تغطية للاحداث في الجنوب العربي ومتفرقات اخبارية ليوم السبت الموافق 15/9//2012

[وليد الضالعي]

مواطن جنوبي يرفع قضية ضد الرئيس الفرنسي

الأحد 16 سبتمبر 2012 08:51 صباحاً المواطن/ سيف طالب عبدالله اثناء اثناء حضوره الى مقر الصحيفة



((عدن الغد))خاص
خيل إلي أن الجالس معي في المكتب أحد الأبطال الحقيقيين لفلم (أيام المجد) للمخرج الفرنسي رشيد بوغريب الجزائري الأصل الذي استقبله النقاد بحفاوة عام 2006م وكان ذلك قبل أعمال الشغب التي قام بها عمال مهاجرون في المدن الفرنسية بعام واحد، وتناول بوغريب في فلمه حكاية المئتي ألف جندي الذين جلبوا من المستعمرات الفرنيسة و قاتلوا لتحرير فرنسا من الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية، وقال في الفلم إن رواتب هؤلاء الجنود كمتقاعدين تعادل ثلث رواتب الفرنسيين، الأمر الذي دعا السيدة الأولى الفرنسية حينها برناديت شيراك إلى حث زوجها على إنصافهم.

المواطن سيف طالب عبدالله وصل إلى الصحيفة مشتكيا، وهو رجل في العقد الثامن من عمره رغم ارتدائه الزي التقليدي لا تخطئ العين لمسة من الأناقة الفرنسية والاعتناء اللافت بالنظافة، وبعد أن سألته عن أحواله ولاطفته بقليل من المزاح عن الجو الفرنسي والمجتمع المنفتح وأيام صباه التي قضاها هناك.. تركته يسرد حكايته بنفسه، فقال: أجبرتنا الظروف على السفر إلى فرنسا في عام 1965م واشتغلت اضطراريا في مطاعم وفنادق وغيرها لمدة عام شبه سخرة وبدون تأمين، ثم حصلت على إقامة وعمل في مدينة (دنكرك شمال فرنسا) ثم تعلمت اللغة الفرنسية وبدأت العمل في الشركات والمصانع، وكعادتنا نحن اليمنيين عملت بجد وإخلاص إلى عام 1977م، وعملت ليل نهار، ولم أتوقف عن العمل إلا في حالات المرض الشديد ولم أدخل في برنامج تعويض البطالة حتى لمدة يوم واحد، وكنت أدفع تأمينا اجتماعيا مئة في المئة 18% مثل الفرنسيين والأجانب واستمررت على هذا حتى عام 1977م ثم خرجت إجازة لمدة ستة أشهر، وعدت إلى بلادي وتزوجت خلالها ثم عدت إلى عملي في فرنسا أنا وزوجتي، ثم عندما حملت زوجتي عدت مجددا إلى عدن ولم يعد من المناسب ترك زوجتي ومولودها فأرسلت إلى مصلحة التأمين الاجتماعي شمال فرنسا أريد منهم إرسال المساعدات العائلية ولدي جواب من التأمين الاجتماعي يفيد بأنني صاحب أسرة مؤمنة لديكم ولم استلم ردا منهم إلى الآن.

هذه حكايتي مع الحكومة الفرنسية، أما البنوك والمصانع فالأمر أسوأ بمراحل.. قاطعته، كيف؟
قال: هناك بنك كنت أتعامل معه تحت رقم (6040) واسمه (كريدت دي نورد) وكان لدي وديعة فيه بقيمة 4000 فرنك تعرف بربط الرقم حسب قانون البنوك هناك إضافة إلى مبلغ التأمين المودع فيه باسمي وبمبلغ مماثل، ولأنني غائب وبيني وبين البنك مراسلات فقط، قال لي البنك إن الفلوس لم تعد متداولة، يقصدون الفرنك، وأن الرقم قد انتهى، وإلى اليوم لم استلم حقوقي، لا حقوق نهاية الخدمة ولا باقي رصيدي في البنك والتأمين الاجتماعي خمس سنين، وأنا أراسله أرسلت كل ما طلبوا من شهادات وأوراق لي ولأسرتي مترجمة بالفرنسية وأرسلتها بالبريد المستعجل والفاكس كل أسبوع وكل شهر على مدى خمسة أعوام، وأرسلوا لي أوراقا يريدون تعبئتها من قبل المحافظ، وبعد ذلك عرفت أن المسألة ضحك على الذقون من أجل المماطلة وخسارتي تزداد كل يوم.

