الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-04-12, 03:19 PM   #1
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي تقرير يتحدث عن م/ابين في عهد محافظ المحافضين حتى عهد مابعد94م

أبين.. من القتال على السلطة في 69 و86، إلى عصابات التقطع وقتل "الشواذ"
- تفاصيل تُنشر لاول مرة عن صراعها القبلي وجذوره التاريخية
- مراكز القوى الاساسية فيها، وأسباب الانفلات الامني الذي تعيشه
- قصة نجل آخر سلاطينها الذي اخترق بمجموعته المسلحة خطوط قوات الاشتراكي في حرب 94 ودخل إلى "دارسعد"




صورة جانبية لأبين


نائف حسان

[email protected]


في الطريق الواصلة عدن بأبين يمكن مشاهدة الهوس المتمثل بتسوير الأراضي، وعمليات البسط عليها.

تركنا منطقة العريش خلفنا، ثم وصلنا إلى نقطة العلم الأمنية التي تفصل المحافظتين. تقع "نقطة العلم" الأمنية على منعطف بسيط أفضى بنا إلى قرية صغيرة مطلة على البحر. القرية خاصة بالصيادين، وهي عبارة عن عُشش خشبية جرداء، تقع على يمين الطريق، وترسو أمامها قوارب صيد صغيرة.

حركة السيارات متقطعة، وعلى هذه الطريق يمكنك أيضاً مشاهدة البحر، وأثر آخر من آثار حرب صيف 94.

كنت مشغولاً بمتابعة الانتقال النشط للرمال (الذي ظهرت آثاره في أكثر من مكان على جانبي الطريق، وعلى بلك الإسمنت التي انتصبت كأسوار على الأراضي) حين لمحت لوحة حديدية كُتب عليها التحذير ذاته. طلبت من شكري التوقف. ولكي أتمكن من التقاط صورة لهذه اللوحة الحديدية؛ كان على شكري أن يعود إلى الخلف. أنزلت زجاج النافذة، والتقطت صورة لهذه اللوحة التي كُتب عليها: "تحذير.. خطر ألغام".


أكثر من منطقة على جانبي هذه الطريق شهدت قتالاً عنيفاً، في حرب 94؛ بين قوات الحزب الاشتراكي، وما كان يُسمى بـ"قوات الشرعية". يومها كانت أبين متوثبة، فيما كانت عدن تقف واهنة خلف صوت علي سالم البيض، الذي كان ينظر إلى الناحية الآخر؛ محاولاً إيقاف زحف قوات شريكه في صنع الوحدة باتجاه "قاعدة العند" العسكرية.

في تلك الأيام العصيبة كان البيض يلقي آخر خطاباته الوطنية. في البدء نفى الرجل سقوط "العند" في يد "قوات الشرعية". وأتذكر أني سمعته يقول، في أحد تلك المساءات، عبر الراديو؛ بصوته ذي النبرة الصادقة: "العند عنيييييييد".

سقط "العند"، غير أن أبين كانت أولى علامات هزيمة الاشتركي. ومنها أيضاً جاء أول اختراق لعدن.

<<<

بدءاً من "نقطة العلم"؛ تمتد، على يسار الطريق، وعلى يمينها إلى حد ما، مناطق صحراوية كانت تابعة للسلطنة الفضلية. قبل سنوات تسربت معلومات قالت إن السلطة صرفت هذه الأراضي الشاسعة لطارق الفضلي كمكافأة بسبب قتاله في حرب 94. قيل إن هذه الأرض صُرفت باعتبارها كانت ملكاً للسلطنة الفضلية. سألت قيادياً كبيراً في المحافظة عن صحة الأمر. أكد الرجل أن قيادات كبيرة كانت في طريقها إلى تمليك الفضلي أكثر من 100 فدان من هذه الأراضي، غير أن الصفقة لم تكتمل.

أخذتنا الطريق إلى منطقة وادي "دُوفس". الأرجح أن "دُوفس" تقع قبل "زُنجبار" بنحو 20 دقيقة؛ على الأكثر.

قبل إمضاء اتفاقية الوحدة اتفقت قيادتا الشطرين على نقل بعض الوحدات والألوية العسكرية كمظهر من مظاهر الوحدة. بموجب ذاك الاتفاق تمركزت، بعد الوحدة، قوات العمالقة في هذه المنطقة التي تُعرف بوادي "دُوفس". ومن هنا لعبت قوات العمالقة دوراً مهماً في الحرب.

عندما تفجرت الحرب؛ كانت قوة الاشتراكي في أبين تتمثل في معسكر الأمن المركزي، ولواء مدرم، واللواء الـ22، الذي كان يتمركز على الحدود في "مُكيراس". في المقابل تمثلت قوة الرئيس صالح بقوات العمالقة، التي كانت تتكون من 4 ألوية مدرعة تمركزت بشكل رئيسي في "دُوفس" الواقعة على مشارف "زُنجبار"، ثم انتشرت في أبين (على سبيل المثال كان هناك كتيبة من العمالقة في لودر).

اجتماعياً كانت أبين ضد الاشتراكي بالكامل باستثناء منطقة يافع بمديرياتها الـ3: سرار، رُصد، وسباح. وحين تفجرت الحرب تمكنت قوات العمالقة من فصل عدن عن أبين، التي كانت عملياً خارج سيطرة الاشتراكي عدا "مدينة جعار"، التي سيطر عليها الحزب عبر المليشيات الشعبية.

هكذا كان الرئيس علي عبدالله صالح قوياً على مشارف عدن. وقال أحد الذين عاشوا تلك الأحداث بحس المتابع المهتم إن قوات العمالقة ركزت جهدها، وقتذاك، لصد محاولات قوات الاشتراكي دخول أبين قادمة من عدن. وحتى انتهاء الحرب لم تتمكن قوات الاشتراكي من دخول أبين.

<<<

بعد "دُوفس" تأتي قرية "الكود" التي تقع في مشارف "زُنجبار". في "الكود"، وما حولها، تظهر الأرض أكثر خُصوبة وخُضرة. يمكن مشاهدة أكثر من مزرعة. تُظلل الشجر الخضراء مدخل "مدينة زُنجبار"، التي تقع على بعد 60 كيلو متراً إلى الشرق من عدن. يفضي بنا المدخل المظلل بالشجر إلى جسر صغير. من تحت هذا الجسر يمر وادي بنا ذاهباً نحو البحر. على اليسار يمكن مشاهدة، من على الجسر، ممر وادي بنا الواسع والخالي من المياه، فيما تبدو على اليمين نهاية الوادي الملتصقة بالبحر.

يأخذنا الجسر إلى جولة صغيرة يؤدي جانبها الأيمن إلى "زُنجبار"، فيما يأخذ المارة جانبها الأيسر إلى "جعار".

تبدو الحياة بسيطة ومتواضعة في "زُنجبار". وأتذكر أني قرأت شيئاً يقول إن أحد السلاطين أطلق عليها هذا الاسم تيمنا بجزيرة زُنجبار التي نفي إليها، في تنزانيا شرق أفريقيا.

على يمين ما بعد جولة مدخل "المدينة" تقع المدرسة المتوسطة في منطقة منخفضة عن الطريق تُدعى حي "المحل". الخراب واضح على أركان وأطراف ونوافذ هذه المدرسة، التي قيل إنها أصبحت مُحتلة من قبل أشخاص.

كانت هذه أول مدرسة في أبين. وقد وجدت، في موقع الفضلي، صورة قيل إنها لسباق هجن تم بمناسبة افتتاح هذه المدرسة عام 1958.

<<<

كالعادة سأقول إن الناس يبدون متعبين. ولعلي أضيف أن ذلك إحدى سمات يمنيي المحافظات البعيدة عن العاصمة. كان صباح الـ27 من يناير الماضي هادئاً، فيما بيوت "زُنجبار" متعبة، وتميل إلى البساطة، على جانبي الطريق. بعد دقائق قليلة وصلنا إلى جولة أكثر اتساعاً، وبدا لي كما لو أنها تُمثل قلب "المدينة". سرنا نحو الشارع العام، ومنه انعطفنا يساراً نحو ساحة الشهداء، التي أرشدنا إليها شخص لم يخفِ تقديره للمحافظ محمد علي أحمد، الذي بناها مطلع ثمانينيات القرن الماضي. قيل إن محمد علي أحمد بنى هذه الساحة على نمط ألماني. وقيل إن هذه الساحة كانت، في الثمانينيات، الساحة الأولى من نوعها في المنطقة. عندما تعرف ماضي الساحة وحاضرها يمكنك القول إنها تجسيد فعلي لزمن ما بعد 94. زمن الخراب والفيد.

تقع الساحة ضمن سور له بوابة مازالت تُظللها الأشجار. على يسار المدخل ينتصب مبى زجاجي أُقيم على شكل مربع. كان هذا المبنى ملهى ليلياً يوم كانت هذه الساحة تشهد حركة مزدحمة.

وسط الساحة ينتصب تمثال لرجل يلبس "مقطب"، ويحمل شعلة في يده اليمنى، فيما بندقية تنتصب على ظهره. على يمين هذا التمثال ينتصب، على قاعدة بنائية أخرى، تمثال آخر لامرأة تحمل شيئاً على رأسها، وإلى جانبها طفليها. في الناحية المقابلة هناك تمثال ثالث لرجل عامل. إلى جانب اسم هذه الساحة؛ جسدت التماثيل الـ3 أيديولوجية الدولة التي كانت قائمة في الجنوب: المقاتل، العامل، والمرأة العاملة. اليوم تم تدمير هذه الساحة، ولصالح هوية المقاتل المتجسد في الجندي؛ تراجعت المرأة إلى خلف جدران البيت، وأُنهِك العامل البسيط بتردي الوضع الاقتصادي.

تمكن محمد علي أحمد من إيجاد مناخ عام ساعد في بناء هذه الساحة. لقد فرض الرجل حتى على أصحاب السيارات القادمة إلى "زُنجبار" حمل أحجار بناء أو خرسانة وتراب إلى هذه الساحة! وحين انتهت عملية البناء تحولت هذه الساحة إلى متنزه ومزار لأبناء أبين وعدد من أبناء المحافظات الجنوبية الـ6، إضافة إلى عدد من دول الخليج؛ كما أكد لي أكثر من شخص التقيته هناك.

قيل إن الساحة أقيمت على مقبرة، وقد وجدت وأنا أتجول داخلها ضريحاً قيل إنه للشيخ عبدالله بن عبدالجبار. لا أدري لماذا لم تهدم دولة الاشتراكي العلمانية ضريح هذا "الولي"، الذي تعمدت تزيين قبره بالبلاط الأبيض والأزرق؟

تذكرت الآن وأنا أكتب هذه المادة ضريحاً لولي آخر يقع وسط شارع المعلا. قيل إن البريطانيين أبقوا على هذا الضريح وسط "المعلا" لأن مجنزرات الشق الخاصة بهم لم تتمكن من اقتلاعه. وعندما تم إخباري في هذه الزيارة عن هذه القصة جرى التركيز على عجز مجنزرات الشق باعتباره نوعاً من كرامات ذلك الولي! بالنسبة لساحة الشهداء يمكن لأحد القائمين القدماء عليها أن يقول لك إن الإبقاء على ضريح الشيخ عبدالجبار فيها تم من باب احترام "الأولياء"!

