الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية / د.عيدروس نصر النقيب

[حسين بن طاهر السعدي]

بعد مقالتي السابقة عن الانتخابات في عدن ومدن الجنوب والتي عنونتها بـ"الانتخاب بالكلاشنيكوف"[1] تلقيت الكثير من الاتصالات من أصدقاء أعزهم ويعزونني، يعبرون فيها استغرابهم لما ورد في المقالة من حديث عن ناخبين من غير أبناء عدن وعتاب لي لدفاعي عن الحراك السلمي، وآخر قال لي: يبدو أنك ناوي تنخرط في الحراك، وهو ما دفعني هنا إلى تناول هذه الملاحظة التوضيحية:
1.إنني من أوائل من انخرط في فعاليات الحراك السلمي الجنوبي منذ العام 2007 وكان ديدني، مثل الآلاف من المنخرطين في فعاليات الحراك السلمي، إبراز القضية الجنوبية وتبيان مشروعيتها وعدالتها، وأحقيتها بالمعالجة المنصفة للجنوب مما لحق به من حيف بعد حرب 1994م والتي والحمد لله أقر بها الجميع وهم اليوم مقتنعون بضرورة معالجتها بما يرتضيه أصحابها الحقيقيون ـ المواطنين الجنوبيين، غير إن هذا لا يعفيني من التعرض لأي سلبيات أو مواقف غير حكيمة لأي من مكونات أو قيادات الحراك.
2. إن الحديث عن ناخبين من غير أبناء عدن والمحافظات الجنوبية لا يحمل أي موقف عدائي من هؤلاء الناخبين فمن حقهم، وفقا لنظام الدائرة الواحدة، أن ينتخبوا في أي مكان في اليمن، لكن على السياسيين أن لا يعتبروا هؤلاء هم أبناء عدن أو غيرها من محافظات الجنوب الذين لهم قضية عرفها الصديق والغريم واعترف بها خصومها وأنصارها، وبالتالي فإن القول بأن أبنا عدن والمحافظات الجنوبية لم ينتخبوا يجب أن يقرأ من زوايا عدة أهمها، أنهم ليسوا مشغولين بالانتخابات بقدر بحثهم عن الأمن والطعام والدواء الذي افتقدوه منذ أن أوكلت حياتهم إلى مجموعة من الباسطين والفاسدين والاستغلاليين، وتجار الصراعات، فضلا عن تمسك الغالبية بقضيتهم التي لا يرون أي بشائر بدون حلها.
3. إن الشغب الذي شهدته عدن لم يكن الحراك هو من صنعه، وهذا ما أوردته مراكز متابعة محايدة، وأقر به قيادات من خارج عدن والجنوب، لكن من غرائب الأمور أن مكتب العمليات لسفراء مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي يتهم مسئولين في عدن بالتواطؤ في تسليم المراكز الانتخابية لمجموعة الفوضويين الذي احتلوا تلك المراكز ونهبوا صناديق الاقتراع، في حين صدق بعض أطراف في الحراك بأنهم هم أبطال هذا الشغب الفارغ من أي مضمون سياسي سوى الإساءة للحراك وللقضية الكبرى التي يتبناها، فما عدا تصريح الأخ عبد الله الناخبي الذي أصاب الحقيقة عندما اتهم بقايا النظام المخلوع في تدبير ما جرى، لم أسمع من أي طرف من أطراف الحراك يدين أعمال العنف التي جرت، وهذا ما جعل الكثير من الشركاء الدوليين ينسبون للحراك الكثير من الصفات التي مطلوب منه اليوم أن يؤكد تبرأه منها.
لا بد من إزاحة الخلط القائم لدى الكثيرين من المتابعين للوضع في الجنوب بين الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية، فالحراك الجنوبي هو تعبير عن حالة الرفض الشعبي لنتائج حرب 1994م وما أسفرت عنه من دمار اقتصادي وثقافي ونفسي واجتماعي ومادي والذي عبر عن نفسه من خلال الفعاليات الاحتجاجية التي ما تزال مستمرة منذ خمسة أعوام.
أما القضية الجنوبية التي نحن بصددها هنا فهي ليست مرادفا لغويا أو اصطلاحيا للحراك بل إنها لمن لا يعلم هي قضية شعب أسقطت منه دولته بواسطة الحرب العسكرية والمعنوية والنفسية والاقتصادية ونهبت أرضه وسلبت ثروته من قبل عصابة الحكم في صنعا، وقمع أبناءه عندما خرجوا في أولى الثورات السلمية للربيع العربي، مع كل ما رافق ذلك من تزوير لحقائق التاريخ ومسخ للثقافة والهوية، وبالرغم من رحيل النظام العائلي أو اقتراب رحيله للأسف بدأ الحماس للقضية الجنوبية يتراجع، وسمعنا من يقول أن القضية الجنوبية قد حلت بانتخاب رئيس من الجنوب، وهو ما يجعل المواطنين الجنوبيين يشعرون بأنهم يلدغون من نفس الجحر للمرة الثانية.
الحراك السلمي عليه أن يحسم أمره من عدة قضايا:
أولا: هل هو حراك سلمي أم غير سلمي فلو قال إنه سلمي، وأعتقد أنه كذلك، فعليه أن يدين كل أعمال العنف التي ترتكب باسمه، بما فيها ما جرى أثناء انتخابات 21 فبراير، أما إذا ظل ساكتا عن ما يرتكب من أخطاء قاتلة فإنه سيخسر كل أنصاره والمنخرطين فيه ولن يبقى فيه إلا المتفلتين والمستهترين الذين لا يتبنون أي هدف سياسي واضح، وستلصق به تهمة تبرأ منها منذ خمس سنوات، وهي تهمة العنف واستخدام السلاح.
ثانيا: ليس من الحكمة رفض كل شيء ولقد شعرت بالاستياء عندما قرأت خبر مغادرة ممثلي الحراك للاجتماع الذي حضره سفير الاتحاد الأوروبي، لأن مثل هذا التصرف يضيع فرصة من الحراك لإيصال قضيته إلى الشركاء الدوليين الذين يسيرون معنا خطوة بخطوة في معالجة إرث علي عبد الله صالح ونظامه.
ثالثا: أرجو من قيادات الحراك أن لا يكرروا نفس الحماقة ، أعني حماقة المقاطعة، واليمن قادمة على مؤتمر الحوار الوطني، لأن في حضورهم فرصة لإيصال صوت مواطني الجنوب الذين قد لا يعبر عنهم من سيشارك بغياب الحراك، وفرصة لإيصال وجهة نظرهم إلى المشاركين في المؤتمر.
إن العالم لا يقتنع بوجاهة الفكرة إلا عندما يستمع إليها بكل مكوناتها وأركانها وحيثياتها، ليس كل واحد في العالم يقرأ تصريحات قيادات الحراك، لا يكفي نبل القضية وعدالتها للتعامل معها تعاملا عادلا ما لم يقم أصحابها بتقديمها للعالم على نحو يقنع العالم بمشروعيتها ووجاهتها، وقديما قيل "إن القضية العادلة يخسرها المحامي الفاشل".
القضايا لا تحل بالعنتريات ولا بالانعزال عن العالم والاكتفاء بالتصريحات والمهرجانات، وجلسات القات بل بالعمل المضني والكفاح العنيد والمثابر والسلوك المستقيم الرافض للنزق والشطط والاستهتار، بل والقائم على احترام الآخر حتى لو كان ممن نختلف معهم في الرأي والرؤية، ولقد ضرب الحراك السلمي الجنوبي مثلا رائعا في الصبر والمثابرة والفداء وتحمل عناء مواجهة صلف الحكم وعنجهيته وآلته الحربية وسجونه المظلمة وكل أساليب القمع والتنكيل وقد حان الاقتراب من انتقال القضية من المستوى المحلي إلى الإطار الإقليمي والدولي.
برقيات:
* وصلتني رسالة على صفحتي على اليو تيوب من العقيد المهندس محمد سعيد سالم تتحدث عن اكثر من 700ضابط من أبناء المحافظات الجنوبية من مهندسين وفنيين من القوات الجوية والبحرية طردوا من عملهم منذ 1994م وأحيلوا إلى شئون الضباط لاستلام الراتب فقط بدون أي مستحقات أخرى أو ترقيات منذ ذلك التاريخ وقال المرسل أن مخصصات الغذاء والملابس والمستحقات العينية الأخرى لهؤلاء الضباط يتم الاستيلاء عليها وتباع في باب اليمن. . . أحيل هذه المشكلة إلى اللجنة العسكرية للبحث في تفاصيلها وما تتضمنه من ظلم لهؤلاء الضباط وأمثالهم.
* عودة الرئيس المخلوع وإصراره على تصدر المشهد بهذا الشكل أو داك، يؤكد أن الرجل لا يضمر خيرا وأنه مصمم على إفشال عملية الانتقال بسلاسة، وما التفجيرات التي شهدتها مدينة المكلا ومحاولة اغتيال د. واعد با ذيب إلا علامات على الأدوات التي ما يزال هو وأولاده يستطيعون تحريكها متى أرادوا.
* قال الشاعر الحبيب بن أوس الطائي أبو تمام:
لا يطردُ الهمَّ إلاَّ الـــــــهمُّ من رجلٍ مُقَلْــــــــــــــقِلٍ لِبَنَاتِ القَفْرَة ِ النُّعُبِ

ماضٍ، إذا الكـُرَبُ التـــفتْ رأيتَ لهُ بِوَخْدِهنَّ اسْتِــــــــطَالاتٍ على النُّوَبِ

سَتُصْبِحُ العِيسُ بي، واللَّيْل عِنْدَ فَتًى كثيرِ ذكْرِ الرضَا في ساعة ِ الغَضَبِ

التغيير نت

[لشري]

هل الدكتور/ عيدروس يتكلم بأسم الجنوب اليمني ومؤمن بأهداف ومبادى ثورة ١٤ أكتوبر وشعار ما تسمى (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)
((النضال من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية وبناء الحزب الطليعي اليمني ))
والتي أنجزت أهدافها في ٢٢ مايو ١٩٩٠م أو يؤمن بتحريرأرض الجنوب العربي التي أحتلت وضمت إلى اليمن في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م ?? !!!
وعليه بإن لا يخلط بين الحراك الجنوبي اليمني الذي يدور يسار ويمين حول اليمن الاجنبي وبين إتلاف حركات تحرير أرض الجنوب العربي المحتل من قبل الاستعمار اليمني الاجنبي. الذي غايته تحرير الارض.

[ابودبه المهري]

شكرا لدكتور عيدروس النقيب انت صادق حتئ ولو كنت في صنعاء