فرصة صالح الأخيرة لتحاشي لعنة التاريخ

[حمد صالح]

بقلم: ياسين سالم حسن


بكل استخفاف دأب الرئيس صالح ترديد ما تدسه في أذنيه (فرقة حسب الله ) حول الحراك الجنوبي بأنه فرقعات يقوم بها نفر من الخارجين عن النظام والى ما هنالك من الأوهام والأماني التي يمنون بها أنفسهم ويضللون بها رئيسهم للترويح عليه بالقول : كله تمام يافندم . وكأن تجاهل القضية الجنوبية سيلغيها ..
ذلك التغابي والاستخفاف والتعالي السياسي هو الذي عقد القضية الجنوبية والتمادي فيه هو الذي يجعلها تزداد تعقيدا .. ولن يجدي صالح نفعا ملاحقة القضية الجنوبية الماضية بخطى ثابتة وسريعة لن يجديه ملاحقتها بخطوات خجولة ومتثاقلة .
بالأمس كان أبناء الجنوب يطالبون برفع الظلم عنهم ولا من مجيب , ثم طالبوا بتصحيح مسار الوحدة التي ذهبوا إليها راضين غير مكرهين وضحوا بكل شيء لأجلها ولولا تضحيات الجنوبيين رئيسا وحكومة وشعبا لما ارتفعت راية اليمن الواحد ولا بعد ألف عام ..
ضحوا بكل شيء لأجلها لينالون منها أبشع النعوت "خونة وانفصاليين وعملاء .. الخ . وقدموا لها وطنا مترامي الأطراف لتمنحهم زنزانة مظلمة في أقبية سجون الأمن السياسي .
تلك هي الوحدة التي لايلوم الجنوبيين على مقتها وتبرمهم منها إلا من سفه نفسه ..
جيل الوحدة الذي كان يراهن عليه صالح تأكد له الآن أنه أكثر كرها للوحدة وأكثر استعدادا للتضحية من أجل الخلاص منها . ذلك لأنه جيل واعي يقرأ الماضي و الواقع قراءة ذكية وناضجة .
يعلمون جيدا أنهم لن يستطيعون أن يقدموا لهذه الوحدة المسخ ولا ربع الثمن ممن قدمه البيض ورفاقه الذين هم في نظر حكام صنعاء خونة ومرتدين , فماذا عسى أن يقال عن أبناء الجنوب من جيل الوحدة .. هل متطفلين أم أيتام الوحدة وهي التي لم تقدم لهم إلا البؤس والشقاء والضياع .
الوحدة التي قذفت بآلاف الخريجيين الجنوبيين إلى قارعة الشوارع بينما يرون بأم أعينهم مئات بل آلاف الوظائف الجديدة تذهب لأنصاف المتعلمين من أبناء الريف الشمالي .
أتمنى أن يجلس صالح مع نفسه يوما ويتأمل ماذا قدم الجنوبيين للوحدة وماذا أعطتهم بالمقابل غير الذل والتهميش والمواطنة الناقصة ..
عندها سيجد نفسه مقتنعا باتخاذ قرار تأريخي يستطيع من خلاله أن يتجنب لعنة الـتأريخ , لأنه إن لم يفعل ستظل كرة الثلج الجنوبية تتدحرج باتجاه الهدف حتى تبلغه .
ولكن الجنوبيين متى بلغوا هدفهم وهم بإذن الله بالغوه .. ولكن متى تمكن الجنوبيين فك الارتباط من طرف واحد فإنهم بكل تأكيد سيوصون أبنائهم إلى عاشر حفيد بعدم حتى التفكير بالاتحاد مع اليمن مطلقا ..
الجنوبيين اليوم أصبحوا جاهزون لاستعادة دولتهم والحفاظ عليها , بينما سيتشتت الشمال إلى ملل ونحل بعد أن يتوقف تدفق النفط الجنوبي إلى صنعاء .. وستظل لعنة التاريخ تطارد صالح أبد الدهر باعتباره قاتل الوحدة وممزق اليمن .. بعد أن تسلمه موحدا على طبق من ذهب .
بينما سيكون الحال أفضل والآمال بوحدة حقيقة ستظل قائمة في حال نهض صالح واتخذ قرارا شجاعا يكفر به عن ما ألحقه ونظامه بالجنوبيين ويجنبه لعنة التاريخ .