<<<

تجولت في الساحة. بحثت عن المسرح الذي زاره الزميل سامي غالب مطلع مارس 2008. لم أجد الممثلة الوحيدة التي وجدها سامي على خشبة المسرح، أو زميلتها التي شاركتها الأداء التمثيلي في ما بعد، غير أني سمعت "ماااااا" في أكثر من مكان في الساحة. لقد تم إغلاق أبواب المسرح، ذات الحديد الصدئ والمتهالك، بسلاسل حديدية وأقفال. وظهرت ماعز كثيرة في أجزاء مختلفة من الساحة، التي يبدو أنها تؤدي آخر مهامها المفترضة في زمن ما بعد 94: مرعى ومتنزه للماعز.

على أبواب المسرح تتكدس المخلفات. أمكنني مشاهدة صورة الرئيس التي رُسمت على الخلفية الجدارية لخشبة المسرح، غير أني أُجبرت على وضع يدي على أنفي، والمغادرة سريعاً حين حاولت إلقاء نظرة على الحمامات الخارجية الملحقة بالمسرح.

بالصدفة أخذني التجوال في الساحة إلى داود علي أحمد يحيى (75 عاماً)، الذي يعمل حارساً للساحة منذ بنائها. كان الرجل التهامي، الذي غادر الحسينية عقب الحرب العالمية الثانية، يتوكأ على عصا، وعرفت مما كتبه سامي أنه أُصيب بجلطة قبل 6 سنوات. اقتربت منه، وبدأت أسأله عن الساحة، لكنه رفع عصاته، حين عرف أني صحفي، وصاح: "روحوا لكم مني". تحدث عن سامي بود، غير أنه قال إن المسؤول عن الساحة قطع عنه راتبه حين قرأ ما نُشر في "النداء". أخرج الرجل من جيبه كِسرة خبز، ولوح بها كآخر ما أُجبر على تناوله كوجبة غداء يومية بسبب قطع راتبه. كسرت الحواجز بيني وبين العم داود، وبعد دقائق اتصلت بسامي. أعطيت التلفون للتهامي حارس ساحة الشهداء في زُنجبار، فأخذ يحدث سامي كما لو أنه صديق قديم، ثم أخبره بنبرة مستنكرة: "قطعوا راتبي..".

<<<

قيل إن بناء هذه الساحة، كان ضمن مشروع بناء "مدينة زُنجبار الحديثة". إلى الشرق من الساحة كان يفترض أن تقوم هذه المدينة التي قيل إن "محافظ المحافظين" كان ينوي بناءها. وفي الموقع المفترض لهذه المدينة وجدت ما يستحق المرور عليه.

بعد الانتصار في حرب 94 انتقلت قوات العمالقة من مشارف "زُنجبار" إلى داخلها حاملةً اسماً جديداً: اللواء 312 ميكا. وفي المكان الذي كان يُفترض أن تُبنى فيه "مدينة زُنجبار الحديثة"، يمتد معسكر الأمن المركزي. لا أدري إن كان الأمر تم بقصد أو لا. لكنى حين وصلت إلى قرب هذا المعسكر لفت انتباهي سوره الحجري الحديث.

بالقرب من المعسكر قيل إن محافظ أبين الأسبق في عصرها الذهبي كان ينوي إقامة حديقة كمتنفس خلفي للساحة. ولجدية هذا المشروع كان قد تم اختيار اسم له: الحديقة العامة. أخبرني أحد المسؤولين السابقين على الساحة أن المساحة التي خُصصت للحديقة كانت تبلغ 30 فداناً، تم نهبها والاستيلاء عليها وبيعها منذ ما بعد 94.

كان عام 94 فارقاً بالنسبة لمراكز قوى كثيرة في أبين. بيد أن هذا العام الذي أعاد شخصيات في هذه المحافظة إلى موقع الصدارة في الحكم، يبدو كما لو أنه شيع أبين في موكب التدمير والنهب الهزلي وغير المنتهي.

على جانبي ساحة الشهداء تنتصب محلات تجارية، قال أحد المسؤولين على الساحة إن "عددها يصل إلى 60 محلاً تقريباً". تم البسط على عدد من هذه المحلات التجارية، التي كانت في الثمانينيات أشبه بسوق تجاري كبير نوعي. يمكن مشاهدة آثار النهب في جدران بعض هذه المحلات التي كتب بعض نهابة ما بعد 94 أسماءهم عليها، كما لو أن ذلك عمل بطولي وشرعي لا يدعو للخجل. على جدران بعض هذه المحلات كُتبت ألقاب من نوع "العقيد" و"الشيخ" قبل أسماء النهابة الأشاوس. هل يمكن أخذ الأمر كمؤشر على زمن ما بعد 94؟

تحتوي الساحة على حديقة ألعاب أطفال أوتوماتيكية صغيرة. اقتربت من المكان وأمكنني ملاحظة نجمة الحزب مُكررة بشكل كبير على سورها الحديدي. وطبقاً لأحد المسؤولين الحاليين على الساحة، طلب عدم ذكر اسمه، فقد كان في الساحة أكثر من 40 مكينة ألعاب أطفال. كان في الساحة هناك حديقة للحيوانات، وفرن خاص بالروتي والكيك بمواصفات عالمية. كان هناك مشتل أيضاً، ومكان خاص بلعبة البولينج، وملعب كرة قدم، و10 شاليهات، ومكان لليانصيب، ونحو 25 مكينة ألعاب أوتوماتيكية. كان لدى الساحة أيضاً حراثتان، وجراران، ومضخة مائية.

غُرست في الساحة عدد كبير من الأشجار. حتى غرسات جوز الهند قيل إنه تم الإتيان بها من الهند.

لقد تم تدمير كل شيء: المحلات التجارية تحولت إلى حمامات، الأشجار قُلعت، مكائن حديقة الأطفال كُسرت، المولدات الكهربائية نُهبت، مكائن الألعاب الأوتوماتيكية، الحراثتان، الجراران، فرن الكيك والروتي، الثلاجات، المكيفات.. جميعها نُهبت..

<<<

المسبح، ذو المواصفات العالمية، وذو التصميم البديع، تحول إلى خراب ومقلب للأتربة. حين اتجهت إلى المسبح وجدت على مدخله أشخاصاً يصلحون سيارة قديمة. التفتوا لنا باستغراب، فألقيت عليهم التحية، واستأذنتهم في مشاهدة المسبح. على اليمين كان هناك حبل غسيل، وشيء ما من روائح الحياة السفلية للمدن. ألقيت نظرة على ملحقات المسبح فوجدتها قد سُدت بالبلك وتحولت إلى مساكن خاصة، تمت تغطية مدخل أحدها بطربال أزرق.

لا يوجد مسبحاً كهذا في اليمن. حتى مسبح الأطفال الملاصق له صُمم بشكل أنيق.

حتى عام 2006 صمدت 35 نخلة كانت محملة بالثمر. اليوم، طبقاً لمسؤول الأمن على الساحة حسين محمد الملاحي، لم يعد هناك سوى نخلة واحدة مثمرة. لقد تم قلع حتى أشجار النخيل. وتم تشليح حتى الزجاج وأسلاك الكهرباء. كانت أبواب المحلات وواجهاتها من الألمنيوم، وقد وجدت بعضها عند أحد بائعي الخردة في "المدينة". أحد الذين التقيتهم في الساحة، تحدث عن ماضيها بأسى، ثم قال بنبرة حزن: "حصل تآمر على الساحة.. لمصالح ذاتية أو انتقاماً من الفترة الماضية".

افتتح المؤتمر الشعبي العام مسلسل النهب بعد الحرب: استولى على إدارة الساحة وحولها إلى مقر له. المبنى المجاور كان مطعماً ومكاناً لاستراحة لاعبي فرق كرة القدم، استولى عليه الشريك الرئيسي في الحرب (الإصلاح) محولاً إياه إلى مقر. بحثت عن مقر الحزب الإشتراكي في المدينة فوجدته في بناية متواضعة يغطي جزء من واجهتها بقايا حريق قديم. على يسار مدخل الساحة ينتصب برج زجاجي كان بمثابة ملهى ليلي. بعد الحرب تحول هذا البرج إلى استراحة لقادة عسكريين رأوا أنه أنسب لمضغ القات. مكان البولينج استولى عليه قائد عسكري. مدير إحدى المؤسسات الحكومية فضل عدم البقاء بعيداً عن حفلة البسط والنهب هذه، فاستولى على أحد الملحقات محولاً إياه إلى بيت له ولأسرته. المدير السابق المسؤول على الساحة أخذ المضخة إلى مزرعته، واتخذ من الركن الأيمن للساحة بيتاً له.

خلف المبنيين اللذين استولى عليهما المؤتمر والإصلاح يوجد ملعب كرة القدم، يبدو اليوم مهجوراً مليئاً بالأوساخ والمخلقات. باب الملعب مغلق، وأسفل ظلال إطلالته الإسمنتية كان هناك أكثر من ماعز.

اليوم التالي عدت إلى الساحة حيث التقيت الخضر البريكي. كان الحاج داود سبق أن تحدث باحترام عن هذا الرجل مشيداً بنزاهته وإخلاصه في الحفاظ على الساحة أثناء ما كان المسؤول عليها بين عامي 2000 و2005. تحدث البريكي بحزن عن الخراب الذي يلتهم الساحة، وحين سألته عن عمله الحالي أشار إلى سيارته التي قال إنه يعمل كسائق أجرة عليها.

<<<

في الظهيرة اتجهنا إلى جعار، التي تبعد عن زنجبار 13 كيلو متراً إلى الشمال. حينها كان قد قتل نحو 5 أشخاص على ذمة الشذوذ. سألت عن القتلة، فقيل لي إنهم ليسوا من الجماعات المتشددة بل بلاطجة.

على مدخل جعار يقع سوق قات صغير، وفي الداخل تتناثر الأحياء بشكل غير منظم.

...

...

...



***



هـــامــــــــــــــــــــــــــــش


في 20 مايو 90؛ إتفق طرفي الوحدة على نقل عدد من المعسكرات بهدف تعميق، وترسيخ الوحدة. وقد تم، بموجب ذلك الإتفاق نقل عدد من المعسكرات. المعسكرت الجنوبية توزيع في الشمال كالتالي: لواء باصهيب في ذمار، واللواء الثالث مدرع في عمران، واللواء الأول مدفعية في يريم، واللواء الخامس في حرف سفيان. بالمقابل نقل الشمال عدداً من المعسكرات إلى الجنوب: قوات العمالقة وهي 4 ألوية مدرعة انتشرت في أبين، اللواء الثاني مدرع في ردفان، وحدة من الحرس الجمهوري وقوة من الأمن المركزي في منطقة معاشيق في خورمكسر بالقرب من مطار عدن.

