لماذا الحرية للشعب الجنوبي ؟! (الجزء الأول)

[أبو غريب الصبيحي]

البند الثالث من إعلان عدن :
نص البند :
(( ثالثا : أن مبداء الحرية يمثل أحد أهم ثوابت القضية الجنوبية وأن الحراك الشعبي المدني السلمي الجنوبي يمثل ابرز تجليات ممارسة الشعب الجنوبي لهذا الحق . أن شعب الجنوب جزء من المجتمع الأنساني و الأنسان ولد حرا وحق الحرية حق طبيعي تتمتع به كل الشعوب فهو سبيلها لاكتساب كامل حقوقها المرتبطة بآليات البقاء فهو حق مارسناه في الماضي ونمارسه اليوم وستمارسه الأجيال اللاحقة من بعدنا فهو حق اكتسبناة بفعل انتمائنا لعالم الانسان أولا وبفعل سيادتنا الكاملة على كامل اقليمنا الجغرافي ثانيا وبه ترتبط هويتنا ولن نسمح لأي كان سلبنا هذا الحق مهما كان الثمن . أن شعب الجنوب بوصفة جزء من المجتمع الأنساني يحترم أنسانية الشعوب الأخرى بما يترتب على ذلك من احترام لحقوقها الطبيعية والمكتسبة ويطلب الاخرين بالمقابل احترام أنسانيته والاعتراف له بحقوق الانتماء والهوية فبها ترتبط أسباب وجودة وبقائه كشعب ، وانتزاعها منه مساس بانسانيته وهذا هو الحائط المرجعي الذي لن نسمح بتجاوزه .))

[أبو غريب الصبيحي]

لماذا الحرية للشعب الجنوبي ؟! (الجزء الأول)

