مشاهد من 13 يناير 2009 وللدموع وقفات

[فتحي بن لزرق]

بسم الله الرحمن الرحيم
الزمن صبيحة الثلاثاء 13 يناير
المكان: شوارع مدينة الشيخ عثمان وأزقتها وحواريها وبيوتها
الاطراف الطرف الاول رجال صدقوا ماعهدوا الله عليه يملكون الحق الذي هو اسم من أسماء الله
والطرف الثاني رجال يملكون القوة ولكنهم لايملكون الحق
……………………………………………….
أحيانا يظل المرء عاجزا عن ان يكتب أشياء كثيرة وحينما تمتد يده لكي يكتب شيء يجتاحه العجز وتخذله كل وسائل حياة الأحرف والكلمات ولايجد من نفسه شيء إلا أن يجاهد لكي يكتب وحينما يكتب يكون مثل الشخص الذي ينازع لكي يبكي او يصيح فرحا وحينما يفعل احد الأمرين يفعلهما بقوة وجنون
اليوم يوم أخر وحدث أخر ودماء أخرى وسقوط شهداء آخرون وسجال جديد ومضي قدما في طريق النور والحرية والكرامة والعزة والمجد الذي يصنعه الشرفاء من أبناء الجنوب الذين اثبتت الايام انهم لايهابون الموت ويستقبلون الة الدمار والقتل بصدور عارية وبقلوب ملؤها الايمان بعدالة القضايا ووحدها عدالة القضايا تصنع المعجزات
لاانكر انني اليوم بكيت كثيراً ولي حق ان ابكي بكيت فرحا وبكيت حزنا وبكيت كمداً على مايحدث في عاصمة الجنوب وعلى كل مايحدث لابناء هذا الشعب عدد من المشاهد التي ابكتني جدا
ودعوني هنا اقدم لكم المشاهد منفصلة فهمي بحق وصدق يجب ان تكتب هنا ويجب ان نقف امامها تعالوا شاركوني البكاء وشاركوني الفرحة وشاركوني الاعتزازا وشاركوني كل هذه المشاعر المتداخلة فلنا ياسادة قضية حقيقة ولنا امل في الحياة ولنا نور شمس حرية تشرق اليوم بكل قوة
المشهد الاول

ضجيج يعلو وهتافات غاضبة تنادي بحرية الجنوب وصدور عارية لاتخاف ولا تهاب من يملك القوة والسطو والجنون تتدافع الناس طلاب المدارس والمواطنون البسطاء واعضاء هيئة تدريس الجامعات والسياسيين في صف واحد بشارع الذهب بالشيخ عثمان يسند بعضهم بعضا والكل يصرخ ببعضه لاخوف لاتراجع ولا خذلان بسطاء لايحملون السلاح ولا الة الحرب ولكنهم يملكون قوة الحقيقة وصدق القضية يتقدمون ناحية جنود الامن المركزي المرابطين على بعد مئات الامتار وتبداء المواجهة الغير متكافئة اناس مدججون بالسلاح في مواجهة اناس عزل يدوي صوت لعلعة الرصاص وارتطام القنابل المسيلة بالدموع بالجدران وتتبلد السماء بالغيوم ويهجم افراد الامن اليمني على المتظاهرين فتبداء حالة الارتباك بين صفوفهم ولكنهم يصرون على المواجهة وحينما يتقهقرون بعد ان يشتد إطلاق النار والقنابل أجد إحدى امهاتنا القاطنات بشارع الذهب تقف على باب منزلها وتصيح في الكل انتم ابناء الجنوب لا تتراجعوا لا تخافوا اقسم لكم انني في زحمة الحدث وخطورته الا انني توقفت انظر الى موقف هذه المرأة التي امتلكت الشجاعة وحينما اشتد اطلاق النار وتراجع الناس فتحت الباب لكي يدخل بعض الناس الى داخل البيت وقامت باغلاق الباب موقف جميل بكيت لإجله لله در هذه المرأة ولله در الوطن الذي استحث نساء الجنوب على الا يبخلن بمثل هكذا موقف يسجله التاريخ بأحرف من ذهب

