لارواتـــــــب ولا اكـــرامـــيـــة ....

[معين الجنوب]

يتداول عوام الشوام في تعاملاتهم اليومية، سيل من الكلمات الشعبية الدارجة التي يحفل بها معجمهم اللغوي، مثلهم مثل بقية الشعوب والمجتمعات المنتشرة في أرجاء المعمورة، فتميز حياتهم وتطرزها بسمات خاصة تتماشى مع بيئتهم المحلية وتجسد ملامح الطبيعة التي يعيشون في كنفها وتشدو بفصول السنة الربيعية الأربعة.

بعض هذه الكلمات قد تثير لدى أبناء الخليج وشبة الجزيرة العربية واليمن شيئاً من الامتعاض والتشكيك في مقصدها، مثل كلمة( زنمة) التي تعني الأخ أو يا (زقر) على قولنا نحن الحضارم، أو يا (خبير) التي يرددها أخواننا في المناطق الشمالية
وكلمة( شكو ما كو) العراقية الجذور، التي تطرح سؤالاً بأسلوب ودي لطيف عن: كيف الحال وايش الأخبار والجديد، وكلمة( ممنون) والقصد منها: مشكور، وأنت (تدلل) أي تأمر وتتشرط على العين والرأس.

و(كُلْ هواء) و ترمز إلى نوع من التطنيش واللامبالاة وعدم الاكتراث بالطرف المقابل ومطالبه،والكلمة الأخيرة هي التي ينطبق معها موقف الحكومة في بلادنا من موظفي القطاع العام، الذين خابت آمالهم في صرف الإكرامية الموعودة، أو تقديم موعد تسليم رواتبهم، حتى يكون بمقدورهم الإيفاء ولو بقدر يسير من متطلبات عيد الفطر المبارك وتأمين المأكل وشراء ما أمكن من ملابس جديدة لفلذات أكبادهم.
لدرجة أن السؤال عن المنحة أو الهبة التي تتمنن بها الحكومة على مواطنيها!، باتت الشغل الشاغل لدى الموظفين، الذين ظلت حواسهم شاخصة تراقب الأخبار التي تبثها شاشة التلفاز والإذاعة، بينما أعينهم تمشط أسطر الصحف الرسمية، بحثاً عن نبأ أو بشرى صرف الراتب أو الإكرامية، الحلم الذي تبخر مع مرور الأيام، وبات مجرد ذكرى لماضي من العسير أن يتكرر، لأن الحكومة المثقلة بأعباء تقصم الظهر، والتي لا يعبئ أقطابها بما يعانيه المواطن من كبد وكد وشقاء، ولا يهمها تهيئة الظروف لمنح الموظف مستحقاته الزهيدة، التي يصرفها معاليهم في مقايل الشيشة والقات، أو على الأقل إسعافه بالإكرامية التي تعني الحافز المادي أو اللفظة المودرن للرشوة، كمن يزجرنا بكلمة كُلوا هواء، واللي مش عاجبه، يضرب رأسه في الجدار، أو يفرش عمامته عند أقرب مسجد أو في جسور الخور المعلقة، وينضم لموكب الشحاتين والمتسولين ويردد بعلو الصوت لله يا محسنين، أوعليه العمل جدياً بنصيحة (على كل مواطن أن يحسن دخله)، ويا جماعة تصرفوا، أو ظلوا ترقبوا موعد صرف الإكرامية في الوقت بدل الضائع وآخر اللحظات، ولو كان شيء شمس كانت من أمس!. وعيد سعيد