حاجة السياسي الى الثقافه مثل حاجة الجميع اليها والمؤهلات ليست مقياس لها

[منصور بلعيد]

الثقافه لها عدة معاني وتعريفات وقد كانت وستبقى مرادفه لعملية الوعي والبناء والحريّه
والثقافه هي الجسر الضروري الذي لا غنى عنه في أي مشروع ينشد التقدّم للأُمّه، فهي التي تنقل مفاهيم التقدم والحضاره من منطقة العاطفه الى منطقة العقل ومن ردود ألافعال الى الفعل الحقيقي
ومن التطلُّع والاماني الى الفعل المتواصل لصناعة الحقائق على أرض الواقع ، فعلى ضوء
ذلك تبقى الثقافه هي مركز الثّقل الحقيقي في عملية البناء والنهضه ، وهي مصل المناعه الذي
يقي ألشعوب والامم من عدوى الثقافات الهابطه .
وكما نرى ان ثقافتنا العربيه والاسلاميّه تتعرض لهجوم حاد وشرس من قبل الثقافات ألاخرى
وبالذات الغربيه ، لذا فان هواجس المستقبل تدفعنا الى التوجه الجاد نحو الثقافه ومسائلها
الحيويّه والبدء بمرحله جديده من العمل الثقافي الجاد الذي يتجه الى قضايا ألامه ومصائرها
وآفاقها . لهذا نحن نحتاج بأستمرار الى معاودة الفحص والنظر في الثقافه التي توجهنا
وترسم لنا طرق وانماط حياتنا وذلك لتفعيلها وتنشيط حركتها واستيعاب مضامين جديده لها
ونحن هنا في المجال السياسي في حالة غليان دائم تنتابه حالة صراع تضع أغلب الافكار
على طرفي نقيظ مما يصعب جمع أطرافها كما ان هناك سيوله وفيضان عارم في إنزال
المواضيع الهزيله والمفرغه التي لا تجر الاّ الى الضياع في المتاهات
سؤال بسيط هل الشخص الذي يمتلك المعلومات الهائله هو المثقف ؟ هل صاحب الشهاده
العلميّه العاليه هو المثقف ؟ قطعاً لا فهناك من هؤلاء من يتصرّف كالاطفال وهناك من
يستخدم أهليّته من أجل خدمة الحزب أو القبيله أو الحاكم ، فالانسان الجامعي مهما يكن
نوع الشهاده التي يحملها إذا لم يمتلك ثقافة الجامعي فهو لا شيئ .
بالمقابل هناك أُناسٌ لا يمتلكون شهادات عاليه فهل يعني أنّهم غير مثقفون ؟ بل على العكس
من ذلك قد ترى منهم الكثير من يكن أكثر حكمه من ذوي المؤهلات العاليه .
وحتى المناهج الربانيه والأفكار الانسانيه بحد ذاتها تعتبر رُزمة مفاهيم ثقافيه بحاجه
الى عقول تمتلك ثقافه تستطيع ان تتعامل معها بوعي وتحطّها على قوالب الواقع بوعي
وتعيش تحت ظلّها وتنقلها الى ألآخر بوعي .
المرجعيّه الثقافيّه للعرب ضاعة ونحن منهم فنحن هنا بصدد إعادة البناء الثقافي والذي
يبدأ أساساً من مراجعة الذات بطريقه يتخللها كثير من التمحيص والعمل من أجل تنقية
الفكر من الشوائب وكي نتمكن من قبول ألآخر وذلك بفتح أبواب السلام وإغلاق بوابة
الموت التي تعتبر المخرج الوحيد لثقافتنا المتصارعه منذُ زمن طويل ولذلك يجب العمل بكل
وعي وادراك من اجل تدوير المفاهيم والافكار ووضعها على زواياها المناسبه التي تجد
من خلالها السبيل الى العقل

فأول محطه للوقوف امام شيئ اسمه الثاقفه يجب الوقوف امام شيئ اسمه الذات
بشكل قوي وشجاع وفاعل وكلٍّ منّا يجول داخل مستودع الذاكره ويقلب كل ملفاتها
وأوراقها الشائكه ويجري لها نوع من الفحص والتنقيه ثم عملية عصر وتقطير حتى
يتمكن الانسان من الخروج برؤيه تمكنه من اكتشاف ذاته وذلك الاكتشاف سوف
يسهل له عملية اكتشاف الآخرين بسهوله وكلما عدل الانسان امام تصحيح ذاته
يستطيع ان يكون عادل وواقعي مع غيره وبعد ذلك نستطيع بأذن الله ان نكتشف
شخصيتنا الجماعيه التي ندعوا من خلالها الى التحرر الفكري العقلاني كما ندعوا
الى تصحيح القاعده الادبيه والاخلاقيه وصقلها لكي تكون تاج شرف على رأس كل
عمل صالح نقوم به

ومتى ما نجحنا بالوصول الى ذلك يكون الوطن الجنوبي قد ابتسم لأبناءه وقدم
لهم الشكر على اداء الواجب وحينها سيكون هو المأوى والملاذ الآمن للجميع