عندما يضيع وطن القلم .... وتتحوّل الكتابةُ الى عبث وشهوةٌ للانتقام .... ! ! ! ! ! !

[منصور بلعيد]

للمتابع للاحوال العامه للجنوبيين يشعر بالحيره والحسره معاً ، يشعر بالحيره لواقع الاختلالات التي يصنعه
الجنوبي في ظل ازمه مقابله يصنعها نظام صنعاء ، ويشعر الانسان بالحسره على واقع الظلم المتعمّد والغير متعمّد من قبل الجنوبي للجنوبي اضافه الى واقع الظلم المترامي الاطراف على طول وعرض الجنوب والقادم
من معامل حكومة صنعاء والموالين لها

قد نلتمس حالة الضاع الفكري في دول الوطن العربي قاطبه ، وكأننا نريد ان نحل مشاكل الواقع المتردي بطريقة كتابة الروايه القائم بناءها على قواعد الانتقام من اجل ضمان نجاحها وقبول الجمهور لها لانه اصبح
يفضل ثقافة الانتقام والهدم على ثقافة الاصلاح والبناء

نحن في الجنوب نكتب لقضية الجنوب والانسان الجنوبي ولكننا نندفع بشكل عشوائي وكأننا نريد التخلُّص منها
دفعه واحده وبفتره زمنيه محدده متناسين ان الموروثات الثقافيه والفكريه والتراثيه السلبيه بالذات لم تأتي لنا بمحض الصدفه وبزمن قصير بقدر ما اتت على شكل حلقات رتبتها الاحداث وعامل الزمن ....
كما اننا نتناسى الحاله النفسيه التي نكتب فيها فنحن دائماً غاضبون ولنا الحق ان نغضب وليس لنا الحق ان نجعل من غضبنا وسيله لاسترداد الحقوق او وسيله لضياع حقوقنا

ما يجبر الانسان على الوقوف متأملاً امام ساحات الضياع العربيه الاسلاميه بصفه عامه والجنوب بصفه خاصه
هي تلك التقلبات العشوائيه للاقلام ، وكأننا لا ننتمي الى اصول وليس لنا جذور ولا يوجد لدينا هدف .........
حتى يتخيل للمرء اننا في خلاء معرفي عام وان علينا ان نؤسس للاشياء من قواعدها وجذورها وان الوقت هو
وقت زرع البذور ، غير ان زرع البذور لا يتأتى نجاحه ويؤتي ثماره من غير جذور وعي معرفي تراثي تأريخي
انساني اخلاقي قيمي وحتى التعاطي للتراث الانساني يجب ان يأتي من بوابة خصوصيتنا

الاكثيريه منا او الاغلبيه بالاحرى يرى ان عالم النت ومملكته الواسعه هو مجاله الانساني الواسع الذي يفرغ فيه
كل اوجه المعاناة والالم الذي يتعرّض لهما ، فتراه يطلق العنان لقلمه بدون بصيره ، فان كان يتحدث اليوم عن
افكار الحريه والديمقراطيه لواقع غربي او شرقي معين تراه يتحدث بطريقة الباحث الجاد ولكنه لا يراعي خصوصية الواقع الذي يعيشه ولا يدرك من هي القوى المحرّكه للثقافه العربيه السائده ولم يعلم بان شعارات
الحريه والعداله والمساواه اضافه الى التنوع الذي يرفعه الغرب كشعارات انها جميعاً مجرّد ديكور يخفي وراه
الوجه الاستعماري القبيح التي تخفيه الصهيونيه العالميه .... ولم يقف نشاط ذلك المثقف عند وضع التراث
العربي والاسلامي كعدو للمدنيه ولكن سرعان ما يتحوّل ذلك القلم الى لغة الانتقام والتشتيت والتقطيع
بين ابناء الجنوب ، فلم يعد هناك سقف للاسلام ولم يعد هناك سقف للعروبه وقيم الاصاله ولم يعد هناك سقف
للامانه الوطنيه ـــ كله يكتب ضد كله وبعضه يكتب ضد بعضه ـــــ فالى اين نحن ذاهبون ........

هل هناك حلقات ضائعه من دائرة وعينا ؟ هل هناك صفات وسلوكيات انسانيه نسيناها او تجاوزناها ؟
اكيد فيه ... فيه الكثر .... ولكننا غير قادرين على استيعاب ذلك .... وهناك كبر واصرار وغرور تقابلها حالات عجز
ويأس وكلاهما يأبى الاعتراف بالحقيقه ويأبى ان يقف امام نفسه بل ان فضول نفسه يدفعه للوقوف في وجه
الآخرين .... فمهما كان الجنوبي مظلوماً مقهوراً مدحوراً ولكن ظلمه لنفسه اكثر من ظلم الآخرين له
ومستحيل ان يصد ظلم الآخرين له قبل ان يصد ويقاوم ظلمه لنفسه ...............................................

ان الله اقرب الينا من حبل الوريد ... وبأمرنا بتغيير النفوس ... ورحمته تغشى من عرف قدر نفسه ......
فهل نستطيع نحنوا معشر الجنوبيين ان نفتح علاقات مع انفسنا ؟ هل نستطع ان نكتشف نوازع ومنغصات
نفوسنا التي تنتزع الحياه الحقيقيه منّا وتنغّص عيشنا ؟ ام اننا سنستمر معرضين عن ذلك باصرار الجاهليه
ونستمر في الخصام والتقطيع وتشتيت المشتت الى ان تكتمل ظاهرة الانحلال العربي بكل حلقاتها والتي تعتبر
من سمات العصر الراهن ، وآخذينها العرب بجداره .... انحلال انحلال انحلال .... بينما هناك شعوب فيها انحلال
وفيها تقدم اكثر .....

اتمنى ان لا تستمر الاقلام كخناجر توجه الى صدور بعضنا وتعمى عن رؤية العدو الحقيقي للحياه ، واتمنى
ان لا نظل اصوات مزعجه كتلك الاصوات التي تأتي من الاواني المعدنيه الفاضيه .... وان لا نجعل من الاشياء
مصدر رئيسي ومباشر لتفكيرنا بقدر ما نجعلها موضع للتفكير وبشكل محايد كي نستطيع تمييز صور الاشياء
بدون تعصب مسبق يرتبط باسماء اشخاص او احزاب او منظمات ..... الخ
اتمنى ان لا نكون ظاهره صوتيه صاخبه ولكنها مثل سحابة الصيف سريعة الحركه وقليلة العطاء

نسأل الله الهدايه الى ما فيه رضاه وما فيه الخير للجميع