مقالات الدكتور ناصر وأغاني شعبان عبدالرحيم : احمد حرمل

[أبوسعد]

مقالات الدكتور ناصر وأغاني شعبان عبدالرحيم :
احمد حرمل
حين يكون الحديث عن القضية الجنوبية مزعجا لأمراء الفيد وناهبي الثروة ولصوص الثورة والعابثين بالأمن وعتاولة الفساد والنافذين وغيرهم من مصاصي دماء الشعب أمرا طبيعيا ومبررا لأنهم يدركون بأن القضية الجنوبية هي الجهة الوحيدة التي تفتح عليهم أبواب جهنم وتضرب مصالحهم التي اكتسبوها من نهب الثروة والبسط على الأرض والاتجار الغير مشروع بها وبالتالي تصاب استثماراتهم الطفيلية التي كسبوها من استباحة الجنوب بمقتل .
وما لا نستطيع فهمه ولا نجد له مبررا هو الموقف العدائي للدكتور ناصر محمد ناصر من القضية الجنوبية مع أنه لم يكن ممن ذكرناهم فلما يصر الدكتور ناصر على أن يكون بيئة طاردة لكل ما هو جنوبي فالمتابع لكتاباته في هذا الاتجاه والتي كان آخرها تهجمه على المهندس حيدر العطاس والدكتور عيدروس النقيب في مقالة المنشور في صحيفة الوسط العدد ( 323 ) الصادر يوم الأربعاء الماضي 25 مارس 2009م حيث أفرد مساحة في نهاية المقال المعنون ( المشاريع التقسيمية وتركة الرجل المريض ) للتهجم على الرجلين مستخدما نفس المفردات التي يستخدمها كعادته في مقالاته السابقة عندما تحدث عن القضية الجنوبية والتي تعبر عن حقده الدفين على الجنوب وكل ما هو جنوبي .
فاللغة التي يستخدمها الدكتور ناصر في كتاباته عن القضية الجنوبية أصبحت معروفة وحتى إذا تم نشرها بدون اسم تشتم منها رائحة الدكتور العدائية فقد أصبحت بالنسبة للجنوبيين معروفة مثلها مثل أغاني الفنان المصري الشعبي شعبان عبدالرحيم جميعها ملحنة بلحن واحد وموال واحد .
قد يعتقد البعض بأننا نريد في ردنا هذا الدفاع عن المهندس حيدر أبو بكر العطاس والدكتور عيدروس النقيب فمعاذ الله أن يكون هذا دافعنا كونهما ليسا بحاجة لذلك فهما هامتان من هامات الوطن شاء من شاء وأبى من أبى ولكننا بصدد تعريف القارئ بضحالة فكر هذا الرجل الذي يفترض أنه ينتمي إلى شريحة الأكاديميين ( صفوة المجتمع ) فلاحظوا معي الألفاظ الهابطة التي تنبعث منها رائحة نتنة لتحكموا حينها على عقلية الرجل وتعذروه على عدم ردة على أفكار الدكتور عيدروس وعدم قدرته على مناقشة الحجة بالحجة فكل إناء بما فيه ينضح فقد جاء في مقاله :
( الأخ العزيز الدكتور عيدروس النقيب إن البعرة تدل على البعير وإصرارك على تحميل الوحدة كل أخطاء وكل جرائم النظام لا يتعارض مع موقف الحزب الذي تترأس كلتلته البرلمانية وإنما يجسد موقفك غير العقلاني من الوحدة إذ لا يعقل أن يختلط الأمر على شخص بمستوى تفكيرك فلا يستطيع التفريق بين الوحدة والسلطة ) .
وأنا هنا أتساءل عن أي وحدة يتحدث الدكتور ناصر عن وحدة 7 يوليو وحدة النهب والسلب ،ثم من قال لك أن ما قاله الدكتور عيدروس يتناقض مع موقف حزبه ( الاشتراكي ) فبرنامج الحزب قد أكد أن حرب 1994م وأدت الوحدة وأعادت إنتاج نظام الجمهورية العربية اليمنية بكل ما فيه من تشوه وتخلف وفي اعتقادي فان الدكتور عيدروس عندما تحدث عن سوء الأحوال التي يعيشها الجنوب فإنه كان أكثر حصافة وأكثر تعقل لأنه تحدث عن تدمير الدولة ونهب الثروة وتحدث عن النهابين و اللصوص وتحدث بلغة السياسي ولم يكن شططا يوما فهو حريص على تجنب الحديث عن الكثير مما يجري في الجنوب ولم يصف الوضع القائم في الجنوب كما نصفه نحن الغالبية العظماء من الجنوبيين ( بالاحتلال ) مع أن قناعته الشخصية بأنه كذلك ولهذا فهو يتحدث بلغة السياسي .
أما قولك بأنه لم يستطع التفريق بين الوحدة والسلطة فهذا القول حجة عليك فلماذا استخدمت مفردة السلطة ولم تستخدم مفردة الدولة ؟ لأنك تعرف أكثر من غيرك بأنها لا توجد دولة وبالتالي الحديث عن السلطة شيء والحديث عن الدولة شيء آخر .