المشهد الثاني
تراجع الناس وانطلقوا في تظاهرة غاضبة صوب جولة القاهرة واشتدت التظاهرة وكانت قوات الامن في انتظارهم عند جولة القاهرة وهناك بادرتهم باطلاق النار الحي على جموع المتظاهرين لعلع صوت اطلاق الرصاص وتخلل صف الجمع ووضحت الرؤية وسقط احد المصابين الذين اصيب في عنقه مضرجا بدمائه وسط الشارع استهاب الناس الموقف حينما سقط احدهم وتراجعوا وتفرقوا في الشوارع وثار السؤال بين كل الحاضرين يقول من لهذه الجريح ؟ من لهذا المصاب ؟؟ من الشجاع فيكم ؟؟ من يقدم روحه على اكفه ويتخطى الشارع ويغوص في زحمة الرصاص لكي يسفع من سقط جريحا
احدهم قال انا لها وحينما قال انا لها ابكي الجميع
تقدم طفل في ال12 من عمره لكي يحمل الجريح وتخطى كل شيء ولم يخاف !! تخطى الجموع ولم يخف الرصاص ولم يخف الجلاد الذي يسوم الناس سؤ العذاب
بملابس دراسية بيضاء اجتاز الجميع وكان اول الهارعين لنجدة الجريح

الطفل اثنا مساعدته في انقاذ المصاب على يسار الصورة

توقفت الاعين ترقب الطفل وهو يصرخ في الناس لكي يساعدوه لانه لايقدر على حمل الجريح وحيدا ...
توقفوا واستحثوا كل المعاني وكل القيم وكل الاخلاقيات
فهنا طفل يدافع عن شرف امة وهنا طفل لايخاف وهنا طفل بالتأكيد انه يعي لماذا هو هنا ولماذا كل الناس تقف هنا ولماذا انسكبت هذه الدماء ؟ ولماذا يتوجب عليه ان يخاطر بحياته لكي يساعد الجريح الذي لااطنه سيعش ولكن قد يكون مات وانتقل الى ربه شاكيا من دمر أرضه وقتله وأضاع كل شيء
هنا بكيت لشجاعة هذا الطفل وهو موقف يستحق البكاء

المشهد الثالث

حينما اشتدت المواجهة كان بين رجال الامن اليمني وبين ابناء الجنوب كان عدد من رجال الامن من ابناء الجنوب وهو عدد قليل هو الاقل من نوعه بين رجال الامن هذه المرة ويبدو فيما يبدو ان النظام اليمني فعلا وصل الى حالة من اللاثقة في ابناء الجنوب داخل صفوف الجيش والامن ولعله يدرك ان ابن الجنوب يظل وفيا لوطنه من أي مكان اليوم شاهدت ان ابن الجنوب يظل ابن الجنوب فخلال معارك الكر والفر بين الامن وبين المتظاهرين من ابناء الجنوب كان افراد الامن الجنوبيين على قلتهم اكثر رأفة بمن يعتقلونه بل انه في احاييين كثيرة وشاهدته بأم عيني يهربون الناس ويتخاذلون في القاء القبض عليهم بالتأكيد لانهم يدركون انهم يحملون هم الامة ويدافعون عن شرفها وعزتها وكبريائها وحقها وهم في ذلك لايمكن ان يكونوا اداة اذية بحق هؤلا
ابكني هذا الموقف ولكني ما ابكني اكثر هو انني تعرضت كأحد الاعلاميين الذي غطوا التظاهرة اعتقلت وضمن قافلة طويلة تجاوزت ال 500 شخص اودعوا في سجون الشيخ والممدارة والقاهرة والسجن المركزي بالمنصورة وغيرها من السجون اقتدت بكل قوة وحاول احد افراد الامن المركزي التهجم ((ليس جنوبي )) وحاول كسر كاميرتي لو لاتدخل بعض افراد الامن الجنوبيين الذين اقتادوني الى احد ضباط الحملة وكان جنوبي وشكوت له الامر وانفرد بي لكي يحقق معي ويفتشني مبتسما صرخت فيه بالقول
- هل هؤلا من تعولون عليهم حمايةالناس
- لم يرد بكلمة وانطلق في قلق يفتش محتويات الكاميرا وجوالي وبعد تفتيش دقيق امرني بعدها ان اشطب الكثير الكثير مما تحمله الكاميرا
من صور بالاضافة الى شطب الكثير مماي حمله الجوال من صور ومقاطع فيديو وغيره ، وقمت بشطب كل شيء شاكرا له هذا الصنيع وشاكرا له هذا العمل الاخلاقي الجميل ونقلت الى قسم شرطة الشيخ عثمان وهناك احتجزت حتى المساء وافرجنا عني فيما بعد وهذا موقف اخر وقفت لأجله ويستحق لأجله ان يبكي فهذا الشخص جنوبي وهو يدرك كل الادراك ان كل من خرج لم يخرج لمصلحته الخاصة وانما خرج لاجل الجنوب وهو من مكانه ساعد الكثير من ابناء الجنوب

بوركت ايها الجنوب وبورك شعبك كم هو عظيم

وانها والله ثورة حتى النصر

[IMG]]