الراسبون في جميع المراحل

[عبدالسلام بن عاطف جابر]

الراسبون في جميع المراحل

قد يغضب الكثير تناولي للشخصيات الجنوبية , التي يسميها البعض بالقيادة التاريخية , و قد يلوم عليَّا البعض جعلهم في كفة واحدة , على اعتبار هذا الرئيس يقول بفك الارتباط و ذاك لا يقول , و لأني من المؤمنين أنَّ العبرة بالعمل و ليس بالكلام , فإنَّي أراهم سواسية .

فحقيقة الوطنية و الولاء للجنوب و حب الشعب الجنوبي ليست برفع شعار الاستقلال و فك ارتباط , كما هو حال أحدهم , إنَّ حقيقة الوطنية أن تعمل بكل جهد و أخلاص , و أن تسخِّر كل ما تملك من إمكانيات لخلاص الشعب الجنوبي مما أوقعته أنت فيه فكيف إذا كانت أموال الشعب الجنوبي معك و مع أولادك و لم تُرجع شيءً منها , فكيف نصدِّقك !!!!!!

أنَّ على الشعب الجنوبي أن ينظر إليهم بنفس النظرة , لا فرق بينهم , و يضعهم بنفس الكفَّة , فكُل شخص منهم يضرُّ الجنوب بطريقته كما أضرُّوه من قبل . لقد فشلوا في الاتفاق على اللقاء في مكانٍ واحد , فكيف يأمل البعض منهم أن يتفقوا على تشكيل قيادة جنوبية واحدة , تحمل هدفاً واحد , و إن تعددت المشاريع , و انتظار ذلك منهم مضيعة للوقت و أهدار للفرص .

إنني على يقين أنَّ العقلية التي يحملها جميعهم واحدة , و هذا العقلية تسيطر على تصرفاتهم , و تدير ردود أفعالهم للأحداث , فعندما دمَّروا الجنوب , قام كلُّ شخص منهم بما استطاع من التدمير , و عندما صمتوا بعد احتلال الجنوب , صمتوا جميعاً , و عندما خرجوا لركوب موجة الحراك الجنوبي , خرجوا بنفس الفترة ليتسابقوا على ذلك.

إنَّ عقلية الماضي مازالوا يحملونها , فالإقصاء و رفض بعضهم بعض , و التخوين , و التنصل من المسئولية , و التسابق على الرئاسة , و تركيز بعضهم على بعض أكثر من تركيزهم على المحتل العدو الحقيقي , و تشكيل الزُمر و الطقم و الفرق , كلها مازالت جزء من أدائهم , و يمكن المراقب البسيط أن يكتشفها بسهولة .

و على سبيل المثال تجد بعضهم ينفقون على المنتديات و الصحف الإلكترونية , التي تروِّج لبطولاتهم الخيالية , و لوطنيتهم الممتدة عبر الأجيال , و تذم رفاق الأمس أكثر بكثير مما يقدِّمونه لخدمة القضية الجنوبية . و الأسوأ من ذلك أن تجد بعضهم قد أحاط نفسه بمجموعة من شباب الحراك في الداخل و الخارج , و أصبحوا جزء من فريقه القديم الجديد , يعمل معهم على إحراق رفاق الأمس , و يضرب بهم أي أتفاق أو لقاء جنوبي في الداخل أو الخارج لم يقدِّم له مصلحة شخصية أو يجسده رئيساً للجنوب .

لقد كانت خلافاتهم في الماضي تنعكس على أجهزة الدولة , فكانت تنقسم تبعاً لانقسامهم , و كانت تقتل بعضها بعضاً تبعاً لهم , و كان الخاسر الوحيد الوطن و المواطن , و اليوم كالبارحة , فانقسمت قيادات الحراك في الداخل و الخارج تبعاً لانقسامهم , فسبحان الله كيف استمر هؤلاء سبب مصائب الجنوب و تغير الأتباع بأجيال جديدة و الخاسر مازال الشعب الجنوبي .

في الحقيقة أنني لم أكتب لتذكير الشعب الجنوبي بمآسيه , و لا لتذكير هذه الشخصيات بمثالبها , و لا لزراعة اليأس , لا و الله , لكنني كتبت هذا الكلام الذي قد تطرقت للكثير منه أكثر من مرة , بهدف تصحيح المسار و تمهيداً يوضِّح لهذه الشخصيات أنَّ جزء من الشعب الجنوبي يعرفهم كما هم , و عليهم تحويل كلامهم في مجالسهم و اتصالاتهم مع الناس إلى عمل هادف .

و إذا كانت هذه الشخصيات تسمع النُصح , فليعلموا أنَّهم لن يغلب أحدهم الآخر , و سيظل الصراع بينهم حتى موتهم لا غالب ولا مغلوب , و الشعب الجنوبي هو المغلوب الوحيد . و ليكونوا على يقين أنهم لن يجتمعوا في قيادة جنوبية واحدة قوية و متماسكة تحقق آمال و طموح الشعب , لكنهم يستطيعون أن يكونوا صُنَّاع قيادة جديدة شابة , و يكونوا لها المستشارين. و إذا اجتمعوا خلف القيادة الشابة فسيكونون أكثر فائدة و أكثر تأثير , و قيامهم بهذا يجُبُّ ما قبله من خطايا منذ 1967 حتى اليوم .


عبد السلام بن عاطف
16 أكتوبر 2011

http://siyasapress.net/default.asp?P...10&NewsID=3173