ضعف الجامعة العربية وتاريخها الضعيف

[ابوسمرة]

هل كانت مصر سببا في انهيار الجامعة العربية؟
3/10/2010


يعقد بعـــد أيام قليلــة مـــؤتمر قمــة عــربـــي جديد، لا أدري ما رقمــه الـــدوري في جـــدول أعمـــال الجامعـــة العربية.. تلك الصــرح الكبيـــر والذي تــم اختــزاله في شخـــص واحد هو عمــرو مـــوسى.
لا شك أن فكـــرة أنشاء جامعــــة الدول العربيـــة في أوائل عام 1945 على أساس المساواة التامة بين جميع الدول العربيـــة ..وعلــــى أساس الشعـــــور بضرورة الاتحاد والتـــوحد، كان نقطة تحول تاريخية عظيمة فــــي تاريخ المنطقة العربيــــة، تحققت به آمال الكثير من المناضلين والمجـــاهدين العرب .
ولقيام جامعة الدول العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، دلالات بالغة الأهمية، ذلك أن شعوب المنطقة ذاقت ويلات الحروب المتعاقبة، وفقدت فيها خير شبابها، وشعرت بأهمية أن يكون هناك رباط قوي يربطها كلها ببعض، بغض النظر عن اختلاف الجنس أو الدين أو اللون أو الانتماءات السياسية أو أنظمة الحكم.
ولا أحد ينكر أهمية الأسباب والمبادئ التي قامت عليها الجامعة العربية .. ولكن قيام وإنشاء هذه المنظمة في منطقة قائمة على أسس غير عادلة وغير متكافئة ووجود اتجاهات مختلفة ومتنافرة.. كان سببا أساسيا في هدم الجامعة وانهيار الثقة في المبادئ التي قامت عليها.
وكان حلف بـــغداد الذي وقعتـــه العـــراق بزعامة نوري السعيد مع تركيا أوائل عام 1955، مفاجأة للدول العربية كلها، أذ كان توقيع أتفاق هذا الحلف خروجا على مواثيق جامعة الدول العربية، وأدى إلى ربط دول المنطقة بتكتلات خارجة عنها، فكان بمثابة المسمار الأول في نعش الجامعة العربية.
ثم توالت الضربات الموجعة لكيان وهيبة الجامعة، والتي تمثلت في وحدة مصر وسورية عام 1958 بتدخل مصر العسكري في اليمن لمساندة انقلاب اليمن الدموي بزعامة عبد الله السلال ضد الأمام البدر، وتحريك القوات المصرية من خطوط الجبهة مع إسرائيل إلى اليمن، مما أدى إلى إضعاف الجيش المصري، وهزيمته عام 1967، ولكن لهذا حديث آخر قادم.
وتزامنت حرب اليمن مع العداء المستتر بين جمال عبد الناصر والملك سعود ملك السعودية في هذا الوقت، وظل هذا العداء مستحكما حتى رحلا إلى رحاب الله.
وقع الغزو المصري لليمن تحت سمع وبصر الجامعة العربية.. والتي لم تحرك ساكنا، ولم يكلف مجلس الجامعة نفسه الاجتماع وبحث العدوان، بل باركه على أساس أنه خطوة على تحقيق التقدم الثوري!
فشلت الجامعــــة العربيــــة فشلا ذريعا في التعامل مع الأحداث الجارية، والتي كان من الممكن أن تعصف بالمنطقة العربية .. من المشكلة الفلسطينية الى مشكلة الصحراء المغربية إلى المشكلة اللبنانية إلى مشكلة جنوب السودان إلى مشكلــة جـــزر الأمـــارات مع إيـــران، إلى مشكلة اجتيـــاح اليمن الشمالية لدولة اليمن الجنوبية واغتيال قادتها واغتصاب أراضيها وفرض الوحدة عليها بالقوة عام 1990.
ثـــم كانت الطامــة الكبـــرى عام 1990 حينـــما وقع الغــزو العراقي للكويــت، وكلاهما عضـــوفــي الجامعــة العربيـــة الذي ينـــص ميثاقهـا عــلى نــبذ العنــف كوسيلــة من وسائــل حــل النــزاعـــات وكيــــف هــــوت الجامعــة العربية إلى المنزلق بموقفها المتخاذل الضعيف الذي أمـــلاه عليها بعــض القـــوى العربية، والذي أدى بنا إلى ما نحن فيه الآن .. الأمر الذي أطاح في النهاية بجامعة الدول العربية ذاتها.
كمال عوض
[email protected]