[ خليجـي ( 20 ) بيـن مطرقــة حُمّـى الضنـّك وسنـدان القاعــدة ]

[القلــم الحُــر]

[ خليجي عشرين بين مطرقــة حُمّى الضنـك وسنـدان القاعـدة ]

[ في بـلادي ]

[ كل شيء يُذبح حلالاً ]

[ عـدا اللحـوم ]

فعندما يولد طفل في وطني [ الجنـوب ]..

نستخرج لهُ شهادة ولادة مُعمّدة [ بالوحدة ]..!

وشهادة خوف من كل شيء..!

وهناك فرعٌ آخر تم إفتتاحه قريباً تحت مسمى [ أطفال الوحدة اليمنية ] :

[ شهـآدة الوفـآة لمن يرغب ]..!

/:/
/:/
/:/

حدثني قبل أيام قلائل زميلي في العمل عن إنتشار ما يعرف بحُمّى الضنك..وبخاصـــة في مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية الأخرى وأن كانت بدرجة أقل...وكنت حينها غير مكترث كثيرا بما قال لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال عدم وجود إحصاءات دقيقة تكشف هذه الحقائق..ومنها أيضا عدم تناول وسائل الإعلام اليمنية بشتى أنواعها إلى هذا المرض الخطير..

في الحقيقة أنني كنت غير مقتنع بما قال ..وقد يكون عدم إقتناعي هذا نظير معرفتي بموقفه الشخصي الكاره للوحدة بعدئذ كان في يوماً أحد المنظرين الفعليين لها...وقد أخبرته بأنني قمت بزيارة مجمل المواقع اليمنية الرسمية للتأكد من صحة الخبر...ومع هذا لم أجد أي بيان رسمي يحذر مواطني المدن والمناطق الجنوبية المُصابة بهذا الوباء القاتل لإتخاذ الحيطة والحذر والإنتباه وإتباع وسائل الوقاية اللازمة وكذا سرعة الإبلاغ عن أي حالة مرضية جديدة لتدارك علاجها قبل الوصول إلى الحالة الميؤوس منها...وقبل أن يُصاب الآخرين بالعدوى..علماً وأنه في بدايات الإصابة بالمرض تتوفر فرص النجاة من الموت المحتم بشكل كبير عبر إستخدام العلاجات الطبية وتقديم بعض النصائح النافعة..أما في حال تأخرت الحالة ووصلت لمرحلة متقدمة مع سرعة الفتك القاتلة فأن الموت الحتمي هو الطريق المؤكد…!

لم يمضي على حديثنا هذا سوى بضعة أيام حتى جائني هذا الزميل وعلامات الُحـزن تعصر قلبُه وملامح القهر تسكن المُقل ، وتوارت إبتسامته المعهوده عن محياه الهادئ ، فشعرت بأن هناك أمرٌ جلل..والحقيقة أنا لم أكن أُدرك بأن الحكومة اليمنية تتبّع سياسة مدروسة على أعلى مستوى لممارسة [ التعتيم الإعلامي ] ومنع إنتشار الخبر كي لا يصل لمسامع الإخوة الخليجين فيعلنوا تغيير وجهة كأس لدولة أخرى.

حينما شاهدته بهذه الحالــة السيئة والنفسية المُتعبـة ، سألته مابك..فقال لدى أخي بنت صغيرة تشبه القمر..كنّا نراها قّرة أعين والديها..فالضحكة لا تفارق وجهها وشيطنة الطفولة البريئة تسبق خطواتها وحدّة ذكائها الملفت جعل كل الناس تخطب ودها ونُسارع جميعا لمشاغبتها حباً بها...واليوم وردني إتصال بأنها مصابة بغيبوبة شديدة نظراً لتمكّــن وباء حُمى الضنك منها وأن إحتمال نجاتها باتت ضئيلة للغاية..

كان يحدثني والدموع تكاد تتكسر على حواف العيــون..فله الرغبة في بكاء شديد يسمعه كل من حوله...بينما تنازعه صرخة الرجولة وكبرياء الأنفـة بأنه في أحيان كثيرة يجب أن لا يبكي الرجال وأن لا تسقط دموعهم حتى في مصابهم الجلل...وقد حاولت أن أبدو صلباً رغم تأثري بمدامعه المحتسبة وأن أمازحه حينا حتى أستطيع إخراجه من شكوكه وخوفه من المصير الذي يبدو بأنه بات شبه مقتنع بعدم الشفاء..وكان هذا حينما قال بأن الحالة متقدمة كثيرا فالدماء أضحت مُنسكبـه من الأنف ومن الفم ولم يعد جسمها يقبل شيئا من الأكل ولم يعد هناك أمل في النجاة بعد أن توقفت المقاومة الجسمانية لديها وتعطلّت صفائح الدم بشكل نهائي.