طبعاً واضح جداً أن الرئيس علي عبدالله صالح كان ذكياً للغاية لأنه حرص أن يتم توزيع الجيش الجنوبي في الشمال في مناطق نفوذه القبلية المسلحة، ووضع معسكراته في الجنوب في مواقع حساسة. ولمعرفة ذكاء الرجل يمكن إيراد هذا: مطلع شهر أبريل 1990؛ تم الاتفاق في مدينة تعز على نقل لواء العمالقة، وقوامه 4 ألوية وكتيبتي شرطة عسكرية وأمن مركزي إلى أبين شرق عدن، واللواء الثاني مدرع إلى شمال عدن، واللواء الثامن صاعقة إلى غرب عدن. في المقابل نص الاتفاق على أن ينقل الجانب الجنوبي اللواء الثالث مدرع إلى شمال غرب صنعاء، واللواء الخامس مظلات إلى غرب صنعاء، واللواء الأول مدفعية إلى جنوب شرق صنعاء، ولواء باصهيب، معسكر الحرس الجمهوري، إلى جنوب غرب صنعاء، واللواء 14مشاة إلى شمال صنعاء.

وفي اجتماع ثنائي تم بين صالح والبيض في عدن تم تغيير هذه الاتفاقية بطلب من الأول، الذي كان يرى أن العاصمة ستكون تحت متناول يد الاشتراكي.



***


بدأ بإقصاء محمد علي هيثم من رئاسة الوزراء عام 69، ثم تطور بإقصاء "آل فضل"، عبر قتل سالمين، وسيطرة "آل حسنة" قبل 86

جبهات صراعها القبلي وجذورها التاريخية


> أبين - خاص


تنقسم أبين إلى 5 كتل قبلية رئيسية: قبائل باكازم، العواذل، دثنية، آل فضل، ويافع. كل كلتة قبلية هي عبارة عن تجمع قبلي، ويتفاوت عدد قبائل هذا التجمع، من كتلة إلى أخرى. سلطات الاحتلال البريطاني حصرت تواجدها في عدن، وحين بدأت التفكير في مد نفوذها إلى باقي المناطق في الجنوب، خارج حدود عدن، بدأت، قبل ذلك، التفكير في كيفية نقل الحياة إلى مناطق الأرياف تلك.. بعد أن كانت المناطق مُقسمة إلى قبائل صغيرة متناحرة.. اهتدت إلى الوصول إلى جمع كل عدد من القبائل، التي تعيش في محيط جغرافي واحد، في تجمع قبلي أكبر.. فشكلت تلك الكتل القبلية الـ5 التي ذكرناها آنفاً.

وكانت تلك خطوة على طريق البحث عن تجمع أكبر تربطه علاقات أكثر تطوراً مما هي عليه.. طبعاً بعد خلق التآلف والتقارب بين القبائل المنضوية تحت لواء تلك الكتلة القبلية.



في منتصف ستينيات القرن الماضي، كانت كتلة "دثينة" القبلية هي الأكثر حضوراً في الثورة، من حيث القيادات البارزة والمعروفة المنتمية لدثينة.. وكان من أبرز تلك الشخصيات.. السيد الفقيد ناصر السقاف، الذي يعد الأب الروحي لثورة 14 أكتوبر، والفقيد محمد علي هيثم، والفقيد حسين عثمان عشال، قائد الجيش بعد الاستقلال، والشهيد العقيد علي عبدالله ميسري، وعلي ناصر محمد، والفقيد علي شيخ عمر.

بينما كان أبرز القيادات المنتمية لآل فضل الشهيد سالم ربيع علي "سالمين"، والشهيد العقيد الصِديق أحمد الجفة.. ومن كتلة العواذل كان علي القفيش ومحمد علي أحمد.

بعد تسلم الجبهة القومية للسلطة، بعد نوفمبر 1967، والعامين اللذين تليا يوم الاستقلال، تفجر الصراع بين أجنحة الجبهة القومية، وبقيت "دثينة" أكثر المناطق في أبين التي تفاقم فيها الصراع بين القيادات التي تنتمي إليها.. وأخذت ذلك الصراع طابعاً قبلياً.

محمد علي هيثم، حسين عشال، وعبدالله علي مسيري، ينتمون لقبيلة المياسر، وهي من أهم قبائل تجمع "دثينة"، بينما ينتمي علي ناصر محمد إلى قبيلة "آل حسنة" في "دثينة" ذاتها.

الصراع انتهى بإقصاء محمد علي هيثم من رئاسة الوزراء ليحل مكانه علي ناصر محمد في مطلع العام 70.. وتم إعدام العقيد علي عبدالله ميسري، وهروب حسين عثمان عشال إلى الشطر الشمالي.

وبعد أن كانت الغلبة في السلطة بعيد الاستقلال لـ"المياسر"، تحولت الأمور إلى قبائل "آل حسنة" بعد أن تسلم علي ناصر محمد رئاسة الوزراء.. لقد تم إقصاء "دثينة" عبر شخص آخر من "دثينة" نفسها.. وخلال فترات لاحقة في السبعينيات جاء محمد سليمان ناصر، وسليمان ناصر مسعود، ومحمد حيدرة مسدوس، وحسين عرب إلى السلطة، وجميعهم ينتمون لقبيلة "آل حسنة" التي تولت تمثيل أبين في السلطة بعد أن تم إقصاء الطرف الأقوى في أبين (دثينة) عبرها.

كان المياسر قد أُقصوا نهائياً من السلطة، وشُردوا إلى خارج الوطن. وبعد أن تغلب تجمع قبائل "آل حسنة" على خصومه في "دثينة" (المياسر)، أصبح ينافس على انتزاع السلطة من رموز التجمعات القبلية الأخرى في أبين.

كان الرئيس سالمين ينتمي لـ"آل فضل"، وكان وجهة علي ناصر محمد في انقلاب يونيو 1978، إذ تم إعدام سالمين، وأصبح علي ناصر محمد رئيساً لدولة الجنوب.. يومذاك أصبح نصيب أبين في السلطة لـ"آل حسنة"، بحكم صعود علي ناصر إلى رأس السلطة.

كان نصيب أبين في السلطة موزعاً بين تجمع "العواذل" و"آل حسنة"، بعد أن تم إقصاء "المياسر" و"آل فضل".. وباقي الكتل القبلية. واستمر الوضع على هذا الحال حتى يناير 1986.

ولم تتم إعادة "آل فضل" و"المياسر" إلى السلطة إلا بعد حرب 1994: أصبح عبد ربه منصور هادي، المنتمي لـ"آل فضل"، نائباً للرئيس. لكن فترة حكم الاشتراكي الجنوب كانت قد خلطت أوراق اللعبة القبلية.. وأصبح هناك تقسيم آخر.

جاءت الوحدة وأبين مقسمة سياسياً إلى قسمين: قبائل ومناطق هُمشت وتم إقصاؤها منذ يوليو 1969، وقبائل أخرى كانت مستفيدة من حكم الاشتراكي. وبتحديد أدق فقد تجسد ذلك في ما كان يسمى بتيار "الزمرة" وتيار السبعينيات.

وينتمي لـ"الزمرة" قبائل من مختلف الكتل القبلية.. كذلك تيار السبعينيات كان يتكون من مختلف الكتل القبلية الرئيسية الـ5.

أبرز القيادات التي تنتمي لـ"الزمرة"، والمعروفة اليوم، تتمثل في: الرئيس علي ناصر محمد، محمد علي أحمد، محمد سليمان ناصر، سليمان ناصر مسعود، أحمد مساعد حسين، محمد البطاني، عبد ربه منصور هادي، محمد حيدرة مسدوس، أحمد حيدرة سعيد، وحسين عرب. بينما يتمثل أبرز قيادات تيار السبعينيات في: علي القفيش، أحمد الميسري، محمد حسين عشال، علي عشال، وعلي شيح عمر. ويمكن القول إن الصراع القديم ما زال قائماً، بشكل أو بآخر، بين هذين التجمعين.

الصراع الذي بدأ نهاية الستينيات بين علي ناصر، وباقي القيادات التي تنتمي لـ"دثينة"، ممثلة بالفقيد محمد علي هيثم، وحسين عشال، والعقيد علي شيخ عمر، انتهى، كما قلنا، بإقصاء هيثم وعشال وعمر. لكنه ظل مستمراً حتى بعد إعادة الوحدة، وحتى حرب 1994، وإلى اليوم.

لازلنا نتذكر ما دار من صراع أثناء المنافسة على الترشيح لمنصب محافظ أبين، في انتخابات المحافظين الأخيرة. لقد شهدت هذه الانتخابات نوعاً أو وجهاً من ذلك الصراع القديم؛ حيث كان نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، معترضاً على ترشيح أحمد الميسري، وكان يدفع بحسين عرب مرشحاً للمنصب.

من نافسوا أحمد الميسري على الترشيح، واعترضوا على عملية ترشيحه، حاولوا، أثناء سير الانتخابات للمحافظين، الزج بأحد القيادات التابعة لهم للترشيح كمستقل لمنافسة أحمد الميسري. وقد قامت كل القيادات المحسوبة على نائب الرئيس بدعم ذلك المرشح المستقل من أجل إسقاط أحمد الميسري. غير أن الميسري فاز في الانتخابات، وأصبح محافظاً لأبين. ويقول عدد من قيادات أبين والمهتمين بها إن الجناح المعارض للميسري يعمل، منذ انتهاء الانتخابات، على إفشال الميسري في مهمته كمحافظ للمحافظة؛ عبر دعم الاختلالات الأمنية، وأعمال التقطع والعنف، بما فيها حتى أحداث "مدينة جعار"، التي تُعد استمراراً لذلك الصراع القديم، الذي مازال أطرافه قائمين على ذات الفرز القبلي القديم. طبعاً الانتماءات السياسية تراجعت أمام هذا الفرز القبلي، ذلك أن الأخوان محمد وعلي حسين عشال ينتميان إلى تجمع الإصلاح، إلا أنهما يدعمان الميسري.

هذا الموقف تجاه الميسري لا يأتي لخلافات شخصية، وإنما امتداداً للصراع القديم الذي يرجع إلى يونيو 1969، فالميسري جاء من خارج تيار "الزمرة"، ومن خارج التيار الذي حكم الجنوب قبل الوحدة. ولهذا فالتيار الآخر لا يضمن ولاء الميسري له.. بل قد يصبح الميسري نقطة البداية لسحب البساط عن تيار "آل حسنة" القوي.

نجاح الحملة الأمنية على الجماعات المسلحة في "مدينة جعار" أصبح اليوم مؤشراً قوياً على تجاوز أحمد الميسري لكل العراقيل التي وضعها خصومه في طريقة لإفشاله وإخراجه من المحافظة. وإذ تُعد، هذه الحملة الأمنية، نجاحاً للميسري، تدل على فشل خصومه.

