذهب يتحايل عليه بشتى الحيل .

الطفل : آه ، ولكنى اريد دراجة حمراء ، اريدها الليلة ..

ليس امام هذا الاب الا طريقين ، اما ان يضرب هذا الطفل المنفصل عن الواقع ، او يتجاهله ويتركه يبكى حتى يذهب لحال سبيله . لكن المشكلة اذا اتجه الطفل الى امه العاطفية ، ستقوم جبهة بالتأكيد .

عاطفة الطفل لن تستثير الا الدموع وبعض النكد ، لكن عاطفة المشايخ من على اعواد المنابر قد تريق الدماء ، وجه الشبه بين الحالتين ان هناك شئ ما يسيل !! ليس المهم اللون ، دموع صافية او دماء داكنة ، المهم ان لديها قدرة على احداث نكبة سواء لاب او لشعب ، وهذا وجه الشبه الثانى القوى ، وجه الشبه لثالث ان هناك طرف اخر غير صاحب العواطف هو الذى يدفع الثمن ، والفارق يكمن فى بلاغة المتحدث .
بكل بساطة يرتقى احدهم المنبر ويلقى بخطبة تجيش مشاعر سامعيه وتوهمهم بحق ليس لهم وتتحول سرقة الاوطان الى حق مصان .

عندما نخاطب العاطفيين الذين لا يعرفون الحقيقة جيدا ، ونوضح الحقائق بكل السبل التى تؤكد : اننا استعبدنا واننا ظلمنا واننا اقصينا واننا همشنا ونهبت ثرواتنا باسم الوحدة ، لن يكون ردهم الا : آه !!! ولكن نريد الوحدة ، انها تداعب عواطفنا واحلامنا . حقا من يده فى الماء ليس كمن يده فى النار .. ومن يحلم بدراجة جميله من صنع اوهامه ليس كمن يدفع الثمن ...

لنلتفت الى مطلع الحكاية قبل الوداع ، اذا كان القرنى جزء من دعاية ضد الارهاب فى برنامج تلفزيونى ، هل جاء الى صنعاء فى جزء من حملة لمساندة نظام على صالح ؟

ولماذا الى صنعاء ، لِمَ لم تكن الزيارة الى عدن ؟

هل يخاطب مستعمين مؤمنين اساسا بالقضية ، ام يجب ان يذهب الى الجنوب وعدن خاصة ويخاطب شعبا غير مؤمن بالقضية التى جاء من اجلها ويحاول هدايتهم واقناعهم ؟
ام لا يستطيع ان يذهب الى اتباع لينين وستالين ؟
ام هى زيارة - كما سبق ايضاحه شعر ام لم يشعر- جزء من البروباجاندا للحشد والتأييد باثارة العوطف ؟؟

ام ليس هناك شيئ اساسا من هذه الاسئلة وانما جاء من تلقاء نفسيه بعفوية وحب للخير – ونأمل ذلك – ويريد ان يقنع اليمنيين جميعا ( باعتبار الجنوب جزء من اليمن ) وان الجنوب اصلا ترك اللينينة ولا يجب العودة الى (التشطير) الذى يرمز اليها ، وانه اولى باليمنيين الا ان يكونوا متحدين ، لا نستبعد هذا اطلاقا ، لكن النتيجة واحدة وهى اضفاء شريعة على الظلم لن تخدم الا نظام صنعاء ، وتمييع لقضية الجنوب واغفال تام للحقائق عبر العموميات والتذكير العاطفى بالتاريخ والبطولات الغابره التى ليس لها صلة بالحقائق الموضوعية على الساحة والتغنى بالوحدة الزائفة و لن يساهم هذا الا فى انجاح بروباجاندا النظام عبر تشتيت الانتباه بدلا من التركيز على لب الموضوع واصل المشكلة .

يقول القرنى فكيف نترك المستبد والمحتل والمغتصب والمستعمر ونأتي إلى إخواننا المؤمنين المستأمنين والمعاهدين والمجتمع المسالم، نأتي إلى المساجد والقصور والجسور فندمر ونهدم، يخربون بيوتهم بأيديهم، فلا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا )

كل هذا الكلام ينطبق على نظام على صالح ، لكن العين التى فى جهة النظام عوراء لا ترى ، يكفى الشخص او الفئه او الاسرة ان تسيطر على السلطة والثروة وتُبرّأ من جميع التهم السابقة .

اذا كان الكيان الصهيونى مستبد ومغتب لانه صهيونى ، افلا يستطيع ان يتصور الشيخ القرنى ان المسلم العربى على عبدالله صالح هو ايضا مستبد ومحتل ومغتصب ومستعمر ؟ لا يكون الاستعمار الا من الاجنبى ؟ لماذا لا ننظر الى طبيعة الاستبداد والاحتلال والاغتصاب والاستعمار وليس الى شكل ولسان ودين المستبد والمحتل والمغتصب والمستعمر ؟ على الاقل اذا كبر على الشيخ القرنى ان يصف نظام صنعاء بما سبق الا يستطيع ان يحكم على نظام صنعاء وكل من تبعه من شعبه على انهم فئة باغية ؟ اذا لم يكن هذا هو البغى فماذا يكون ؟

فى الختام ، لا يعنى كل هذا اننا ننتقص من الشيخ عائض القرنى بل نحترمه ، وسنجد له مائة عذر لاننا نعلم انه رجل مخلص ، ولقد كبى جواده فى الجنوب ، فقط نريده ان يتريث قليلا ولا يكون ورقة سياسية دون ان يشعر ...