دفاعا عن موقف الرئيس البيض

[فقم]

بالامس واجهنا حالة جديدة في لغة الحوار الجنوبي ، فعل ورد فعل وحرب بيانات ، تحاول فيه الزعامات تبرير موقفها من انجاح او تعطيل الحوار ، وهي الدعوة التي حركتها تحركات السيد بن عمر الذي يعمل في اطار قرارات مجلس الامن الاخيرة التي لا تعني الزعامات الجنوبية في الخارج التي نصبت نفسها وصية على الشعب دون تفويض ، فالمعني بالحوار او التفاوض هو الشعب الجنوبي وليس احد من القيادات العازفة والزاهده عن السلطة في مواطن العز والشتات ، في الرسائل المعلنة اختلط الحابل بالنابل وظهرت المواعظ السياسية بافضل صورها ، بن عمر على الطريق وضياع اللقاء معه فيه ضياع لقضية الجنوب ، والواقع ان الواقعة لا تستحق كل هذا الصخب والجدل بين ابناء الجنوب ، فمطلب الحوار بين الجنوبين من اجل وحدتهم تختلف عن دعوة حوار الجنوببين من اجل بن عمر، استغلت القضية لاعلان الحرب بين الاطراف الزاهدة في السلطة وبتجاهل الحرب الكبيرة الدائرة ضد شعب الجنوب على الارض ، ومن يتصور ان لقاء في القاهرة ، من اجل بن عمر سيوحد الحنوبيين فهو الوهم بعينه ، القضية قضية خيارات وعلى اساس الخيارات تبنى المواقف السياسة مع الاخرين ، ويلاحظ ان رسالة الاخ الرئيس علي ناصر تركز اساسا على ان الحوار ، هو لتمهيد اللقاء مع بن عمر واستخدمت الوقائع الماضية لخلق الانطباع ان هناك عملية حوارية طويلة من اجل وحدة الجنوبيين بعد ان تبين ان خيار الفيدرالية المشروطه لا تلقى قبول شعب الجنوب ناهيك عن الاطراف الحليفة في صنعاء ، وليظهر ان السيد البيض هو الذي يعطل الحوار وتم استغلال بلاغ مكتبه كمدخل للرد ، وهو الموقف الذي كان الداعين لحوار القاهرة والوسطاء على علم به قبل اعلانه من المكتب الموقر . ولاشك ان في رسالة ناصر خلط واضح بين الموقف من عملية الحوار الوطني الجنوبي والحوار الوطني من اجل الحوار مع ممثل الامم المتحدة ووسيطه المساعد رفيق الجنوب اثناء التجربة الثورية الرائده في اليمن الديمقراطية الذي كان للرفاق العرب ومنظريهم دور مهما في وجودها وفي نهايتها.

استفاد الرئيس علي ناصر من خبراته في فنون المرواغه والالتفاف واستثمار الفرص في جر البيض الى مواجهة كان على البيض ان يتحسب لها مبكرا ، فالبيض على جمودة ، يعبربحق عن نبض الشارع الجنوبي باوسع قطاعاته ، وغايته الانتصار لقضية الجنوب بعيدا عن اي طرق التفافية ، تخفي الرئيس علي ناصر طويلا ، وخلال اقل من عامين تبدل موقفه بحسب قياسه لحالة البورصة السياسية ، فهو صاحب نظرية التغيير لا التشطير ، وفي لقاء القاهره الاول الذي ظهر فيه زعيما للعطاس الذي كان في واجهة الاحداث والتحضير ، ليضع قضية الجنوب في سياق الثورة الشبابية في اليمن وتبني خيار الفيدرالية المشروطه التي كانت او ل خطوة بارزه لخلق الانقسام في الشارع الجنوبي ، وبعد الرودود الشعبية ازاء لقاء القاهرة تمت الدعوة الى مؤتمر 700 في القاهرة وهم من تم انتقاءهم بصفة شخصية لاضفاء شرعية الزعامة و تبني شعار تقرير المصير وكان هذا هو التحول الثالث وقد لايكون الاخير ، واليوم يطالب البيض بالحوار تمهيدا للقاء المبعوث الدولي بن عمر كما يشير في رسالته ، ليس من اجل توحيد الصف الجنوبي بل من اجل دعوة اللقاء لبن عمر ، علما انه يعمل على تنفيذ قرارات مجلس الامن بالنسبة لليمن والحفاظ على وحدته وسلامة اراضية ، والجنوبيين غير معنيين بهذه القرارات اساسا بل اطراف السلطة في صنعاء ومملكة الحوثيين ، ومع ذلك يصر الرئيس علي ناصر على الحوار واللقاء مع بن عمر خلافا للمنطق السياسي الذي يتظاهر فيه بالحرص على وحدة الصف وعدم الرغبة في السلطة والزعامة وهو يمارس بالفعل تحرك سياسي واسع في اكثر من اتجاه لتأكيد وجوده وزعامته في المسرح السياسي بما في ذلك التنسيق مع مراكز القوى النافذه في صنعاء لمحاصرة خيار الاستقلال.