طوال الفترة الماضية؛ ظلت تحركات الميسري في أبين مقيدة بسبب عدم حصوله على الدعم السياسي المطلوب لفرض السيطرة على المحافظة. موقف الرئيس صالح، المراعي لمصالح وتوجهات حلفائه التقليديين المتمثلين في نائبه، ساهم في إضعاف الميسري، وأدى إلى دخول أبين في حالة الاختلال الأمني طوال الفترة الماضية. والمتابع لأوضاع أبين يدرك أن أبين قبل مجيء الميسري مختلفة عنها تماماً بعد مجيئه. لقد زاد الاختلالات بشكل ملحوظ، في ظل عجز واضح للسلطات الرسمية، وعلى رأسها المحافظ.

وقد علمت "الشارع" أن الميسري لم يتمكن، قبل أكثر من 6 أشهر، من تنفيذ حملة عسكرية وأمنية على محدثي الاختلالات وأعمال التقطع والقتل في "جعار". وقالت معلومات مؤكدة للصحيفة إن الميسري كان حينها أعد قائمة بالمطلوبين على ذمة تلك الأحداث. وقد تضمنت تلك القائمة أكثر من 25 مطلوباً. لم يتمكن المحافظ من تنفيذ حملة ضد هؤلاء المطلوبين، وخلال أوج عمليات القتل والتقطع تفاجأ عدد من قيادات المحافظة بعمل غير متوقع: استدعى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أكثر من 20 شخصاً من هؤلاء المطلوبين أمنياً إلى صنعاء، حيث التقوا بقيادات عليا في الدولة، وأُقرت لهم مرتبات شهرية!

أحد الشباب المهتمين بالعمل السياسي، ينتمي إلى شبوة، قال لـ"الشارع"، قبل أكثر من 3 أشهر، إن أحمد الميسري يخوض حرباً في أبين على أكثر من جبهة: جبهة تُدار من صنعاء عبر نائب الرئيس، وأخرى في سوريا ممثلة بالرئيس علي ناصر، وثالثة خارجية أيضاً ممثلة بمحمد علي أحمد، ورابعة داخلية ممثلة بالحراك الجنوبي.



***


نجل آخر سلاطين السلطنة الفضلية الذي عاد إلى قتال الاشتراكي
[IMG]http://www.***********.com/vb2/images/icons/icon1.gif[/IMG]
جانب من شخصية طارق الفضلي ودوره في حرب 94


بعد إعادة الوحدة في مايو 1990، عاد الكثير من المنفيين خارج الوطن، الذين غادروا الشطر الجنوبي عام 1967. عاد المرحوم السلطان ناصر بن عبدالله الفضلي من العربية السعودية إلى صنعاء. طارق الفضلي، وهو أحد أبناء السلطان ناصر بن عبدالله، عاد أيضاً.. وكان من ضمن الجماعات التي ذهبت إلى أفغانستان لقتال الاحتلال الروسي لأفغانستان.. ضمن قوافل الشباب الذين كانت المملكة السعودية تقوم بتصديرهم إلى أفغانستان للجهاد.

مع بداية الأزمة السياسية بين الاشتراكي والمؤتمر مع نهاية 1992، غادر طارق الفضلي صنعاء ليقيم في محافظة أبين، وبالتحديد في منطقة "الصرية"، التي تقع في جبال المراقشة المحاذية لشواطئ البحر العربي.

هناك أسس طارق الفضلي ما يشبه المعسكر.. استقطب إليه أعداداً كبيرة من رجال القبائل ومن الشباب المتدينين والمشائخ المعادين للاشتراكي.

اتهم الرجل بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها ذلك العام علي صالح عباد "مقبل"، الأمين العام السابق للاشتراكي، وهو كان وقتذاك سكرتيراً أول لمنظمة الحزب في محافظة أبين. أُصيب مقبل في المحاولة بعدة طلقات نارية، ونجا من الموت بأعجوبة. غير هذا اتهمت قيادة الحزب الاشتراكي طارق الفضلي بالوقوف خلف أعمال التفجيرات التي وقعت عام 1992 في عدن.

الاشتراكي الذي كان يبسط نفوذه حينها على المحافظات الجنوبية، ومن بينها أبين، قرر اعتقال الشيخ طارق الفضلي، فأمر بتحريك قوات من الأمن والجيش لمحاصرة المعسكر والمنطقة التي يتمركز فيها الرجل، وإلقاء القبض عليه.

تدخلت لجان للوساطة من قبل عدد من الشخصيات، وقد انتهت الوساطة بإقناع الشيخ طارق الفضلي بتسليم نفسه، شرط أن يتم نقله إلى صنعاء، التي نُقل إليها بالفعل، حيث أصبح تحت الإقامة الجبرية.

بعد انفجار الحرب في 1994، كانت المحاور العسكرية لقوات الشرعية تحاصر عدن من 3 اتجاهات: أبين، لحج، خرز. ولكنها لم تستطع الدخول إلى عدن لأكثر من شهرين.. حينها تم إطلاق سراح طارق الفضلي الذي دخل الحرب إلى جانب قوات الشرعية.

غادر طارق الفضلي صنعاء باتجاه أبين، حيث أعد فرقه مسلحة، من زملائه الجهاديين السابقين، ومن عدد من المواطنين الغاضبين من الاشتراكي. قام طارق وجماعته باقتحام الخطوط العسكرية لقوات الاشتراكي المدافعة عن عدن، إذ تمكن، طارق وجماعته، من الدخول إلى عدن عبر الطريق الصحراوية بين عدن وأبين.. ووصل إلى مدينة "دار سعد" في محافظة عدن. وتقول المعلومات إن الرجل خاض، وجماعته المسلحة، معركة شرسة مع القوات التابعة للاشتراكي في "دار سعد".

هذه الثغرة التي فتحها طارق الفضلي، وأفضت به إلى دخول عدن، أربكت مقاتلي الاشتراكي المدافعين عن عدن، وبعد يومين تقريباً هزمت كل الجبهات المدافعة عن عدن، واستطاعت ما كانت تُسمى "قوات الشرعية" الدخول إلى عدن بشكل نهائي وكامل. وقال لـ"الشارع" مصدر موثوق في أبين إن طارق الفضلي جُرح في تلك المعركة، التي قُتل فيها عدد من رفاقه.

بعد انتهاء الحرب قيل إن طارق الفضلي تراجع عن الأفكار الجهادية، وقطع صلاته بالجهاد والجهاديين. لكنه بدأ يبحث عن دور آخر: جاءت فكرة تنصيبه شيخاً لمشائخ قبائل "آل فضل".. واستطاع الحصول على تأييد معظم مشائخ "آل فضل" الذين نصبوه شيخاً عليهم، مع أنه لم يكن لـ"آل فضل" قبل ذاك شيخ عام. بعدها عُين طارق الفضلي في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.. وعضواً في المجلس الاستشاري.. لكنه ظل معتكفاً في منزله، ولم يمارس أي عمل إداري أو سياسي.

عام 2005؛ تجدد جانب من ذلك الصراع القبلي القديم في أبين. يُعد عبد ربه منصور هادي ممثلاً لأبين في السلطة، وهو من قبيلة "آل حسنة". ومنذ عُين الرجل نائباً للرئيس حرص على تزكية واختيار أغلب المسؤولين في أبين وعدد من المحافظات الجنوبية. عام 2005؛ انعقد المؤتمر العام الـ7 للحزب الحاكم في عدن، وشهد انتخابات تنافسية للصعود إلى أمانته العامة. ترشح أحمد الميسري لعضوية الأمانة العامة كممثل لأبين. حينها دعم نائب الرئيس وجناحه طارق الفضلي، غير أن الميسري فاز بالموقع.

عقب إعلان هذه النتائج، وبعد يومين على انتهاء أعمال المؤتمر العام الـ7، قدم الشيخ طارق استقالته من عضوية اللجنة الدائمة للمؤتمر، ومن مجلس الشورى، كما أضاف إليهما استقالته من وظيفته بوزارة الداخلية.. والتزم البقاء في منزله بـ"مدينة زُنجبار".

بعدها بأشهر وقعت مشاجرة بين بعض أتباع الفضلي ودورية للأمن في "زُنجبار"، انتهت باعتقال أحد أتباع الرجل. كلف الشيخ طارق مجموعة أخرى من حراساته بملاحقة سيارة "النجدة" وهي في طريقها إلى السجن، وانتزاع زميلهم الذي كان محتجزاً فيها. وقد تمكن أفراد حراسة الفضلي من تخليص زميلهم من أيدي أفراد الأمن، وإعادته إلى منزل الشيخ طارق.

ظهر اليوم التالي حاصرت أكثر من 10 أطقم عسكرية تابعة للأمن المركزي منزل الشيخ طارق، مطالبة بتسليم الشخص الذي تم تخليصه من رجال الأمن. دارت مواجهة عنيفة بين الجانبين اشتركت فيها الأسلحة الرشاشة والمتوسطة.

لم تتمكن "الشارع" من لقاء طارق الفضلي، غير أن عدداً من الشخصيات أشادت به. طبقاً لهؤلاء فالرجل مخلق وهادئ، ولا يتدخل في أمور السلطة المحلية، التي ما زال بعيداً عنها باستثناء القضايا القبلية.

التعديل الأخير تم بواسطة ابو شريف الحدي ; 2009-04-13 الساعة 02:07 AM
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-12, 03:22 PM   #2
الظبي اليافعي
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-14
المشاركات: 187
افتراضي

اين التقرير اخي نريد ان نقراءه
الظبي اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-12, 03:26 PM   #3
المهندس
قلـــــم ذهبـــــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
المشاركات: 3,730
افتراضي

وين التفاصيل اخي مردم جنهم؟
تحياتي000
__________________
(الشهيد البطل محسن علي مثنى طوئرة)
المهندس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-12, 08:01 PM   #4
الحوباني
قلـــــم جديــد
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-26
المشاركات: 16
افتراضي

اية واللة الاصلاح واصحاب تعز
الحوباني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 02:21 AM   #5
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المهندس مشاهدة المشاركة
وين التفاصيل اخي مردم جنهم؟
تحياتي000


عفواً استاذي القديرحسبت الرابط بايفتح واعذرني انني لم اتاكد ولكن استطعت التغلب على المشكله ونقلت التقرير برمته
اكرر اعتذاري لكل الاعضاء
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 02:23 AM   #6
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحوباني مشاهدة المشاركة
اية واللة الاصلاح واصحاب تعز

لكم دينكم ولي دين
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 02:24 AM   #7
ابو شريف الحدي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-10-24
المشاركات: 521
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الظبي اليافعي مشاهدة المشاركة
اين التقرير اخي نريد ان نقراءه


اتفضل ياخبير هاهو قد التقرير بالنص لاتزعل
ابو شريف الحدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 08:07 AM   #8
الزامكي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-10
المشاركات: 2,807
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مردم جهنم مشاهدة المشاركة
أبين.. من القتال على السلطة في 69 و86، إلى عصابات التقطع وقتل "الشواذ"
- تفاصيل تُنشر لاول مرة عن صراعها القبلي وجذوره التاريخية
- مراكز القوى الاساسية فيها، وأسباب الانفلات الامني الذي تعيشه
- قصة نجل آخر سلاطينها الذي اخترق بمجموعته المسلحة خطوط قوات الاشتراكي في حرب 94 ودخل إلى "دارسعد"




صورة جانبية لأبين


نائف حسان

[email protected]


في الطريق الواصلة عدن بأبين يمكن مشاهدة الهوس المتمثل بتسوير الأراضي، وعمليات البسط عليها.

