كفى تطبيلا للهوية اليمنية ( احمد سالم ابو سلطان )

[ارادة الشعب قانون]

كفى تطبيلا للهوية اليمنية

من الملاحظ فى الاونة الاخيرة ان هناك هجوما شرسا على تاج بشكل مباشر وعلى السيد على سالم البيض بشكل غير مباشر ، وكل هؤلاء المهاجمين يجمعهم شئ واحد وهو التمسك باسم جنوب اليمن او اليمن الجنوبى ، ويسوقون انفسهم باسم الدفاع عن بعض الشخصيات الجنوبية ويحاولون الصعود على اكتافها والايهام بانهم من انصارهم وتيارهم ويحتكرونهم لهم ثم يدعون الاخرين الى الانضمام اليهم ..
ونحن نعتقد ان البيض وعلى ناصر والعطاس وتاج اكثر تفهما لبعضهم من الذين يحاولون اصطناع فرقه ويدخولون " بين الحمار وشده " ..

ما يهمنا هنا هو الهوية الجنوبية .

الثابت الوحيد فى اى نضال هو الشعب والاردة الشعبية . واليوم يناضل الشعب الجنوبى من اجل التحرر من الاحتلال اليمنى والعودة الى دولة مستقلة ، وفرق بين ان نقول استعادة الدولة بمعنى ج ى د ش واستعادة الدولة بمعنى العودة الى دولة مستقلة .. وفى نضاله - اى الشعب الجنوبى - يكتسب الشرعية من كونه شعبا اصيلا فى ارضه مثله مثل الشعوب الاخرى وهو شعب مستقل ليس جزء من اليمن ولا تابع له ..

وعليه يشكل التاكيد على الهوية المستقة ورقة سياسية ونضالية هامة التنازل عنها لايدل على حكمة سياسية . انه التنازل عن ورقة قوة .

كما انه لايوجد تناقض بين التمسك بالهوية الجنوبية و المدخل القانونى للقضية الجنوبية الذى يتمثل فى حقيقة الانقلاب على الوحدة واسقاط اتفاقياتها . فالتمسك بالهوية الجنوبية العربية لا يسقط القول ان الوحدة انتهت واسقطت فى 1994 وعليه يحق للشعب الجنوبى النضال من اجل التحرر والاستقلال ..
اما حجة ان الاسم شكلى ويجب الا نتنازع عليه فهذه حجة واهية من ناحية ومغالطة من ناحية اخرى ، اما انها حجة واهية ذلك لان مضمونها يعنى ان لاضير من التمسك بالهوية اليمنية وهى الهوية التى ما نزال الى الان نعانى منها فى عدم تفهم الشعوب العربية لمطالبة الجنوبيين بالاستقلال ويعتبرونه حركة انفصالية تطالب بها قوى جنوبية لتمزيق الوطن اليمنى الواحد عبر التاريخ وتستغل فى ذلك مشاعر الغضب من النظام الفاسد واخطاء التهميش ومعاملة الجنوبيين كمواطنين من درجة ثانية ، هذا على احسن تقدير من الفهم .

اما انها مغالطة فلانها تعتمد على حق يراد به باطل ، الحق هو انه صحيح ان الاسم شكلى فيمكن ان نختار اسم الجنوب العربى او اسم حضرموت او اسم جمهورية عدن او الولايات العربية المتحدة مثل الامارت العربية المتحدة ، ان الاسم الذى يميز الهوية السياسية الجنوبية عن غيرها هو شكلى ، لكن الصفة المميزة للاسم التى تعكس ان هناك شعب مستقل ليست شكلية بل جوهرية ...
وما دام ان هناك اسم موجود وهو اسم " الجنوب العربى " وموجود فى وثائق رسمية جنوبية من عملة وطوابع وغيرها ، فلماذا البحث عن غيره ؟ وهنا نقول ان الاسم شكلى يجب الا يخلق مشكلة وعلينا ان نتحد عليه ..

اما القول بان نختار اسم يميز الجنوب مثل اسم الجنوب العربى او الجنوب اليمنى هو شكلى هو مغالطة الى حد السذاجة المتناهية .

