ما الذي يجري في محافظة أبين؟

[البكري ابوقاهد شعيفان]

الصراع مع طواحين الهواء

من الملاحظ ان الجماعات الإسلامية بمسمياتها المختلفة تظهر وتغيب على ساحة الجنوب حسب طلب المخرج القابع في المركز "المقدس"... الهدف هو اخضاع مناطق الجنوب وتمكينه من السيطرة المحكمة على تلك المناطق... ولإجل ذلك من البديهي أن يستدعي بقايا صراع الماضي بين الأطراف السياسية الجنوبية والتي تعتبر حجر الأساس للبناء عليه لاستخدام تلك الورقة في قادم الأيام... كان ذلك ملفت للنظر عندما جرى دفع تلك المجاميع المسلحة والعائدة من افغانستان في أعمال تخريبية للمنشآت السياحية في عدن وفي نفس الوقت تم توجيه البعض منها لاغتيال بعض القيادات السياسية للحزب الاشتراكي اليمني في فترة مابعد الإعلان عن الوحدة بين الدولتين وهكذا اصبحت هذه المجاميع جزء من منظومة النظام السياسي في صنعاء.. حيث جرى بعد ذلك دفعها في أتون حرب صيف 1994م الموجهة لاحتلال الجنوب وتصفية مقومات الدول الجنوبية المختلفة وإنهاء الشراكة السياسية الجنوبية... كانت تلك الفترة من أهم محطات التناغم والتكامل بين نظام صنعاء وتلك المجاميع حيث اطلق يدها في العبث في كل شيء في الجنوب بما في ذلك القيم والاخلاق والاستيلاء على الأراضي وغيرها وتمكينها من أن تشكل قوة على أرض الواقع، وكانت محافظة أبين من ضمن المناطق المرشحة لذلك ولأسباب معروفة.

المتتبع لما يجري بشان تلك المجاميع المسلحة بأنها لاتستخدم في الصراعات السياسية الداخلية وحسب ولكنها وظفت من قبل النظام الهدف منه ابتزاز الجوار الإقليمي والدولي كاستثمار ذلك لدعم النظام سياسيًا وعسكريًا لبقائه وضمان استمرارية حكمه.

وعند بدء حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية في الجنوب عام 2007م حاولت السلطة لصق تلك الاحتجاجات بالمجاميع المسلحة وكانت تريد خلط الاوراق بشدة حيث دفعت عناصرها للتقطع على الطرقات العامة قامت بأعمال منافية للأعراف والتقاليد وخارجة عن القانون وسارعت السلطة لإلصاق تلك الأمور بالحراك السلمي، حيث كانت تسميه "بالحراك القاعدي".. والحقيقة المطلقة إن الحراك السلمي وجماهيره براء من تلك الأعمال المنافية للقانون واثبتت جماهير الحراك بأنها ملتزمة بالنضال السلمي وتعرى النظام وانكشف على الواقع كون تلك العناصر معروفة لديه ولم يقم باتخاذ أية إجراءات رادعة تجاهها بل كانت تسرح وتمرح في كل مكان دون أن يعترضها أحد بل أن هناك تسهيلات كانت تقدم لها لتسهيل حركتها بصورة كاملة على ساحة الجنوب شرقًا وغربًا.

