صنع في اليمن ... كاحدى ادوات البهرجة

[مدفع الجنوب]

صنع في اليمن ... كاحدى ادوات البهرجة
بقلم / عوض كشميم - المكلا برس التاريخ: 22/12/2008
إن الاستثمار لا يتحقق ولا ينمو إلا في بيئة مناسبة تتوفر فيها مقومات أساسية أبرزها المنظومة القانونية والقضائية، ووضوح وسهولة العلاقة في المعاملات المختلفة، وتوفير البنى التحتية للخدمات الأساسية التي تحتاجها الاستثمارات.
لا يمكن الحديث عن استثمارات جادة في ظل بيئة طاردة .
ويبدو أن مؤتمر(صنع في اليمن) الذي احتضنته مدينة المكلا مطلع هذا الاسبوع، أحد مهرجانات البهرجة الدعائية التي شهدتها حضرموت في السنوات الماضية .
منذ سنوات عديدة ونحن نسمع ونقرأ عن عدد من المشاريع الاستراتيجية في حضرموت من بينها : مصفاة حضرموت، الميناء الاستراتيجي، المنطقة الصناعية والتجارية بالوديعة - العبر، مشاريع سكنية لذوي الدخل المحدود .
وقد حضرت حديثاً شجاعاً للمحافظ السابق "هلال" في افتتاح مدرسة بن محفوظ الأهلية بمدينة الهجرين بحضور رئيس الحكومة السابق وعدد من الوزراء وقيادات عسكرية ومدنية بالمحافظة، قال فيه: \"إن المشاريع سالفة الذكر لم تر النور بسبب العقول المذحلة!\". تحدث بمرارة شديدة .
الأسبوع الماضي حدثني رجل أعمال من حضارم 48 في عدن، عن جنوح كثير من رجال الأعمال إلى البلدان الموبوءة بالفساد، وقال إن سر هرولتهم هو سهولة الثراء غير المشروع عبر الصفقات مع المسؤولين المحليين من خلال تطوير ثقة العلاقة معهم والصرف على أسرهم وأولادهم من أجل كسب ثقتهم تعتمد في الأساس على فن إدارة المصالح المتبادلة .
المنطقة الصناعية في حضرموت \"الصلب\" لا يوجد بها مشروع سوى لوحة دعائية مكتوب عليها(صنع في اليمن)ولاندري الى هذه اللحظة ماذا صنع في اليمن السعيد فالذي نعيشه ونسمعه من صناعة مزدهرة وناجحة هي (صناعة الاختطافات وصناعة البنية التحتية في نهب ثروات البلاد مع قاعدة صناعية لتوسيع قدرات وامكانيات شبكة مافيا الفساد من خلال تفصيل القوانين وفقا لمتطلبات السوق) واهم صناعة يمكن هي (صناعة العرف القبلي البائد) ولاندري ما الذي يمكن تفجره قريحة اولاد السوق الذين لايخجلون في الاستهتار بعقول الناس وحقيقة انهم يدركون جيدا ان لاشي يصنع اصلا بمعنى الصناعات التي يجعلنا نتباهى بها امام اي مصنع في العالم فمثلا منطقة الصلب الصناعية بساحل حضرموت لايوجد فيها اي مصنع باستثناء الهناجر واحواش للاستيلاء على مساحات شاسعة من الاراضي .
شهدت مدينة \"المكلا\" أكثر من 3 مؤتمرات استثمارية، ولا ينقصها زيارة أفواج من الوفود التجارية من المنطقة الإقليمية، وحتى يومنا هذا لم نشاهد بأم أعيننا المشاريع التي يتحدثون عنها على أقل تقدير استيعاب العمالة الفائضة وتوفير فرص عمل للشباب.
من المخجل الحديث صباح مساء عن مثل هذه المؤتمرات على هذا النحو من الإفراط في حين وقائع معطيات هذا الادعاء تؤكد حقيقة المشهد العاجز والقبيح عن صعوبة تسوية أرضية جاذبة للاستثمار والصناعة أرض جرداء لا تتوفر عليها أبسط مقومات البنية الخدمية من موانئ بحرية وخطوط جوية مفتوحة وأمن والخ ..
تمنيت لو سخرت الإمكانيات المالية التي صرفت على هذا المؤتمر للتحضير لندوة علمية تناقش أوراقاً لسلسلة دراسات وأبحاث اقتصادية لخبراء مختصين يقدمون توصيات وقرارات وأحكاماً علمية ورؤى مستقبلية عن طبيعة المناخ الاستثماري والصناعي في اليمن ومتطلبات النشاط الاقتصادي، واحتياجات السوق المحلية والإقليمية والعالمية، ليكون للعقل دور متميز في رسم معالم المستقبل، وكشف المعوقات التي تحول دون تطوير ونجاح المشاريع الاستثمارية، ومواجهة حلقات إضعافه في جانبيها السياسي والجغرافي والاقتصادي .
أي استثمار يمكن الحديث عنه والنفس الأمني والسياسي يحدد أسماء الصحفيين الموثوق بهم في دخول قاعة المؤتمر ببطاقات لا تصرف إلا عبرهم .. امتهان كرامة قانون المؤسسات، وحشرجة المزاج البوليسي دليل لا يقبل التشكيك به، طالما التكوين الفكري في نفسية الذهنية الأمنية لم يتحرر من هذه الترسبات المتأصلة في أعماق طابور طويل من الجنرالات المنتشرين في عرض وطول البلاد المرهقة بالدعوات والزيارات المكوكية لمؤتمرات تنتهي توصياتها بانتهاء الفترة الزمنية للجلسة الاخيرة وتتبخر دون جدوى لكي تتسع شهية المنضمين واتباعهم للاعداد لفعالية اخرى جديدة لمزيد من الكسب .