الطابور الخامس والمسؤلية عن شق الصف الجنوبى

[ارادة الشعب قانون]

الطابور الخامس والمسؤلية عن شق الصف الجنوبى

لقد عمل الطابور الخامس بكل الوسائل لتحقيق هدف شق الصف الجنوبى وابقائه ضعيفا مهلهلا . واتهام القوى الاستقلال بالتسبب فى ذلك ، اى اسقاط التهم على الاخر ، يعد من اساليب الحرب القذرة . وهم يشبهون نظام الاحتلال من هذه الزاوية ، زاوية الاسقاط ، فنظام دولة الاحتلال يتهم الجنوبيين بصفة لازمة فيه – اى فى نظام الاحتلال – وهى دابه على بث الكراهية والاحقاد ، فهو يعمل على بث الكراهية والفتنة وتفريق الصفوف ، ثم يتهم قوى التحرير الجنوبية التى تعمل عكسه بما فيه من هذه الصفات .
ولأن الطابور الخامس يعمل بجد على اضعاف القضية الجنوبية وتفتيها وتشرذمها ، فان لا يأل جهدا فى اسقاط هذه التهم على الطرف الاخر ، انهم يعرقلون الاتفاق على هدف التحرير الناجز ، ويرفضون ان يتخذ اى طرف هذا الهدف او يشكل قوة سياسية منظمة تحمل هذا الهدف . وعندما تسالهم ما هو الحل ؟ ياتى الجواب : يجب ان نتفق اولا ! وكيف ذلك وهناك تناقض فى الرؤية او فى الهدف او فى الوسيلة او فى جميعها ؟ انهم يصطنعون معضلة لا حل لها . فمنطقهم : يجب ان نتفق جميعا على غير الاستقلال ، او نتفق جميعا على الاستقلال ، خداعا ، اذ لايؤمنون اصلا بالاستقلال ، اى ان مضمون رايهم انزل على راينا ! فاذا لم يحدث اتفاق ، ولن يحدث بناء على هذه اللعبة ، فانهم يصورون من يحاول العمل وفق رؤيته وهدفه بأنه يشرذم الصف . اى لابد ان يبقى الصف مشرذما حتى لا نتشرذم ، وبكلام ادق ، ان من يعمل بناء على هدف الاستقلال ويجمع قواه هو الذى يشرذم الصف ، اى لابد ان يبقى صف الطرف الاخر مشرذما حتى لا نتشرذم ، او بكلام اكثر دقة ، يجب الا توجد قوة غير القوة التى تؤمن بهدف غير هدف الاستقلال ، وان الكل عليه ان يلحق بهم والا سوف يعتبر هو المسؤول عن شرذمة الصف .
ومن اساليبهم فى فن المراوغة ، اعتبارهم ان مجرد الدعوة للاستقلال الناجز هى اتهام لكا من لم ينبس ببنت شفه ويذكر الاستقلال ، اتهام له بانه ليس مع الاستقلال ، ثم يدعون ان هذا عمل يفتت الحراك . وتارة اخرى يزعمون ان الدعوة للاستقلال غير واقعية ، ولانهم لايوافقون عليها ، فيعتبرون ذلك تفتيتا للحراك . انهم يضعون قوى الاستقلال امام معضلة مصطنعة : اذا لم نتفق جميعا على الهدف وعلى كل شئ ، فان من يرسم له هدفا من دون الاخرين ، اى من دونهم هم ، انما يشق الصف . وبالتالى فان عدم شق الصف عندهم يتمثل فى عدم تكوين قوة تؤمن بالاستقلال المباشر والناجز . يشترطون المستحيل المتمثل فى قولهم " لابد ان نتفق جميعا " ، وكيف يتم ذلك وانت تؤمن بغير الاستقلال الناجز ، والاخر يؤمن به ومقتنع به اشد الاقتناع . فعوضا عن ان يقولوا : فاليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ، يقولون لابد ان نتفق اولا . وعوضا عن قولهم نحن مختلفون ولكل طرف حق اتخاذ الموقف الذى يؤمن به ، يصرون على توحيد المواقف المتناقضة اصرارا على ابقاء جذوة الخلاف مشتعلة . يضعون التشرذم هدفا ، عبر اصطناع المعضلات ، ثم يحملون الطرف الاخر مسؤولية التشرذم وشق الصف .
والمعنى النهائى : انك اذا لم تكن معهم فانت تشق الصف ، اى كن معى ومع طرحى والا فانك انت المتسبب بالتشرذم . فاين الاعتراف بحق الطرف الاخر فى الطرح ! مضمون كلامهم : عندما تطرحون مشروعا لا نوافق عيه فان هذا يعتبر تفتيتا للحراك ، اى لابد من موافقتهم المستحيلة والا فالاخر يفتت الحراك .
من الذى شرذم الحراك ؟ الذى يعترف بحق كل طرف فى طرح مشروعه بوضوح امام الشعب ، ام الذى لا يعترف بطرح الاستقلال ويصادر هذا الطرح ؟ من هو فعلا الذى يسعى للفرقة ؟ من هو فعلا الشمولى والاقصائى ؟ الذى يعترف بحق الاخر فى الاختلاف ام الذى يصادر هذا الحق ولا يعترف به ويسقط التهم على الاخرين ويعمد الى نبش الماضى بمناسبة وغير مناسبة وتحميله لطرف بعينه دون الاخر ؟
فى واقع الامر ، لا يوجد تشرذم وانقسام حقيقى ، ولكن المشكلة الاساسية تتمثل فى غياب قوة جنوبية سياسية فاعلة . والعوامل التى حالت دون تكوين تلك القوة عديدة ، ومنها تامر الطابور الخامس . وغياب هذه القوة يجعل البعض يرى ان هناك تشرذما وانقساما . والطابور الخامس عندما يؤكد على وجود هذا التشرذم انما يريد ان يعطى لنفسه وزنا اكبر من وزنه ، ودور اكبر من دوره . والعزف على وتر ضرورة وحدة الصف والتباكى على غيابه وتحميل قوى الاستقلال مسؤولية ذلك ، ليس من اجل وحدة الصف بل من اجل عرقلة اى جهود لوحدة الصف ، لان هذا الادعاء والحرص يفتح له الباب فى حل المشكلة واعتبار نفسه جزءا من الحل وهو فى حقيقة الامر الجزء المعطل . ان هذا الطابور لاوزن له الا فى غياب القوة الجنوبية الجامعة .
ان التحدى امام الجنوبيين ليس الاحتلال ، بل توحيد قواهم وتشكيل قوة سياسية جامعة وفاعلة . وبكلام اخر ، ان التحدى هو الوحدة على المستوى السياسى تظاهى الوحدة على المستوى الشعبى ، لتحمل تطلعات الشعب واماله وتصل بها الى بر الامان .