وعند ظهور واشتداد حركة الاحتجاجات الشبابية السلمية في العاصمة صنعاء ومحافظات اخرى ظهرت تلك المجاميع المسلحة وبشكل علني على سطح الأحداث دون أن تعترضها قوات السلطة المسلحة جيش وأمن مركزي وأمن عام وغيرها من الأجهزة الأمنية الأخرى... وكان هدفها هذه المرة السطو على مصنع الذخيرة في مدينة الحصن م/أبين وقامت باقتحام ذلك المصنع المحصن بقوة عسكرية كانت قادرة للدفاع عنه بشكل مستقل لفترة طويلة إلا أنها لم تقم بمهامها... كان ذلك جهارًا نهارًا وتحت سمع وبصر قوات السلطة المتمركزة في زنجبار التي لم تحرك ساكنًا والقادرة بقوامها الكثيف أن تتعامل بكل سهولة مع تلك المجاميع... لم تقم بإسناد قوة الدفاع عن المصنع بل ظلت في مواقعها وكأن الأمر لايعنيها... والادهى من ذلك أن السلطة سارعت بإعلانها سقوط جعار وضواحيها بأيدي المجاميع المسلحة واعلانها إمارة إسلامية وكأن ذلك حدث في مناطق مجهولة من العالم ولم تقم تلك السلطة بتوجيه قواتها للتعامل بجدية مع أولئك النفر من المسلحين ومن المؤسف أن من نتائج ذلك العمل الارعن للسلطة والمجاميع المسلحة إن أودى بحيات المئات من المواطنين الابرياء الساكنين في محيط ذلك المصنع وكأن حياة مواطنين محافظة أبين لاتساوي شيءً لهم وقد كانت تلك جريمة ضد الإنسانية يندى لها الجبين وستشكل وصمة عار آبدي لكل من السلطة والمجاميع المسلحة معًا.

ومن المفارقات العجيبة أن تلك المجاميع قد انتقلت من مدينة جعار بما حصلت عليها من غنائم من المعدات العسكرية التي تركتها قوات السلطة لهم ومن الذخائر والأسلحة المختلفة حيث شوهدت وهي في مدينة أمعين ولودر ومودية، هذه المناطق تفصلها عن مدينة جعار مدينة زنجبار وشقرة بما فيها من مركز لقوات السلطة المكونة من لواء (25) ميك وقوات الأمن المركزي وقوات النجدة والأمن العام وهي مسيطرة فعليًا وبشكل محكم على مداخل ومخارج مدينة زنجبار وضواحيها..إذن ذلك يقودنا إلى سؤال : كيف تمكن المسلحون بمعداتهم الثقيلة المرور وسط الترسانة العسكرية للسلطة بقواتها الأمنية والعسكرية والإدارية والسياسية بينما قوات السلطة يقفون على الطرقات ليلا ونهارًا يفتشون المواطنين على مدار الساعة.؟.. هذه ومضة صغيرة تؤشر إلى تواطئ السلطة الرسمية مع تلك المجاميع وتسهيل حركتها... وقد كانت تتحرك بحرية بين مدينة جعار والمناطق الوسطى من محافظة أبين وسط حشد كبير من قوات السلطة.

من الملاحظ بان ما يجري في الجنوب شيء ملفت للنظر حيث تسارعت التطورات لتظهر من جديد على سطح الأحداث في نفس المحافظة مجاميع مسلحة ترتدي عباءة الاسلام منها ما يسمى بالقاعدة واخرى انصار الشريعة وغيرها من التسميات التي جرى ابتداعها مؤخرًا... والثابت إن الجنوب وأهله لم يكونوا يومًا من هواة التطرف الديني وهم المعروفين بوسطيتهم وسماحتهم وريادتهم في نشر الدعوة في اصقاع الأرض؛ لذا فبيئة الجنوب لم ولن تكون من العوامل المساعدة لتوفير المناخ لنمو ذلك النوع من التطرف الديني والهوس في مصارعة طواحين الهواء أي مصارعة الأمريكان في وديان المعجلة او صحراء أبين او ضواحي مدن جعار وزنجبار ولودر ومودية او جبال حطاطة وغير ذلك لأنه لا وجود لأي أمريكي او مصالح امريكية في تلك المناطق على الاطلاق.

إذن لابد من طرح السؤال الكبير وهو كيف تم جمع كل أولئك من محافظات يمنية اخرى ودول مجاورة قريبة وبعيدة وتم تجميعها في هذا المثلث من هذه المحافظة الجنوبية البائسة ؟ لماذا لم يتم تجميعهم في محافظة يمنية اخرى إذا كان هم فعلا جادين فيما يقولوه ويفعلوه... ومن العجيب إن يتواجد هؤلاء المسلحين في مناطق فقيرة وبائسة جدًا ومهملة من قبل الدولة حيث لاتوجد فيها ابسط مؤشرات التنمية ويعيش اغلب سكانها على الزراعة ورعي الاغنام او العمل في المؤسسات الحكومية جيش وأمن وغيره. كما انه لم يلاحظ أي أثر لأي تواجد أجنبي في تلك المحافظة التي يبرروا تواجدهم فيها لكي يقوموا بواجبهم "المقدس" تجاه ذلك التواجد هذا من جانب ومن جانب آخر كيف يمكن لدولة عظمى مثل امريكا تجد تهديد لأمنها القومي في تلك المناطق البائسة وهي تعرف بما لديها من اجهزة رصد واستخبارات متعددة كيف يمكن ان يتم جلب مثل هؤلاء المسلحين وعددهم وعتادهم وغير ذلك لاشك إن ذلك يؤدي إلى سؤال كيف تصدق أمريكا بكل عظمتها هذه الاكذوبة وتكون هذه المناطق ساحة لقصف طائراتها وبحريتها.. هذه المعادلة غير مفهومة اطلاقـًا؟!.

وهنا نأتي إلى النقطة الأساسية في المعادلة... هناك في صنعاء وعواصم سبعة عشر محافظة أخرى ثورة شعبية هدفها اسقاط النظام الفاسد والعالم يشاهد جسامة التضحيات التي يقدمها الشباب في الميادين والساحات لاجل الوصول إلى الهدف الاخير والمتمثل في اسقاط النظام... وهناك في أبين وبشكل متزامن مجاميع مسلحة تستولي على المحافظة بعد أن تم اخلائها من الأجهزة الأمنية والعسكرية مع قياداتها الإدارية والسياسية ويصبح سكان مدينة زنجبار وضواحيها ومدينة جعار أيضًا هدف ليس فقط للمجاميع المسلحة ولكن لقوات الطيران العسكري المحلي والأجنبي والبحرية مدفعية ودبابات الجيش اليمني مما تسبب في تشريد عشرات الالاف من السكان وجرى دك المدينتين زنجبار وجعار بحجة تواجد المسلحين فيهما... حجم كثافة النيران ونوعية المواجهة إلى تلك المدن فوق المستوى المفترض استخدامه في مثل تلك العمليات العسكرية حيث من غير الممكن إن تتعامل مع عناصر مسلحة بقوة تدميرية كقوة الطيران والبحرية والمدفعية والدبابات هذا من الأعمال الجنونية والطائشة... بينما من المفترض في مثل هذه الحالات إن يتم استخدام قوات صغيرة مجهزة مثل قوة مكافحة الارهاب... هذه القوة لم تتحرك صوب أبين حيث القاعدة والارهاب (حسب مزاعمهم) ولكنها موجودة في صنعاء ومدن أخرى لاغراض لا علاقة لها بالإرهاب وهذا يؤدي إلى سؤال كيف لم يوجه الأمريكان تلك القوة المرتبط بهم تجهيزًا وتدريبًا نحو الهدف الذي انشأت من أجله... بدلا من تدمير المدن وتسويتها بالأرض.

من المعروف إن استراتيجية القاعدة لا تستولي على أية أرض لأن ذلك سيؤدي إلى تدميرها وتكون هدفـًا مناسبًا للآلة العسكرية الأمريكية وحلفائها، ومن الغريب إن "قاعدة اليمن" تسيطر على مدينة زنجبار وضواحيها... وموقع المدينة يطل على بحر العرب حيث ممر أساطيل التجارة العالمية وهو محل اهتمام وتركيز القوى العالمية العسكرية المختلفة ولايمكن إن تمر هذه الحادثة دون إن يكون رد فعل هذه القوى حاسم.. وهنا يقودنا إلى طرح السؤال من وراء كل تلك الأعمال الجارية في محافظة أبين؟ ومن هي القوى المحلية والإقليمية والدولية التي تقف وراء ذلك؟ وماهي الأهداف النهائية التي ترمي إليها؟؟

كما يجب أن يوجه السؤال المهم إلى هذه المجاميع المسلحة الذي يدعون انتمائهم إلى الإسلام هل تشريد عشرات الالاف من منازلهم مع ما يعانوه من اذلال وقهر وعذابات هو عمل تقره الشرائع السماوية ومنها في الأساس الشريعة الإسلامية الغراء؟... وهل يعتقد هؤلاء بعملهم هذا انه موجه ضد المصالح الأمريكية وهل تدمير مدينتي زنجبار وجعار يصيب الأمريكان في مقتل أم أنه في المحصلة النهائية والأخيرة هو عمل موجه ضد مصالح مواطني محافظة أبين البائسة والذين يعانون التشرد والاذلال والقهر علاوة على فقدان ممتلكاتهم الخاصة والعامة جراء القصف الجوي والبحري والمدفعي وغيره، وكذا تعطيل اعمالهم وارزاقهم في الزراعة ورعي الأغنام وغير ذلك من المآسي التي يواجهونها يوميًا.

هنا في هذه اللحظة التاريخية الفارقة جرى خلط الأوراق بشدة وعنف لأهداف آنية ولمصالح ضيقة للاعبين محليين وإقليميين ودوليين وكان حظ هذه المحافظة العاثر إن تم اختيارها لهذه المهمة القذرة والدنيئة.

في الأخير أدعو أبناء محافظة أبين على وجه الخصوص وأبناء الجنوب عامة للتأمل فيما يجري من عبث بالتاريخ والجغرافيا وإن يصحو من سباتهم ليقفوا بحزم امام الاوضاع المزرية قبل فوات الآوان.
علي صالح سالم

[الشاهدة]

كيف تمكن المسلحون بمعداتهم الثقيلة المرور وسط الترسانة العسكرية للسلطة بقواتها الأمنية والعسكرية والإدارية والسياسية بينما قوات السلطة يقفون على الطرقات ليلا ونهارًا يفتشون المواطنين على مدار الساعة.؟.. هذه ومضة صغيرة تؤشر إلى تواطئ السلطة الرسمية مع تلك المجاميع وتسهيل حركتها...

من غير الممكن إن تتعامل مع عناصر مسلحة بقوة تدميرية كقوة الطيران والبحرية والمدفعية والدبابات هذا من الأعمال الجنونية والطائشة... بينما من المفترض في مثل هذه الحالات إن يتم استخدام قوات صغيرة مجهزة مثل قوة مكافحة الارهاب... هذه القوة لم تتحرك صوب أبين حيث القاعدة والارهاب (حسب مزاعمهم) ولكنها موجودة في صنعاء ومدن أخرى لاغراض لا علاقة لها بالإرهاب وهذا يؤدي إلى سؤال كيف لم يوجه الأمريكان تلك القوة المرتبط بهم تجهيزًا وتدريبًا نحو الهدف الذي انشأت من أجله... بدلا من تدمير المدن وتسويتها بالأرض.

وهل يعتقد هؤلاء بعملهم هذا انه موجه ضد المصالح الأمريكية وهل تدمير مدينتي زنجبار وجعار يصيب الأمريكان في مقتل أم أنه في المحصلة النهائية والأخيرة هو عمل موجه ضد مصالح مواطني محافظة أبين

شكرآ لك مقال رائع يشرح ويتدبر في وجود هؤلاء النفر في م/ ابين يرتعون تحت نظر سلطة الاحتلال والمخرج وكاتب القصه وابطالها وجوه لاتكاد تجد بينها اي اختلاف ....تحياتي

[قناص عطفة آل فطحان]

دمروك يا أبيــــــــــن
http://www.dhal3.com/vb/showthread.p...9+%C3%C8%ED%E4

[احمد العدني]

ان اهل ابين هم سبب ما يجري لهم ،فقد تحالفوا ولا زالوا مع هذا النظام ،فوزير الدفاع من ابين ،ومحافظ ابين من ابين ،ونائب الرئيس من ابين وقادة الالوية العسكرية التي هي متواجدة في ابين من ابين ،وانصار الشريعة من ابين ،وخراب ابين على ايدي ابناء ابين ،وان كانت الخطة معدة سلفا من صنعاء ولكن اهل ابين حريصين على تنفيذها حتى ولو كان فيها تدمير ابين .