في عملية انتحارية مربكة، شن مسلحو الجناح اليمني لتنظيم "القاعدة" أمس هجومين استهدفا مقري المخابرات والأمن العام في محافظة أبين الجنوبية، في عملية مزدوجة شهدت مواجهات مع الشرطة وأوقعت ثلاثة قتلى بين الجنود واثنين من المهاجمين، إلى إصابة 11جنديا بينهم مجندتان. وقالت السلطات إن أجهزة الأمن قبضت على سبعة من المهاجمين الذين فروا في اتجاه المنطقة الصحراوية مستخدمين دراجات نارية ومرتدين بزات عسكرية.
واتهمت صنعاء تنظيم "القاعدة" بتنفيذ الهجوم. وأوردت أرقاما متضاربة عن عدد الضحايا وقالت إن "20 إرهابيا من عناصر التنظيم هاجموا مقر الأمن السياسي (المخابرات) مما أدى إلى مصرع إثنين من المهاجمين واستشهاد جندي من الأمن السياسي وآخر من الأمن العام، إلى جرح أكثر من خمسة آخرين بعدما تصدى رجال الأمن لعناصر التنظيم وأحبطوا هجومهم".
وإذ أوضح مسؤول محلي ان الهجوم نفذ خلال الطابور الصباحي للجنود، أفادت وزارة الدفاع أن المهاجمين "استغلوا خلو مدرسة للبنات بسبب الإجازة الصيفية مجاورة لمقر المخابرات، وحاولوا مهاجمته باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة وبنادق قنص وقنابل هجومية، مستهدفين قيادات أمنية كبيرة، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل ولم تحقق أهدافها".
وأكدت أن "أجهزة الأمن قبضت على سبعة مشبوهين وعثرت على السيارة التي استخدمها المهاجمون وبداخلها أحزمة ناسفة وأقنعة وملابس عسكرية وقنابل متنوعة إلى حقن منشطة"، مشيرة إلى أن الأمن باشر ملاحقة المطلوبين في المناطق التي يعتقد أنهم فروا إليها.
وروى شهود وسكان محليون أن المهاجمين الذين تنكروا ببزات عسكرية وملابس أفغانية انقسموا مجموعتين، تولت الأولى مهاجمة مقر جهاز المخابرات مستخدمين الرشاشات والقنابل اليدوية ورددوا هتافات "الله أكبر ولله الحمد" وشعارات جهادية أخرى خلال محاولتهم اقتحام مقر جهاز المخابرات، فتصدى لهم أفراد الحراسة وقتلوا اثنين، فيما قتل في العملية جندي وأصيب خمسة وتولى المهاجمون انتشال جثث قتلاهم فوراً.
وتحصن مسلحو المجموعة الثانية في مدرسة مجاورة لمقر الأمن العام، وأطلقوا نيران الأسلحة الرشاشة وقذائف "الأر بي جي" على المقر. وتلا ذلك اشتباك مع الجنود استمر نحو نصف ساعة مما أدى إلى مقتل جندي وإصابة ستة آخرين، قبل أن يلوذ سائر المهاجمين بالفرار مستخدمين دراجات نارية في اتجاه مدينة جعار الصحراوية.
وقال سكان محليون إن المهاجمين أطلقوا النار لدى فرارهم على منزل الجهادي السابق والقيادي في "الحراك الجنوبي" الشيخ طارق الفضلي انتقاما على ما يبدو لرفعه العلمين البريطاني والأميركي فوق منزله بعد اتهامات وجهت اليه بصلاته بخلايا التنظيم الأصولي.
وفرضت الشرطة طوقا أمنيا على مقري المخابرات والأمن العام، وأقفلت الشوارع المحيطة بهما، كما نشرت السلطات دوريات عسكرية معززة بالأسلحة الثقيلة في أحياء المدينة وشوارعها، وأقامت حواجز تفتيش في منافذها.
وسجّلت هذه الهجمات بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم الذي استهدف مقر جهاز المخابرات في محافظة عدن، في العملية التي اقتحم فيها مسلحون المقر وقتلوا عشرة جنود وولداً في السابعة وفقا لإعلان وزارة الداخلية اليمنية ونحو 24 شخصا من ضباط وجنود ومجندات جهاز المخابرات وفقا لبيان "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، الذي أعلن الأحد الماضي مسؤوليته عن الهجوم انتقاما للعمليات العسكرية التي نفذها الجيش على معاقل التنظيم الأصولي في محافظة مأرب.
كرّ وفرّ
وطوال الأيام الأخيرة، استمرت المواجهات بين أجهزة الأمن اليمنية وخلايا التنظيم الأصولي بين كر وفر، وخصوصاً بعد العمليات العسكرية التي نفذها الجيش ضد معاقل التنظيم في محافظة مأرب الشرقية. وأعلنت صنعاء قبل أيام اعتقال 10 من أعضاء خلية فوه في محافظة حضرموت بعيد اعتقال عدد من المشتبه في ضلوعهم في الهجوم على مقر جهاز المخابرات في محافظة عدن.
وربط اختصاصيون في شؤون تنظيم "القاعدة" هجمات الاربعاء بحملات الملاحقة والاعتقال التي طاولت العشرات من أفراد "القاعدة"، وخصوصا بعد إنشاء صنعاء غرفة عمليات مشتركة ضمت خبراء في مكافحة الإرهاب أميركيين ومصريين وأردنيين وسعوديين.
وأشار هؤلاء إلى التهديدات التي أطلقها التنظيم الأصولي أخيراً والتي توعد فيها بـ"رد كارثي" على الغارات الجوية التي قالت صنعاء إنها استهدفت معسكرات تدريب وأوكار لخلايا "القاعدة" في قرية المعجلة بمحافظة أبين، مما أدى إلى مقتل 34 من أعضاء التنظيم وقادته، فضلاً عن تسببها بمقتل أكثر من 50 مدنيا من سكان قبيلة باكازم.