ومن هذه المغالطة الى حد السذاجة ما ضُرب من مَثَل بالقطعة (س) والقطعة (ص) ، كيف لك ان تطالب ب (س) وانت لديك وثيقة فى (ص) ؟ ولم يدر ان (س) ليست (س) بل هى (ص) تم تزوير اسمها ولاتوجد هناك قطعتان بل قطعة واحدة ، ولذلك يجب نثبت ان هذه (ص) ولنا الحق المطلق فيها .. وما دمنا مصرين على انها (س) فلن ننتزعها ممن وضع يده عليها بهذا الاسم ..

ان النظام يسعى حثيثا الى الغاء الهوية الجنوبية التى تميز الانسان الجنوبى عن اليمنى بكافة السبل والوسائل من تزوير التاريخ وغيره ومنها تمزيق النسيج الاجتماعى وبالتالى ضرب الانتماء للجنوب ومنها محاولة تغيير التركيبة الديمغرافية وتحويل الجنوبيين الى اقلية فى ارضهم او على اقل تقدير وضع كتلة بشرية يمنية تعرقل اى تحرك للشعب الجنوبى وتخلق ميزان قوى سكانى جديد يضعف ارادة الشعب الجنوبى ، والذى بطأ من تسريع هذا الهدف وانجازة هو صعوبة مناخ الجنوب خصوصا فى حضرموت .
هذا من جانب ومن جانب اخر ان الدعوة للتمسك بالهوية الجنوبية ليس فرض لهوية بل تاكيد لها والدعوة للشعب الجنوبى بالتمسك بها والمنافحة عنها .

ان التمسك بالهوية اليمنية والاصرار عليه هو فرض لهوية على الشعب الجنوبى بدعاوى مختلفة واهم هذه الدعاوى ان الهوية اليمنية تشكل المدخل القانونى للقضية الجنوبية ، وكما راينا لا يوجد هناك تناقض بين التمسك بالهوية والمدخل القانونى فنحن لانطالب اليوم بالاستقلال لانه كانت لنا دولة اسمها ج ى د ش بل نطالب بالاستقلال لاننا شعب مستقل حر تحولت الوحدة التى دخل فيها الى احتلال .
وهنا علينا ان نؤكد ان ج ى د ش اسم شكلى من الناحية القانونية ولايلغى تغييره والتمسك باسم الجنوب العربى سقوط الحق القانونى ...

نقول شكلى من الناحية القانونية ولكنه جوهرى من الناحية السياسية ، فتغييره والتمسك بلاسم الصحيح الذى يعكس الهوية الجنوبية لايسقط الحق القانونى والاحتجاج بان اسقاط اتفاقيات الوحدة والحرب هو اسقاط للوحدة . وبذلك يجتمع لدينا فى التمسك بالهوية الجنوبية والاسم الذى يجسدها نقول يجتمع لدينا الحق القانونى الى جانب التاكيد على الهوية السياسية المستقلة التى تقلل من سوء فهم الراى العام العربى والعالمى للقضية الجنوبية .. وكما قال باتريك كريجر لا يوجد قضية اسى فهمها مثل القضية الجنوبية ، وهو محق فى قوله والسبب هو اطلاق اسم يمن وهو اسم سياسى لدولة طامعة على الجنوب العربى ..

كما ان هناك امرا مهما ، نعتقد ان بعض الشخصيات من لحج وغيرها اى من المناطق التى تقع جنوب اليمن يمثل الاسم بالنسبه لها من الناحية النفسية امر شكلى دون ادراك ان هذا الاسم بالنسبة الى حضرموت والمهرة امر حساس ولا يشعر اى مواطن فى هذه المناطق ان له علاقة بهذا الاسم .. ومن هنا تولد اعتقاد ان جنوب يمن كان عبارة عن فرض من لحج وغيرها على حضرموت والمهرة والحاقهما بلحج وما جاورها ..

اعتقد ان ماسوغ فرض هذا الاسم هى الحقيقة اعلاه الى جانب الاشتركية والقومية وميزان القوى انذاك .. وعليه فلا يمثل التمسك بهذا الاسم الى الان الى استمرار فى الفرض والاكراه ولا ينم عن اى احترام لمشاعر مواطنى المحافظات الشرقية من الجنوب العربى ..