تركنا منطقة العريش خلفنا، ثم وصلنا إلى نقطة العلم الأمنية التي تفصل المحافظتين. تقع "نقطة العلم" الأمنية على منعطف بسيط أفضى بنا إلى قرية صغيرة مطلة على البحر. القرية خاصة بالصيادين، وهي عبارة عن عُشش خشبية جرداء، تقع على يمين الطريق، وترسو أمامها قوارب صيد صغيرة.

حركة السيارات متقطعة، وعلى هذه الطريق يمكنك أيضاً مشاهدة البحر، وأثر آخر من آثار حرب صيف 94.

كنت مشغولاً بمتابعة الانتقال النشط للرمال (الذي ظهرت آثاره في أكثر من مكان على جانبي الطريق، وعلى بلك الإسمنت التي انتصبت كأسوار على الأراضي) حين لمحت لوحة حديدية كُتب عليها التحذير ذاته. طلبت من شكري التوقف. ولكي أتمكن من التقاط صورة لهذه اللوحة الحديدية؛ كان على شكري أن يعود إلى الخلف. أنزلت زجاج النافذة، والتقطت صورة لهذه اللوحة التي كُتب عليها: "تحذير.. خطر ألغام".


أكثر من منطقة على جانبي هذه الطريق شهدت قتالاً عنيفاً، في حرب 94؛ بين قوات الحزب الاشتراكي، وما كان يُسمى بـ"قوات الشرعية". يومها كانت أبين متوثبة، فيما كانت عدن تقف واهنة خلف صوت علي سالم البيض، الذي كان ينظر إلى الناحية الآخر؛ محاولاً إيقاف زحف قوات شريكه في صنع الوحدة باتجاه "قاعدة العند" العسكرية.

في تلك الأيام العصيبة كان البيض يلقي آخر خطاباته الوطنية. في البدء نفى الرجل سقوط "العند" في يد "قوات الشرعية". وأتذكر أني سمعته يقول، في أحد تلك المساءات، عبر الراديو؛ بصوته ذي النبرة الصادقة: "العند عنيييييييد".

سقط "العند"، غير أن أبين كانت أولى علامات هزيمة الاشتركي. ومنها أيضاً جاء أول اختراق لعدن.

<<<

بدءاً من "نقطة العلم"؛ تمتد، على يسار الطريق، وعلى يمينها إلى حد ما، مناطق صحراوية كانت تابعة للسلطنة الفضلية. قبل سنوات تسربت معلومات قالت إن السلطة صرفت هذه الأراضي الشاسعة لطارق الفضلي كمكافأة بسبب قتاله في حرب 94. قيل إن هذه الأرض صُرفت باعتبارها كانت ملكاً للسلطنة الفضلية. سألت قيادياً كبيراً في المحافظة عن صحة الأمر. أكد الرجل أن قيادات كبيرة كانت في طريقها إلى تمليك الفضلي أكثر من 100 فدان من هذه الأراضي، غير أن الصفقة لم تكتمل.

أخذتنا الطريق إلى منطقة وادي "دُوفس". الأرجح أن "دُوفس" تقع قبل "زُنجبار" بنحو 20 دقيقة؛ على الأكثر.

قبل إمضاء اتفاقية الوحدة اتفقت قيادتا الشطرين على نقل بعض الوحدات والألوية العسكرية كمظهر من مظاهر الوحدة. بموجب ذاك الاتفاق تمركزت، بعد الوحدة، قوات العمالقة في هذه المنطقة التي تُعرف بوادي "دُوفس". ومن هنا لعبت قوات العمالقة دوراً مهماً في الحرب.

عندما تفجرت الحرب؛ كانت قوة الاشتراكي في أبين تتمثل في معسكر الأمن المركزي، ولواء مدرم، واللواء الـ22، الذي كان يتمركز على الحدود في "مُكيراس". في المقابل تمثلت قوة الرئيس صالح بقوات العمالقة، التي كانت تتكون من 4 ألوية مدرعة تمركزت بشكل رئيسي في "دُوفس" الواقعة على مشارف "زُنجبار"، ثم انتشرت في أبين (على سبيل المثال كان هناك كتيبة من العمالقة في لودر).

اجتماعياً كانت أبين ضد الاشتراكي بالكامل باستثناء منطقة يافع بمديرياتها الـ3: سرار، رُصد، وسباح. وحين تفجرت الحرب تمكنت قوات العمالقة من فصل عدن عن أبين، التي كانت عملياً خارج سيطرة الاشتراكي عدا "مدينة جعار"، التي سيطر عليها الحزب عبر المليشيات الشعبية.

هكذا كان الرئيس علي عبدالله صالح قوياً على مشارف عدن. وقال أحد الذين عاشوا تلك الأحداث بحس المتابع المهتم إن قوات العمالقة ركزت جهدها، وقتذاك، لصد محاولات قوات الاشتراكي دخول أبين قادمة من عدن. وحتى انتهاء الحرب لم تتمكن قوات الاشتراكي من دخول أبين.

<<<

بعد "دُوفس" تأتي قرية "الكود" التي تقع في مشارف "زُنجبار". في "الكود"، وما حولها، تظهر الأرض أكثر خُصوبة وخُضرة. يمكن مشاهدة أكثر من مزرعة. تُظلل الشجر الخضراء مدخل "مدينة زُنجبار"، التي تقع على بعد 60 كيلو متراً إلى الشرق من عدن. يفضي بنا المدخل المظلل بالشجر إلى جسر صغير. من تحت هذا الجسر يمر وادي بنا ذاهباً نحو البحر. على اليسار يمكن مشاهدة، من على الجسر، ممر وادي بنا الواسع والخالي من المياه، فيما تبدو على اليمين نهاية الوادي الملتصقة بالبحر.

يأخذنا الجسر إلى جولة صغيرة يؤدي جانبها الأيمن إلى "زُنجبار"، فيما يأخذ المارة جانبها الأيسر إلى "جعار".

تبدو الحياة بسيطة ومتواضعة في "زُنجبار". وأتذكر أني قرأت شيئاً يقول إن أحد السلاطين أطلق عليها هذا الاسم تيمنا بجزيرة زُنجبار التي نفي إليها، في تنزانيا شرق أفريقيا.

على يمين ما بعد جولة مدخل "المدينة" تقع المدرسة المتوسطة في منطقة منخفضة عن الطريق تُدعى حي "المحل". الخراب واضح على أركان وأطراف ونوافذ هذه المدرسة، التي قيل إنها أصبحت مُحتلة من قبل أشخاص.

كانت هذه أول مدرسة في أبين. وقد وجدت، في موقع الفضلي، صورة قيل إنها لسباق هجن تم بمناسبة افتتاح هذه المدرسة عام 1958.

<<<

كالعادة سأقول إن الناس يبدون متعبين. ولعلي أضيف أن ذلك إحدى سمات يمنيي المحافظات البعيدة عن العاصمة. كان صباح الـ27 من يناير الماضي هادئاً، فيما بيوت "زُنجبار" متعبة، وتميل إلى البساطة، على جانبي الطريق. بعد دقائق قليلة وصلنا إلى جولة أكثر اتساعاً، وبدا لي كما لو أنها تُمثل قلب "المدينة". سرنا نحو الشارع العام، ومنه انعطفنا يساراً نحو ساحة الشهداء، التي أرشدنا إليها شخص لم يخفِ تقديره للمحافظ محمد علي أحمد، الذي بناها مطلع ثمانينيات القرن الماضي. قيل إن محمد علي أحمد بنى هذه الساحة على نمط ألماني. وقيل إن هذه الساحة كانت، في الثمانينيات، الساحة الأولى من نوعها في المنطقة. عندما تعرف ماضي الساحة وحاضرها يمكنك القول إنها تجسيد فعلي لزمن ما بعد 94. زمن الخراب والفيد.

تقع الساحة ضمن سور له بوابة مازالت تُظللها الأشجار. على يسار المدخل ينتصب مبى زجاجي أُقيم على شكل مربع. كان هذا المبنى ملهى ليلياً يوم كانت هذه الساحة تشهد حركة مزدحمة.

وسط الساحة ينتصب تمثال لرجل يلبس "مقطب"، ويحمل شعلة في يده اليمنى، فيما بندقية تنتصب على ظهره. على يمين هذا التمثال ينتصب، على قاعدة بنائية أخرى، تمثال آخر لامرأة تحمل شيئاً على رأسها، وإلى جانبها طفليها. في الناحية المقابلة هناك تمثال ثالث لرجل عامل. إلى جانب اسم هذه الساحة؛ جسدت التماثيل الـ3 أيديولوجية الدولة التي كانت قائمة في الجنوب: المقاتل، العامل، والمرأة العاملة. اليوم تم تدمير هذه الساحة، ولصالح هوية المقاتل المتجسد في الجندي؛ تراجعت المرأة إلى خلف جدران البيت، وأُنهِك العامل البسيط بتردي الوضع الاقتصادي.

تمكن محمد علي أحمد من إيجاد مناخ عام ساعد في بناء هذه الساحة. لقد فرض الرجل حتى على أصحاب السيارات القادمة إلى "زُنجبار" حمل أحجار بناء أو خرسانة وتراب إلى هذه الساحة! وحين انتهت عملية البناء تحولت هذه الساحة إلى متنزه ومزار لأبناء أبين وعدد من أبناء المحافظات الجنوبية الـ6، إضافة إلى عدد من دول الخليج؛ كما أكد لي أكثر من شخص التقيته هناك.

قيل إن الساحة أقيمت على مقبرة، وقد وجدت وأنا أتجول داخلها ضريحاً قيل إنه للشيخ عبدالله بن عبدالجبار. لا أدري لماذا لم تهدم دولة الاشتراكي العلمانية ضريح هذا "الولي"، الذي تعمدت تزيين قبره بالبلاط الأبيض والأزرق؟

تذكرت الآن وأنا أكتب هذه المادة ضريحاً لولي آخر يقع وسط شارع المعلا. قيل إن البريطانيين أبقوا على هذا الضريح وسط "المعلا" لأن مجنزرات الشق الخاصة بهم لم تتمكن من اقتلاعه. وعندما تم إخباري في هذه الزيارة عن هذه القصة جرى التركيز على عجز مجنزرات الشق باعتباره نوعاً من كرامات ذلك الولي! بالنسبة لساحة الشهداء يمكن لأحد القائمين القدماء عليها أن يقول لك إن الإبقاء على ضريح الشيخ عبدالجبار فيها تم من باب احترام "الأولياء"!