سألته لماذا غيب دور وزارة الخارجية ووزارة المغتربين في اليمن؟ قد يلقى المساعدة منهما وقد يكون التعامل عبرهما أقوى من المراسلات الشخصية مباشرة مع الحكومة الفرنسية أو حتى البنوك.
قال: يا ابني هل تعتقد أنني لم أحاول.. حاولت لدى كل الوزارات التي ذكرت حتى وزارة العدل، وقد يكون هناك تجاوبا فرنسيا أو ردا بأسلوب لطيف، أما الجانب اليمني فلا يوجد إلا الصد والتعنيف والتعامل بأسلوب مهين مع كل المواطنين، ذهبت إلى وزارة الخارجية فرجعت من دون فائدة وقالوا هذا ليس من اختصاصنا.. وذهبت إلى وزارة المغتربين وخسرت في المتابعات وعرفت أن طريقهم بلا نهاية، وآثرت عدم العودة إلى وزارة المغتربين، أما القضاء فقد حاولت رفع قضية ضد الحكومة الفرنسية في إحدى المحاكم في عدن فرفضوا القضية واستهزؤوا بي، مع العلم أن إحدى الشركات الفرنسية العاملة في اليمن في استخراج النفط واسمها (amic assbie أميك أسيبي) تعاقدت مع الحكومة اليمنية على مشروع الصحراء بـ280 مليون دولار وعجزت عن تنفيذه ورفعت دعوى ضد الحكومة اليمنية وحكمت لها المحكمة الفرنسية بتعويض 40 مليونا إضافية لأنها مصادقة من اثنين من أعضاء مجلس النواب، فانظر التناقض.

وأخيرا اختتم المواطن سيف طالب عبدالله شكواه بالقول: لم أجد بابا مفتوحا غير باب الصحافة، ولجأت إليكم في (عدن الغد) علي أجد استجابة من جهة ما بعد أن يئست من إيجاد من يسمع لي حتى أني راسلت (الأليزيه) قصر الرئاسة الفرنسية، وردوا علي بالإيجاب بداية ثم قطعوا الاتصال، وقد كانت القضية التي أنا بصدد رفعها في المقام الأول ضد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلا أنها رفضت من القضاء اليمني.

اختصرت الشيء الكثير من قصة المواطن سيف لتكون صالحة للنشر، وهي مرفقة بالوثائق، منها الدعوى المقدمة ضد ساركوزي وردود القصر الرئاسي الفرنسي ومراسلات البنوك وغيرها.. قصة رجل أخذت منه فرنسا كل شبابه وقوته وسلبته في شيخوخته كل حقوقه من تأمينات كان يحولها من قوته إلى أرصدة يودعها البنوك لإحساسه بعدالة النظام الاجتماعي الفرنسي.

وعودة إلى السينما الفرنسية التي ابتدأنا بها، ففي عام 2009م أنتج فلم فرنسي باسم (هلا)، محوره شاب كردي اسمه بلال (17 سنة) يطلب من مدرب للسباحة تعليمه السباحة ليجتاز القنال الإنجليزي الذي يفصل بريطانيا عن فرنسا، ويبلغ 32 كيلومترا باتجاه انجلترا انطلاقا من معسكر اللاجئين الذي يسمى بالأدغال ويقع بمدينة كالييه الفرنسية. بعد هذا الفلم تم تغيير قوانين الهجرة الفرنسية، وكان هذا الفلم نقطة تحول في مسار قوانين الهجرة في فرنسا.

فهل ستجد قضية المواطن اليمني سيف طالب عبدالله آذانا مصغية، وهل ستكون نقطة تحول لدى جهة ما، ووزارة الخارجية اليمنية هل ستهتم برعاياها من المواطنين، ووزارة المغتربين هل ستعي الدور الذي يجب أن تقوم به حيال الإنسان اليمني وحيال المغتربين المصدر الثاني للعملات الصعبة، والمحاكم والقضاء اليمني هل سيدرك القائمون عليها أن وجود القضاء قائم على قدرته على جلب العدالة للمواطنين اليمنيين أينما كانوا وضد أي كان.

فلاش باك: في أواخر يونيو 2009م سقطت طائرة يمنية طراز أيرباص 310 على متنها 153 راكبا، يومها كانت القوات الفرنسية تجري تجارب عسكرية في المنطقة نفسها، وبعدها أعلن نائب رئيس جزر القمر عبدي ناهديم تحميل فرنسا مسؤولية الحادث.. 153 قتلوا وحكومتنا اعتبرتها حادثة، والمجد لفرنسا ولا عزاء لليمني.

كتب/ حسين الحنشي





اقرأ المزيد من عدن الغد | ملفات وتحقيقات | مواطن جنوبي يرفع قضية ضد الرئيس الفرنسي http://adenalghad.net/news/17567.htm#ixzz26cY3cnmo