هل تحول رأس الأفعى إلى حمل وديع؟

[اسدالجنوب]

بقلم/علي منصور أحمد


عبر العديد من قادة ورموز ونشطا الحراك السلمي الجنوبي .. عن استياءهم واستغرابهم, لما تضمنه المقال الذي كتبه المهندس حيدر أبوبكر العطاس رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى "رئيس الدولة الجنوبية" الأسبق 1986-1990م ورئيس مجلس وزراء دولة الوحدة 1990- 1994م الذي نشرته صحيفة الوسط الأسبوعية الصادرة في صنعاء مؤخرا، وتجاهلت نشره على شبكات الانترنت العديد من المواقع الالكترونية الجنوبية, الذي حدد فيه جملة من عناصر الحلول للخروج من مأزق اليمن الذي تعاني منه ، في ظل اشتداد وتصاعد وتيرة الحراك الجنوبي وما صاحبها من ارتفاع حدة القمع والمواجهات الدامية من قبل قوات السلطة – والاعتقالات والملاحقات المستمرة لقادة ورموز ونشطا الحراك الجنوبي , وفي وقت تستعص فيه عملية الحسم العسكري لعملية "البرق- الخاطف" في حرب صعده التي تضمنتها رؤى الحلول في مقالة العطاس. والتي كانت أهمها رؤيته لعودة الشراكة بين الشمال والجنوب .. وبدء حوار وطني واسع على حد وصفه مما أثار هذا حفيظة عدداً من قادة ورموز ونشطا الحراك السلمي الجنوبي . والتي أدلى بها العطاس تزامناً مع الذكرى الـ 14 لحرب 1994م المشئومة أو ((يوم الأرض)) كما يصفه قادة الحراك والشارع الجنوبي الذين حددوا هوية انتماءهم الجنوبي .. بمواصلة نضالهم السلمي – نحو تقرير المصير – واستعادة الثروات المنهوبة وقيام الدولة الجنوبية المستقلة ، بحدودها الدولية المعروفة .. التي عبرت عنها معظم أوغالبية التكوينات السياسية والمدنية والمهنية وفعاليات ومجالس وجمعيات الحراك السلمي ، في كافة وثائقها وأدبياتها المعلنة ، التي كان أهمها وأشهرها ميثاق الشرف الجنوبي الذي أعلنه مؤخراً العميد الركن / ناصر علي النوبة – قائد الحراك الجنوبي – تزامناً مع ميلاد التحالف الوطني الديمقراطي الجنوبي ، الذي وصفه بأنه يأتي لملئ الفراغ السياسي ويمثل الحامل الشرعي للقضية الجنوبية ويضم كافة القوى والتكوينات الجنوبية ، والقائد الملهم والتنظيم الموجهة للحراك السلمي , ويؤسس لبناء تعددية سياسية واسعة ومنافسة ديمقراطية واعية, يتم من خلالها التداول السلمي للسلطة,ويوجه نضال الجماهير في مرحلة الحراك الراهنة نحو قيام الدولة الجنوبية المستقلة . وفي الوقت الذي يحشد فيه الشارع الجنوبي عن بكرة أبيه .. لإحياء اكبر مظاهرة في تاريخ الحراك السلمي ستشهدها عدن يوم 7/7/2008م وعددا من المظاهرات الاحتجاجية في عموم مناطق الجنوب ، دعت إليها قيادات ورموز الحراك السلمي وعلى رأسهم العميد الركن ناصر النوبة ـ الذي وجه بيان هام دعا فيه أبناء الشعب الجنوبي لتحمل مسؤولياتهم الوطنية العالية للمشاركة الفاعلة لأحياء ذكرى يوم الأرض يوم الضمير الجنوبي ,مهما كلف الثمن والتضحيات على حد تعبيره ,والدعوة التي أطلقها من معتقله بصنعاء شيخ النضال الجنوبي حسن باعوم لمواصلة الحراك حتى تحقيق النصر وقيام الدولة الجنوبية المستقلة وكذا الدعوة التي دعت إليها هيئة الحراك السلمي لأبناء عدن ، وغيرها من هيئات الحراك الجنوبي في مناطق الجنوب الأخرى .. ودعوات هيئات الحراك الجنوبي للجاليات الجنوبية في كل من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وغيرها من عواصم الخارج .