بقلم / أبو غريب الصبيحي

لقد أشار البند الثالث من بنود إعلان عدن ، إلى إحترام مبدأ من مبادئ الإنسانية ، و هذا المبدأ أعتبر أحد أهم ثوابت القضية الجنوبية ، و أن الحراك السلمي يمثل ابرز تجليات ممارسة الشعب الجنوبي لهذا الحق ، فالحرية حق لا يمكن منعها عن الإنسان ، هذه الحرية التي أسيئ تجسيدها في الماضي إلى نحو بعيد ، و سجنت في عصرنا الحالي من قبل نظاماً متخلفاً أسرياً شطرياً ، في الوقت أصبحت فيه من ضرورات العيش السياسي أو الإجتماعي و الإنساني في العالم الحر المتحضر.
و قبل تعمقنا في قلب الموضوع نستذكر واقعة القبطي المصري ، و شكواه الى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ( رض) مما عومل به من نجل والي مصر عمرو بن العاص "رض" ، و كيف كانت عدالة الخليفة الفاروق ( رض) و إنصافه للقبطي المصري ، ليوجه الخليفة عمر بن الخطاب "رض" حديثه إلى عمرو بن العاص "رض" قائلاً : متى أستعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا . ، لقد أحتوت هذه الجملة على مبدأ من مبادئ الحرية و الإنسانية ، و دلت أن الإسلام نادى بمبادئ الحرية من حقٍ و عدالةٍ و مساواةٍ .
إذاً فالإنسان يولد حراً عزيزاً مكرماً ، فقد منحه الله جل جلاله حريته من يوم ولدته أمه ، و لا يمكن لأحد أن يسلب حرية الإنسان الحر الذي يستعد للموت مقابل الدفاع عن مبادئه و كرامته و عزته و كرامة أهله و ناسه الذين عايشهم في مجتمعه الإنساني . لذا فإن وسائل الترهيب و البطش من قتلٍ و قمعٍ إعتقال ، و إستعراضٍ لمعضلات القوة للدلالة على التفوق العسكري و إختلاف موازيين القوى ، ما هي إلا من الوسائل القذرة التي عادةً ما يلجأ إليها أي إحتلال أو مستعمر يحكم سيطرته على أرض تشع بثرواتها و كنوزها و من هؤلاء المحتلين طبعاً الإحتلال اليمني .
إن جنوبنا لم يكن يشع و يدخر بثرواته و حسب بل و أيضاً يشع بمعادن أبنائه الأحرار أكثر إشعاعاً من الثروة ، شعب يصمد شامخ الرأس و الجبين أمام لصوص الإحتلال ، و تجار الدماء و الفتن و تجار الفيد و النهب و السلب ، و أمام هذا الشعب الحر الأصيل و إرادته الحرة ، ها هي اليوم تنتكس آلة الحرب و تنقلب موازيين القوى الحقيقية و التي تكمن في داخل روح النضال و الحرية عند أبناء هذا الشعب الجنوبي الكريم المكافح ، سقطت ليسقط معها كل وسائل الترهيب التي مارسها على هذا الشعب طيلة فترة عقد و نصف من الزمن تقريباً ، ليعود إلينا و كسائر المستعمرين على مختلف عصور التاريخ بسياسة الترغيب و شراء الرجال الأحرار من أموال أرضهم المحتلة ، فالإحتلال اليمني ينظر للأحرار في الجنوب بعين طبعه و طبع شعبه الذي نخر الذل و المهانة كيانه ، و أصبحت المذلة و المهانة الشمالية المرادف للعزة و الكرامة في الجنوب ، فالترهيب نجح في الشمال في إخضاع الشعب لكلمة القائد "البطل" ، لكن لم يؤتي ثماره في الجنوب ، بل كل يوم يزداد تمسك الشعب الجنوبي المكافح بمطالبه للحرية لوطنه المحتل و جلاء الإحتلال ، و تزداد صلابتهم أمام كل المؤامرات التي تحاك على وطنهم الجنوبي كلما أرتفع سقف مطلبهم و حتى الإنعتاق من ظلمات هذا النظام و الذي تشير التقارير و الدراسات الدولية عن حتمية إنهياره القريبة و قد تجلت مؤخراً بوادر هذا الإنهيار .
و كما فشلت آلة الترهيب في جعل الشعب الجنوبي يثني عن مطالبه في الحرية و العيش المتساوي العادل في مجتمعه و بما يحفظ له كرامته الإنسانية أسوة بالشعوب الحرة ، فشل أيضاً سماسرة الترغيب في ثني رجالاً تربوا على الحرية و العيش الكريم و الذود عن الوطن .
مما لا شك فيه أن نضال شعب الجنوب الحر نضالٌ لأجل الحرية و الكرامة و الدفاع عن الهوية و حق الإنتماء للأرض التي بدمائهم روى أجدادنا و آبائنا أرضها ، أولئك الرجال الذين كان لهم السبق في النضال و الذود عن حرية شعبهم و أبنائهم و الدفاع عن هويتها الجنوبية العربية .
لهذا صار الإستمرار في النضال السلمي مع الإستعداد لمراحل نضالية أخرى ضد الإحتلال واجباً ، و لا مبرر لإيقاف عجلته أو التخاذل في نصرته ، و لإن ما يجري اليوم من مؤامرات نظام الإحتلال اليمني يحتم على أبناء الجنوب أن يكونوا كلهم صفاً ، لإن هذه المؤامرات تهدف لتمزيق النسيج الإجتماعي في المجتمعات الجنوبية في المستقبل (و قد نجحت فصولٌ من هذه المؤامرة ) ، حيث يسعى لخلق جيلاً غير قادر على الدفاع عن حريته ، و إثبات ماهية إنتمائه و هويته و الإستمرار على الحفاظ على مقوماتها ، جيلاً غير متطلع لمستقبله ، و لا يملك أدنى مقومات العيش الإنساني و الإجتماعي في وطنه و مجتمعه .
للموضوع بقية . . .