مـــن يدعــــم الحــــراك

[ابو الشباب]

نعيش هذه الايام وضعا صعبا كصعوبة اوضاعنا دوماً، لكن درجات الرطوبة العالية وانقطاعات الكهرباء التي تختار هي التوقيت ونحن نختار الاستسلام، جعلت الاجواء أشد مرارة من مشهد الواقع الذي نتجرعه ولانكاد نسيغه.. وأي حديث في هذا الاسبوع بعيدا عن المنغصات والمنغصون وأولها منغصات الحكومة وليست الكهرباء اعظمها.. سيكون حدثا خارج السياق.. ولايستحق التقدير

لقد فرضت انقطاعات الكهرباء ودرجات الرطوبة العالية علينا تعديل الكثير من المواعيد في الجدوال اليومية منها النوم والاكل والاستحمام ومتابعة البرامج التنلفزيونية وغيرها مما يزدحم به الجدول اليومي.. هذا التعديل فرض نفسه على المزاج الشخصي فاصبحنا أكثر توتراً وأسرع استثارة للاحداث البسيطة.. باختصار الفرد منا يتمنى أن يخرج من ملابسه.. ويتجرد من التزاماته لكن لامهرب فالكهرباء مقطوعة والحضور للدوام مطلوب وملزم والاطقم تجوب الشوراع واخبار الاعتقالات لاتسر الخاطر ومشاهد الاستياء تعم المكان وتغطي الزمان..ثم تتساءل الحكومة من يدعم الحراك؟؟
في هذا الجو شديد الحرارة والرطوبة الخانقة نتذكر اولئك المحتجزون، على ذمة المشاركة في المسيرات اوالاشتباه بالمشاركة، وبينهم كثير من الاحداث، وطلاب المدارس.. وبين اثبات التهمة ونفيها عنهم، تفتك الحرارة العالية والرطوبة الخانقة بنا نحن الطلقاء، فمابالك بالمحتجزين الذين يعلم الله ظروف احتجازهم!! وقد اوردت الاخبار بداية هذا الاسبوع، ان طالبا محتجزا في امن المكلا اسمه محمد حسين شيخان السقاف، حرم من اداء امتحان انهاء المرحلة الاساسية، وكانه مجرم خطير أو مهرب مخدرات شهير أو قاتل سفاح!! هذا التصرف لاينم عن عقلية مدنية متفهمة على الاطلاق، تعرف ان للفرد كرامة ولصبره حدود وللظالم نهاية وان الله اذا أخذه لايفلته
لااستطيع ان اتصور طبيعة التداعيات التي ممكن ان تصيب مراهقا في مرحلة تشكل الشخصية وحراك الاتجاهات والقيم، وقد تعرض لمثل هذه التجربة المؤلمة!! فان اصابه الاكئاب فهذا وارد، وان تعرض لاضطراب عصابي مابعد الصدمة فليس ببعيد، وان كانت شخصية صلبة متماسكة، فهو ان لعن الوطن سيكون معذوراً، وان كفر بالديمقراطية التي تترك السرق والفاسدين وتمنع مراهقا من اداء الامتحان، فذاك حقه، وان تعاطف معه اقرانه وابناء جيله، فهذا وارد وان حصل كل ذلك فلايجب أن ان تلعن الحكومة الحراك، فقد صنعته ووزعته على كل بيت، واوصلته اليهم عبر خدمة التوصيل الى المنازل مجانا
وفي هذه الايام شديدة الحرارة والرطوبة فان منظر الاطقم العسكرية الحملة بالجنود المدججين بالعتاد الجاهز لمعركة لانعرف ضد من؟؟ ولامتى تنتهي، يجوبون شوارع المدن الحضرمية التي لاتعرف المسلحين على الاطلاق، يثير القرف والغثيان ويضيف مزيدا من الناقمين على تصرفات الحكومة.. لدرجة اصبح السير خلف الجنائز وتشييع الاموات، يثير حفيظة الاطقم، والتجمع خلف سيارة تبيع الطماطم أو البيض أمرا لاتستسيغه الاجهزة الامنية.. اما قيادة الدراجات النارية، فهي تهمة كتهمة الاتجار في المخدرات
الوقائع المحفزة للناس على رفض تصرفات الاجهزة الرسمية، تتزايد وكلها ترفع اعداد الرافضين لهذا الواقع الذي يزداد سوءاً.. في نهاية هذا الاسبوع تعرض مكتب برنامج الاقراض والادخار التابع لاتحاد النساء، الممول من الصندوق الاجتماعي للتنمية، للاقتحام واحتجاز مديرته في قسم شرطة باعبود، وحرصاً على الموضوعية والمهنية، فقد تأكدت بنفسي من مصادر رسمية باتحاد نساء اليمن من الواقعة.. كونها تمس نساء، وثانياً، لانها تمس مؤسسة اعتبارية هي اقرب للحكومة من المعارضة والحراك.. ومكتبها هذا يمارس نشاطا رسمياًً
الواقعة تفسح المجال واسعا للبكاء من الضحك!! فلم نشاهد حتى اللحظة مسيرة نسائية!! لذلك فالواقعة صعبة الهضم، على من يملكون عقلا أما الحمير والبغال، فمن حقهم ان لا يبحثوا عن مكان لهم من الاعراب.. واني أسال محافظ حضرموت الاستاذ العزيز سالم الخنبشي، ماذا تريد للتاريخ أن يسجل في صفحتك
أما خبر مطالبة أمن حضرموت، بنقل مباراة شعب حضرموت من المكلا بحجة الحفاظ على الامن.. فهو نكتة ماسخة!! لماذا؟؟ لانها تظهر اعترافا بالعجز الامني المستفحل والكساح المنطقي المتزايد.. ففي جنوب افريقيا حيث تقام مباريات كاس العالم للقارات الان، وصل الانفلات الامني، درجة ان فرق الضيوف، لاتستطيع التجول أو التسوق بعد المغرب!! والمنتخبات تعرضت للسرقة!! ومع ذلك تصر جنوب افريقيا على التمسك بحقها في تنظيم كاس العالم القادمة 2010 رغم العجز الامني الفاضح
المشاهد المؤلمة والمقززة والتي ترفع الضغط، كثيرة، أما الاسئلة الصعبة فهي أكثر.. أما السؤال السهل لكن الحكومة تعجز عن الاجابة عنه فهو: من يدعم الحراك؟؟

الدكتور عبدالرحمن بلخير

المكلا اليوم