هنيئا لكم ايها اليمانيون الجنوب . تخاصموا ثم اتحدوا وعودوا الى ارض السلام

[ارادة الشعب قانون]

يستغرب المرء حقيقة مما يسمى " بالحراك الجنوبى " . وسياسته وممارسته على ارض الواقع ، وقد كشفت الاحداث انه لاتوجد لديه اية خطة اطلاقا ويسير على غير هدى .. مرة يخرج منه اناس مع التغيير بحجة " فالنسقط النظام اولا " ، وبحجة " اذا سقط النظام سوف تكون هناك قيادة مشتتة لليمن تسمح لنا بانتزاع حقنا " ، وغيرها من الحجج . وكانهم فعلا عندما يرفعون شعار التغيير سيكونون مؤثرين ... ولايدرون انه برفع شعار التغيير يتحولون الى مجرد اتباع وويستخدمون للتغطية على القضية الجنوبية ... والعالم قرأها هكذا كما سوق الاحتلال اليمنى : ان ثورة التغيير وحدة الجميع ... وعند الرد عليهم يقولون : لاخوف ، فالقضية الجنوبية لن تموت لاننا سنعود ونرفع شعار التحرير ، ولم يدر بخلدهم قط مدى تراجع القضية عالميا ، ولم يدر بخلدهم قط كيفية استثمار الاحداث لرفع القضية الجنوبية والتعريف بها فى ظل التغطية الاعلامية للاحداث ... لايفكرون فى المكسب السياسى للقضية باستمرار التمسك بها فى كل الظروف والمتغيرات ، فلاضير من طرحها احيانا والتقاطها احيانا اخرى . ولايوجد هناك تفريق بين ان تتبنى قضية شعب اخر وتتبنى قضيتك ، لايوجد تفريق بين الاولويات ،ولاخط فاصل يحدث الفرز والاصطفاف اللازم ... ان عدم وضوح الخط الفاصل قد يكون سببا فى ذلك . سوف يجادل البعض بقوله : مادخل الحراك الجنوبى فى هذا ؟ ان مسؤولية " الحراك " انه لاتوجد قيادة موحدة تستشرف المستقبل وتضع الاستراتيجة الشاملة والتكتيكات المناسبة .. ان غياب هذه القيادة الموحدة الى الان لايدل الى على شئ واحد هو عدم استشعارها المسؤولية اطلاقا ، وقيادة لاتشعر بالمسؤولية قيادة غير صالحة وفاشلة ... ولايرد علينا احد بان الفضل فى خروج الشعب الجنوبى كان لهذه القيادات ، بل وجدودا تربة مهيئة وارض صالحة تستجيب لاى محاولة لزراعة الامل ، ان الشعب الجنوبى يستجيب لاى دعوة ليؤكد على حقه وليسترجعه ، ولم يخرج بقوة هذه القيادة المبعثرة اطلاقا ... فاليحمدوا الله ان الشعب جعل منهم شيئا ذا قيمة كما يعتقدون ، والجزاء انهم لم يشعروا بعد بثقل المسؤولية .
عندما ننظر الى الثورات نجدها بدأت بقادة حملوا بانفسهم شعوبهم واستنهظوها واوصلوها الى مرحلة الثورة ، لكن الملاحظ فى القضية الجنوبية ان الشعب سبق القادة وهيأ المناخ لقيادة لم تستطع استثمار هذا المناخ .... مثل الابن الذى يرث ثروة لايدرى ماذا يفعل بها ،ولايحسن التصرف ولاينظر الى المستقبل البعيد ، لانه جد كل شئ مهئ له ، انه لايقدر النعمة التى هو فيها لانه لم يشق فى الحصول عليها ، وهذا هو حال قيادات نعمة الثورة الجنوبية ، انهم لم يحييوا شعبا ميتا بل وجدوا شعبا حيا تواقا للحرية ، فلم يقدروا هذه الحياة لانهم لم يبعثوها ، ولم يحترموا هذا الكنز الثورى لانهم لم يوجدوه . فقط يبددونه بدون نتيجة ...
وشعارهم المفضل والمريح : دعونا ننتظر ماذا ستسفر عنه الاحداث .. دعوهم ينهون نزاعهم ويستعيدون عافيتهم ، ثم بعد ذلك نناشدهم ، هل سيكونون مثل على عبدالله صالح او ستختلفون عنه ؟ ... واذا اختلفوا ماهو العمل ؟ نستمر فى النضال السلمى ... هذا هو التخطيط وهذه الاستراتيجية البارعة ...
ان هذه السياسة ، سياسة الانتظار ، هى سياسة العاجزين ، وسوف تكون نتيجتها وخيمة جدا .
قد كتبت للبعض باراء كنت اعتقدها صحيحة وما زلت اعتقدها كذلك ، واردت منهم ان يبلغوا هذه الاراء الى الاخرين ويتناقشون فيها كقيادات ، وذلك اسهاما منى كمواطن جنوبى ، وكان رد بعضهم : ان كتاباتك تدل على فكر ناضج ، ولكن الامر يعود للقادة فى الداخل ... وكما كان هذا الرد محبطا ... وكأننا تلاميذ فى مدارس خاصة نبتغى مديحا او نتطفل على شأن حكرا على البعض دون الاخر ...
ومادام الامر كذلك ولا يوجد من يسمع فلنقل بعض الاراء مباشرة لعله يكون فيها الفائدة او يقتنع احد بسدادها كما اننى مقتنع ..
ان العمل السياسى بدون قوة لاقيمة له فى التغيير ... والسلم وحده لا يؤدى الى تغيير جوهرى وثورى ، والثورة المصرية والتونسية لم تغير النظام لانها سلمية بل لانحياز القوة اليها .. ان العمل السلمى يصلح لجموع الجماهير لايصال رسالتها وهدفها ، والقوة تحقق ذلك الهدف وتمكن له ، بعد ان تكتسب القوة الشرعية اللازمة من ارادة الجماهير التى تناظل سلميا ... فالقوة تحتاج الى شرعية ، والمطالب الشرعية لا تستغنى عن القوة ... ومن يضن انه بالسلم وحده تتحق الاهداف واهم ، ويعيش فى عالم الاساطير ...
والقوة قد تكون خارجية توفر الدعم اللازم او تقف الموقف الحازم الذى يمكن المغلوب من نيل حقه ... والتعويل على الخارج مجرد امنية ورغبة . لماذا سوف تقف قوة خارجية معك ؟ .. ان القوة الدولية لا يحركها الضمير ولا الاخلاق . بل تحركها المصالح ، واذا ماتحركت لصالحك لابد ان تستند الى قوتك على الارض . بمعنى ان تكون الظروف مهيئة لذلك ... وموقف دول الخليج فى عام 1994 استندت الى وجود قوة جنوبية الى جانب وجود العداء مع هذا النظام فى ذلك الحين ...
ان عدم ايجاد قوة جنوبية منظمة على الارض تنتهج الكفاح المسلح باسلوب حرب العصابات ، وتكون جاهزة لاى ظروف طارئة ومواتية لانتزاع الاستقلال ، وعدم الاخذ فى الحسبان حدوث مثل هذه الظروف يدل على ان هناك قيادة فى قمة السطحية والسذاجة .. وقد ارسلت رأيى بتكوين قوة جنوبية لبعض الاشخاض املا ان يصولوه لبعض القيادات ، وكان ذلك تحت عنوان " طبيعة الصراع " ... قبل حوالى السنتين ... لكن ما اتضح فى الواقع عكس ذلك تماما ...
ليس ذلك ادعاء بذكائى واتهام الاخرين بالغباء .. فليست المسالة مسالة ذكاء اطلاقا ، بل اعتقد ان هذه الافكار عند الكثير ، ولكن غياب القيادة الموحدة والتى فى حجم القضية الجنوبية كان السبب الرئيسى ... ان كثير من القيادات فى تاكيدها على سلمية القضية تؤكد على سلامة رؤوسها هى لا خوفا على سلامة الشعب الجنوبى ، لانها لا تنظر الى المدى البعيد اطلاقا ..
ان قيادات النضال لسلمى يجب ان تبقى فى ساحتها السلمية ولا احد يطلب منها ان تتبنى الكفاح المسلح ، بل المطلوب الا يكون لهم علاقة به اطلاقا ، وتبقى تقود نضال الجماهير سلميا ، لان الجماهير لايصلح لها الا النضال السلمى ، فمن غير المعقول ان يتظاهر الناس بالسلاح ويعمدون الى اطلاق النار ، فهذه وصفة للانتحار .
ان قيادة الكفاح المسلح يجب ان تكون مستقلة تماما عن الجماهير ، ولاعلاقة لها بالنضال السلمى .
يجب ان تظهر قوة تحرير جنوبية تقوم بعبئ الكفاح المسلح المنظم وليس العشوائى ، المخطط له جيدا وفق استراتيجية شاملة بعيدة المدى ... ولتكن على علم من ان التضحية لابد منها ، وان تكون هذا رسالتها للشعب .. واى شعب لايريد ان يضحى ولايدفع ثمن الحرية وامتلاك اردته فحرى به ان تحل ارضه وتداس كرامته، بل ويشرد من ارضه ..
ان النضال السلمى وحده لن يغير شيئا من الواقع ... ونقولها بكل صراحة : اننا جديرون بتجاهل العالم لنا ، ونستحق التعتيم الاعلامى التام ... واذا بقينا بنفس الحال فالشعب اليمنى يستحق عن جداره ان ياخذ ارضنا ، ولايفكرن عندئذ احد ما فى كرامه ولا حقوق ... ولا نامت اعين الجبناء ...