استمرار عقلية نظام صالح وادواته في التعامل مع القضية الجنوبية

[أنيس صالح القاضي]

استمرار عقلية نظام صالح وأدواته في التعامل مع القضية الجنوبية
23/يونيو/2012م
صحيفة يافع الأخبارية


بقلم : أنيس صالح القاضي (مستشار قانوني)

تابعت كغيري من الجنوبيين فاجعة المنصورة التي حدثت يوم أمس الجمعة، والمتمثلة في سقوط شهيدين من شباب الحراك الجنوبي على يد قوات الأمن اليمنية، إضافة إلى عدد من الجرحى، رحم الله الشهيدين وتقبلهما فيمن عنده، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى، وإن لله وإنا إليه راجعون.

إن من أسباب تحول القضية الجنوبية، من قضية مطلبية إلى قضية سياسية (كانت حبيسة الصدور) هو طريقة وأدوات نظام صالح في التعامل مع الحراك الجنوبي منذ فجر انطلاقه عام 2007م، ولا نطيل في هذا الجانب فالكل يعرف ما هي هذا العقلية وما هية هذه الأدوات.

وعندقيام ثورة التغيير في تعز وصنعاء، وباقي محافظات اليمن ومحافظات الجنوب، تأمل الجنوبيين كغيرهم من اليمنيين، منها خيرا، كونها ثورة تدك الظلم تأتي بالمحال، وأننا سوف نكون أمام عهد جديد ونظام جديد أو على الأقل عقلية وأدوات جديدة في التعامل مع قضايا اليمن عموما وعلى رأسها قضية الجنوب.

وبعد أن رأى الجنوبيون نار ثورة التغيير، بدأ يخبو وأن الثورة قد سرقت أو أوشكت أن تسرق، من يد الشباب، عادوا ليؤكدوا عدالة قضيتهم السياسية والمطلبية، إلا أننا صدمنا بأن عقلية صالح وأدواته، لا زالت هي المعتمدة في التعامل مع القضية الجنوبية. وما تصريح المصدر الأمني في عدن الذي أتهم الحراك الجنوبي بمخالفة القانون وتسيير مسيرة غير مرخصة، محملاً قيادات الحراك مسؤولية سقوط الضحايا، إلا خير دليل على هذه العقلية والأدوات، وليت شعري هل كانت مسيرات صنعاء وتعز والحديدة (التي كادت أن تسقط نظام صالح)مرخصة.

إن من المؤسف حقا والمؤلم أن نجد شباب الجنوب يسقطون صرعى برصاص قوات نظام صنعاء الجديد القديم، لا لشيء إلا أنهم يعبرون عن رأيهم، عندما قاموا بالتوجه في مسيرة سلمية تطالب بفتح ساحة الشهداء في المنصورة، وحينما وصلت المسيرة قام جنود الأمن ـ حسب ما نشر في المواقع الإعلامية اليمنيةــ المتمركزين في المباني والطرقات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ما أدى إلى تلك الفاجعة.

صنعاء تغرق في الظلام الدامس لأيام معدودة، وربما إلى أجل غير مسمى (هذا مثال واحد بسيط)وسبب ذلك جماعات مأجورة تقوم بقطع التيار الكهربائي عن العاصمة السياسية لليمن، فلا تحرك حكومة صنعاء ونظامها ساكنا، وإن حركته فيكون عبارة عن محاولات ودية مصحوبة بزخاة مالية، لاسترضاء القاطعين من أجل الكف عن تقطعهم لكهرباء صنعاء، بينما يخرج أبناء الجنوب ومنذ عام 2007م وحتى اليوم بطريقة سليمة للمطالبة بحقوق مطلبية وسياسية، ويجدون زخات رصاص القناصة الحي لهم بالمرصاد {{تِلْكَ إذن قِسْمَةٌ ضِيزَى}}.

لقد حذرنا مرارا وتكرارا من هذه العقلية الهمجية في التعامل مع القضية الجنوبية، وأن العنف لن يولد إلا عنفا، ولن يزيد الجنوبيين إلا إصرارا على مطالبهم، وأنه ينبغي على حكومة صنعاء ونظامها، التعامل بأسلوب دولة مع رعاياها لا بأسلوب الغزاة مع أبناء المستعمرات، لأن هذا الأسلوب الهمجي يوحي بأن تلك قوات احتلال وليست بقوات وطنية لحفظ أمن واستقرار المواطن.

وفي حين كنا ننتظر أن ترى النور توجيهات رئيس الوزراء الباكي، بتوفير الكهرباء لعدن خلال أسبوعين، نجد أن توفير الرصاص الحي لأبناء عدن، كان هو الأسرع، وكأن حرارة أجواء عدن في ظل إنعدام الكهرباء غير كافية بحق أهلها، فيضاف لهم زخات من الرصاص الحي لتزيد الأجواء حرارة واشتعالا.
سبق لي أن كتبت مقالا بعنوان نحو حل للقضية الجنوبية، نشر على موقع عدن برس بتاريخ 29/02/2012م عبرت فيه عن وجهة نظري نحو حل القضية الجنوبية، وأن على حكومة صنعاء المركزية أن تتخذ جملة من الإجراءات والخطوات في سبيل حل القضية الجنوبية حلا عادلا يرضى به الجنوبيون.

ولكن يبدو أن هناك في عاصمة الأفاعي من يدفع بالجنوبيين دفعا للتمسك بخيار فك الأرتباط، حتى أؤلئك الذين يرون خيار الفيدرالية مدخلا لحل القضية الجنوبية، لن يجدو أمامهم من خيار غير طلب فك الأرتباط، ليس لأنه الحل الأمثل ولكن لأن تصرفات نظام الأفاعي لم تدع لهم من خيار سواه، ويبدو أن جنوبيي القاهرة خير مثال على ذلك.

ومن خلال تلك التصرفات الهمجية التي تتم في الجنوب عموما وعدن خصوصا، أستطيع أن أقول أن أفاعي صنعاء ترغب في خيار الإنفصال أوفك الأرتباط لحل القضية الجنوبية، ولكنها تشعر بالحرج وتريد رفعه عنها، لذلك عمدت إلى هذه التصرفات العدوانية والهمجية، حتى يلتف باقي الجنوبيون حول مطلب فك الأرتباط، الذي لن يكون في مثل هذه الحالة متعسرا، وسوف يكون نتيجة حتمية لتلك التصرفات، وبذلك سوف تظهر تلك الأفاعي أمام شعبها بأنها بذلت كل ما في وسعها للحفاظ على الجنوب في كنف الدولة الإتحادية ولكنها لم تستطع ذلك.

ليس من تفسير آخر (من وجهة نظري) لما يحدث في عدن غير هذا، وكل شيء بقضاء .

http://yaf3press.net/Display.asp?page=1000&NewsID=6217

[أنيس صالح القاضي]

تصبحون على خير

[علي شايف الحريري]

لك كل الشكر والتقدير أخي أنيس