بناء الثوابت الوطنية الجنوبية... والإتكاء على عناصر الأصالة والمعاصرة

[المسعودي اليافعي]

بناء الثوابت الوطنية الجنوبية... والإتكاء على عناصر الأصالة والمعاصرة

يتم تداول أسئلة تتعلق بمفهوم الهوية الوطنية الجنوبية وبماهيتها, ويطرح الكثير من أبناء الجنوب أهمية بل ضرورة استنباط مبادئ وقواعد بناء الثوابت الوطنية من جوهر تلك الهوية الوطنية ومن صلب التجارب التاريخية لشعب الجنوب, حيث تكاثرت الأسئلة والاستفسارات بهذا الخصوص ـــ ولا تزال تتكاثر يوما عن يوم ـــ. وفي هذا الإطار يبرز إلى الأذهان مفهوم الأصالة كسند لتحديد الإجابات عن تلك الأسئلة لارتباطها الوثيق بالهوية الوطنية الجنوبية, وهو ما يعني تاريخ المجتمع الجنوبي وجزء من الحاضر...

وبالمقابل يبرز مفهوم آخر أكثر أهمية واعتبار لاستنباط مبادئ وقواعد بناء الثوابت الوطنية, وهو مفهوم المعاصرة, وتنبع الأهمية من كونها تضع الأسس الصحيحة والمنظمة للعلاقات الاجتماعية في وطن ومجتمع المستقبل, وتصور الملامح الحقيقية لشكل الدولة المستقبلية ومؤسساتها وأجهزتها العاكسة لطموح وتطلع شعب الجنوب... لذلك كان لابد من مراعاة ثنائية مفهومي الأصالة والمعاصرة, وذلك من خلال الأخذ بكل ملائم أصيل يخدم مستقبل الشعب والوطن, وكذا بكل معاصر وجديد يكون له الأثر النافع والمفيد في الحفاظ على استقرار المستقبل والتفرغ للبناء والتنمية وتحقيق أعلى درجات التقدم والتطور.

لكن... لن تكون هذه الإجابات هي الوحيدة عن تلك الأسئلة, بل علينا ـــ كأبناء لشعب الجنوب ـــ التعامل مع مفهوم الأصالة, كما هو أيضاً مع مفهوم المعاصرة وبأكبر قدر من المرونة والتعقل... وأن نبحث عن الأصيل الملائم وكذا عن المعاصر النافع والمفيد دون مبالغة أو تعسف ودون الافتعال لغايات غير وطنية, فرسم وبناء المستقبل والتأكد من سلامته وأخلائه من الشوائب يهم ويعني الجميع, ولعلنا نجد من مبدأ التسامح والتصالح قيمة كبرى لابد من الاستفادة منها, فنعمل على توجيهها نحو احترام الأصيل والأخذ بالملائم منه.

من المؤكد أننا نحن شعب الجنوب ـــ كشعب عربي ومسلم ـــ لا نستطيع التجاوز عن هويتنا الوطنية الجنوبية أو عن إرثنا وتراثنا البيئي والثقافي والتاريخي, ولا عن ما يتلاءم مع مستقبلنا من كل جديد نافع ومفيد أو ما يتناسب مع متطلبات العصر وآليات التقنية الحديثة والتقدم والتطور, وليس ضروريا منا ولا مطلوبا التخلي عن الأصالة مقابل المعاصرة أو العكس, بل يجب علينا المزج المتقن بين المفهومين وبعناية فائقة... والتحلي بقدر كافي من التسامح الأخوي والوطني الحقيقي والتصالح الفكري والسياسي الحقيقي, والإقرار بأن غاية الخير التي نقصدها يمكنا الوصول إليها بمحض إرادتنا, متى ما كنا صادقين مخلصين أوفياء مع أنفسنا أولاً ولبعضنا البعض ثانياً، شرط أن نمتلك جميعا النوايا والإرادة الحقيقيتين لبلوغ ذلك الخير المقصود وتلك الغاية المراد بلوغها.