في كل الخلافات المعلنة بين الطرفين ينبغي التفريق بين الخلافات الاجرائية المتعلقة بالحوار والخلافات الجوهرية المتعلقة بموضوع الحوار، فالموقف المعلن للسيد البيض من قضية الحوار يتعلق بجوهر الحوار لا بشكل الحوار ، وموقف السيد علي ناصر يتعلق بشكل الحوار الذي يهدف فيه الى تغييب الجوهر ، ومشروعية موقف البيض لا تستمد من شخصه في المطالبة بخيار الاستقلال بل باعتباره رمزا للتوجه العام الذي سيؤيده اي استفتاء للارادة الشعبية في الجنوب ، واذا كان السيد علي ناصر لا يختلف مع البيض في امر الاستقلال وتقرير المصير فعليه ان يعلن ان الحوار سيكون حول الجوانب الاجرائية والاتفاق على الالية التي تؤدي التي تحقيق هذا الخيار وليس لمناقشىة الخيارات ، لان تقرير المصير بالنتيجة سيكون قطعا مع الاستقلال.

وفي ظل هذه التطورات فان الشي المهم في امر الخلاف، يجب الا يتم قراءاته بمعزل عن الاهداف والنوايا ، والعاطفة والرغبه الشعبية في التوحد ، يجب الا تكون سببا في التفريط بجوهر قضية شعب الجنوب ، وهو ما يتمسك به الرئيس البيض بثبات نادر رغم كل محاولات الاحتواء واغلاق الحدود و خلق الحواجز تجاه حركته ونشاطه على الصعيد العربي والاقليمي ومحاولة تلبيسه رداء التبعية والعماله لايران دون ان يتسأل الناس لماذا حط السيد البيض الرحال في بيروت ؟ ولماذا اغلقت الدول العربية والاجنبية الابواب في وجهه ومحاصرة تحركاته ؟ وما علاقة ذلك بشخصة ؟، المشكلة ان سطحية الاحكام ، لا تعترف بان الامر يتصل بموقف البيض من قضية شعبه وليست بوضعه الشخصي مطلقا ،وبامكانه ان يتحرك بنفس الحرية التي يتنقل بها علي عناصر والعطاس بل واكثر منهما لو انه قبل بتخفيض سقف القضية بما يرضي دول المنطقة المتنفذة ومصالح الدول الغربية على حساب قضية شعبه ووطنه .

من الواضح ان مجريات وتطورات الاحداث في الجنوب وخاصة قبل وبعد انشقاق المجلس الاعلى للحراك ، توحي ان السيد البيض يواجه تحديا ت كبيرة من اتجاهات متعدده ، وهناك توجه لماحصرته ومحاصرة خيار الاستقلال الذي يتم تنفيذه على جرعات ، وللاسف ان المطبخ السياسي المحيط بالرئيس البيض ليس بمستوى الاحداث ويتعامل بلغة الثوار في زمن الثورات الفانية، فتنازع القرارات وتعدد مراكزها وانعدام الخبرة السياسية للجهاز المحيط يوقعه في اخطاء غير مبررة و هي لا تستقيم ابدا مع مركزه في قلب القضية الجنوبية ، على السيد البيض الاستفادة من خبرات ابناء الجنوب والانفتاح على الجميع ومحاورتهم والاستماع الى ارءاءهم ، وان يتجنب سياسية انتقاء الناس وفقا للمزاج والقبول الشخصي ، الافكار والعقول مقدمة على الرغبات والامزجة ، و مراجعة الاخطاء والاعتراف بها دليل قوة ، فقضية الجنوب في خطر حقيقي وينبغي ان نتعض من العبر والدورس الماضية والاصطفاف الجنوبي يجب ان يكون حول القضايا وليس الاشخاص ، وطالما ان الرئيس البيض لازال ممسكا ومتمسكا بقضية الشعب في الحرية والانعتاق ، فمن الواجب مساعدته بالنصح والنقد الصادق والعمل الهادف لتصحيح الاخطاء ليوم قبل الغد ، واي حوار حول مستقبل الجنوب ينبغي ان يكون حوار حول الاليات اما الاهداف فيتم الاحتكام بها الى الشعب وان تتم ادارته من قبل هيئات جنوبية مستقله لا علاقه لها بالزعامات او المكونات ، والله من وراء القصد
.