الرئيس صالح الذي يرى صعوبة في استمرار سياساته السابقة تجاه الجنوب والتي اتبعتها قواته منذ حرب 1994م , المتمثلة في إحكام قبضته الحديدية تجاه الجنوب , مع محاوله استمالة بعض الرموز الجنوبية ممن شاركوه في حرب 1994م للعب دورا ما في تهدئة الشارع الجنوبي الملتهب والمتماسك بوحدته الوطنية الواسعة وجبهته الداخلية القوية ,الذي سبب إحراجا كبيراً لتلك الرموز التي لايرى فيها ممثلاً شرعياً له أو شريكاً جنوبياً فاعلاً في السلطة الحالية , بات يدرك أن جنوب اليوم لم يعد جنوب 1986م أو جنوب 1994م , وقد تجاوز خلافات الماضي ومساوئها وما خلفته حقبة العهد الشمولي السابق , وحكم الحزب الواحد , الذي أدخلهم في وحدة غير متكافئة وغير مدروسة , لم تتاح لهم فرصة الاستفتاء عليها قبل توقيعها , وبات ينظر إليها كل أبناء الجنوب بأنها غير شرعية ولم تعد تعنيهم ، ومن الصعوبة بمكان أن يستمر في أطلاق العنان لقواته الأمنية والعسكرية وقادتها المقربين منه , في الاستخدام المفرط للقوة والعنف تجاه شعب اعزل مسالم , وفي مواجهة مختلفة تماماً عن حرب 1994م التي كان يواجه فيها خصمه الند ((الاشتراكي)) بجيشه المسلح بصواريخ سكود , وخطورة هذا الوضع وتداعياتها دولياً فيما أذا زادت الانتهاكات الإنسانية , وجرائم القتل والاعتقالات والملاحقات التعسفية بحق الجنوبيين وإضرارها الإنسانية والدولية على سمعة نظامه , ولما لحق بانظمه ودول من عقوبات وملاحقه ومقاضاة من قبل دول العالم الحر, مازالت مشاهد بعضها عالقة في أذهان الإنسانية وشعوب العالم المتحضر حتى اليوم , ولم تعد سياسة المراهنة على عامل الزمن تخدمه , إمام اتساع رقعة الاحتجاجات والمظاهرات الجنوبية المتصاعدة , يوماً بعد يوم . لذلك لم تعد هناك خيارات مفتوحة.. كما يراها العطاس وبعض رفاقه القدامى من الحرس الجنوبي القديم – القومي والأممي البروليتاري ممن يعتبرون ((الوحدة)) انتصارا لأفكارهم القومية والأممية وجزء من تاريخهم الثوري المجيد. ولم يعد أيا من هولاء يملك اليوم صفة القيادة الشرعية لشعب الجنوب ولا يملك الشريك (الاشتراكي) السابق في صفقة "الوحدة" أي حق يذكر ليمنحه حتى مجرد الحديث باسم الجنوب . ولم تعد هناك من مساحة ضيقة يمكن المروراوالنفاذ منها لأصحاب الحلول الوسط ، أمام تصلب المواقف المتشددة لصقور الحراك الجنوبي مثل النوبة وباعوم والشنفرة والخبجي والحسني ومسدوس وغيرهم من قادة الحراك الجنوبي الذين رفضوا كل العروض السلطوية المغرية ، وتجاوزوا محطات الترهيب والخوف ، بما يستمدونه من قوة شعبية والتفاف جماهيري واسع من الجماهير الجنوبية ، التي باتت تضعهم في مراتب القداسة ، وتحملهم على أكتافها في مهرجانات الغضب الجنوبي العارم المتصاعد وتيرته كل يوم أكثر . أسئلة جنوبية مشروعة ..لا يستخف بها قادة الحراك الجنوبي ويتداولها الشارع الجنوبي اليوم بغلق واهتمام مشروع أهمها. كيف يفسر( رأس الأفعى ) كما كانت تصفه إلى قبل أيام وسائل الإعلام الرسمية وصحف النظام والصحف الموالية له ، عقب كل ظهور له . وما التحول المفاجئ فيما قاله اليوم , وتراجعه السريع عما قاله في أول وأخر ظهور تلفزيوني له من المنفى , مع قناة الحرة الأمريكية .. حين قال صراحة لقد أرتكب الاشتراكي أكبر خطاء .. لأنه لم يعطي الشعب الجنوبي حقه في الاستفتاء على الوحدة. وكيف إعطاء لنفسه الحق وبهذه السرعة والأنانية المتزلفة بالحديث عن إمكانية عودة الشراكة في الوحدة ، وتجاهل حق الشعب الجنوبي في الاستفتاء على هذه الشراكة وهذه الوحدة التي يتحدث عنها وباسم من يتحدث ؟ وكيف تحول رأس الأفعى إلى حمل وديع في نظر وسائل إعلام صنعاء الذي لم تذكره هذه المرة بسوء؟ وهل هناك من علاقة ـ بين ما قاله رأس الافعي ((العطاس)) ورفيقه القديم الثعلب الماكر ((أبو جمال)) ـ كما يصفه رأس النظام في صنعاء , وما يجري هذه الأيام في دمشق من لقاءات لوجستيه , وما سبقها من لقاءات سابقة ,لحملة فكرة الأخذ بمشروع الفيدرالية الإماراتية, لم تفلح معظمها حتى باستصدار بيان تضامني مقتضب مع الشعب الجنوبي وما يتعرض له من انتهاكات يومية. وهل هناك من محاولات تجرى للالتفاف على الحراك الجنوبي ومطالب شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة , بذريعة الحفاظ على المنجز القومي العظيم ((الوحدة )) المغدورة , بصفقة مساومة لمقايضة صالح بقبول الشراكة الجنوبية مقابل الحفاظ على((الوحدة )) وإنقاذ نظامه من السقوط المريع الذي يراهن عليه خصومه من اقطاب المعارضة الشمالية في الانتخابات الرئاسية المقبلة .