يومان فقط حتى وصلني خبر وفاة هذه الطفلة رحمة الله عليها...شعرت بغصة لا تُمحى وألم عما وصل إليه الحال في وطني الجنوب..فحتى فلّدات أكبادنا وزهور المستقبل بدأت تأفل..وبات كل شيئ كابوساً يؤرق مع وجود حالة إهمال شديد وتهميش لكل مناحي الحياة ، في سبيل إصرار حكومة لا تكترث بشعبها على إقامة دورة كروية ربما ستكون بداية الشرر لتصدير حُمّى الضنك ونشرها في الخليج دولة دولة.

مساء أمس الموافق 28/ 8 /2010م وردني إتصال من عائلتي التي تسكن في مدينة عدن...والحقيقة أن المرء بات يتحاشى قدر الإمكان أن يستقبل أي مكالمة يكون الرقم المُتصل يمنياً..إذ أن أي إتصال لن يكون لشيئ يُسعد مطلقاً..فالفاقة بلغت أقصاها والفقر منتهاه والمرض في أقوى مراحل فتكه..وبمجرد أن يَرِدك إتصال من هاتف يمني حتى تجد نفسيا رافعاً يداك إلى السماء داعياً [ اللهم إجعلـه خيراً ]..وسيكون الأمر في غاية السرور أن كانت المكالمة هذه لا تحوي سوى طلب مبلغاً من المال لسد فاقـة أو إطعام يتيم أو تقديم مساعدة لعزيز قوماً ذل..!

دون سابق إنذار أبلغوني والصوت يملؤه الهلع والخوف..وصرخات الخشية تتقاطر على أذني كالصخر..بأن ولدي إبراهيم مصاب بُحمى الضنك... وأنهم حالياً ينتظرون التشخيص النهائي لحالته وما هية العلاج...وربما لن أحتاج لشرح تفاصيل ما يمكن أن يحدثه خبر كهذا في حال وروده لأي أب بعدما سمعته من زميلي في العمل عن هذا الوباء القاتل...وقد سعيت لأن أبدو متماسك أمامهم لمنع إنتشار الذُعر وتقديم بعض النصائح لمنع إنتشاره بين البقية كالعزل المؤقت..!

كان وقع الخبر مُذهل فعلاً..وربما أن الجميع يعي تماماً ما معنى أن ترى عزيزاً عليك أو فلـذّة كبدك يحتضر دون أن تستطيع القيام بعمل لإنقاذه..وبالتأكيد أن شعور كهذا قاتل ومُهلك يشعرك بمدى العجز الذي لم تتمنى أن تصله ذات يوم...فآخر ما يمكن للمرء إحتماله أن يغدو عاجزا عن حماية أبائه وأهلـه مابالك بأن يستعيد وطن بكامله...

على كُلٍ...تجاوزنا هذا المُصاب بعد أخذ العلاجات اللازمة..وتم بحمد الله تعالى تجاوز المحنة..وخاصة أن المرض كان لا يزال في بدايته..لكن هل هذا سيكون آخر المطاف..فالوباء لا يزال مُنتشر في الجنوب تحديدا...والأطفال الجنوبيين لا يزالون مُعرضون لأن يفتك بأي منهم..في ظل حكومة تسعى بشتى الطرق للتعتيم على وجود هذا المرض حتى تضمن إستضافة خليجي عشرين و أن كان على حساب فلذات أكبادنا..وفق فاتورة يدفعها جيل الوحدة الجنوبيين دون ذنب يُذكر..!

الشيئ الذي لا يعيه الإخوة في دول الخليج..بأنهم يتعاملون مع حكومة فاسـدة..وأن حجم الفساد الذي بلغته هذه الحكومة يتجاوز كل الشرائع الإنسانية والمبادئ والقيم..فحتى تثبت للعالم بأن الأمن على ما يرام وأن الجنوب تحت السيطرة..فلن تتوانى من نفي أي تصريح رسمي يعلن عن عدد الحالات اليومية التي تستقبلها المستشفيات في عدن...ولن تتوانى في إيهام الوفود الخليجية بأن الوضع [ تمام التمام ] حتى يجدون أنفسهم محاطون بين خطرين أي منهما أشد فتكاً وأبلغ تأثيراً مالم يقومون بإجراء دراسات ميدانية من أبنائهم المتخصصين قبل أن يدفعوا ثمناً باهضاً من فلذات أكبادهم كما ندفع نحن في الجنوب..فيقعون في فخ التلميع اليمني الزائف ليجدوا أنفسهم وأبنائهم بين [ مطرقــة القاعــدة وسنديآن حُمى الضّنك ]..!

ربما إن شدّة الغباء الذي يُغلّف الحكومة اليمنية قد دفع بها إلى أن تضع نفسها في موقف مُحرج..ففي الوقت الذي فيه تُعلن عن وجود [ تنظيم القاعدة في اليمن ] ومنها محافظة أبين أحد المدن الُمرشحة لإستضافة مباريات خلجي 20 ، وإعلانها الدائم بمحاربة هذا التنظيم في شتى الطرق بالتعاون مع أمريكا..نراها من الجهة الأخرى تسعى لإقناع الخليجيين بأن أبين التي شهدت قبل يومان فقط مقتل 12 جندياً ممن تقول الحكومة اليمنية بأنهم سيحمون الوفود والمنتخبات الخليجية المُشاركة..ولا أدري كيف تنطلي هذه الإمور على رؤساء إتحادات الدول الخليجية وكيف وافقوا على هذه المغامرة دون إجراء دراسة ميدانية تتناول الشق الأمني وحقيقة إنتشار حُمى الضنك في عدن مينة التي ستحتضن هذه الدورة رغم كل الصعوبات والإنفلات الأمني الحاصل..؟

هم معذورين في إتخاذ قرار الموافقة هذا..فلعلّهم لا يدركون حجم الفساد الإداري الذي ينخر أجهزة الحكومة اليمنية بدءاً بأصغر مسئول وإنتهاءاً بأكبرهم..سواء في المرافق أو الدوائر أو حتى في الوزارات والسلطات التشريعية والتنفيذية الأخرى..وربما لا يعلمون أيضا بأن الحكومة اليمنية هدفها الأساسي من الترويج لتنظيم القاعدة في اليمن تتمثل بالحصول على حليب المملكة ودولار أمريكا..بينما في تمسكها بإقامة كأس الخلييج بأي ثمن كان يعود لسعيها للحصول على المساعدات التي قُدمت لها تحت ذريعة إقامة كأس الخيليج في اليمن وإن كانت بدون لون ودون مذاق ولا حتى رائحــه..!

إتفقنا على أن الحكومة اليمنية فاسدة أخلاقيا وسياسيا وفاقدة لكل المبادئ والقيم...وقد نجحت في حربها مع الحوصيين إلى إستدراج السعودية لخوض هذه المعمعة..والشيئ الذي يجب أن نلفت عناية الإخوة الخليجيين في هذه المناسبة إلى أنه من الممكن أن تقوم هذه الحكومة بتدبير أي تفجيرات تكون أحد الفرق الخليجية هدفاً لها..فطالما وأن هدفها الأوحد إستجلاب المساعدات الخارجية تحت إسم محاربة القاعدة فأن هذه المساعدات ستتدفق أكثر وبقناعة تامـة ورضى كبير في حال مس أبناء الخليج أي مكروه يهدف في أساسه لتشوية صورة الجنوبييين وإلصاق التهمة بالقاعدة وربما الحراك الجنوبي السلمي..وبهذا تكون هذه الدورة التي تصر الحكومة اليمنية على إقامتها في عدن المصابة بُحمى الضنك والإنفلات الأمني بمقابة الفرصـة التي كالما إنتظرتها الحكومة اليمنية لجـر بقية دول الخليج لساحة محاربة القاعدة تحت مسميات وأباطيل زائفــة..!
:
:
:

نشر في صحيفة وإذاعة [ عدن إف إم ] Aden FM اليوم - 10:24 مساءً
خاص بـ عدن اف ام

http://aden.fm/mws/?articles=topic&topic=285