مرحب يا عيد العمـال ... يا عيد العالـم اجمـع

[يافع اليافعى]

مرحب يا عيد العمال ... يا عيد العالم اجمع

كتـب / يافـع اليـافعــي

اليوم هو الأول من مايو .. يوم عيد العمال العالمي .. وانأ استمع لنشرة الأخبار الليلة.. من ان ليبيا احتفلت لأول مرة منذ سقوط نظام العقيد المسحول .. عادت بي الذاكرة إلى سنين الطفولة في يافع .. وتحديداً إلى فناء ومنصة مدرسة الشهيد راجح بن غالب لبوزة .. في وادي شعب العرب .. عند ما كنا نحتفل بذكرى كل مناسبة سعيدة اوتعيسة .. تحل او حلت بإحدى دول المنظومة الاشتراكية .. وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي الصديق .. حتى ان أياما وأسابيع .. كانت تذهب علينا سدى .. في ذرف الدموع ولبس الشارات السوداء .. حدادا بذكرى وفاة الرمز لينين او البطل ستالين او الزعيم خرشوف .. او نحتفي ونحتفل بميلاد القائد بريجنيف او المقدام كاسترو أو الرفيق تيكوبلاخوف .. وعليكم بقية الأسماء والمسميات .. هذا بالإضافة إلى المناسبات الوطنية والقومية في تلك البلدان .. ومن هذه المناسبات يوم العمال العالمي .. الأول من مايو .. الذي كنا نغنى فيه ..
مرحب يا عيد العمال +++ يا عيد العالم اجمــــــع
أهلن فيـك أول مايــو +++ ثورة عامل في المصنع

كما كنا نؤدي فيه .. أعمال وتمارين .. تعبرعن اعتزازنا بهذه المناسبة واحتفائنا بقدومها .. فكانت إدارة المدرسة تنظم لنا مسيرة .. ونحن نحمل الخنازر والفؤوس .. وتحمل الطالبات الجلاعيب والمصارب .. كنا نؤدي مشاهد تمثيلية تعبر عن تقديرنا وامتنانا للعامل والراعي والفلاح .. وكنا نغرس ونسقي الشجر بعرقنا وجهودنا .. حتى ان تلك الأشجار التي تحتلق بشكل دائري متناسق بديع .. على ملعب المدرسة لحد الآن .. وكأنها صف من الياقوت .. شاهدة على تلك الحقبة .. التي تعنى فيما تعنيه .. عن مدنية وحضارية الدولة الجنوبية .. وأصالة ورقى شعبها العظيم .. وحبه للعمل والمثابرة والخير .. كما كان يحضر بعض أولياء الأمور من الفلاحين والمزارعين وكنا نكرمهم بوضع أكاليل من الشقر وأشجار الرياحين وزهر البن على رؤوسهم .. ولم ننسئ أمهاتنا .. بالتعبير لهن عن تقديرنا لجهودهن بفلاحة الأرض وزراعتها وتربية الماشية .. فكنا نتفنن بحياكة الليات .. من أغصان الأشجار .. ونطرزها بالورود الفواحة المختلفة .. فنتوج بها رؤوسهن ونزين أعناقهن .. هذا كان في الريف .. اما في المدينة .. وفي أيام الصبا .. فقد كنا نذهب في هذه المناسبة .. في رحلات الى مصنع الغزل والنسيج .. والى مصنع الطامطم في الفيوش .. والى مصنع تعليب الأسماك .. والى إذاعة وتلفزيون عدن .. وصحيفتا 14 أكتوبر وصوت العمال .. واللجنة المركزية للحزب الاشتراكي .. ومنظمة مناضلي الثورة الجنوبية .. ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة .. واتحادات المهندسين والفنانين والصياديين والفلاحين .. والاتحاد العام لنساء اليمن ( الجنوب ) .. ومطار عدن الدولي .. وكنا نحمل الورود وعناقيد الفل اللحجي .. ونقلد به أعناق الرجال والنساء ..
كل هذه التلقينات المدنية والإنسانية والتي أثمرت إنسانا جنوبيا حر .. عظيم بإنسانيته رفيع بأخلاقه.. معتمد على نفسه .. معتز بتاريخه .. مفتخر ومتباهي بحضارته .. متفاني في سبيل دينه ووطنه .. فكان ذلك الإنسان المصقول علما .. المشبع ثقافة.. الموهوب أخلاقا وفضائل .. في وطنه وغربته .. فنال احترام وثقة شعوب الأرض .. فسلمت له المنشئات والخزائن .. وتبوء المكانات والمناصب .. فكان خير الأمين وخير المأمون .. كل ذلك تعلمناه في مساجدنا وفي بيوتنا ومدارسنا .. مدارسنا التي علمتنا كتبها على حبها .. فكنا ننشد لها ..

مدرستي أحبها ++ كما أحب بيتنا
فيها الالقي رفقتي ++ وناظري وفرقتي

ورسخت دفاترها في نفوسنا وعقولنا .. حب العلم والعمل .. والاعتزاز بما ننهله .. وترجمة ما ندرسه .. فكنا ننشد للأقلام والدفاتر ..

دفاتري دفاتري .. بها انشراح خاطري
انا بها محتفظ .. لأنها مفاخري
دفاتري تشهد لي .. بفطنتي وأدبي
معلمي يعجبه .. خطي اذا نمقته

هكذا كان شعب الجنوب .. يحب المدنية ويعيش فيها .. حيث كان العرف سائد في كل ربوع الجنوب .. بسهوله ووديانه وجباله وجزره المتناثرة .. بعرض البحر والأحمر وبحر العرب .
وفي هذا اليوم الذي نستذكره نحن الجنوبيين بالاسئ والحسرة ..لما أصابنا من ظلم وقهر وعدوان .. من تلك الحياة القاسية .. التي تفتقد لأبسط مقومات المدنية.. والتي فرضت علينا .. من قبل عصابة نظام الإرهاب والقمع والعنصرية والفساد .. فإننا نستذكر أيضا وبكل الفخر والاعتزاز .. ذلك السلوك العام .. والعرف الوطني والإنساني .. تجاه العامل والعمال .. والذي يؤكد على ان شعب الجنوب صاحب السبق والأولية .. في السلوك الحضاري والإنساني قولا وممارسة .. وهو ما حث عليه ديننا ودعت إليه شريعتنا .. فأين كنا من رقي وتقدم وحضارة وحياة مدنية .. وكيف أصبحنا تحت رحمة عصابة أوغاد لصوص .. في مجتمع بائس مظلم .. يعيش بعادات وتقاليد القرون الوسطى .

كتب .. بدم ودموع يافع اليافعي

</b></i>