اما القول كيف قبل الشعب الجنوبى بهذا الاسم وهل يعقل ان يفرض على الشعب الجنوبى اسما لايريده رغما عنه ؟ فالجواب نعم ولا مكان للاستغراب ، فقد فرضت الاشتراكية رغما عن انف الشعب الجنوبى . وحقيقة اخرى ان الاسم فرض فى غياب وعى شعبى وفى ظل دعاية هائلة من مصر الناصرية وفى مناخ المد القومى ولذلك لا نستغرب فرض هذا الاسم ، و من يريد ان يستغرب عليه يستغرب من فرض الاشتراكية التى لا يمكن ان يقبل بها شعب مسلم .. ان الهوية فرضت تحت مسوغات عدة اما الاشتراكية فرضت بدون اية مسوغات فلماذا العجب اذا ؟ اذا ملكت الحديد والنار واصبحت معادلة القوة فى صالحك تستطيع ان تفرض ما تشاء ولن يكون للشعب كلمة ..

اما القول هل القادة الجنوبيين اغبياء ليقبلوا بالهوية اليمنية ، والجواب : نعم هم اغبياء من ناحية مثل بعض الاغبياء الان الذين يرفضون الهوية الجنوبية ، ومن ناحية اخرى وجود مسوغات كثيرة منها الفكر القومى والاممى وميزان القوى انذاك واهداف تحرير الجزيرة العربية التى لن تكون الا " بيمن اشتراكى " فى ظل غياب شعبى عن القرار .. وقد ناقشنا هذا الامر فى مقال : محاكمة الجبهة القومية .

كل ممارسات النظام منذ 1994 الى الان تدل بما لايدع مجالا للشكل ان الصراع صراع هوية بامتياز وعلينا هنا ان نكشف الميدان الحقيقى للصراع وان نجعله هو الحلبة الرئيسية للمواجهة ، لان النظام يعتمد سياسة تغيير الميدان فهو يريد القضاء على الهوية الجنوبية عبر القضاء على الشعب الجنوبى بدعاوى عدة منها ان الصراع هو حركة انفصالية عن اليمن الام متحالفة مع القاعدة وعصابات تخريبية تستغل اجواء السخط الذى ولدته الحالة الاقتصادية التى تعم اليمن باكمله ..

ان الاستمرار فى التمسك بالهوية اليمنية يعطى شرعية لا متناهية للنظام فى الاستمرار فى الحفاظ على وحدة " اليمن الطبيعى " والشعب اليمنى الواحد مثله مثل اى دولة تدافع عن وحدتها ، فمهمها كانت اخطاء النظام السياسى فى اى بلد لايمكن القبول بتقسيمه واى حركة تهدف الى التقسيم ستكون اكثر خطا وجرما من النظام نفسه ولن تكون اخطاء النظام عندها الا مجرد اخطاء فى معالجة خطر التقسيم الجرم العظيم ....

ان التمسك بالهوية الجنوبية العربية هو على قدر كبير من الاهمية السياسية وعلى قدر كبير ايضا من الاهمية القانوية ولا يلغى حجة اسقاط اتفاقيات الوحدة . ولنتخيل انه لم تقم دولة فى الجنوب ، هل يسقط هذا حق الجنوب فى التحرر من اى تبعية او احتلال واقامة دولة مستقلة تحفظ مصالحة وحقوقه ؟ متى ما اثبتنا اننا شعب مستقل فقد حق لنا مثل جميع الشعوب الاخرى ان تكون لنا دولة مستقلة ولن تكون الدولة السابقة والوحدة واسقاطها الا دليلا معضدا لوجود شعب مستقل . حقنا فى دولة مستقلة لاينبع من وجود دولة سابقة بل ينبع من وجود شعب مستقل بموجبة قامت تلك الدولة وبموجبة يسعى للرجوع فى دولة مستقلة . وما دام هناك شعب مستقل هناك حق مطلق فى تقرير المصير .

لاتعارض اطلاقا بين الهوية الجنوبية المستقلة وبين حق الاستقلال والاحتجاج باسقاط الوحدة ، بل ان هذا التمسك بالهوية يعطى هذه الاحتجاج قوة ومعنى ويكشف عنه الزيف واللبس الذى تسدله الهوية اليمنية ...

احمد سالم ابو سلطان
[email protected]

[khoormaksar]

مقال رائع يظهر بعض الحقائق المهمة التي لا يرغب البعض بظهورها لانها سوف تهدم ما بنوه من اكاذيب على شعب الجنوب.