القضية الجنوبية بين فك الإرتباط والفيدرالية

[البوميس]

كثر الحديث حول القضية الجنوبية وما يصاحبها من حلول ومابين مشرق ومغرب ,
وينبغى أن يعى كل مهتم بهذه القضية أن موازيين القوى ليست فى صالح القضية وأن العالم اليوم تحكمه قوى متنفذه لاترضى للعالم إلا أن يسير حسب هواها ,
وتذكروا جيداً أن حرب 94 كانت الفرصة السانحة لإستعادة دولة الجنوب وكانت القضية شبه محسومة لفك الإرتباط ولكن الذى وقف ضد هذا المشروع هى هذه القوى المتنفذة فى العالم
ولاتظنوا أنها أمريكا فحسب بل هى جزء من هذه القوى وليست كلها , وهذه القوى لازالت تمارس نفس الدور الذى لعبته فى 94 وزد على هذا
أن دول الإقليم التى دعمتنا فى 94 هى الآن فى المعسكر الآخر ولايقل قائل أن هذا جبن واستباق للأحداث بل هذا تحليل استقرئه -من وجهة نظرى - من خلال الأحداث المتراكمة التى نسمعها
ونشاهدها كل يوم , فلذلك هذه القوى ستقف الى جانب الوحدة وترى ميلاد دولة فى الجنوب العربى يتقاطع مع مصالحها وستمثل هذه الدولة الوليدة تهديداً مباشراً لسياساتها ومصالحها فى المنطقة ,
فلذلك ستستخدم كل ثقلها العسكرى والإقتصادى والمادى والمعنوى فى منع حصول مثل هذا الأمر وخذ مثالا على ذلك اقليم الباسك فى أسبانيا لهم عشرات السنيين
وهم يحاربون من أجل الإنفصال ولم يتحقق لهم شئ وأضطروا فى النهاية للدخول فى حوار مع الحكومة الإسبانية وكذلك الحال فى أيرلندا الشمالية مع بريطانيا , أما جنوب السودان فلم يتحقق لهم الإنفصال إلا لما رأت القوى المتنفذة فى العالم أن هذا فى صالحهم وإلا لماذا لم يحصل لهم ذلك فى حينه ولهم أكثر من عشرين سنة يحاربون ,
حتى القادة التقليديين للجنوب يدركون هذا تماما وترى تصريحات متناقضة بين التأييد للفيدرالية أو فك الإرتباط , وكأنهم يلعبون دوراً لانعلمه
فهم يريدون أن يقولوا عند طاولة المفاوضات هناك طرف متشدد فى القضية حتى نقطع عليه الطريق يجب أن تقبلوا بالحل الوسط وهو الفيدرالية ,
فلذلك هؤلاء القادة يدركون تماما أنهم لايستطيعون اعلان الحرب من أجل فك الإرتباط والوقت ليس فى صالحهم لأن رفض الحلول التى يضعها المجتمع الدولى تعنى الدخول فى حرب , وهذه الحرب ستكون خاسرة بكل معانى الهزيمة وسيتم فرض الوحدة بالقوة مرة أخرى وبمباركة القوى العظمى كما باركوا فى السابق فى حرب 94 ,
فأنا أرى من وجهة نظرى أن القادة الجنوبيين سيقبلون بالفيدرالية التى سيعرضها من أجبروا على صالح بالتوقيع على المبادرة الخليجية ,
وأن هذه التصريحات التى نسمعها من بعض القادة فيما يتعلق بفك الإرتباط ماهى إلا مسكنات للشعب الجنوبى الغاضب لكى يتم امتصاص غضبه ومن ثمَّ القبول بالأمر الواقع ,
وكل مايطلبه القادة الجنوبيون هو أن يحصلوا على ضمانات دولية وأن لاتسير الأمور حسب مايريده الطرف الآخر من المعادله وهم الشماليون
فلذلك يتم الآن ترتيب الأوراق وعلى أى أساس تتم الفيدرالية , وهناك قوى اقليمية ودولية تضغط على القادة الجنوبيين لكى يقبلوا بمثل هذه الحلول ,
ونرى أن الرئيس على ناصر محمد لايرى مطلب الإنفصال أو فك الإرتباط واقعياً فى هذه المرحلة ولذلك لم نسمع منه كلمة واحدة حول هذا الموضوع
وكل مانراه أنه يميل لموضوع الفيدرالية , وكذلك الحال مع العطاس ,
أما على سالم البيض فأعتقد أنه سيكون بعيد عن هذا الحل ولن يكون مشاركا فيه والرجل لم يكن ليقوم بهذه التحركات لولا أن الحراك الجنوبى فرض عليه
أن يتولى ملف القضية الجنوبية وإلا لبقى مختبئاً فى سلطنة عمان , ويمكن أن تستشف من خلال تصريحاته ولقاءاته الصحفية أن الرجل يعيش عالم آخر ,
وأصبح يستنجد بحزب الله وإيران وهذا كحال من يستنجد بالغريق , وهذا يمثل انتحار سياسى , ونرى أن حلفاءه فى الحراك تبرموا من هذه التصريحات
وأعلنوا أنهم لن يسمحوا لإيران أن تكون فى الجنوب كى تستفز دول الخليج من عدن
فهل من المعقول أن يسمح المجتمع الدولى والدول الإقليمية أن يتولى شخص كالبيض فصل منطقة استراتيجية كالجنوب ومن ثمَّ أن يحكمها وهو متحالف مع قوى متهمة بالإرهاب يسعى العالم للتخلص منها ,
فهذه قد تكون من العوامل التى قد تعجل بعزله سياسياً إن لم يتراجع عن هذا الموقف ويركب الموجه وإلا فالقوى الدولية ليست عاجزة على عزله وجعله لاشئ.

فهذا تحليل ووجهة نظر أرجوا أن تتقبلوها ويمكن لأى يشخص أن ينتقده بدلائل واقعية لا بالإتهامات الباطلة والأحكام المسبقة