عقدة الأصل والفرع ( بقلم : محمد أحمد البيضاني

[النوووورس]

أرسل هذا المقال لصديق


عقدة الأصل والفرع ( بقلم : محمد أحمد البيضاني )



كوبنهاجن – لندن " عدن برس " خاص : 5 – 6 – 2010
صراع عنيف يدور في بلادنا الجميلة الجنوب العربي بلد القبائل الجنوبية العربية الشجاعة وبين عصابة الوحدة اليمنية في صنعاء . اليوم جيش عصابة صنعاء يقتل النساء والأطفال في بلادنا التاريخية ردفان والضالع والعوالق وأبين .

منذ فترة أتصلت بي تيلفونيآ صحفية أسترالية صديقة منذ زمن طويل ، قالت لي ماذا يجري اليوم في بلادكم ؟ قلت لها يا ليندا إن المشكلة التاريخية الرهيبة تكمن في تعريف لغوي ليس له معنى يتداول في اليمن الشمالي منذ عصور قديمة .. هذا التعريف الساذج الذي يقول .." عاد الفرع إلى الأصل " . قلت لها يا ليندا أي فرع وأي أصل هذا الذي يتدحثوا عنه في اليمن الشمالي ، هذه العقدة المميتة وتحدث عنها بكل بصراحة يوم إعلان الوحدة الدكتور عبدالكريم الإرياني كرجل مثقف وسياسي وأحد أركان الحكم في اليمن ، قال هذا الرجل هذه العبارة "عاد الفرع إلى الأصل " ، إن هذه العبارة قديمة وقديمة جدآ من أيام الإمامة الهادوية التي كان حلمها التاريخي الوصول إلى شواطئ عدن الجميلة عاصمة الجنوب العربي بأي وسيلة أو مبرر سياسي .. إنه الحلم التاريخي الذي حلم به بيت الإئمة الهادوية منذ عام 910 ميلادية حين بداية زحفهم التاريخي العنيف لحكم اليمن ، وجرت مذابح رهيبة وسالت دماء وصراع بين الإئمة فيما بينهم للوصول إلى العمامة الذهبية .. عمامة إمام اليمن - والوصول إلى شواطئ عدن الجميلة ، لم يستطع الإئمة تحقيق هذا الحلم التاريخي لعدة أسباب منها السبب الرئيسي هو عزة وصلابة وشجاعة وإستقلالية قبائل الجنوبية العربية ، وبعدها السبب الأخير السياسي والإستراتيجي هو دخول بريطانيا العظمى إلى الجنوب العربي .. أرضنا التاريخية العظيمة .
في غفلة أليمة من التاريخ وقسوة القدر .. وما حدث في الجنوب العربي من " كبوة تاريخية " صنعت الوحدة .. كانت هذه الوحدة التى حدثت في " غفلة تاريخية " ، قد يكون البعض في الجنوب العربي كان له حُسن نوايا ، ولكن ساسة صنعاء قد أضمروا غدر النوايا التاريخية القديمة . يا ليندا .. نقول لهم ما معنى الوحدة - الوحدة هي المساواة بين الناس والأخلاق العظيمة ، والوقوف الند للند بين البشر كما حدث في الوحدة الأسترالية بين الولايات وكونت دولة عظيمة من عدة ولايات وعدة جنسيات وأديان .. لتكون الشعب الأسترالي العظيم - هذه هي الوحدة التي وحدت الناس .. وحدت قلوبهم وعقولهم حتى أن البعض منهم يحتفظ في بيته بعلم بلاده الأم ، ويحتفظ بكل عاداته وطقوسه القديمة ، وحين قامت الحرب العالمية الثانية ذهب الجميع إلي ميادين القتال تحت العلم الأسترالي يدافعوا عن وطنهم الموحد أستراليا .. هذه هي الوحدة الصادقة النبيلة . إن نجاح تكوين الإمبراطورية الإسلامية العظيمة هي إنها لم تحاول طمس هوية الشعوب ، لقد اقيمت هذه الإمبراطورية العظيمة في أقل من 100 سنة ، هذه الإمبراطورية التي صنعت اللبنه الأولى في حضارة الجنس البشري ، منها جاءت كافة العلوم في الدين والطب والفلسفة والتاريخ والهندسة – منها جاء ابن خلدون ، ابن سينا ، ابن رشد ، البخاري ، مسلم ، ابن حزم ، محي الدين ابن عربي ، الخيام ، الرازي ، أبوبكر سهراوردي ، السيوطي ، جلال الدين الرومي والكثير من عباقرة العلم والسلام والرحمة .. هذا هو الدين والحضارة والأخلاق .. وليس وحشية دبابات وطائرات الجيش اليمني التي تقتل النساء والأطفال في بلادنا ، وتفرض الوحدة اليمنية تحت جنازير الدبابات .
أرسل الروس أول إنسان إلى الفضاء الخارجي وكان هذا نصر علمي مذهل في تاريخ البشرية ، وبعدها النصر الإنساني العظيم التاريخي للرجل الأمريكي الذي نزل على سطح القمر ، كان هذا الإنجاز التاريخي الذي أنتج التجارب في الفضاء .. من هذه التجارب جاء الفاكس والإنترنت والموبايل وكثير من التجارب العلمية والطبية .. عصر العلم .. عصر الطبول والأبواق والكذب بأسم القومية قد أنتهى ، عصابة صنعاء اليوم تستعمل هندسة الكلام .. الكلام المعسول الكاذب .. وفي الجانب الآخر تضرب قبائل الجنوب العربي بطائرات الميج 29 والدبابات الثقيلة ، وزرع الفتنة بين الأحزاب والمعارضة ، وتلفيق الشائعات والإفك ضد زعماء الجنوب العربي في الخارج ، اليوم هذا النظام في صنعاء يترنح من ضربات الثورة ، اليوم الإعلام الخارجي ومواقع أبناء الجنوب العربي ينقلوا الأخبار على مدى الساعة عن ما يجري في بلادنا .. هذه البلاد التي تملك تاريخ قديم في كافة المجالات في العلوم ، والفن ، والشعر ، والأدب . كيف يمكن طمس هوية أمة قد قطعت شوط تاريخي منذ عقود من عمر الزمن في التقدم الحضاري . كانت هذة الأمة العظيمة تملك أحدث جيش في الجزيرة العربية ، وأعظم صحف حرة منذ عام 1920 ، وأحدث مستشفى في الشرق الأوسط . اليوم .. تستطيع هذه الأمة المجيدة الحضارية أن تعيد هذا التاريخ العظيم بكل بساطة حين تستعيد الحرية والإستقلال .
اليوم .. نقول لهم في صنعاء إن العقدة التاريخية .. " عقدة الأصل و الفرع " هي العقدة المميتة التي قادت إلى كل الكوارث والحروب ، اليوم عصر الحرية والتقدم الإنساني العظيم , عصر الإعلام البليد وهندسة الكلام والكذب على الناس والخطب العنترية البلهاء قد أنتهى منذ زمن بعيد ، ما يجري اليوم هو ثورة شعب أراد الحرية فوق أرضه .. الجنوب العربي .. يا عصابة الوحدة في صنعاء حاولوا أن تعرفوا إن الخطورة هي تهميش وطمس هوية شعب قديم وحضاري .. نقول لهم في صنعاء تذكروا دومآ إن شعب الجنوب العربي هو شعب من الجنود الشجعان .


كاتب عدني ومؤرخ سياسي كوبنهاجن [email protected]