<<<

تجولت في الساحة. بحثت عن المسرح الذي زاره الزميل سامي غالب مطلع مارس 2008. لم أجد الممثلة الوحيدة التي وجدها سامي على خشبة المسرح، أو زميلتها التي شاركتها الأداء التمثيلي في ما بعد، غير أني سمعت "ماااااا" في أكثر من مكان في الساحة. لقد تم إغلاق أبواب المسرح، ذات الحديد الصدئ والمتهالك، بسلاسل حديدية وأقفال. وظهرت ماعز كثيرة في أجزاء مختلفة من الساحة، التي يبدو أنها تؤدي آخر مهامها المفترضة في زمن ما بعد 94: مرعى ومتنزه للماعز.

على أبواب المسرح تتكدس المخلفات. أمكنني مشاهدة صورة الرئيس التي رُسمت على الخلفية الجدارية لخشبة المسرح، غير أني أُجبرت على وضع يدي على أنفي، والمغادرة سريعاً حين حاولت إلقاء نظرة على الحمامات الخارجية الملحقة بالمسرح.

بالصدفة أخذني التجوال في الساحة إلى داود علي أحمد يحيى (75 عاماً)، الذي يعمل حارساً للساحة منذ بنائها. كان الرجل التهامي، الذي غادر الحسينية عقب الحرب العالمية الثانية، يتوكأ على عصا، وعرفت مما كتبه سامي أنه أُصيب بجلطة قبل 6 سنوات. اقتربت منه، وبدأت أسأله عن الساحة، لكنه رفع عصاته، حين عرف أني صحفي، وصاح: "روحوا لكم مني". تحدث عن سامي بود، غير أنه قال إن المسؤول عن الساحة قطع عنه راتبه حين قرأ ما نُشر في "النداء". أخرج الرجل من جيبه كِسرة خبز، ولوح بها كآخر ما أُجبر على تناوله كوجبة غداء يومية بسبب قطع راتبه. كسرت الحواجز بيني وبين العم داود، وبعد دقائق اتصلت بسامي. أعطيت التلفون للتهامي حارس ساحة الشهداء في زُنجبار، فأخذ يحدث سامي كما لو أنه صديق قديم، ثم أخبره بنبرة مستنكرة: "قطعوا راتبي..".

<<<

قيل إن بناء هذه الساحة، كان ضمن مشروع بناء "مدينة زُنجبار الحديثة". إلى الشرق من الساحة كان يفترض أن تقوم هذه المدينة التي قيل إن "محافظ المحافظين" كان ينوي بناءها. وفي الموقع المفترض لهذه المدينة وجدت ما يستحق المرور عليه.

بعد الانتصار في حرب 94 انتقلت قوات العمالقة من مشارف "زُنجبار" إلى داخلها حاملةً اسماً جديداً: اللواء 312 ميكا. وفي المكان الذي كان يُفترض أن تُبنى فيه "مدينة زُنجبار الحديثة"، يمتد معسكر الأمن المركزي. لا أدري إن كان الأمر تم بقصد أو لا. لكنى حين وصلت إلى قرب هذا المعسكر لفت انتباهي سوره الحجري الحديث.

بالقرب من المعسكر قيل إن محافظ أبين الأسبق في عصرها الذهبي كان ينوي إقامة حديقة كمتنفس خلفي للساحة. ولجدية هذا المشروع كان قد تم اختيار اسم له: الحديقة العامة. أخبرني أحد المسؤولين السابقين على الساحة أن المساحة التي خُصصت للحديقة كانت تبلغ 30 فداناً، تم نهبها والاستيلاء عليها وبيعها منذ ما بعد 94.

كان عام 94 فارقاً بالنسبة لمراكز قوى كثيرة في أبين. بيد أن هذا العام الذي أعاد شخصيات في هذه المحافظة إلى موقع الصدارة في الحكم، يبدو كما لو أنه شيع أبين في موكب التدمير والنهب الهزلي وغير المنتهي.

على جانبي ساحة الشهداء تنتصب محلات تجارية، قال أحد المسؤولين على الساحة إن "عددها يصل إلى 60 محلاً تقريباً". تم البسط على عدد من هذه المحلات التجارية، التي كانت في الثمانينيات أشبه بسوق تجاري كبير نوعي. يمكن مشاهدة آثار النهب في جدران بعض هذه المحلات التي كتب بعض نهابة ما بعد 94 أسماءهم عليها، كما لو أن ذلك عمل بطولي وشرعي لا يدعو للخجل. على جدران بعض هذه المحلات كُتبت ألقاب من نوع "العقيد" و"الشيخ" قبل أسماء النهابة الأشاوس. هل يمكن أخذ الأمر كمؤشر على زمن ما بعد 94؟

تحتوي الساحة على حديقة ألعاب أطفال أوتوماتيكية صغيرة. اقتربت من المكان وأمكنني ملاحظة نجمة الحزب مُكررة بشكل كبير على سورها الحديدي. وطبقاً لأحد المسؤولين الحاليين على الساحة، طلب عدم ذكر اسمه، فقد كان في الساحة أكثر من 40 مكينة ألعاب أطفال. كان في الساحة هناك حديقة للحيوانات، وفرن خاص بالروتي والكيك بمواصفات عالمية. كان هناك مشتل أيضاً، ومكان خاص بلعبة البولينج، وملعب كرة قدم، و10 شاليهات، ومكان لليانصيب، ونحو 25 مكينة ألعاب أوتوماتيكية. كان لدى الساحة أيضاً حراثتان، وجراران، ومضخة مائية.

غُرست في الساحة عدد كبير من الأشجار. حتى غرسات جوز الهند قيل إنه تم الإتيان بها من الهند.

لقد تم تدمير كل شيء: المحلات التجارية تحولت إلى حمامات، الأشجار قُلعت، مكائن حديقة الأطفال كُسرت، المولدات الكهربائية نُهبت، مكائن الألعاب الأوتوماتيكية، الحراثتان، الجراران، فرن الكيك والروتي، الثلاجات، المكيفات.. جميعها نُهبت..

<<<

المسبح، ذو المواصفات العالمية، وذو التصميم البديع، تحول إلى خراب ومقلب للأتربة. حين اتجهت إلى المسبح وجدت على مدخله أشخاصاً يصلحون سيارة قديمة. التفتوا لنا باستغراب، فألقيت عليهم التحية، واستأذنتهم في مشاهدة المسبح. على اليمين كان هناك حبل غسيل، وشيء ما من روائح الحياة السفلية للمدن. ألقيت نظرة على ملحقات المسبح فوجدتها قد سُدت بالبلك وتحولت إلى مساكن خاصة، تمت تغطية مدخل أحدها بطربال أزرق.

لا يوجد مسبحاً كهذا في اليمن. حتى مسبح الأطفال الملاصق له صُمم بشكل أنيق.

حتى عام 2006 صمدت 35 نخلة كانت محملة بالثمر. اليوم، طبقاً لمسؤول الأمن على الساحة حسين محمد الملاحي، لم يعد هناك سوى نخلة واحدة مثمرة. لقد تم قلع حتى أشجار النخيل. وتم تشليح حتى الزجاج وأسلاك الكهرباء. كانت أبواب المحلات وواجهاتها من الألمنيوم، وقد وجدت بعضها عند أحد بائعي الخردة في "المدينة". أحد الذين التقيتهم في الساحة، تحدث عن ماضيها بأسى، ثم قال بنبرة حزن: "حصل تآمر على الساحة.. لمصالح ذاتية أو انتقاماً من الفترة الماضية".

افتتح المؤتمر الشعبي العام مسلسل النهب بعد الحرب: استولى على إدارة الساحة وحولها إلى مقر له. المبنى المجاور كان مطعماً ومكاناً لاستراحة لاعبي فرق كرة القدم، استولى عليه الشريك الرئيسي في الحرب (الإصلاح) محولاً إياه إلى مقر. بحثت عن مقر الحزب الإشتراكي في المدينة فوجدته في بناية متواضعة يغطي جزء من واجهتها بقايا حريق قديم. على يسار مدخل الساحة ينتصب برج زجاجي كان بمثابة ملهى ليلي. بعد الحرب تحول هذا البرج إلى استراحة لقادة عسكريين رأوا أنه أنسب لمضغ القات. مكان البولينج استولى عليه قائد عسكري. مدير إحدى المؤسسات الحكومية فضل عدم البقاء بعيداً عن حفلة البسط والنهب هذه، فاستولى على أحد الملحقات محولاً إياه إلى بيت له ولأسرته. المدير السابق المسؤول على الساحة أخذ المضخة إلى مزرعته، واتخذ من الركن الأيمن للساحة بيتاً له.

خلف المبنيين اللذين استولى عليهما المؤتمر والإصلاح يوجد ملعب كرة القدم، يبدو اليوم مهجوراً مليئاً بالأوساخ والمخلقات. باب الملعب مغلق، وأسفل ظلال إطلالته الإسمنتية كان هناك أكثر من ماعز.

اليوم التالي عدت إلى الساحة حيث التقيت الخضر البريكي. كان الحاج داود سبق أن تحدث باحترام عن هذا الرجل مشيداً بنزاهته وإخلاصه في الحفاظ على الساحة أثناء ما كان المسؤول عليها بين عامي 2000 و2005. تحدث البريكي بحزن عن الخراب الذي يلتهم الساحة، وحين سألته عن عمله الحالي أشار إلى سيارته التي قال إنه يعمل كسائق أجرة عليها.

<<<

في الظهيرة اتجهنا إلى جعار، التي تبعد عن زنجبار 13 كيلو متراً إلى الشمال. حينها كان قد قتل نحو 5 أشخاص على ذمة الشذوذ. سألت عن القتلة، فقيل لي إنهم ليسوا من الجماعات المتشددة بل بلاطجة.

على مدخل جعار يقع سوق قات صغير، وفي الداخل تتناثر الأحياء بشكل غير منظم.

...

...

...



***



هـــامــــــــــــــــــــــــــــش


في 20 مايو 90؛ إتفق طرفي الوحدة على نقل عدد من المعسكرات بهدف تعميق، وترسيخ الوحدة. وقد تم، بموجب ذلك الإتفاق نقل عدد من المعسكرات. المعسكرت الجنوبية توزيع في الشمال كالتالي: لواء باصهيب في ذمار، واللواء الثالث مدرع في عمران، واللواء الأول مدفعية في يريم، واللواء الخامس في حرف سفيان. بالمقابل نقل الشمال عدداً من المعسكرات إلى الجنوب: قوات العمالقة وهي 4 ألوية مدرعة انتشرت في أبين، اللواء الثاني مدرع في ردفان، وحدة من الحرس الجمهوري وقوة من الأمن المركزي في منطقة معاشيق في خورمكسر بالقرب من مطار عدن.

طبعاً واضح جداً أن الرئيس علي عبدالله صالح كان ذكياً للغاية لأنه حرص أن يتم توزيع الجيش الجنوبي في الشمال في مناطق نفوذه القبلية المسلحة، ووضع معسكراته في الجنوب في مواقع حساسة. ولمعرفة ذكاء الرجل يمكن إيراد هذا: مطلع شهر أبريل 1990؛ تم الاتفاق في مدينة تعز على نقل لواء العمالقة، وقوامه 4 ألوية وكتيبتي شرطة عسكرية وأمن مركزي إلى أبين شرق عدن، واللواء الثاني مدرع إلى شمال عدن، واللواء الثامن صاعقة إلى غرب عدن. في المقابل نص الاتفاق على أن ينقل الجانب الجنوبي اللواء الثالث مدرع إلى شمال غرب صنعاء، واللواء الخامس مظلات إلى غرب صنعاء، واللواء الأول مدفعية إلى جنوب شرق صنعاء، ولواء باصهيب، معسكر الحرس الجمهوري، إلى جنوب غرب صنعاء، واللواء 14مشاة إلى شمال صنعاء.

وفي اجتماع ثنائي تم بين صالح والبيض في عدن تم تغيير هذه الاتفاقية بطلب من الأول، الذي كان يرى أن العاصمة ستكون تحت متناول يد الاشتراكي.



***


بدأ بإقصاء محمد علي هيثم من رئاسة الوزراء عام 69، ثم تطور بإقصاء "آل فضل"، عبر قتل سالمين، وسيطرة "آل حسنة" قبل 86

جبهات صراعها القبلي وجذورها التاريخية


> أبين - خاص


تنقسم أبين إلى 5 كتل قبلية رئيسية: قبائل باكازم، العواذل، دثنية، آل فضل، ويافع. كل كلتة قبلية هي عبارة عن تجمع قبلي، ويتفاوت عدد قبائل هذا التجمع، من كتلة إلى أخرى. سلطات الاحتلال البريطاني حصرت تواجدها في عدن، وحين بدأت التفكير في مد نفوذها إلى باقي المناطق في الجنوب، خارج حدود عدن، بدأت، قبل ذلك، التفكير في كيفية نقل الحياة إلى مناطق الأرياف تلك.. بعد أن كانت المناطق مُقسمة إلى قبائل صغيرة متناحرة.. اهتدت إلى الوصول إلى جمع كل عدد من القبائل، التي تعيش في محيط جغرافي واحد، في تجمع قبلي أكبر.. فشكلت تلك الكتل القبلية الـ5 التي ذكرناها آنفاً.

وكانت تلك خطوة على طريق البحث عن تجمع أكبر تربطه علاقات أكثر تطوراً مما هي عليه.. طبعاً بعد خلق التآلف والتقارب بين القبائل المنضوية تحت لواء تلك الكتلة القبلية.



في منتصف ستينيات القرن الماضي، كانت كتلة "دثينة" القبلية هي الأكثر حضوراً في الثورة، من حيث القيادات البارزة والمعروفة المنتمية لدثينة.. وكان من أبرز تلك الشخصيات.. السيد الفقيد ناصر السقاف، الذي يعد الأب الروحي لثورة 14 أكتوبر، والفقيد محمد علي هيثم، والفقيد حسين عثمان عشال، قائد الجيش بعد الاستقلال، والشهيد العقيد علي عبدالله ميسري، وعلي ناصر محمد، والفقيد علي شيخ عمر.

بينما كان أبرز القيادات المنتمية لآل فضل الشهيد سالم ربيع علي "سالمين"، والشهيد العقيد الصِديق أحمد الجفة.. ومن كتلة العواذل كان علي القفيش ومحمد علي أحمد.

بعد تسلم الجبهة القومية للسلطة، بعد نوفمبر 1967، والعامين اللذين تليا يوم الاستقلال، تفجر الصراع بين أجنحة الجبهة القومية، وبقيت "دثينة" أكثر المناطق في أبين التي تفاقم فيها الصراع بين القيادات التي تنتمي إليها.. وأخذت ذلك الصراع طابعاً قبلياً.

محمد علي هيثم، حسين عشال، وعبدالله علي مسيري، ينتمون لقبيلة المياسر، وهي من أهم قبائل تجمع "دثينة"، بينما ينتمي علي ناصر محمد إلى قبيلة "آل حسنة" في "دثينة" ذاتها.

الصراع انتهى بإقصاء محمد علي هيثم من رئاسة الوزراء ليحل مكانه علي ناصر محمد في مطلع العام 70.. وتم إعدام العقيد علي عبدالله ميسري، وهروب حسين عثمان عشال إلى الشطر الشمالي.

وبعد أن كانت الغلبة في السلطة بعيد الاستقلال لـ"المياسر"، تحولت الأمور إلى قبائل "آل حسنة" بعد أن تسلم علي ناصر محمد رئاسة الوزراء.. لقد تم إقصاء "دثينة" عبر شخص آخر من "دثينة" نفسها.. وخلال فترات لاحقة في السبعينيات جاء محمد سليمان ناصر، وسليمان ناصر مسعود، ومحمد حيدرة مسدوس، وحسين عرب إلى السلطة، وجميعهم ينتمون لقبيلة "آل حسنة" التي تولت تمثيل أبين في السلطة بعد أن تم إقصاء الطرف الأقوى في أبين (دثينة) عبرها.

كان المياسر قد أُقصوا نهائياً من السلطة، وشُردوا إلى خارج الوطن. وبعد أن تغلب تجمع قبائل "آل حسنة" على خصومه في "دثينة" (المياسر)، أصبح ينافس على انتزاع السلطة من رموز التجمعات القبلية الأخرى في أبين.

كان الرئيس سالمين ينتمي لـ"آل فضل"، وكان وجهة علي ناصر محمد في انقلاب يونيو 1978، إذ تم إعدام سالمين، وأصبح علي ناصر محمد رئيساً لدولة الجنوب.. يومذاك أصبح نصيب أبين في السلطة لـ"آل حسنة"، بحكم صعود علي ناصر إلى رأس السلطة.

كان نصيب أبين في السلطة موزعاً بين تجمع "العواذل" و"آل حسنة"، بعد أن تم إقصاء "المياسر" و"آل فضل".. وباقي الكتل القبلية. واستمر الوضع على هذا الحال حتى يناير 1986.

ولم تتم إعادة "آل فضل" و"المياسر" إلى السلطة إلا بعد حرب 1994: أصبح عبد ربه منصور هادي، المنتمي لـ"آل فضل"، نائباً للرئيس. لكن فترة حكم الاشتراكي الجنوب كانت قد خلطت أوراق اللعبة القبلية.. وأصبح هناك تقسيم آخر.

جاءت الوحدة وأبين مقسمة سياسياً إلى قسمين: قبائل ومناطق هُمشت وتم إقصاؤها منذ يوليو 1969، وقبائل أخرى كانت مستفيدة من حكم الاشتراكي. وبتحديد أدق فقد تجسد ذلك في ما كان يسمى بتيار "الزمرة" وتيار السبعينيات.

وينتمي لـ"الزمرة" قبائل من مختلف الكتل القبلية.. كذلك تيار السبعينيات كان يتكون من مختلف الكتل القبلية الرئيسية الـ5.

أبرز القيادات التي تنتمي لـ"الزمرة"، والمعروفة اليوم، تتمثل في: الرئيس علي ناصر محمد، محمد علي أحمد، محمد سليمان ناصر، سليمان ناصر مسعود، أحمد مساعد حسين، محمد البطاني، عبد ربه منصور هادي، محمد حيدرة مسدوس، أحمد حيدرة سعيد، وحسين عرب. بينما يتمثل أبرز قيادات تيار السبعينيات في: علي القفيش، أحمد الميسري، محمد حسين عشال، علي عشال، وعلي شيح عمر. ويمكن القول إن الصراع القديم ما زال قائماً، بشكل أو بآخر، بين هذين التجمعين.

الصراع الذي بدأ نهاية الستينيات بين علي ناصر، وباقي القيادات التي تنتمي لـ"دثينة"، ممثلة بالفقيد محمد علي هيثم، وحسين عشال، والعقيد علي شيخ عمر، انتهى، كما قلنا، بإقصاء هيثم وعشال وعمر. لكنه ظل مستمراً حتى بعد إعادة الوحدة، وحتى حرب 1994، وإلى اليوم.

لازلنا نتذكر ما دار من صراع أثناء المنافسة على الترشيح لمنصب محافظ أبين، في انتخابات المحافظين الأخيرة. لقد شهدت هذه الانتخابات نوعاً أو وجهاً من ذلك الصراع القديم؛ حيث كان نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، معترضاً على ترشيح أحمد الميسري، وكان يدفع بحسين عرب مرشحاً للمنصب.

من نافسوا أحمد الميسري على الترشيح، واعترضوا على عملية ترشيحه، حاولوا، أثناء سير الانتخابات للمحافظين، الزج بأحد القيادات التابعة لهم للترشيح كمستقل لمنافسة أحمد الميسري. وقد قامت كل القيادات المحسوبة على نائب الرئيس بدعم ذلك المرشح المستقل من أجل إسقاط أحمد الميسري. غير أن الميسري فاز في الانتخابات، وأصبح محافظاً لأبين. ويقول عدد من قيادات أبين والمهتمين بها إن الجناح المعارض للميسري يعمل، منذ انتهاء الانتخابات، على إفشال الميسري في مهمته كمحافظ للمحافظة؛ عبر دعم الاختلالات الأمنية، وأعمال التقطع والعنف، بما فيها حتى أحداث "مدينة جعار"، التي تُعد استمراراً لذلك الصراع القديم، الذي مازال أطرافه قائمين على ذات الفرز القبلي القديم. طبعاً الانتماءات السياسية تراجعت أمام هذا الفرز القبلي، ذلك أن الأخوان محمد وعلي حسين عشال ينتميان إلى تجمع الإصلاح، إلا أنهما يدعمان الميسري.

هذا الموقف تجاه الميسري لا يأتي لخلافات شخصية، وإنما امتداداً للصراع القديم الذي يرجع إلى يونيو 1969، فالميسري جاء من خارج تيار "الزمرة"، ومن خارج التيار الذي حكم الجنوب قبل الوحدة. ولهذا فالتيار الآخر لا يضمن ولاء الميسري له.. بل قد يصبح الميسري نقطة البداية لسحب البساط عن تيار "آل حسنة" القوي.

نجاح الحملة الأمنية على الجماعات المسلحة في "مدينة جعار" أصبح اليوم مؤشراً قوياً على تجاوز أحمد الميسري لكل العراقيل التي وضعها خصومه في طريقة لإفشاله وإخراجه من المحافظة. وإذ تُعد، هذه الحملة الأمنية، نجاحاً للميسري، تدل على فشل خصومه.

طوال الفترة الماضية؛ ظلت تحركات الميسري في أبين مقيدة بسبب عدم حصوله على الدعم السياسي المطلوب لفرض السيطرة على المحافظة. موقف الرئيس صالح، المراعي لمصالح وتوجهات حلفائه التقليديين المتمثلين في نائبه، ساهم في إضعاف الميسري، وأدى إلى دخول أبين في حالة الاختلال الأمني طوال الفترة الماضية. والمتابع لأوضاع أبين يدرك أن أبين قبل مجيء الميسري مختلفة عنها تماماً بعد مجيئه. لقد زاد الاختلالات بشكل ملحوظ، في ظل عجز واضح للسلطات الرسمية، وعلى رأسها المحافظ.

وقد علمت "الشارع" أن الميسري لم يتمكن، قبل أكثر من 6 أشهر، من تنفيذ حملة عسكرية وأمنية على محدثي الاختلالات وأعمال التقطع والقتل في "جعار". وقالت معلومات مؤكدة للصحيفة إن الميسري كان حينها أعد قائمة بالمطلوبين على ذمة تلك الأحداث. وقد تضمنت تلك القائمة أكثر من 25 مطلوباً. لم يتمكن المحافظ من تنفيذ حملة ضد هؤلاء المطلوبين، وخلال أوج عمليات القتل والتقطع تفاجأ عدد من قيادات المحافظة بعمل غير متوقع: استدعى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أكثر من 20 شخصاً من هؤلاء المطلوبين أمنياً إلى صنعاء، حيث التقوا بقيادات عليا في الدولة، وأُقرت لهم مرتبات شهرية!

أحد الشباب المهتمين بالعمل السياسي، ينتمي إلى شبوة، قال لـ"الشارع"، قبل أكثر من 3 أشهر، إن أحمد الميسري يخوض حرباً في أبين على أكثر من جبهة: جبهة تُدار من صنعاء عبر نائب الرئيس، وأخرى في سوريا ممثلة بالرئيس علي ناصر، وثالثة خارجية أيضاً ممثلة بمحمد علي أحمد، ورابعة داخلية ممثلة بالحراك الجنوبي.



***


نجل آخر سلاطين السلطنة الفضلية الذي عاد إلى قتال الاشتراكي
______________________________-
أخي الكريم صباح الخير
لم افهد ماهو الهدف من هذا التقرير؟؟؟ على كل حال صاحب البريد اعلاه و اسمه نايف
[img]http://www.***********.com/vb2/images/icons/icon1.gif[/img]
جانب من شخصية طارق الفضلي ودوره في حرب 94


بعد إعادة الوحدة في مايو 1990، عاد الكثير من المنفيين خارج الوطن، الذين غادروا الشطر الجنوبي عام 1967. عاد المرحوم السلطان ناصر بن عبدالله الفضلي من العربية السعودية إلى صنعاء. طارق الفضلي، وهو أحد أبناء السلطان ناصر بن عبدالله، عاد أيضاً.. وكان من ضمن الجماعات التي ذهبت إلى أفغانستان لقتال الاحتلال الروسي لأفغانستان.. ضمن قوافل الشباب الذين كانت المملكة السعودية تقوم بتصديرهم إلى أفغانستان للجهاد.

مع بداية الأزمة السياسية بين الاشتراكي والمؤتمر مع نهاية 1992، غادر طارق الفضلي صنعاء ليقيم في محافظة أبين، وبالتحديد في منطقة "الصرية"، التي تقع في جبال المراقشة المحاذية لشواطئ البحر العربي.

هناك أسس طارق الفضلي ما يشبه المعسكر.. استقطب إليه أعداداً كبيرة من رجال القبائل ومن الشباب المتدينين والمشائخ المعادين للاشتراكي.

اتهم الرجل بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها ذلك العام علي صالح عباد "مقبل"، الأمين العام السابق للاشتراكي، وهو كان وقتذاك سكرتيراً أول لمنظمة الحزب في محافظة أبين. أُصيب مقبل في المحاولة بعدة طلقات نارية، ونجا من الموت بأعجوبة. غير هذا اتهمت قيادة الحزب الاشتراكي طارق الفضلي بالوقوف خلف أعمال التفجيرات التي وقعت عام 1992 في عدن.

الاشتراكي الذي كان يبسط نفوذه حينها على المحافظات الجنوبية، ومن بينها أبين، قرر اعتقال الشيخ طارق الفضلي، فأمر بتحريك قوات من الأمن والجيش لمحاصرة المعسكر والمنطقة التي يتمركز فيها الرجل، وإلقاء القبض عليه.

تدخلت لجان للوساطة من قبل عدد من الشخصيات، وقد انتهت الوساطة بإقناع الشيخ طارق الفضلي بتسليم نفسه، شرط أن يتم نقله إلى صنعاء، التي نُقل إليها بالفعل، حيث أصبح تحت الإقامة الجبرية.

بعد انفجار الحرب في 1994، كانت المحاور العسكرية لقوات الشرعية تحاصر عدن من 3 اتجاهات: أبين، لحج، خرز. ولكنها لم تستطع الدخول إلى عدن لأكثر من شهرين.. حينها تم إطلاق سراح طارق الفضلي الذي دخل الحرب إلى جانب قوات الشرعية.

غادر طارق الفضلي صنعاء باتجاه أبين، حيث أعد فرقه مسلحة، من زملائه الجهاديين السابقين، ومن عدد من المواطنين الغاضبين من الاشتراكي. قام طارق وجماعته باقتحام الخطوط العسكرية لقوات الاشتراكي المدافعة عن عدن، إذ تمكن، طارق وجماعته، من الدخول إلى عدن عبر الطريق الصحراوية بين عدن وأبين.. ووصل إلى مدينة "دار سعد" في محافظة عدن. وتقول المعلومات إن الرجل خاض، وجماعته المسلحة، معركة شرسة مع القوات التابعة للاشتراكي في "دار سعد".

هذه الثغرة التي فتحها طارق الفضلي، وأفضت به إلى دخول عدن، أربكت مقاتلي الاشتراكي المدافعين عن عدن، وبعد يومين تقريباً هزمت كل الجبهات المدافعة عن عدن، واستطاعت ما كانت تُسمى "قوات الشرعية" الدخول إلى عدن بشكل نهائي وكامل. وقال لـ"الشارع" مصدر موثوق في أبين إن طارق الفضلي جُرح في تلك المعركة، التي قُتل فيها عدد من رفاقه.

بعد انتهاء الحرب قيل إن طارق الفضلي تراجع عن الأفكار الجهادية، وقطع صلاته بالجهاد والجهاديين. لكنه بدأ يبحث عن دور آخر: جاءت فكرة تنصيبه شيخاً لمشائخ قبائل "آل فضل".. واستطاع الحصول على تأييد معظم مشائخ "آل فضل" الذين نصبوه شيخاً عليهم، مع أنه لم يكن لـ"آل فضل" قبل ذاك شيخ عام. بعدها عُين طارق الفضلي في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.. وعضواً في المجلس الاستشاري.. لكنه ظل معتكفاً في منزله، ولم يمارس أي عمل إداري أو سياسي.

عام 2005؛ تجدد جانب من ذلك الصراع القبلي القديم في أبين. يُعد عبد ربه منصور هادي ممثلاً لأبين في السلطة، وهو من قبيلة "آل حسنة". ومنذ عُين الرجل نائباً للرئيس حرص على تزكية واختيار أغلب المسؤولين في أبين وعدد من المحافظات الجنوبية. عام 2005؛ انعقد المؤتمر العام الـ7 للحزب الحاكم في عدن، وشهد انتخابات تنافسية للصعود إلى أمانته العامة. ترشح أحمد الميسري لعضوية الأمانة العامة كممثل لأبين. حينها دعم نائب الرئيس وجناحه طارق الفضلي، غير أن الميسري فاز بالموقع.

عقب إعلان هذه النتائج، وبعد يومين على انتهاء أعمال المؤتمر العام الـ7، قدم الشيخ طارق استقالته من عضوية اللجنة الدائمة للمؤتمر، ومن مجلس الشورى، كما أضاف إليهما استقالته من وظيفته بوزارة الداخلية.. والتزم البقاء في منزله بـ"مدينة زُنجبار".

بعدها بأشهر وقعت مشاجرة بين بعض أتباع الفضلي ودورية للأمن في "زُنجبار"، انتهت باعتقال أحد أتباع الرجل. كلف الشيخ طارق مجموعة أخرى من حراساته بملاحقة سيارة "النجدة" وهي في طريقها إلى السجن، وانتزاع زميلهم الذي كان محتجزاً فيها. وقد تمكن أفراد حراسة الفضلي من تخليص زميلهم من أيدي أفراد الأمن، وإعادته إلى منزل الشيخ طارق.

ظهر اليوم التالي حاصرت أكثر من 10 أطقم عسكرية تابعة للأمن المركزي منزل الشيخ طارق، مطالبة بتسليم الشخص الذي تم تخليصه من رجال الأمن. دارت مواجهة عنيفة بين الجانبين اشتركت فيها الأسلحة الرشاشة والمتوسطة.

لم تتمكن "الشارع" من لقاء طارق الفضلي، غير أن عدداً من الشخصيات أشادت به. طبقاً لهؤلاء فالرجل مخلق وهادئ، ولا يتدخل في أمور السلطة المحلية، التي ما زال بعيداً عنها باستثناء القضايا القبلية.
_____________________________-
اخي الكريم صباح الخير
لم افهم و استوعب اهداف و مقاصد ذلك التقرير المطول؟ صاحب البريد اعلاه و الذي اسمه نائف حسان , اتعبني برسائله الشبة, يومية عبر الماسنجر رغم انني حذفته الا انه مصر على البقاء معي عبر الماسنجر...هل احدكم يعرفه؟؟؟ من خلال الروابط التي يبعثها لي ,فيها روح استخباراتي و يظهر انه من المدمنيين بالاختراقات البريده, في خصوصيات الغير...اخي نائف حسان اذا لديك موضوع تريد مناقشته خليه, عبر العام و بطل التدخل في خصوصيات الغير, لان مايمس الاخرين يمس عرضك و اهلك و هذه نصيحه, مجانية لك... عندك شي لي قله هنا و اترك خصوصيات الناس لهم وساكون لك شاكر...انتظر ردك عبر العام وليس عبر الماسنجر..لك تحياتي
الزامكي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 10:21 AM   #9
نازح الجنوب
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2008-04-15
المشاركات: 109
افتراضي

تقرير خبيث يبدواء ان صاحبة من تلاميذ الشرجبي
نازح الجنوب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المصينعة . . تقرير يتحدث عن وفاة 50 شخص بالسرطان (( شبـــوة )) ussa المنتدى السياسي 0 2012-03-08 01:15 AM
محافظ ابين يزور الوضيع قرصم منتدى أخبار الجنوب اليومية 2 2009-06-18 08:59 PM
تقرير قوي صادر عن الخارجيه الامريكيه يتحدث عن قتل وقمع الجنوبيين لأول مره بسمل محضار منتدى التوثيق 13 2009-03-01 02:55 AM
بوق من أبواق الحكومه يتحدث(محافظ الضالع: سيتم إلغاء تصاريح الجمعيات المخالفة للقانون) اليافعي2 المنتدى السياسي 1 2008-07-25 03:14 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر