صناعة الهزيمة في الخطاب السياسي الجنوبي

[الصحّاف]

صناعة الهزيمة في الخطاب السياسي الجنوبي .

بقلم / عبدالله الصحّاف :

الإيمان بوجهة النظر والحوار القائم على مبدأ " الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية " هو العامل الصحي للمضي قدما ً نحو البناء الصحيح المتلائم مع الوقت المعاصر ونستمد قوته من الحقبات الزمنية .. هكذا الكثير يرى الحالة ...
هناك من يرى أن فرض الرأي هو عامل البناء كما يفعل رئيس نظام صنعاء / علي عبدالله صالح " الوحدة أو الموت " وفي الوقت المعاصر أصبح العالم قرية ما أن يبحث المرء عن ضالته إلا وجدها ..
وأصبح التأصيل عنصر الفلسفة وخاصة في المصطلحات حيث تجد المرء يحدثك عن الكثير من الجمل أو الكلمات المتداولة علميا ً أو سياسيا ً أو أدبيا ً بطريقة عجيبة ويتم توظفيها دائما ً في كل حديث أو خطاب ربما يصد هذا من حُسن نية إلا أن المتلقي يفهم الخطاب أو المصطلحات حسب عقليته ويجللها على هذا الأساس وهو " حجم الإدراك لمعنى المصطلح ..
في الجنوب لدينا مشكلة في الخطاب السياسي وهذا بات عائق أمام الكثير أو النخب كما أتصور كمواطن نلامس الشارع ونتعامل مع المواطن البعيد عن أولئك أصحاب الأبراج العاجية والذي ينظرون من فوق دون الحاجة بوجهة نظرهم لمعرفة الأرضية هل يصلح أن تزرع فيها هذه المصطلحات أو هي عامل سلبي ...
هناك عوائق ظهرت الآن نتائجه بسبب الخطاب السياسي والعشوائية في الإعلام وتصدره من قبل الجميع دون تنظيما ً أو رؤية وبالتالي مع إفساح المجال أمام الجميع بات الخطاب السياسي مخلوقا ً لاتدري مصدره وماهي النتائج المرجوة منه ..
ظهر في الجنوب مصطلحات يراها بعض المتابعون للأحداث أنها سلبية وهي من أدوات صناعة الهزيمة والدفع بالخصم إلى الالتفاف حول الخصم من هذه المصطلحات :

1- الاحتلال اليمني وإظهار الرئيس اليمني على أنه قوة :

حينما نتحدث على هذا المصطلح في الخطاب السياسي التوعوي والتعبئة بطريقة إظهار النظام اليمني على أنه قوة عظمى استطاعت أن تسيطر على الجنوب بقوته هنا مكمن الخلل حيث أنه دخوله الجنوب كان عبر الوحدة السلمية وركيزتها الأساسية الاتفاقيات وهناك عوامل عالمية ومتغيرات فرضه الانتصار بمؤازرة جنوبية ما لم يكن الدعم الجنوبي موجودا ً لما استطاع النصر في حرب صيف 1994م في الحرب المعلنة وهذه الحرب قامت بين نظامين أو شركاء كانت الغلبة فيها للرئيس اليمني بسبب العوامل الدولية والصراعات الجنوبية ما قبل وحدة الدولتين وبالتالي دخوله الجنوب ليس على أنه بطل أو قوة عظمى ولكنها ساعدته الظروف والعوامل الدولية وكثرت الخصوم في الجنوب ولهذا استطاع أن ينتزع نصرا ً كبيرا ً دخلت فيه كثير من الأطراف وتصفية الحسابات ..
ومن المفترض أن نصف الحالة على أنها التفافا ً على سلمية الوحدة بين الدولتين ويكون الخطاب السياسي مركز حول الاتفاقيات وسلمية الوحدة والتراضي والاستناد إلى القرارات الدولية ورسائل النظام اليمني وتعهداته للمجتمع الدولي بإزالة مخلفات حرب 1994م والعودة إلى طاولة الحوار على مبدأ سلمية الوحدة وطرفين تتمثل في نظامين للحكم شركاء في هذه الوحدة التي تعرضت للانتكاسة بسبب الأطماع التي كانت عامل في انتكاسة الوحدة السلمية بين الدولتين .

2- دحباشي أو المصطلحات التي ترمى تجاه الشعوب بعمومه :

وهذه المصطلحات تعطي النظام اليمني قوة في الخطاب التوعوي سواء الإعلامي أو في الخطاب السياسي حيث يستغل هذه الأعمال أو السلوكيات لاستنهاض الأنصار الجدد والالتفاف حوله وتقوية موقفه و يتوجه خطابه عبر شماعة الدفاع عن الوحدة على أساس أنه الأساس من يحافظ عليها وهو الحارس الأمين لها "بينما هو الفاسد ومن أنغض على سلمية الوحدة وعرضها للانتكاسة ..
وتوجيه الخطاب التوعوي تجاه خصومه الممثل بالحراك الجنوبي على هذا الأساس بينما الحراك الشعبي الجنوبي خرج من تحت ركام الفساد الإداري والإنفلات الأمني وتغيّب مؤسسات الدولة والاستحواذ على مفاصل الدولة من قبل المفسدين وطمس الهوية وتاريخ الشريك بالوحدة السلمية المبنية على الاتفاقيات والتراضي و بعد الانتصار على شركاء الوحدة قام بتغيير أهداف الوحدة لصالحه ..
ومن ثم تم تقسيم مفاصل الحكم عبر مراكز قوى الانتصار حتى تم تغييب مفهوم الدولة وعلى هذا يجب أن يكون الخطاب موجه لتعرية نظام صنعاء وكشفه أمام شعبه والرأي العام العربي والعالمي وفضحه أخلاقيا ً وتكون الركيزة الأساسية للخطاب " الأخلاق " حيث أن الشعب الجنوبي وصل إلى نهاية عدم القدرة على التعايش مع هذا النظام المجرم والفاسد الذي لايمثل وحدة صحيحة بين الدولتين وجنح بها نح الصراعات ونبش الفتنة ونشر الفساد بين الشعب وفي مفاصل الدولة ولهذا لم يستطيع الشعب الجنوب تحمل هذا الإدارة بما أنه تعود على نظام وقانون وحمل مفهوم القومية العربية وانطلق على هذا الأساس على أن يكون منهاج الوحدة عربيا ً يتحقق ..
وأن لانعطيه الحق في تقديم مبادرات عربية على أن نظام صنعاء يؤمن بالوحدة العربية وهو المثال السيئ لمفهوم الوحدة التي عرضها للانتكاسة بين دولتين وشراكة سلمت دولة الجنوب على هذا الأساس .

3- بعض السلوكيات التي تدعو للحرب علانية ولا يعلم المتابع مصدرها :

هناك بعض العناصر تروج إلى الحروب والمواجهة على أساس ما أخذ بالقوة لا يعاد بالقوة . وهناك عناصر غير واعية تعرض البسطاء للتصفية وهذه بالطبع مرفوضة لدى الحراك الجنوبي عبر عنها علانية وفي خطابه السياسي والذي من المفترض أن تكون دائما ً هي خطابه حيث لايتعرض البسطاء أو الشعب في اليمن للإهابة أو المساس به وبمصالحه وأن لايتبنى أي عنصر ينتمي للحراك الجنوبي هذه الأعمال المشينة ..
على أن يتم كشف نظام صنعاء بأنه مد إلى تكوين هيئة الدفاع عن ما تسمى وحدة وشماعة في خطابه السياسي والتي لم يعرف محتواها وأفرغها من معانيها وبالتالي هذه الهيئة تحاول أن تخلق الجرائم والبلبلة في الجنوب بالإضافة على لصق منهاج القاعدة في الحراك الجنوب وعلى أن الأرض الجنوبية هي الأرض الخصبة له وهذا غير صحيح وبالتالي على الخطاب الجنوبي السياسي أن يدافع عن المبادئ الحميدة ويظهر الأخلاق التي تتلائم مع الوقت المعاصر وتستند إلى ديننا الحنيف في التعامل السلوكي ليكون هذا التعامل عنصر المواجهة والبراءة من كل الأعمال السيئة التي يحاول نظام اليمن إلصاقه في الحراك الجنوبي الشعبي الأخلاقي الذي خرج من تحت ركام الفساد .
و هناك من يروج على أن كل فرد يمضي في حال سبيله ويبحث عن لقمة عيشه أنه ينتمي للأمن القومي والسياسي وعميل لنظام صنعاء حتى في الخارج وهذا الخطاب صور أن النظام اليمني الصغير الذي لم يستطيع أن يدير بلده بالطرق الصحيح أنه دولة عظمى وهو بالأساس لايسطيع أن يدير عاصمته أو يفصل بين نزاع قبلي وعليه من المفترض أن يصور الخطاب السياسي نظام صنعاء على أنه دولة عظمى بل من المفترض أن يظهره أنه نظاما ً هشا ً لايملك مقومات الدولة بالأساس والأدلة الاتجاه باليمن نحو الهاوية والأوضاع الخطيرة على الأرض خير دليل .

4- أن كرامة الجنوبيين مهانة:

هناك من يتحدث على أن الكرامة الجنوبية تم دهسها أو تعرض لها وهنا يخلق وهذا مصطلح غير صحيح حيث أن من المفترض أن يكون الخطاب السياسي أن نظام صنعاء الفاسد عمد إلى تكريس مفهوم سلب الكرامة لدى الشعبين في اليمن والجنوب وعمد على التفقير والإقصاء والاستحواذ على مفاصل الدولة والاقتصاد حتى يكون عنصر الإقصاء التفقير والإذلال هو منهاجه ليتم فرض أجدته الفاسدة ويضمن له الاستمرار بينما الحراك الجنوبي وشعب الجنوب يرفض الانصياع لهذه الخطة القذرة من قبله والتي يحاول أن يدخل الشعب الجنوبي وأيضا ً شعبه في نفقه الظلم ولهذا يرفض الشعب الجنوب ممثل بالحراك الشعبي أن يقبل هذه الخطة بالمطلق استنادا ً إلى تاريخه المبني على حفظ كرامته وكرامة الآخرين وهي من أخلاقه الحميدة .

5- انتهاك الأعراض كما يروج لها البعض أو استغلال هذا :

هناك من بعض العقول الصغيرة تستغل الأعراض لتصفية والخطاب السياسي وهنا الخطأ الكبير الذي يقع به بعض العقول الجوفاء في عدم فهم طبيعتنا وبيئتنا الحميدة والتي من مبادئ الإنسان العربي الحفاظ على الأعراض بجميعها ولجميع الأطياف والطوائف وغيرها من الأمم حتى أن الإنسان العربي لايغدر ومن عادات القبلية تحكيم المغدور به بل ولايمكن أن يتم القتال غدرا ً فما بال الإنسان أن يعرض الأعراض للتهم أو للاستغلال السياسي وليس من الأخلاق والرجولة أن يقحم الأعراض لينال مكاسبا ً سياسية ومن هنا من المفترض أن يمثل المرء قضيته أفضل تمثيل بما يتلائم مع دينه الحنيف وأخلاقيه الحميدة
قال صلى الله عليه وسلم ":
إنما بعث لإتمم مكارم الأخلاق " وأوصى أمته بالتحلي بالأخلاق والحفاظ على الأعراض كما قال صلى الله عليه وسلم ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن عبد الوهاب ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏حماد ‏ ‏عن ‏ ‏أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏محمد ‏ ‏عن ‏ ‏ابن أبي بكرة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بكرة ‏ ذكر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏فإن دماءكم وأموالكم ‏ ‏قال ‏ ‏محمد ‏ ‏وأحسبه قال وأعراضكم ‏ ‏عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب وكان ‏ ‏محمد ‏ ‏يقول صدق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كان ذلك ألا هل بلغت مرتين .
واخيرا ً نحن الجنوبيين أهل وحدة ومن دعا لها ومن سلم دولة مترامية الأطراف وجعل الخطاب السياسي ماقبل الوحدة شعارا ً جنوبيا ً بمتياز توجه في تسليم الدولة بجميع مؤسساتها سلميا ً وإيمانا ً بالوحدة العربية والقومية العربية الصحيحة المبنية على القيم والأخلاق والقانون والمؤسسات ولايمكن أن يأخذ حقنا في الحياة بالقوة والعالم أجمع يشهد لعنفوان وأخلاق هذا الشعب الكريم المعطا الذي ما أن بحث في المواقف البطولية إلا وتجده أول الناس فيها ..
وعليه فإن الشعب الجنوبي سيأخذ حقه كما أنه يؤمن بانه حقا ً لاينتهي بالتقادم ولايمكن أن يسلبه أيا ً كان حقه طال الزمن أو قصر . وعليه فإن دعوة الحراك الجنوبي إلى فك الإرتباط هو حق وليس باطل يستند إلى معضلة أوجدها نظام صنعاء وهي الالتفاف على سلمية الوحدة وطمس القيم والأخلاق والفساد والإنفلات لمفهم الدولة وعدم الإدارك لماهية الوحدة السلمية المنية على الحب .