[أبوسعد]

المشاريع التقسيمية وتركة الرجل المريض

* د. ناصر محمد ناصر

لم تبدأ المشاريع التقسيمية من بعدها الثقافي ولا من بعدها الاجتماعي، فالمجتمع اليمني من أكثر شعوب الأرض تجانساً، وإنما بدأت من بعدها السياسي، ومن مركز النظام نفسه، الذي عمل منذ أكثر من ثلاثة عقود على إجهاض النظام الجمهوري وتحويله إلى ملكية تحت غطاء جمهوري، فأقصى وهمش -بتلك السياسة- كل أبناء اليمن، ليس من المواقع المفصلية في القوات المسلحة والأمن، وإنما من الوظيفة العامة والمشاركة بشكل عام، حيث باتت الوظيفة العامة حكراً على ثلة من محيطه بالقصر، تخدم مشروع التوريث وتعمل في إطاره. ثم ما لبثت حمى التوريث أن تفشت وانتشرت، ففي صعدة رأى بيت الحوثي أن من يسعى إلى وراثة تركة لا يمتلكها لا يحظى بأي مشروعية دينية أو تاريخية، فأخذوا يفتشون في التراث الديني فخرجوا بمقولة البطنين، بعد ألف وأربعمائة سنة قضوها في سبات، وأخذوا يروجون هذه المقولة التي باتوا يرون فيها وسيلة نافعة لامتطاء ظهور اليمنيين وإعادة الملكية من باب المذهبية، مستغلين جملة معطيات داخلية وخارجية، منها تفشي الأمية في الوسط الاجتماعي اليمني، وفشل النظام في إحداث تقدم في عملية التنمية، ووجود بيئة إقليمية مناسبة، لقد مكنتهم هذه العوامل من تحويل الأميين من أبناء القبائل إلى حراب لمواجهة النظام وأدوات وتروس في مشروعهم المذهبي، ولا يخجلون في نفس الوقت من مجافاة العصر ومن إعلان نزعتهم الاصطفائية ونظرتهم الاستعلائية على كافة اليمنيين باعتبارهم سلالة عرقية ذات منزع عنصري تدعي التميز على كافة البشر. وما إن حققت الحوثية أولى انتصاراتها على النظام وأجبرته على التفاوض معها حتى حرك ذلك شهية قبائل الضالع الذين أخذوا يتذكرون ملكهم الذي ضاع، فقد كانت المحافظات الجنوبية حظيرتهم التي طالما ذبحوا وسلخوا فيها دون حساب أو عقاب، وفجأة أصبحت هذه الحظيرة ضمن أملاك مشروع أسروي وراثي يديره الغير، فأخذوا يعدون العدة لاسترداد الملك الذي ضاع.
والحل من وجهة نظري يكمن في تسليم جميع الفرقاء بأن السلطة ليست ملك هذه الحثالات وهذه المخلفات المتصارعة، وإنما هي ملك الشعب اليمني، يسلمها لمن يريد وينتزعها ممن يريد عبر صندوق الاقتراع، في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، السلطة ليست سلعة يمكن سرقتها وتوريثها كما يفعل النظام، وليست تركة أوصى بها الجد لأحفاد الأحفاد كما تفعل الحوثية، التي استيقظت بعد سبات تجاوز ألفاً وأربعمائة عام، وليست حظيرة ضائعة يجب استردادها كما يفعل رموز القروية والمناطقية، أي أن الحل للخروج من هذه الأزمة وهذا المأزق يكمن في مشروع وطني يسع الجميع، مشروع يراهن على المستقبل وعلي قيم العصر لا على العودة إلى ماضِ مذهبي أو مناطقي، فالعودة سواءً كانت مذهبية أو مناطقية، يمينية أو يسارية هي في نهاية المطاف أصولية، والأصولية هي -عبر التاريخ- مكون أعمى لم يجلب للشعوب التي تبنته سوى الدمار والخراب، علينا اليوم أن نبحث عن حلول، وأن نبحث عن هذه الحلول في واقعنا المعاش وفي واقع العصر ومتطلبات المستقبل الإنساني لأجيالنا القادمة، لا في مخلفات نوازعنا الأنانية والمذهبية والمناطقية.
* كلمة أخيرة: ..
الأخ العزيز الدكتور عيدروس النقيب، إن البعرة تدل على البعير، وإصرارك على تحميل الوحدة كل أخطاء، وكل جرائم النظام لا يتعارض مع موقف الحزب الذي تترأس كتلته البرلمانية، وإنما يجسد حقيقة موقفك غير الموضوعي وغير العقلاني من الوحدة، إذ لا يعقل أن يختلط الأمر على شخص بمستوى تعليمك، فلا يستطيع التفريق بين الوحدة والسلطة، إن هناك مئات وآلاف العاطلين والمتبطلين الذين يمكنهم الدفاع عن المواقف المناطقية للعطاس، وأنت كرئيس كتلة الاشتراكي في البرلمان كنا نتوقع منك أن تملأ وأن تستغل موقعك كي تكون مركز استقطاب في إطار مشروع وطني، لا مجرد تابع للعطاس ومدافع عنه، لقد أخفقت مرتين.. الأولى حين عجزت عن ملء وتوظيف المكان والموقع الذي تشغله، والثانية حين قررت أن تضع نفسك في موضع التابع لمن هو تابع أصلاً ولا يمتلك حتى نفسه.