مصــادر قوة الجنوب تستخدم ضده ( د / محمد علي السقاف ) مقال رائع جديد

[أمين الشعيبي]

مصــادر قوة الجنوب تستخدم ضده

بقلم د/ محمد علي السقاف – واشنطن 13/ يناير/2012م


عاقبت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي شعب الجنوب وقضيته مرتين:-
مرة بتهميش قضيته في سبيل حل أزمة الصراع على السلطة في الشمال من جهة وبمساواته بقضايا الشمال الأخرى كأزمة صعدة والحوثين وهم يعلمون أن أزمة الجنوب هي أزمة شعب ودولة ضحيا من أجل قيام دولة الوحدة من دونهما لما قامت في الأساس دولة أسمها جمهورية اليمن
ومن جهة أخرى وهو الأدهى في الأمر أن المبادرة الخليجية لم تكتفي فحسب بتهميش بل بتجاهل القضية الجنوبية بل عمدت على جعل الجنوب يسدد ثمن فاتورة تجاهلها من خلال إستخدام الثروة النفطية الجنوبية لكي لا تنهار الدولة اليمنية وتتفكك إلى أجزاء وفي الوقت نفسه تقوم بدور حماية أمن وإستقرار دول مجلس التعاون الخليجي .
فمصادر قوة الجنوب تتمثل في الأساس بعنصريين رئيسين :-
1= الثروة النفطية والموارد الأخرى وهذه تمول نحو 80% من موازنة الجمهورية اليمنية حصة الجنوب بالإستفادة منها هامشية بحكم قلة عدد سكانه نحو 3 مليون مقابل 20 مليون في الشمال وتركيز مشاريع التنمية في الشمال في العاصمة صنعاء على وجه الخصوص .
2= الموقع الجيواستراتيجي:- من باب المندب إلى خليج عدن ، بحر العرب ، والمحيط الهندي ، والشمال بفتقر لهذه الميزات . بينما تمثل هذه المواقع الجنوبية أهمية قصوى كحبل الوريد بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي ، والدول الغربية والصناعية بصفة عامة فموقع الجنوب بالقرب من أكبر مخزون إحتياطي للنفط في العالم وموقعه كممر ونقل نفط الخليج للدول المستهلكة، يجعل بالنسبة لدول الخليج أهمية إستقراره وآمنه من الآولويات في إستراتيجيتها الأمنية بل في إستقرارها . فأهتمام العالم بدول مجلس التعاون ينبع مما يمتلكه من إحتياطي الطاقة ( النفط والغاز) وما تمتلكه من الموارد المالية المسماةبالبترو دولارات ، من دون ذلك فهي دول ضعيفة وهشة. وهنا أمنها مرتبط بالجنوب بدرجة أساسية أكثر من إرتباطها باليمن الشمالي. وما هو مهم وحيوي موقع الجنوب لدول مجلس التعاون أيضا مهم لأمن الملاحة الدولية على مستوى العالم وأمن الدول الغربية خاصة في محاربتها للقاعدة والإرهاب الدولي حسب تسميتها.
إضافة إلي ما سبق فأن الإبعاد الإستراتيجية والعسكرية تعنى القوى الإقليمية والدولية بصفة أكبر من مستوى مجلس التعاون الخليجي. ونذكر بهذا الصدد أن أهمية مدخل البحر الأحمر من قناة السويس يضل محدودا إذا أقفل بشقه الجنوب كما حدث عدة مرات في التاريخ آخرها في حرب أكتوبر 1973م ، حين طلبت مصر من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قفل ممر باب المندب على السفن الإسرائيلية وتم إستخدام هذه الورقة في سيناء وفق محمد حسنين هيكل في مفاوضات السادات مع هنري كسينجر بأن يتم فتح الحصار عن الجيش الثالث المصري في سيناء من قبل إسرائيل مقابل فك الحصار عنها في جنوب البحر الأحمر وهذا ما حدث بتوافق مصري جنوبي وهو ما يمثل دين مصري نحو الجنوب في حين الشمال مدين لمصر بتأييدها ثورة سبتمبر 1962م.
بالعودة إلى صلب موضوعنا السؤال المطروح لماذا المبادرة الخليجية أهملت وهمشت القضية الجنوبية بدعما من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ، ونذهب أبعد من ذلك بالتساؤل هل المبادرة هي أصلا خليجية أم هي مبادرة غربية سميت بالمبادرة الخليجية لأعطاء المبادرة الطابع العربي الإقليمي لمداراة الحساسية اليمنية من إنتهاك السيادة بتدخل الغرب الكافر في شؤونه، بينما هم تعودوا على التدخل المستمر للأشقاء في شؤونهم منذ سبتمبر 1962م من جهة ومن جهة أخرى عدم إستعداد الغرب تحمل الأعباء المالية المترتبة على المبادرة الخليجية وهو متقل بأزماته المالية من أزمة اليورو وعجز الموازنات والبطالة.
لهذا كان من الأفضل لهم أن تكون المبادرة خليجية لتفادي الحساسيات وتحمل أعبائها المالية . وبدورها قامت دول مجلس التعاون لتفادي تحمل كامل الأعباء المالية عمدت من جانبها تحميل الجنوب الجزء الأكبر من هذه الأعباء والتي يمكن تقديرها بين 4و5 مليارات الدولارات سنويا الناتجة من بيع نفط الجنوب المغذي لميزانية الدولة. وفي سبيل ذلك عمدت مع الدول الغربية على تأكيد دعمها للوحدة اليمنية . في هذا التأكيد سيعتبر إستخدام نفط الجنوب وموارده أمرا طبيعيا لأنه جزء من الدولة القائمة ، في حين لو أعترفت بحق الجنوب في إستعادة دولته المستقلة سيعنى ذلك عاجلا أو أجلا سقوط هذا المورد الجنوبي الذي يجب تعويضه من موارد أخرى خارجية أي خليجية . وبالتالي سيكون على دول المجلس تلبيتة الإحتياجات التنموية الهائلة للشمال إضافة إلى تعويضه عن القيمة المفقودة للموارد الجنوبية . وهذا الأمر لا يبدو أن دول الخليج ومعها الدول الغربية مستعدة حاليا تحمل كامل الأعباء المالية لوحدها . ولهذا فضلت التضحية بحقوق شعب الجنوب وتغليف هذه التضحية بمبادئ تراها سامية ومقبولة عربيا بتأكيدها الحفاظ على الوحدة وإلا سيكون البديل تفتت اليمن وعدم إستقرار المنطقة! السؤال هنا لماذا تم تضحية حق الجنوبين في الإستقلال للحفاظ على الوحدة الفاشلة وفق المبادرة الخليجية ؟
سؤال كبير نستخلص ببعض الإشارات المختصرة في الإجابه عليه وهي كالتالي :-
1- التفاوت السكاني الكبيرين الشمال 20 مليون والجنوب 3 مليون وهنا أشير إلى قول أحد الدبلوماسين الآوروبيين في حديثي معه في صنعاء منذ فترة هل تعتقد أن الغرب مستعد أن يضحى بعشرين مليون نسمة لإرضاء حقوق 3 مليون فرد فقط؟ من الذي يستحمل الأعباء المالية الذي سيفقدها الشمال بضياع الجنوب والفائض السكاني أين سيتم توطينه بضياع الجنوب ألن يؤدي ذلك إلى نزوح جماعي إلى الدول المجاورة و ما يعني ذلك من زعزعة إستقرارها وأمنها؟.
2- قوة القبيلة وسلاحها في الشمال مقابل القلة القبلية في الجنوب من ناحية مدينتها وإحترامها لدولة القانون كموروث تاريخي قديم ومعاصر.
3- مخاوف من تفتيت اليمن الشمالي إلى عدة دويلات بعكس وحدة وتماسك شعب ومناطق الجنوب ، برغم محاولات شمالية بالإيعاز بإحتيمال إنفصال حضرموت عن الجنوب كرادع لمطلب الجنوب في إستعادة دولته.
4- لعل الهاجس الأكبر وهو سعودي بالدرجة الأولى أن يؤدي حالة إنهيار دولة اليمن الشمالي إلى بروز قيادات
جديدة له متطرفة غير النخب الحالية من السلطة والعارضة التي تحتويها المملكة بسخاء مادي كبير أن القادمين من قيادات قد تطالب بإعادة النظر في إتفاقات الحدود مع المملكة فيما يتعلق بمناطق جيزان ( أو جازان حسب التسمية السعودية) ونجران إلى اليمن .
هذه المعطيات الموضوعية تفسر وفق وجة نظرنا أسباب تجاهل وتهميش المبادرة الخليجية المطالب المشروعة لشعب الجنوب في إستعادة دولته وسيادته. فإذا سلمنا بهذا الأمر هل يعني أن دول الخليج وشعبها لا يتعاطف أن لم يكن معادي لشعب الجنوبي ؟.
أجيب على هذا التساؤل مباشرة بلا وألف لا . موؤشرين فقط يؤكدان هذا النفي عند ملاحظة أن الغالبية الساحقة من اليمنيين الذين طردوا من المملكة وبعض دول الخليج أثناء أزمة الخليج الثانية ( غزو الكويت وإحتلالها) هم من أبناء المحافظات الشمالية بشكل يكاد يكون حصريا في حين لم يحدث ذلك إلا لعدد بسيط من أبناء الجنوب وفي السياق نفسه نرى أن أكبر العائلات التجارية في المملكة ودول الخليج هم من أصول حضرمية أولا وثانيا عددأ محدودا منهم من يافع في حين لا يوجد من بينهم من التجار من أصول شمالية إلا واحدا وهو متخصص في تجارة العطور والمواد التجميلية ماذا يعنى هذا التمييز وكيف يمكن تفسيره ومن الذي أستفاده الجنوب من إختلاف هذا الموقف نحوهما أليس هذا محصورا على عدد من العائلات التجارية وهي أصبحت خليجية ما الذي أستفاده الجنوب كوطن وليس كأفراد وعائلات وكيف يمكن تغيير المعادلة لصالح القضية الجنوبية بإستخدام مصادر قوة الجنوب لخدمة مصالحه وليس في إستخدامها ضده كما عكستها المبادرة الخليجية هذا ما ستناوله في وقت لاحق إنشاء الله.

[أمين الشعيبي]

المقال منقول من عدد صحيفة الطريق اليوم

[عمقيان]

للأسف أن موضوع الدكتور السقاف يحمل العالم ودول الجوار المسؤولية بشأن قضية الجنوب ، وتجاهل دور أبناء الجنوب ومسؤولياتهم تجاه قضيتهم ، ويقينا أن المدخل لحل قضية الجنوب هو بيد الجنوبيين قبل غيرهم ، أما دور العالم والإقليم فهو مجرد عامل مساعد لا غير. واعتقد ان مصدر قوة الجنوب هي وحدة ابناء الجنوب قبل اي شيء أخر، ونتيجة لتشتتهم وعدم وحدتهم فالعالم لا يكترث بقضيتهم . تحياتي

[مسترسعد]

كاتب الموضوع : أمين الشعيبي المنتدى : المنتدى السياسي


--------------------------------------------------------------------------------

للأسف أن موضوع الدكتور السقاف يحمل العالم ودول الجوار المسؤولية بشأن قضية الجنوب ، وتجاهل دور أبناء الجنوب ومسؤولياتهم تجاه قضيتهم ، ويقينا أن المدخل لحل قضية الجنوب هو بيد الجنوبيين قبل غيرهم ، أما دور العالم والإقليم فهو مجرد عامل مساعد لا غير. واعتقد ان مصدر قوة الجنوب هي وحدة ابناء الجنوب قبل اي شيء أخر، ونتيجة لتشتتهم وعدم وحدتهم فالعالم لا يكترث بقضيتهم . تحياتي

كلامك صحيح اخ عميقان .. وانا ارى ان الدكتور تعجل في كتابة هذا المقال بالرغم من قناعتي الشخصية بانه كلام صحيح ولكن قد يسبب هبوط عزيمة البعض ..لذا اتمنى ان ناخذ الجانب الايجابي منه وان نعرف العالم ان الحق لابد ان ينتصر ولا يضيع حق وراءه مطالب ..فقريبا سيعلم العالم ان انه اخطأ في تقديره وسيجبر على الوقوف معنا