وسائل إعلام الجنوب المحتل .. لماذا فشلت في تسويق ثورة شعبها وعدالة قضيتة إلى العالم

[حلبوب]

ربما أثير جدلا إن قلت إن وسائل الإعلام الجنوبية المتمثلة بالمواقع الالكترونية وفضائية عدن ، قد فشلت _حتى اللحظة_ فشلا ذريعا في إيصال رسالتها الإعلامية وإبرازها القضية الجنوبية للعالم ، أنظمة وشعوبا ومنظمات ، على حقيقتها الإيدلوجية السياسية والحقوقية القانونية والمطلبية الشعبية الحقة .



فبعيدا عن التنظير أو المقدمات الطويلة دعونا نتساءل نحن _أو أنتم_ النخبة في الداخل الجنوبي لماذا لم تصغ دولة واحدة من دول العالم كله إلى مطالب الشعب الجنوبي باستعادة دولته المحتلة ؟ ولماذا هذا العالم كله يقف بصلابة إلى جانب النظام اليمني المغتصب لدولة الجنوب عسكريا .. ؟ بل لماذا كل هذا العالم دان ويدين النضال السلمي الحضاري الذي تموج به كل قرية وكل بيت على أرض الجنوب المحتل ؟ .. هل العالم كله عالم شر لاوجود للخير والفضيلة فيه ؟!

كل هذه الأسئلة تحمل في مجملها دلالات الفشل الذي تحدثت عنه في الفرضية السابقة ، مضيفا إليها هنا نظرة العالم للحراك الجنوبي ومطالب شعبه بأنها نوازع انفصالية تضاهي حركات كثر قامت بها أقليات وطوائف ومتمردون في عدد من بلدان العالم للانفصال عن الدولة المركزية ؛ وبالتالي اعتبار الشأن داخليا ويحق ضرب وقمع مثل هذه النزعات والحركات انى وجدت ، كذلك اختزال العالم للقضية الجنوبية في شخوص القيادات المنفية في الخارج وبالتالي اعتبار القضية على أنها "صراع زعامات وقيادات على الحكم" أو مكايدات سلطة ومعارضة .. بعيدا عن معاناة وظلم الشعب الجنوبي الذي ايقظ هو هذه القيادات من سباتها وحملها مسؤولية مايطال الجنوب ، أرضا وشعبا وتأريخا ، من انتهاكات استعمارية سافرة ، ذلك كون هذه القيادات هي من أوصل الشعب إلى هذا الحال من جانب ، ومن جانب آخر كونها هي الممثل الشرعي والقانوني لقضيتهم أمام المحاكم الدولية ومنظماته وقوانينه .

هذا الفهم المغلوط لقضيتنا العادلة لدى العالم والذي استشعرت المنظومة السياسية والإعلامية لنظام الاحتلال أهميته فبادرت إلى تصديره خارجيا منذ وقت مبكر لميلاد الحراك الجنوبي .. لم تأبه به منظومتنا ووسائل اعلامنا نحن الجنوبيين ، ولم يلق أي اهتمام يذكر ؛ فوسائلنا ومواقعنا الإلكترونية وأهمها (عدن برس ، الطيف الإخبارية ، خليج عدن ، صدى عدن ، السياسي برس إضافة إلى قناة عدن الفضائية) تركز جميعها جل اهتمامها على مخاطبة الشعب الجنوبي المنكوب متناسية أن هذا الشعب هو من أوجدها أساسا وهو من مدها بمئات الآلاف وربما الملايين من الدولارات وأنشأها لتتبنى قضيته وتنادي العالم إلى نصرته ورفع معاناته باستعادة دولته وكرامته وحريته .. في المقابل فإن العالم يراقب هذا الخطاب ومسار اتجاهاته ليقتنع في الأخير أن الرغبة هي رغبة قوى معينة لتعبئة الشعب وليست رغبة وقناعة الشعب نفسه الذي خلق هذه القوى أو تلك المواقع والوسائل على حساب قوته ومعيشته ، فالشعب الجنوبي _ياسادة_ في غنى عن خطابكم ورسالتكم هذه بعد أن صار عائلة واحدة موحدة الرأي والهدف والمأساة والألم ، بل صرتم أنتم من تحتاجون إلى خطابه ورسائله لتنقلوها إلى العالم وتصححوا تلك المفاهيم المغلوطة التي نجح نظام الاحتلال في تصديرها وتسويقها .

فمن سيتفهم عدالة قضيتنا ومعاناة شعبنا ووسائل اعلامنا ومواقعنا (باستثناء قناة عدن) لم تتجاوز بعد مخاطبة جبال ردفان ويافع والضالع وأبين وشبوة و.. و.. ضف إلى ذلك التقوقع تشويه مضمون الرسالة الإعلامية ومحتواها الذي تنتهجه وسائلنا هذه ، فمن سيتعاطى مع قضيتنا ونحن نطالب كل يوم على قناة عدن الفضائية ب(قيام دولة الجنوب) وكأننا نريد استحداث دولة جديدة على الخارطة السياسة لا استعادة دولة قائمة لكنها تخضع مؤقتا للاحتلال من قبل دولة أخرى ..؟ من سيصغي إلى قهر الشعب وامتهانه ووسائل إعلامه لاتمتلك من الخطاب الإعلامي والسياسي الهادف سوى التباكي والشكوى وقصائد الرثا والتعازي لأسر الشهداء في الداخل بعيدا عن المنهجية الإعلامية والتخطيط السليم لإيصال مضمون رسالة شعبنا وانتقاء الجهات المستهدفة وفقا لأهداف القضية لا عبثا وعشوائية كما هو حاصل حتى الآن .

في الختام أرى أن المرحلة الراهنة تتطلب _حتما_ من كل وسائل إعلام الثورة الجنوبية السلمية العمل في إطار رسالة واحدة سعيا لإبراز القضية الجنوبية وتوضيحها وتفسيرها للعالم وخدمة أهداف شعبها الثائر ، ووفقا لاتجاهات أربعة أراها تتمثل في الآتي:

أولا_ خطاب دولي رسمي ، موجه إلى أنظمة ودول العالم وزعاماتها .
ثانيا_ خطاب دولي غير رسمي ، ويستهدف المنظمات الدولية والحقوقية المهتمة .
ثالثا_ خطاب محلي ويستهدف الشعب والقبائل في الجمهورية العربية اليمنية لإيقاظهم وتنبيههم إلى الجرائم التي ترتكبها العصابة القبلية المستأثرة بالحكم والسلطة والثروة .
رابعا_ خطاب إعلامي دعائي يستهدف محاربة النظام اليمني الدكتاتوري ورموزه .

وكل ذلك طبعا لن يتحقق البتة إلا بالتقاء القائمين على هذه الوسائل وقنوات الاتصال الجنوبية والاتفاق على "دليل عمل" واحد أو "ميثاق شرف إعلامي جنوبي" موحد ، يشمل أيضا الاتفاق على الاصطلاحات الإعلامية والسياسية المستخدمة في سياق المضامين الإعلامية الموجهة من الجميع .