ما بين الكويت والجنوب .. إزدواجية المعايير !

[طيف الجنوب]

ما بين الكويت والجنوب .. إزدواجية المعايير !
عادل قاسم الجعفري : -


ليس بخافياً على العقلاء في كل انحاء العالم حال الجنوب القابع تحت الاحتلال منذو ان اجتاحت اراضيه بـ 94م جحافل جيش نظام طاغية صنعاء والمدعومة حينها بفرق ومليشيات الافغان العرب العائدة من أوكار ومعسكرات تنظيم القاعدة بعد إن خاضت حرب العصابات سويا مع طالبان ضد القوات السوفياتية حينها على الارض الافغانية لتؤسس بعدها لمرحلة من جديده الصراع الدولي سلاحها فيه التكفير وسفك الدم بدوم حق وإحداث الفوضى الشاملة , وكانت أول مهام القاعدة بعد أفغانستان هي غزو عدن وتحطيمها التي كانت تاريخيا منبر اشعاع للثقافة والتسامح بين الشعوب, بل وكفَرت أهل الجنوب وقتلتهم واستولت على مقدراتهم وثرواتهم بتخطيط وتمويل الرئيس اليمني علي صالح ورموز القاعدة في اليمن أمثال الزنداني والديلمي والريمي وغيرهم الكثير , وهي نفسها ذات المخططات وذات الوجوه وذات الادوات التي لا تزال تحكم وتبطش وتسيطر على واقع الحال في الجنوب بمباركة الجوار الصامت والعالم البعيد ..

فمن تلك اللحظة السوداء التي غدر فيها نظام صنعاء بمواثيق وإتفاقيات الوحدة السلمية بين دولتي اليمنين الشمالي والجنوبي والذي ابتدأها بمسلسل الإغتيالات السياسية وتعطيل دور اللجان والمؤسسات التي انبثقت عن الإتفاقيات خلال ما كان يسمى بالمرحلة الإنتقالية وما لحقها من تدهور شامل وإنتكاس بالشماعر وتمزق للنسيج , انها فضائع وإنتهاكات لا يمكن إخفأ حقائقها ونتائجها التي عكسها بالمضمون الحراك السلمي الجنوبي , والذي لا يزال مسلسلها يتواصل طوال ما يقارب العقدين من الزمن , فمن طمس الهويه وسحق كل ما هو جميل على الارض الجنوبية بكل الوسائل والادوات المختلفة إلى كل محاولات إلغاء الكيان الجنوبي بكل مؤسساته وبنيته وقياداته وكوادره, مسخراً لتنفيذ هذه الأجندة مخططات الإجرام والتصفيات والإفقار والنهب والعبث بمقدرات الشعب الجنوبي وثرواته , وما رافق كل ذلك من زرع للفتن بين قبائل الجنوب متبعاً اساليب المكر والحيله والكذب والخداع وغيرها من اساليب الترغيب والترهيب والإبتزاز ,وموظفاً لإخفاء كل هذه الممارسات النكراء ؤسائل اعلامه الرسميه والإستخباراتية لتضليل الراي العام الاقليمي والدولي باسم تثبيت الوحدة وتحت شعار بقائها أو الموت لكل ما هو حي على ارض الجنوب ..

ان ما دفعني للكتابة وبهذه الكلمات هي تلك اللوحة الزائفة التي تبرزها بين الحين والاخر وسائل اعلام الاحتلال الرسميه من صحف وشاشات والمتمثلة بالساعد الناهض المتين من جنوب الجزيرة كرمز للجبروت والقوة لوحدة لا يدعم ها واقع ولا يسندها منجز ولا يجيزها عقل ولا دين , ولكنها بالرسومات والخطب والفبركات الصحفية مصنفه على انها القوة كما يعتقد ساسة نظام صنعاء الاغبياء ..

فالمعروف للعالم بأسره أن الجنوب محتل بقوة السلاح , السلاح الذي في الحقيقة مصدره مخازن جيش جمهورية اليمن اليمقراطيه الشعبيه التي تم الإستيلاء عليها في 94م , مصدره ثروات ابناء الجنوب من الذهب والغاز والاسماك والمعادن الثمينة التي تُنهب كل يوم من حقول شبوة وحضرموت وسواحل البحرين العربي والأحمر بامتداد ما يقارب 2500 كيومتر ..

ان عمق الساعد المجسم ( الوهم ) ومصدر قوته المفترضه بحسابات الواقع هي محافضات النفط الجنوبيه ,إلأا أكبر دليل على الإصار بفرض لغة الإستقواء والتجبر والهيمنة والإستحواذ دون مراعاه لحق البشر وآدميتهم وكرامتهم وحرماتهم , ومع ان المنطق يقول ان رفع الساعد هو تهديد بالقوه وتلويح بالعنف فان ذلك يعني ايضا وبالضرورة ان الجنوب يعيش تحت الاحتلال وبالقوة باسم الوحدة التي لا وجود لها في قاموس الشعب الجوبي العربي الحر , وليس ببعيد تقصي الحقيقة فعلى الارض تحكي التفاصيل مأساة شعب عظيم ينزف ويقاوم بصمود على مرءئ ومسمع دول الجوار والعالم لنيل كرامته وحريته ويدفع الثمن غالياً في سبيل ذلك , وهو يخوض ذلك النضال الغير المتكافئ فلا رحمه به من جار ولا حرص على إستقرار وأمن المنطقة , ولا بواعث لضمير الانسانيه او لقيم الاخلاق الكريمة لدى هذا المحيط والعالم لردع آلة الحرب اليمنية التي تسحق الجنوب والجنوبيين ليل ونهار , ويؤسفنا إن نرى الكيل بمكيالين من قبل مجلس الامن وجامعة الدول العربية ودول الخليج وسوريا ومصر بالعودة لمواقف كل هذه الدول والجهات من حرب غزو الكويت التي بررها المقبور صدام بعودة الفرع إلى الاصل بينما كانت الكويت كيان مستقل بهوية وسياده وتاريخ وكان لشعب الجنوب ورئيسه حيتها علي سالم البيض موقف مؤازر للكويت ورافض لغزوها وقد تحرك العالم أجمع لحماية شعب الكويت وتحريره رفضاً لسياسات الإستقوى والبطش والغزو وإحقاقً لحق الشعوب الحرة في الحياة والكرامة والسيادة على ارضها , وهي نفسها تبريرات صالح بشان حالة الجنوب والتي لم يحرك العالم تجاهها ساكن حتى اللحظة منذ 16 عام بالوفاء والتمام .. إنها إزدواجية مقيته في معايير التعامل مع حقوق الشعوب وحرياتها ومطالبها الوطنية ..
ان الرسائل التي يريد ان يوصلها الاحتلال من خلال صورة الساعد المجسم ليبتز بها دول الجوار كثيره ولكنها حد اللحظة لم تثر غظبهم بل قوبلت بصمت وتغاضي شديد , فهل الامر لا مبالأه ام ان الساعد المرفوع في وجوههم يحمل الجساره والعنجهيه وهي دليل القدره الكافيه التي جعلتهم عند حدود مربع الصمت والتغاضي امام كل الحاصل ومسرحه ارض الجنوب ..

لقد صار اللعب بالمكشوف ولا يوجد اي مبرر لإستمرار صمت العالم على ما يجري بالجنوب رغم التزام شعب الجنوب بالنضال السلمي الباهض الثمن , بل إن حتى المصالح إن فرضنا أولويتها في منهج سياسات الدول ومواقفها فلن تكون محفوظة بالصمت والسلبية تجاه المجازر التي تشن ضد الجنوبيين لان نتائجها على المدى المتوسط والبعيد حمم ونار متاججة وصراعات وصدامات..

والافضع من كل هذا الصمت الخجل لدول الخليج ودول العالم الحر هي ورقة الارهاب التي يوظفها نظام صنعاء كيفما يشاء لمواجهة الجنوبيين والكيد بهم وقتلهم وضرب قراهم ومدنهم وقصفها بكل انوع الاسلحة بمباركة بل وبمشاركة السعودية والولايات المتحدة سياسياً وإعلامياً وعملياً !

فهل من يأمر بمعروف وينهي عن منكر يا أهل الإسلام وقيم العدل ولايمان ؟؟!
قبل الختام نقول للاحرار في العالم وفي محيطنا الخليجي تحديداً .. نقول لهم ان سياسة التوسع واالهيمنه ليس لها حدود او هدف معين وأن رؤسها وشياطينها بالمنطقة كُثر وأقطابها المتصارعة تتزاحم على ملئ افق المنطقة ومساحاتها ومياهها وهي بكل تفاصيلها تتنامئ وتكبر وتتطمع كل يوم وغداً حتماً ستدور الدوائر وما هو حاصل بالجنوب اليوم قد يكون بمكان آخر غداً من قِبل قوى وأنظمه معروفة بنزعاتها وسياساتها الإستقوائية بالمنطقة ..وليس ذلك ببعيد الحصول.. فحَكموا العقل وأنصفوا الجنوب وأدعو لرحيل الغزاه عن أرضه ليرضى عليكم الله ولينصفكم التاريخ والاجيال .
فما هو في دار جارك بكره تشوفه بدارك !


* ممثل المرصد الجنوبي لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة