الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-07-23, 01:51 AM   #1
صقر الجزيرة
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-05-25
المشاركات: 17,893
افتراضي ورقة بحثية : أمن عدن ضرورة وطنية ومصلحة إقليمية ودولية تزايدت مؤخرا

ورقة بحثية : أمن عدن ضرورة وطنية ومصلحة إقليمية ودولية
تزايدت مؤخرا









الاثنين 22 يوليو 2013 09:59 مساءً

عدن((عدن الغد))خاص:

تزايدت مؤخرا حدة الجدل في عدن حول أسباب تدهور الاوضاع الأمنية في المدينة .

تعيش مدينة عدن حالة انفلات أمنية واسعة النطاق منذ العام 2011 وحتى اليوم .

في العام 2011 وتحديدا في 27 يوليو منه نظم مركز الدراسات الإستراتيجية بمدينة عدن ندوة علمية بعنوان " أمن عدن .. ضرورة وطنية ومصلحة إقليمية ودولية" .



وناقشت الندوة على مدى يومين أربعة محاور أساسية ( عدن ـ ابين تاريخ وأهمية جيو سياسي ، ظهور وتنامي الإرهاب وأسبابه في المجتمع اليمني ، حشد المجهود الوطني لمواجهة مخاطر الانفلات الأمني ، التعاون الإقليمي والدولي) .

وخلال هذه الندوة قدم كلا من الباحثين د. قاسم المحبشي ود. سيف محسن ورقة تحت عنوان ((مشكلات الأمن والتنمية في عدن اليوم)).



ولاهمية هذه الورقة ينشر القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" نصها لاهميتها ولاهمية القضية التي تناقشها والظروف المحيطة بها :



((لاتدوم الدول إلا بأمن راسخ وعدل صحيح وأمل فسيح ))

الماوردى



المقدمة :


تعد مدينة عدن واحدة من المدن القليلة في التاريخ الإنساني التي احتفظت و لازالت بأهميتها الإستراتيجية الإقليمية والعالمية, وقيمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والعلمية والأخلاقية والجمالية , المادية والرمزية في السياقات المحلية ,وذلك بما تتفرد به من سمات وخصائص, طبيعية وجغرافية ، تاريخية وثقافية وحضارية ومدنية. وقد مثلت عدن في العصر الحديث نموذجاً رائعاً للحداثة والمدنية وذلك بفضل تماسها المبكر مع قوة الحداثة الإنسانية.

ونظراً لموقعها الإستراتيجي، ظلت مدينة عدن على الدوام عرضة لمخاطر وتحديات أمنية متنوعة ومركبة، ومحل أطماع وتجاذب قوى الهيمنة الدولية والإقليمية والمحلية وهو ما جعل أمنها واستقرارها باستمرار ليس شاناً محلياً(يمنياً) فحسب بل شديد الصلة بالأمن والاستقرار الإقليمي و العالمي .

وبالاتساق مع ما تنطوي عليه هذه الندوة المعنية بأمن عدن واستقرارها من أهمية خاصة في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة التي آلت إليها أحوال عدن وأهاليها , تأتي أهمية هذه الدراسة الموسومة (مشكلات الأمن والتنمية في عدن اليوم ).

إذ تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ابرز المشكلات الأمنية والتحديات التنموية التي تعيشها عدن , وذلك من وجهة نظر منهجيه نقدية وثقافية .

وتنطلق فرضيتنا الأساسية من أن ثمة علاقة ارتباط قابلة للقياس والضبط بين الأمن والتنمية البشرية، علاقة تبادلية التأثير والتأثر وجدلية التفاعل الايجابي والسلبي. كما نرى إن الأزمة الأمنية التي تعيشها عدن اليوم ليست قضية أمنية، بل هي حصيلة أسباب وشروط عديدة يمكن رؤيتها في المجالات الأخرى كالسياسة والحرب والعدالة الاجتماعية والظروف المعيشية والمشكلات المتراكمة من الماضي فضلاً عن صراعات قوى الهيمنة المحلية والإقليمية والدولية في اللحظة الراهنة، وفي عالم الفعل والانفعال، عالم ما تحت فلك القمر ،عالمنا الإنساني لاشي يحدث بدون سبب من الأسباب و الأسباب أربعة ظاهرة وخفية ،قريبة وبعيدة ، ولا يمكن لنا فهم الظواهر بدون الكشف عن أسبابها الحقيقية ، وهذه هي الوظيفة الجوهرية للبحث العلمي .

تهتم هذه الدراسة بالتركيز علي المحاور التالية :

-تحديد المفاهيم الأساسية وتعريفها.

-عدن الاسم المعنى و الدلالة

-الأمن لغة واصطلاحاً

-مفهوم التنمية

-الإنسان و الأمن والتنمية

-الأمن والتنمية في عدن تحديات ومخاطر



تحديد المفاهيم وتعريفها :

اهتمت الدراسات الثقافية والسوسيولوجية المعاصرة بتفسير علاقات الهيمنة و القوة في الخطابات والممارسات اللغوية , حيث يرى عالم الاجتماع الفرنسي نورمان ثيركلو في كتاب "الخطاب بوصف ممارسة اجتماعية": (أن السياسة تكمن جزئياً في الخلافات والصراعات التي تظهر في اللغة وعلى اللغة) (1) . إذ أن الوحدات المعجمية والدلالية والتركيبية و البلاغية و المفهومية والاصطلاحية تجسد مصالح قوى اجتماعية وسياسية معينة , فعلى المستوى المعجمي (أي تعريف وتصنيف الأشياء و الظواهر)، ألح الفرنسي ميشيل بيشو على الصفة الصراعية للكلمات بقوله: ( كل الصراع الاجتماعي يمكن أن يتلخص في الصراع من اجل تعريف كلمة ضد تعريف آخر) (2) .

هذا يعني إن الكلمات لا تملك قوة في ذاتها بل تأتي سلطتها من خارج الخطاب وهذا هو ما أوضحه عالم الاجتماع الفرنسي بياربورديو في كتابه الهام "السلطة والرمز" بقوله ( أن الخطاب الإقليمي هو خطاب أدائي يهدف إلى فرض تعريف جديد للمكان وللحدود باعتبار تعريفها مشروعاً يكرس معنى محدد للإقليم وتصنيفه وتعريفه ضد تصنيفات وتعريفات سابقة )(3) لقوى اجتماعية وسياسية مختلفة . من هنا تأتي ضرورة إعادة تحديد وتصنيف وتعريف معنى كلمة عدن وذلك لأنه على ضوء تعريفنا للمعنى نحدد القيمة والأهمية التي تستحقها عدن وضرورة أمنها لمصلحة المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، وقبل ذلك لمصلحة وحاجة وحقوق أبناء عدن وأهاليها الذين وجدوا نفسهم في وضع فاجع ومخيف ، بلا حول ولا قوة لمواجهة المخاطر الأمنية .



عدن الاسم والمعنى و الدلالة :

ماذا نقصد باسم عدن؟.. هل نعني (العربية السعيدة) حسب المصادر اليونانية القديمة، أم نقصد (ثالث ميناء عالمي ) حسب كثير من الدراسات الحديثة، أم( عاصمة اتحاد الجنوب العربي ) في خمسينات وستينات القرن الماضي، أم (عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية )التي توحدت مع (الجمهورية العربية اليمنية ) عام 1990م؟.. هل هي المحافظة الأولي بين ست محافظات جنوبية، أم هي المحافظة الثالثة بين إحدى وعشرين محافظة يمنية؟. هل هي فعلاً العاصمة الاقتصادية والتجارية (المنطقة الحرة)، أم هي قرية ساحلية وحديقة خلفية لقضاء الأجازات و النزهات؟ هل هي مدينة الحداثة والمدنية والنظام والقانون و الصحافة والسلم والسلام و التسامح والتعايش والتعاون والاحترام وغير ذلك من الرموز الإنسانية الرشيدة، أم هي مكان للفيد والغنيمة والظلم والطغيان كرمز للهزيمة والفتح والانتصار في 7\7؟ إلى آ خر هذه التعريفات المختلفة التي تعبر عن مصالح واستراتيجيات ورهانات قوى اجتماعية سياسية معينة .

ولمقتضيات هذه الورقة نقترح صياغة تعريفاً إجرائياً لعدن على النحو التالي :

عدن مدينة بحرية ملاحيه و تاريخية ، حداثية وتجارية عالمية وعاصمة دولة سيادية وفضاء كوسموبوليتكي للتعايش المدني الاثني والديني والثقافي بين مختلف الشعوب والثقافات.



الأمن لغة واصطلاحاً:

يعد مفهوم الأمن من أكثر المفاهيم التباساً و غموضاً وذلك بما ينطوي عليه من دلالات ومعاني كثيرة ومتعددة, إذ بات الناس يطلقون هذه الكلمة على أشياء وظواهر وعلاقات ومؤسسات لا حصر لها: الأمن السياسي , امن الدولة, الأمن الوطني , الأمن المركزي , الأمن القومي , الأمن العام , الأمن, الغذائي الأمن الصحي ,الأمن المائي , الأمن البيئي , الأمن الاجتماعي , الأمن الثقافي , الأمن المعيشي, الأمن السيكولوجي, الأمن العائلي, الأمن الحقوقي.. الخ .

الأمن - لغة- ضدّ الخوف، فهو الطمأنينة التامة على النفس والمال. قال ابن منظور: (أمن ، يأمن، أمنْاً، وأماناً ضد الخوف) (4)، وفي التنزيل العزيز: ﴿وآمنهم من خوف﴾(5). والأمن في المنظور الإسلامي يبيّنه القرآن الكريم في مواضع عديدة ليشير إلى معاني مختلفة منها الأمان وعدم الخوف والطمأنينة والوثوق، لقوله تعالى ﴿ فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف﴾. في هذه الآية الكريمة تقديم لغريزة الجوع على الخوف، لتبرهن في ذلك على أن الأمان من الخوف ينتج أولاً من خلال إشباع حاجات الفرد الغذائية، وكما هو معلوم أن حاجات الفرد تتدرج تبعا لأهميتها في صيرورة الإنسان واستمرار حياته، فهناك حاجات أساسية ينبغي إشباعها وإلا هلك الفرد، أو تعقد نفسيا، أو اتجه نحو مسارات انحرافية. فالأمن في أي مجتمع ـ حسب وظيفته ـ لا يتوفر إلا بعد حماية المصالح الحيوية لأفراد المجتمع: (وعُِرّف الأمن على أنه نقض لحالة الخوف، ومعناه الطمأنينة والثقة وهدوء النفس الناتج عن عدم الإحساس بالخوف من كل ما يُهدد الفرد من أخطار عمدية أو غير عمدية، طبيعية كانت أم بشرية) (6).

والأمن في أساسه الاجتماعي "يعني غياب الخطر المادي والحماية من القلق النفسي، فهو إذن يتضمن جانبين، التحرر من الحاجة ومن الخوف".

وعرفه البعض على أنه: (الكفاية المعيشية لأفراد المجتمع واكتسابهم لحقوقهم الأساسية والسياسية في الصحة والتعليم والعمل، وحمايتهم من ظروف الأزمات والطوارئ، فالكفاية الاقتصادية والمعيشية تعد عنصراً من عناصر الاستقرار وحفظ التوازن النفسي والعاطفي) (7).

اما العالم روبرت مكنمارا فيعرف الأمن بأنه ( التطوير والتنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة) (8).

من هنا نرى أن هناك علاقة وثيقة بين الأمن والتنمية، فالتنمية معنية بإزالة مختلف العقبات التي تعوق الحياة الإنسانية، وتقف حائلا دون ازدهارها، وكما مر بنا في المباحث الماضية فإن مضمون فكرة التنمية البشرية واسع ولها صفة "حمائية" لكونها متصلة بالتقدم والنمو والأمن الاجتماعي، من خلال الاهتمام المباشر بالخدمات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية كافة.

ومفهوم الأمن الاجتماعي يُستخدم في بعض الأحيان ليُعبّر عن الضمان الاجتماعي أو برامج التأمين الاجتماعي, وتقديم الخدمات للشباب وللكبار والمسنين والمتقاعدين..الخ (9).

لكن مفهوم الأمن هو من السعة والشمول بحيث يتجاوز الضمان الاجتماعي والتأمين الاجتماعي، وهو يرمز إلى الحماية من خطر المرض والجوع والبطالة والجريمة والصراع الاجتماعي، والقمع السياسي، والمخاطر البيئية، فبالنسبة لمعظم الناس يمثل الأمن إشباع حاجاتهم الاقتصادية والحصول على أعمال، أو وظائف تؤمن لهم الحاجات الإنسانية الأساسية، وأن تكون أحياؤهم السكنية آمنة من الجريمة، وهو ما أكّد عليه الرسول الكريم بقوله: (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسمه، معه قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).

وقد عرّفته لجنة الأمن الإنساني على انه "حماية أساسيات البقاء بطريقة ترقي من حقوق وحريات الإنسان ".

فالفرد جوهر الأمن الإنساني ، إذ يعنى بالتخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي وذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مع البحث عن سبل تنفيذ ما هو قائم من تعهدات دولية تهدف إلى تحقيق أمن الأفراد وهو ما لا يمكن تحقيقه بمعزل عن أمن الدول (10).

أما كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة في تقريره للأمم المتحدة عام 2000 والمعنون بـ "نحن البشر" أعطى توصيف للأمن الإنساني كالآتي :

(يتضمن أمن الإنسان بأوسع معانيه ما هو أكثر بمراحل من انعدام الصراعات العنيفة فهو يشمل حقوق الإنسان ، الحكم الرشيد وإمكانية الحصول على التعليم وعلى الرعاية الصحية وكفالة إتاحة الفرص والخيارات لكل فرد لتحقيق إمكاناته، وكل خطوة في هذا الاتجاه هي أيضا خطوة نحو الحد من الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي ومنع الصراعات والتحرر من الفاقة وحرية الأجيال المقبلة في أن ترث بيئة طبيعية صحية هي اللبنات المترابطة التي يتكون منها أمن الإنسان وبالتالي الأمن القومي) (11).



مفهوم التنمية :

ثمة جدل كبير أثاره هذه المفهوم في الدوائر الأكاديمية والثقافية المعاصرة وذلك لما ينطوي عليه من ضبابية وتشويش والتباس وتعدد متنوع المعاني والدلالات , لا يأتي تعقد مفهوم التنمية من تعقد ظاهرة التنمية في حد ذاتها ، أو من الصيرورة التاريخية التي تعمل بداخلها، بل و أيضا من الطبيعة المركبة للمفهوم ذاته، وتعدد أبعاده و اختلاف مستوياته , إذ نلاحظ أن هناك خلط عند كثير من الدارسين بين النمو والتنمية و التنمية البشرية والتنمية المستدامة وغير ذلك .

وهذا ما جعل مفهوم التنمية يتداخل في كليته مع مفهوم النمو ذي المحتوى الكمي مما يستدعي التمييز بين المفهومين: النمو و التنمية، و إبراز الأبعاد المتداخلة بينهما ، و الظروف المتباينة التي تميز كلا منهما عن الآخر و ذلك للوصول إلى منهج تكاملي بين ظواهر النمو المادي و عناصر التنمية البشرية. وفي تحليله لمفهوم النمو يعتبر جوزيف شومبيتر j.chompiter: ( أن النمو يشير إلى النمو الاقتصادي و الذي يمكن الاستدلال عليه في حجم ارتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي خلال الدورة الاقتصادية للمواد المتاحة. فالنمو هو نمو في حجم الإنتاج الكلي الخام، و الذي يشير إلى مجموع السلع و الخدمات التي تم الحصول عليها خلال فترة زمنية محددة، و لذلك فمفهوم النمو ينطوي على الزيادة في الإنتاج. النمو إذن ظاهرة تدريجية و تراكمية و هذا يعني ضمنيا أن عملية النمو في الغالب تكون بطيئة)(12)، و هكذا فالنمو مفهوم كمي يطلق على الزيادة في الإنتاج.

و لقد اعتبر جوزيف شومبيتر أن التنمية تعني في الواقع تحقيق تغيرات جوهرية و تكنولوجية و اجتماعية و سياسية بالإضافة إلى تغيرات في الاقتصاد. فالتنمية لم تقوم على معطى اقتصادي محض ، بحيث أن إستراتيجية التراكم الرأسمالي و إن كانت هي الأساس الذي قامت عليه التنمية الاقتصادية بالنسبة للدول المتقدمة، إلا أن الواقع يشير إلى فقر عوامل أخرى مساندة كقوى العمل و المهارات و الكفاءات التنظيمية والتطورات التكنولوجية المتتابعة و المرتبطة بالحضارة ، و أنماط من السلوك مرتبطة بأخلاق العمل، و بالاتجاهات العامة نحو العمل الصناعي .

كما عرّف المفكر الهندي البريطاني الجنسية آماريتا صن في كتابة "التنمية حرية", مفهوم التنمية بقوله: (التنمية حرية وتحرر من كل القيود والعوائق التي تحول دون انطلاق قدرات الإنسان ومواهبه ونمو شخصيته المتكاملة من جميع الجهات) (13)

هذا معناه أن التنمية لا تعني فقط الزيادة في إنتاج السلع بل تعني كذلك تنمية البشر وإثارة وتحفيز قدراتهم الفطرية و زيادة ثقتهم بأنفسهم ، فلا يمكن النظر إليها بوصفها عملية التراكمات المادية للثروة، فهي أكثر من التوسع في عملية التصنيع، أو الزيادة في التحضر و التقنية، و ارتفاع مستويات المعيشة ونمو الاستهلاك ، أي أنها تحمل مضمونا أكبر من التعبير عنها بمستويات الدخل الفردي ، و لذلك فإن التنمية ليست هندسة الاقتصاد فقط ، فهي يجب أن تفهم تحت شروط القيم أو الأبعاد الثقافية للحياة الاقتصادية و الاجتماعية التي لها تأثيرات كبيرة على تنمية القدرات البشرية .

وبهذا المعنى يمكن تعريف التنمية المستدامة بعدها الإنسان هو الثروة الحقيقية للأمم التي يجب أن تكون منطلق وهدف وغاية كل فعل وسلوك وحسب عالم الاجتماع الانجليزي انتوني جدنز فإن مفهوم التنمية المستدامة استحدثته الأمم المتحدة عام 1987 م مع صدور الوثيقة "مستقبلنا جميعاً" تحت شعار تلبية احتياجات الحاضر مع عدم الإضرار بقدرات الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها (14).



الإنسان و الأمن والتنمية :

الحديث عن الأمن والتنمية هو حديث عن الإنسان من حيث أن الإنسان كائن تاريخي ,تتجلى تاريخيته في عدة خصائص كالطبع ونظام السلوك والقواعد والقانون الخاص، الدفاع عن البقاء، ومقاومة الفناء، أي أن تاريخيته يقتسمها تاريخان: تاريخ طبيعي يشارك به جميع الكائنات ,وتاريخ وضعي وضعه لنفسه وينتج فيه ومنه الحضارة والثقافية والمدنية .

ولا يكون التاريخ إلا حركة وصراع و تكييف بالتطور وتطوراً بالتكيف ورد فعل واتخاذ مواقف في مواقع وتبرير المواقف وتحصين المواقع بما يحقق القوة والحماية و العافية والأمن والأمان .

وأول الثقافية هو الإحساس بحب الحياة والمحافظة على البقاء ومقاومة الفناء والإحساس بالحاجة إلى الأمن والعافية وتأمين الطعام والمأوى والكساء والإدارة والتصميم .

وأول المدنية كهف أو مغارة أو موطئ قدم يحتله الحاس ومنه الإنسان ويجد فيه أسباب العافية والأمن والأمان فيدافع عنه وطنا في العراء قبل اللجوء إلى الكهوف والمغارات والعشش والعمارات والحصون والقلاع والمدن المشيدة.

وأول الحضارة الإحساس بالخوف من عاقبة الاعتداء وهو الخوف الذي نعبر عنه بالضمير الوازع ومخافة الأذى والضرر جزاء القيام بالذي صار اسمه بعدما لا يحصى من الزمن حرام وعيب وممنوع .

والأمن ليس مجرد حق أساسي من حقوق الإنسان ,بل هو أولاً وقبل كل شيء حاجة حيوية لجميع الكائنات الحية عامة و الإنسان على نحو أكثر إلحاحاً، إذ يستحيل الحياة بدونه. ويرى عدد من الدارسين والعلماء أن التاريخ الإنساني وقواه: الحضارة، المدنية، الثقافة هو ثمرة بحث الإنسان الدائم عن الأمن والاستقرار والعافية. ويرتبط موضوع الأمن بشبكة واسعة من العلاقات والعناصر المادية والرمزية , الطبيعية والثقافية، البيولوجية والسيكولوجية.

وقد وضع عالم النفس الأمريكي الشهير "ابرهام ماسلو" (1908 – 1970، صاحب نظرية "الحاجات الأساسية الخمس" المعروفة "بهرم ماسلو ") الحاجة للأمن في المرتبة الثانية بعد الحاجات الفيزيولوجية , باسم حاجات السلامة safety needs التي تتضمن الأمن والحماية والاستقرار والبناء, والقانون والنظام والتحرر من الخوف والفوضى ,وهذه الحاجات مشتقة من استجابات الأطفال السلبية للأحداث الفجائية وغير المتنبئ بها (15).

وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال والراشدين الذين يتعرضون لخبرة التهديد وفقدان الأمن يكونون مدفوعين بمثير قوى ومهيمن, يفقدون فيه القدرة على التفكير السليم في مواجهة المشكلات والتحديات المختلفة , فالخوف يشل القدرة على الاستجابة العقلانية.

وهذا ما المح إليه عالم النفس التربوي الأمريكي آرثركمومز في كتابة "خرافات في التربية" إذ يرى (أن، التهديد يعيق مسار السلوك الإنساني السوي. فحينما يشعر الناس بالتهديد يعجزون عن معالجة المشكلات بكفاءة وتضيق مدركاتهم نحو الشيء المهدد فالخوف والفزع والهلع والرعب والذعر وكل حالات فقدان الأمن تدفع الناس إلى اتخاذ مواقف وردود أفعال خطرة على حياتهم و مجتمعاتهم) (16).

ولعله من المفيد هنا أن نورد لمحة عن نظرية ماسلو في الحاجات الأساسية كما وضعها في هرمه المشهور ولما حازت عليه من أهمية علمية وقيمة عملية .



وقد ميز ماسلو الحاجات الأربع الأساسية الأولى باعتبارها حاجات نقص أو حاجات مجموعة D وهي حاجات يسمح إشباعها للفرد بأن يتجنب المرض الجسمي وسوء التوافق النفسي .

ولا يمكن الانتقال إلى حاجات النمو G الذي وضعها ماسلو في قمة الهرم وهي حاجات تقبل الذات وتقدير الذات و تفعيلها ونموها إلا بعد إشباع الحاجات الأساسية الذي يعد الأمن والسلامة والاستقرار أهمها، إذ أن شعور الإنسان بالخوف والتهديد والفزع يجعل مطلبه الملح في هذه الدنيا البحث عن مكان أمن. وهذا ما نلاحظه كل يوم في تجربة نزوح السكان من المناطق التي حولتها الحروب و أعمال العنف إلي جحيم لا يطاق كما هو حال سكان زنجبار وغيرها من المناطق المنكوبة.

وقد شغل موضوع الأمن والتنمية والاستقرار معظم علماء الاجتماع منذ أقدم العصور وذلك لأنه يتصل اتصالاً عميقا ً بالمخاطر والتهديدات و المخاوف التي تحيط بالإنسان من جميع الجهات .

وقد أكدت جميع الشرائع السماوية والوضعية التقليدية والحديثة على حق الإنسان بالحياة الآمنة والمستقرة والعيش الكريم , كما جاء بقوله تعالى : ﴿ولقد كرمنا بني ادم ﴾ [سورة الإسراء الآية 70]، ويقول تعالى: ﴿ الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾ [سورة الأنعام، آية 82] ، وقال الرسول محمد صلى الله علية وسلم فإنَّ الله حرَّم عليكم دماءكم وأموالَكم وأعراضَكم كحُرمةِ يومِكم هذا في شَهرِكم هذا في بلدِكم هذا).

وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10ديسمبر 1948م , نصت المادة الأولى «يولد جميع الناس أحراراً ً متساويين في الكرامة و الحقوق . وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا ً بروح الإخاء» وفي المادة الثالثة «لكل فرد حق في الحياة و الحرية وفي الأمان على شخصه»

وفي المادة (25) «لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته , وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذالك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه »(17). وهكذا نلاحظ مدى أهمية وحيوية الحاجة إلى الأمن والأمان والتنمية والاستقرار للأفراد والجماعات والدول . وهذا ما لخصه صاحب الأحكام السلطان أبو الحسن الماوردي بالعبارة التالية :

"لا تدوم الدول إلا بأمن راسخ، وعدل صحيح، وأمل فسيح ".

وفي ذلك جاء تحذير ابن خلدون في كتابه المقدمة في أن الظلم مؤذن بخراب الدول إذ كتب (أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتهم ومصيرهم انتهابها من أيديهم وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم على السعي في ذلك وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب ) (18).

ولسنا بحاجة إلى الإتيان بالمزيد من الشواهد النظرية لتأكيد التلازم الوثيق بين الأمن والتنمية وبكونهما من الحقوق الأساسية والحيوية للإنسان في كل زمان ومكان, فكيف هو حال عدن وبنيها وأهلها وناسها اليوم بعد أن توالت عليها الخطوب والفواجع من كل حدب وصوب لاسيّما منذ أيلول الأسود 1994م حينما تم اجتياحها عسكرياً من قِبل القوات الشمالية الغازية وحتى اليوم!.



الأمن والتنمية في مدينة عدن تحديات ومخاطر :

يشهد عالمنا الراهن منذ أواخر القرن الماضي أحداث عاصفة ومتغيرات متسارعة في مختلف الأصعدة من حيث جدتها وتسارعها وشمولها وأثرها وعنفها وقوتها الصادمة للروح والعقل معاً بما تنطوي عليه من تحديات ومخاطر ومخاوف وفرص وأوهام وآمال ,إذ بدا الأمر وكأن التاريخ يترنح و الحضارة تضطرب والقيم تهتز والأرض تمتد بأهلها والفوضى الشاملة تجتاح كل شي , و إزاء هذا المشهد القيامي المجنون احتارت أنبغ العقول وفقد الإنسان بصيرته وحكمته في رؤية الأحداث وفهمها والكشف عن مضامينها العميقة وأدراك كنه معانيها المتخفية .

ووسط هذا السديم الحالك من الاضطراب العظيم و العمى الشامل اخذ الفلاسفة والعلماء والمفكرون يبحثون عن تفسير معقول لما يرونه في عالم جن جنونه وأصاب الناس جميعا ً بالدهشة والذهول محاولين العثور عن المفهومية أو الفكرة الكلية القادرة على وصف المرحلة أو الحقبة التي نعيشها فاختلفت التصنيفات وتعددت في طيف ٍ واسع من المفاهيم والمصطلحات الجديدة: العولمة , ما بعد الحداثة , نهاية التاريخ والإنسان الأخير, ما بعد الحرب الباردة, عصر الكمبيوتر , ثورة المعلومات والاتصالات , صدام الحضارات , القرية الكونية, عصر الديمقراطية , ما بعد الايدولوجيا , ما بعد الاستعمار , عصر الإرهاب العالمي ,العهد الأمريكي , الوطن السيبرنينتي ,حضارة الموجة الثالثة , ربيع الثورات العربية وغير ذلك من التوصيفات الكثيرة في أبعادها المتنوعة ودلالاتها المختلفة (19).

وفي هذا العالم المعولم يصعب على الدارس أو الباحث النظر إلى موضوع بحثه بمعزل عن تلك المتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية، وهكذا هو حالنا مع عدن وأمنها وتنميتها. فليس بخافٍ على أحدٍ ذلك الوضع الكارثي الذي وصل إليه حال مجتمعنا المحلي في (بلاد اليمن السعيد بجهله) , من حيث كثافة التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها كل يوم سكان هذا الصقع المسمم بالبؤس و الفساد والعنف والجريمة , إذ أخذت تتصاعد وتيرة الهدم والخراب في بنية هذا الكيان الاجتماعي منذ فترة طويلة أي منذ النصف الثاني من القرن الماضي , إذ لم يشهد الشمال أو الجنوب فترة امن واستقرار وتنمية في أي لحظة من اللحظات ,بل تلاحقت عليه الحروب والفتن والمظالم والانتهاكات والسلب والنهب وكل أنواع الشرور والمفاسد والهدم والخراب التي نجني ثمارها المرة اليوم , فلم يحدث في تاريخ المحافظات الجنوبية ما تشهده اليوم-(وعدن على نحو خاص)- من تهديدات أمنية ومخاطر محدقة في ظل عجز شامل في القدرة على مواجهتها أو التصدي لها بأي وسيلة كانت , بل باتت عدن اليوم أشبه بقلعه أسوارها مهدمة، مكشوفة ومنكشفة بلا حماية ولا مقاومة، وفي مهب العاصفة، باتت كسفينةٍ تائهةٍ في عرض البحر تتقاذفها الأمواج والعواصف في كل اتجاه، ولا يلوح في الأفق بارقة أمل لإنقاذها.

من هنا، تلزمنا الأمانة العلمية أن نحاول البحث عن الشروط و الأسباب التي أفضت بنا اليوم إلى الانشغال بالأمن والاستقرار. كما أن القاعدة العلمية تقول: إن الناس لا يحلمون إلا بما ينقصهم ولا يهتمون ولا يفكرون إلا بما يحتاجون إليه فلو كان هناك ثمة أمن راسخ وعدل مستقر فلن تكون بنا حاجة لعقد مثل هذه الندوة ,ولكننا انشغلنا بالبحث في شروط ومقومات النمو والتنمية!

وإذا ما حاولنا أن نحدد ابرز التحديات والمخاطر الأمنية التي تحيط بعدن وأهلها، والتي قد فتكت بأخواتها الجنوبيات: زنجبار ومودية ولودر والحوطة في شبوة وردفان والضالع والصبيحة ويافع، وجاراتها الشماليات: صعدة وتعز وارحب والجوف، وكل المناطق التي شهدت حروب وأعمال عنف ونزاعات مسلحة، إذ تعد الحرب والنزاعات المسلحة من اشد أنواع العنف وأكثرها تهديداً وتدميراً للحياة الاجتماعية والإنسانية التي لا تزدهر ـ هذه الحياة ـ إلا في بيئة سياجها العدل، مسكونة بالسلام والأمن والأمان .

كما تعد النزاعات المسلحة من الظواهر الخطيرة التي تهدد حياة الإنسان ذكر كان أم أنثى، في كل زمان ومكان, وهي تعبير عن وجود أزمة بنيوية عميقة في صميم الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسة للمجتمعات المعينة تنعكس في جملة من المشكلات والآثار المباشرة وغير المباشرة، المادية والرمزية على حياة كل فرد من الأفراد والجماعات والمجتمعات والمدن , وقديماً قالوا : "الخير يخص والشر يعم "، أي مهما بلغت المقدرات المادية التي قد يمتلكها المرء في بيئة غير أمنة لا يمكن لها أن تحول دون وصول الشر إليه.

و الجدير بذكره هنا، أن ظاهرة نزوح السكان المدنين من ديارهم هو النتاج المباشرة للنزاعات العنيفة إذ تفضي النزاعات المسلحة إلي إجبار فئات واسعة من سكان مناطق النزاعات خاصة المدنين منهم إلي النزوح عن ديارهم وقراهم ومناطقهم ومجتمعاتهم وبيئاتهم القافية إلي مناطق أخرى طلباً لملاذٍ آمنٍ . وقد شهد مجتمعنا حالات كثيرة ومتكررة من موجات النزوح هذه منذ أقدم العصور حتى اليوم وذلك بسبب النزاعات المسلحة الاجتماعية والسياسية والثقافية التي لا يهدأ لها بال.

وقد تسبب النزع المسلح في محافظة صعدة بتشريد و نزوح أكثر من 250 ألف من السكان المدنيين اغلبهم من النساء والأطفال وبالمثل تسببت النزاعات المسلحة في: شبوة – أبين – لحج – الضالع بتشريد ونزوح آلاف من السكان المدنيين لاسيما من النساء والأطفال والشيوخ , كما حدث في مديرية لودر والمعجلة ومودية والرواء وجعار في أبين حينما نشبت الحرب بين الأطراف المتنازعة مما أدى إلى نزوح آلاف السكان وكذا ما حدث في مدينة الحوطة ووادي ربض في شبوة والتي أفضت المواجهات فيها إلي إجبار أكثر من عشرين ألف على النزوح من ديارهم بحثاً عن مأوى أكثر أمن وأمان. وهذا ما يمكن رؤيته في مناطق الضالع وردفان وطور الباحة ويافع التي عاشت منذ مدة في حالة اضطراب وتوتر ونزاعات عنيفة، وتم محاصرتها وضربها بقوة وبمختلف أنواع الأسلحة. وقد أفضت إلي نزوح أعداد واسعة من سكان إلي المناطق أخرى ,وها هي زنجبار اليوم تُجبَر ويُجبر جميع سكانها على النزوح والخروج من ديارهم تحت ضربات المدافع والصواريخ والقتل العنف من جميع الجهات (براً وجواً وبحراً) بين ما يسمى بجماعة القاعدة أو أنصار الشريعة أو الجماعات المسلحة و القوات المسلحة اليمنية حيث بلغ عدد النازحين من أبين إلى عدن ولحج والاتجاهات الأخرى أكثر من مائة ألف نازح .

وقد وجدنا أن ظاهرة نزوح السكان من مجتمعاتهم المحلية من التهديدات والعنف والنزاعات المسلحة تستحق البحث والدراسة والتحليل والتفسير , لاسيما في المحافظات المحيطة بعدن: أبين – و شبوة و لحج – الضالع , هي محافظات شهدت ولازالت تشهد بين الفينة و الأخرى نزاعات مسلحة تسبب تشريد ونزوح آلاف السكان المدنيين ولاسيما من النساء والأطفال و العجز وما كان لذلك النزوح من أثار مباشرة وغير مباشرة على حياتهم النفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأخلاقية .

غير انه من الخطأ الفادح النظر إلى التدهور الأمني الذي نعيشه اليوم في عدن واليمن عامة وجهة نظر أمنية أو أخلاقية بل هو نتيجة وليس سبب لجملة من الشروط والعوامل و الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و الأخلاقية والأمنية , والمثل بقول "قارب الخوف تأمن" بمعنى انه يجب علينا الآن وهنا التصدي المباشر والبحث الشامل عن أسباب ومنابع كل هذه الشرور و الإرهاب والعنف والتطرف والانفلات وكل ما يهدد حياتنا من مخاطر.





فإذا ما حاولنا وضع مقاربة أولية لما تعيشه عدن اليوم من تهديدات أمنية وتنموية فيمكن حصرها في الأتي :

1- صدمة الحروب والهزيمة في 7\7\1994م.

2- تجريد عدن من كل عناصر القوة المادية والرمزية.

3- تدمير ونهب كل المؤسسات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والحقوقية وكل ما امتلكته عدن من رأسمال مادي ورمزي منذ آلاف السنين.

4- إفقاد عدن مكانتها الرمزية وهيبتها التاريخية كعاصمة دولة بتهميشها وجعلها مجرد رقم بين المحافظات الأخرى.

5- منعها من ممارسة وظيفتها الأساسية كميناء عالمي وتجاري ومنطقة حرة .

6- إفقارها من شبكة الأمن الاجتماعي و القيم الثقافية المدنية وجعلها مكشوفة الظهر والصدر أمام هيمنة القيم التقليدية البطريكية الأبوية العنيفة الشمالية.

7- تعرضت عدن طيلة الفترة الماضية لتخريب ممنهج هدف إلى سلبها كل مقومات القوة الذاتية والهوية الثقافية ومميزاتها المدنية والحضرية والحداثية والتاريخية منذ حرب 1994م.

8- عانى أبناء عدن وأهاليها جملة واسعة من الضغوطات والتهديدات والقمع والتهميش والإقصاء و الإفقار والإحساس بالقهر والظلم مع نظرات الازدراء والاحتقار ولإذلال من قبل الآخر المهيمن وهذا ما جعلها تفتقد إلى ابسط شروط الحماية الأمنية. وهذا ما تسبب في انعدام الدعم الاجتماعي وضعف الشبكات الاجتماعية وضعف احترام الذات وحسب عالم الاجتماع الانجليزي ويلسن يعد (إهدار ماء الوجه فهو أكثر مصادر العنف شيوعاً لأنه يعني فقدان الكرامة و الإذلال وفقدان الهيبة في عيون الآخرين ) (20).

ويرى برذيت في كتابة "الجريمة والعار وإعادة الدمج " 1989م: (أن السمعة في أعين المعارف القريبين أكثر أهمية لدى الناس من آراء مسئولي العدالة الجنائية أو العقوبات المحتملة )

ويمكن أن يكون التخيل مدمرا ً إذا كان يلصق بالمرء وصمة بدلاً من أن يكون معيداً للاندماج لأنه يدفع الأشخاص خارج المجتمع إلي ثقافات متفرعة منشقة و خطيرة (21), وهذا ما نشاهده اليوم من ظواهر الانحراف و الإدمان والتطرف و الانتحار ...الخ .

يمثل الأمن شرطا لابد من توافره لتحقيق واستمرار التنمية فان توافر الأمن في مجتمع ما كالقرية أو المدينة أو العشيرة أو القبيلة أو الدولة.... الخ معناه أن يتمتع الفرد في هذا المجتمع بالإحساس والشعور بالأمان وعدم الخوف من التعدي عليه أو على ماله أو عرضه أو ذويه في الحاضر والمستقبل بأي شكل من أشكال الاعتداء, وسوف يتحقق الإحساس بالأمن عندما يحيا الفرد في مجتمع نظيف وقادر على التغلب والتصدي لأي شكل من أشكال الجريمة أو الانحراف. مجتمع خال من التلوث و الأمراض وينعم بالهدوء والسكينة في الطرق والأماكن العامة والخاصة. وكلما كانت الأجهزة الأمنية والقضائية في المجتمع قادرة على تطبيق القوانين التي تكفل المحافظة على نظام المجتمع يتحقق قدرا كبير من الأمن والأمان الذي يمثل شرطا أساسياً لممارسة الأفراد أنشطتهم بكفاءة وسكينة وهدوء، بحيث يستطيع المجتمع توجيه كافة موارده الاقتصادية البشرية والمادية إلى المشروعات المنتجة التي يترتب على وجودها تشغيل الأيدي العاملة, والقضاء على البطالة وزيادة الإنتاج وتوافر السلع وزيادة العرض, فتنخفض الأسعار وتزداد فرصة حصول كل فرد على مكان للعمل وتحقيق دخل مناسب يتم استخدامه في إشباع معظم حاجاته من السلع والخدمات مما يؤدي في نهاية الأمر إلى رفع مستوى المعيشة, مما يؤدي بالرضا والشعور بالإعجاب من قبل أفراد المجتمع اتجاه المسئولين.



الخلاصة :

- الاختلاف في تصنيف المكان يكون سبباً جوهرياً في تصاعد وتيرة التدخلات المحلية والإقليمية والدولية مما يجعله معرضاً لكل أنواع المخاطر.

- عدن مدينة بحرية ملاحيه و تاريخية ، حداثية وتجارية عالمية وعاصمة دولة سيادية وفضاء كوسموبوليتكي للتعايش المدني الاثني والديني والثقافي بين مختلف الشعوب والثقافات.

- مفهوم الأمن هو من السعة والشمول بحيث يتجاوز الضمان الاجتماعي والتأمين الاجتماعي، وهو يرمز إلى الحماية من خطر المرض والجوع والبطالة والجريمة والصراع الاجتماعي، والقمع السياسي، والمخاطر البيئية.

- التنمية لا تعني فقط الزيادة في إنتاج السلع، أو هندسة الاقتصاد، فهي يجب أن تفهم تحت شروط القيم أو الأبعاد الثقافية للحياة الاقتصادية و الاجتماعية التي لها تأثيرات كبيرة على تنمية القدرات البشرية .

- النزاعات المسلحة من الظواهر الخطيرة التي تهدد حياة الإنسان ذكر كان أم أنثى، في كل زمان ومكان, وهي تعبير عن وجود أزمة بنيوية عميقة في صميم الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسة للمجتمعات المعينة تنعكس في جملة من المشكلات والآثار المباشرة وغير المباشرة، المادية والرمزية على حياة كل فرد من الأفراد والجماعات والمجتمعات والمدن.

- من الخطأ الفادح النظر إلى التدهور الأمني الذي نعيشه اليوم في عدن واليمن عامة من وجهة نظر أمنية أو أخلاقية، بل هو نتيجة وليس سبب لجملة من الشروط والعوامل و الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و الأخلاقية والأمنية.

- عدد العاطلين عن العمل في مدينة عدن حسب إحدى الإحصائيات يبلغ 30000 عاطل.

- كانت عدن العاصمة لدولة ما قبل 22 مايو 1990، وكان غالبية موظفي الدولة يسكنون هذه العاصمة المركزية. وبعد حرب صيف 1994 تم تسريح عشرات الآلاف من هؤلاء الموظفين.







المصادر و المراجع :


(1) نورمان فيركلو:الخطاب بوصفه ممارسة اجتماعية مجلة الكمرمل العدد(64) صيف 2000 م ص 153 .

(2) يييرزيما: النقد الاجتماعي ترجمة عائده لطفي دار الفكر القاهره 1991 م ص 75.

(3) بياربورديو: السلطة والرمز مأخذ من الانترنت .

(4) لسان العرب، ابن منظور، مادة (أمن)، ص250.

(5) القرآن الكريم/ سورة قريش/ الآية 4.

(6) د. كامل المراياتي، وآخرون، الأمن الاجتماعي، سلسلة المائدة الحرة، العدد السابع، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1997، ص8.

(7) حسن اسماعيل عبيد، الأمن بمفهومه الاجتماعي الشامل، مجلة الأمن والحياة، العدد 24، السنة الثالثة، الرياض، مطابع العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1984، ص51.

(8) ينظر د. عبد السلام شاحوذ هندي، المخدرات أهميتها وأنواعها وأثرها على الأمن القومي، بغداد، وزارة الداخلية، المعهد العالي للدراسات، بدون سنة، ص46.

(9) مصطفى العوجي، الأمن الاجتماعي، مقومات ارتباطه بالتربية المدنية، ط1، بيروت، مؤسسة نوفل، 1983، ص71.

(10) وزير الدفاع الامريكي الاسبق، وصاحب الكتاب الشهير "جوهرة الأمن".

(11) د. فائزة باشا، الأمن الاجتماعي والعولمة، المركز العالمي للدراسات و الابحاث، 2006م، مقال منشورعلى شبكة المعلومات العالمية الانترنت ( (http:// so.se.com /vb/ showthread.php? P=7. 2008

(12) عبد الجليل دسوقي، الأمن الاجتماعي المفهوم-الضرورة-الآليات، مؤتمر الأمن الاجتماعي والتنمية، القاهرة، مطبعة معهد التخطيط القومي،1990 ص253-254.

(13) اماريتا صن , التنمية حرية .

(14) انتوني جدنز , علم الاجتماع .

(15) ابراهم ماسلوا للمزيد ينظر : رمزي زكي، مصدر سبق ذكره، ص38-39

, ينظر بيم آلن : نظريات الشخصية ترجمة علاء الدين كفافي دار الفكر الاردن عمان ط1 2010 ص 391.

(16) ارثر لومز خرافات بالتربية ترجمة عبد المجيد شيخة دار عالم الكتب القاهرة 1ط 1990م ص 44.

(17) محمود شريف بسيوني الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان دار الشرق القاهرة ط3 2006م ص 1-2 .

(18) ابن خلدون المقدمة دار العودة بيروت 1981 م ص 227.

(19) ينظر قاسم المحبشي توفلر وحضارة الموجة الثالثة مجلة العلوم الاجتماعية جامعة عدن العدد22 يونيو 2008م ص 97.

(20) رتشاردغ , و لكسنون ,المجتمعات غير الصحية علل عدم المساواة.

(21) ينظر المرجع السابق.

7

اقرأ المزيد من عدن الغد | ورقة بحثية : أمن عدن ضرورة وطنية ومصلحة إقليمية ودولية


http://adenalghad.net/news/58719/#.U...#ixzz2ZoU6G2Hv
صقر الجزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مؤخرا, بحثية, تزايدت, إقليمية, ومسلية, ودولية, ورقة, وطنية, ضرورة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خبراء عسكريون يمنيون لـ الخليج:تجنب حرب وشيكة رهن بضغوط إقليمية ودولية عبدالله البلعسي المنتدى السياسي 1 2011-08-02 03:05 AM
التوعية الإعلامية أصبحت ضرورة وطنية بقلم د.الزامكي منصور زيد المنتدى السياسي 0 2011-04-26 09:13 PM
هل الاتحاد الجبهوي ضرورة وطنية تقتضيها المرحلة الجنوب اليوم المنتدى السياسي 2 2011-04-15 10:02 PM
مهرجان رصد يؤكد على عدم القبول بأي حوار إلا برعاية إقليمية ودولية على قاعدة فك الارتب حفيديافع اليافعي المنتدى السياسي 4 2010-05-14 05:01 AM
رفع العلم الامريكي في الجنوب ضرورة وطنية ((وجهة نظر)) فتحي بن لزرق المنتدى السياسي 24 2010-02-03 02:49 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر